أصداء

الطالباني اول رئيس عراقي منتخب يزور عمان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ما الدوافع التي تقف وراء زيارة الرئيس العراقي الجديد للعاصمة الأردنية عمان ؟ هل صحيح أن هنالك رغبة مشتركة لدى كلا البلدين لتجاوز مخلفات جريمة الإبادة الجماعية في الحلة التي تسبب بها انتحاري أردني كما تردد في وسائل الإعلام ؟ أم أن للحكومة العراقية الجديدة رغبة في تصحيح العلاقة على نحو مختلف عما كانت عليه الحال بين حكومة علاوي السابقة و الأردن ؟
يبدو أن الحكومة العراقية الجديدة لا تزال بحاجة ماسة لطمأنة دول الجوار العربي و الأردن خصوصا على مستقبل مصالحها الستراتيجية مع العراق. فعمان دعمت رسميا المحاولات الجارية لإعادة البناء على المستويات السياسية و الأمنية و الاقتصادية و إن كان ذلك بدرجات مختلفة. لكن العلاقة بين البلدين قد عانت من بعض التوترات العارضة.
و يعتقد أن حكومة علاوي السابقة هي التي كانت وراء بعض التصريحات الأردنية حول التحذير من تشكيل هلال شيعي. و ذلك من أجل إضعاف التكتل الطائفي لقائمة الائتلاف الشيعي في الانتخابات التي جرت مؤخرا. و أيضا لدعم حظوظ علاوي في المنافسة، خصوصا وانه يحضى هو و حركته برعاية استثنائية من الأردن لدرجة دفعت بعض المتندرين إلى القول بأن حكومته السابقة كانت تفضل أن تزاول أعمالها بضيافة المخابرات الأردنية في فندق الفور سيزن في عمان الغربية أكثر مما في بغداد.
غير إن الإنصاف يدعونا إلى تجاوز مثل هذا الغمز السياسي غير المقبول لأن أغلب الأحزاب و التيارات السياسية العراقية التي عملت مكرهة في المنافي دفعت و ستدفع ثمن تواجدها خارج العراق. و إن الإنجازات التي حققتها حكومة علاوي بالتعاون مع الجانب الأردني في الملفين الأمني و الاقتصادي، على وجه الخصوص، لا يمكن إغفالها بأية حال من الأحوال. كما أن لكلا البلدين مصالح ستراتيجية مشتركة جعلت العلاقة التاريخية بينهما هي الأقل تعرضا للاضطراب من بين جميع دول الجوار العراقي حتى الآن باستثناء تركيا.
أما ما يثار بشأن تزعم الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي الفار من وجه العدالة الأردنية نفسها جماعة القاعدة المسؤولة عن القيام بمجمل الجرائم القذرة في العراق فيدخل في باب الإرهاب العابر للحدود. و هو ما يستوجب استمرار التعاون الأمني المشترك بين البلدين لمحاربة الإرهاب الدولي المتلفع بشعار الجهاد الإسلامي الذي فقد مبرراته التاريخية منذ قرون بعيدة.
كما إن ثقافة العنف و الإقصاء و عدم تقبل الآخر من أصعب التحديات التي تواجه مجتمعات الشرق الأوسط المطالب بتحقيق إصلاحات سياسية جذرية لا مفر منها. حيث تشكل هذه القيم السلبية مرتعا خصبا لتغذية التطرف الديني و هيمنته على قطاعات واسعة من المجتمعات العربية التي تعاني من مصاعب جدية في مسايرة العصر.
و كذلك يمكن تفهم التوتر الناجم عن مجزرة الحلة التي كانت نتيجة من نتائج عدم الانتباه إلى المديات التي يمكن أن يصل إليها التحريض غير العقلاني عبر منابر المساجد و وسائل الإعلام في التلاعب بعقول الناس البسطاء و صناعة الرأي العام في دول الشرق الأوسط عموما. و الغريب بهذا الصدد هو سرعة التحول في الموقف الإعلامي ((المستقل)) تبعا للتغير في المواقف الرسمية تجاهه. لكن الأغرب هو إن الموقف الرسمي الأردني المؤيد لعراق جديد كان في واد و الموقف الإعلامي المغاير دون شك في واد آخر قبل دعوة الصحفيين العراقيين إلى الأردن قبل أيام.
على أية حال، لدى البلدين الآن فرصة مواتية، أيضا، للتعاون في حل مشكلات الطاقة و الاقتصاد بالإضافة إلى حل مشكلة الطائرات العراقية المحتجزة في عمان و تسهيل إجراءات السفر و التبادل التجاري بين البلدين إذا تمكن الطالباني، بالطبع، من الاتفاق مع الحكومة الأردنية على تسوية قضية بنك البتراء التي تتعلق بالدكتور الجلبي، الرجل الثاني في الوزارة العراقية الجديدة. و إذا لم تكن هذه المشاغل هي محور الزيارة فما الذي يبررها الآن ؟
صحيح إن الطالباني هو أول رئيس منتخب يزور عمان منذ تأسيس الدولة العراقية حتى الآن. و لكن يتمنى الكثير من العراقيين أن لا تكون هذه الزيارة المتعجلة غير ضرورية في الوقت الراهن. إذ إن للحكومة العراقية الآن من الشرعية ما يغنيها عن استجدائها من هذا الطرف أو ذاك. كما إن الزيارات الخارجية لا يمكن أن تغطي على هشاشة الوضع الداخلي في العراق مثلما كان يفعل بعض الساسة من قبل. لذلك سينتظر الجميع هذه المرة ما الذي ستسفر عنه زيارة الطالباني و ما الذي كان يبررها...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف