أصداء

بدو الامارات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

المعروف أن معظم أهل الخليج ينتمون إلى ثقافة البدو أكثر من انتمائهم إلى ثقافة المدينة. لكن ثورة النفط المادية نقلت أهل الخليج بسرعة مذهلة من واقع الخيمة وبيت الشعر إلى حياة الفلة والحديقة والكادلك والمرسيدس.مما جعل أهل الخليج يتفوقون على أساتذتهم الذين علموهم في الستينات والسبعينات، أولئك القادمون من مصر وفلسطين والشام وغيرهم من البلدان العربية. والمعروف أن البدوي يتحلى بصفات عربية أصيلة، كالكرم والبراءة، والشجاعة، والأصالة، بالرغم من انحسار تلك القيم عند البدو بشكل عام منذ أن تم تدجينهم وسط المدينة، دون أن يتعلموا قيم المدينة الايجابية، في الوقت الذي فقدوا القدرة على التمسك بقيم البدو الأصيلة.

ولايزال بعض أهل الخليج يتذرعون دائما بالتمسك بقيمهم وعاداتهم كلما حانت الفرصة للمزيد من التطور المدني الذي يجعلهم يتعايشون مع قيم الحضارة الجديدة. وذلك التذرع بخصوصية العادات والقيم عادة ما يؤخر تقدمهم نحو المزيد من التحرر من قيود العادات السلبية والقيم البالية التي لم تعد تناسب حضارة القرن الواحد والعشرين.

لكن أهل الامارات، تميزوا على أهل الخليج بشكل خاص، وعلى العرب بشكل عام، كخليجيين ينتمون إلى حياة البداوة والصحراء، أنهم تمسكوا بقيم البداوة الجميلة، وأخذوا بأسباب الحضارة الحديثة، فجعلوا من دولتهم واحة لقيم الأصالة والمدنية، لتصبح مدنهم محط أنظار المؤتمرات والندوات والمهرجانات العربية والدولية. فلم يتعذر الإماراتيون بأن لهم خصوصية تجعلهم يختلفون عن شعوب العالم، ولم يفقدوا شيئا عن تميزهم الخليجي والعربي الذي أصبح صورة واضحة على قدرة الإنسان على التطور والانسجام مع مختلف الحضارات والثقافات دون أي عائق أو تبرير أو خصوصية.

دولة الامارات العربية : مثال حي ورائع للإرادة القوية والنية الصادقة للإنسان الأصيل والطموح سواء انطلق ذلك الإنسان من واقع بدوي أو مدني. ومثلما كانوا أهل الامارات السباقين في بناء دولة فدرالية من عدة إمارات متناثرة، فإنهم يسبقون الجميع مرة أخرى ويبنون دولة عصرية بكل المقاييس، مبنية على قيم التسامح والمحبة بين كل الأجناس والأعراق ودون أي تمييز عنصري، كأحد أسباب بقاء دولة الأمارات بعيدة عن كل أضرار الحروب الخليجية السابقة، وآمنة من جرائم الإرهاب التي تضرب في العديد من البلدان العربية.

ومثلما كان زائد آل نهيان قائدا مميزا لدولة عربية عصرية ذات أصول بدوية صحراوية، فإن من يقودون الامارات من بعده قادرين بوعيهم وأصالتهم أن يقودوها إلى عصور أكثر تقدما وتميزا وتمدنا. ومثلما أصبحت أبو ظبي عاصمة للقيادة الحكيمة التي انطلق منها آل نهيان في قيادة دولة الامارات إلى مصاف الدول المتطورة، فإن الجميع يدرك الدور التنويري والحضاري الذي يلعبه أل مكتوم في جعل هذه الدولة الفتية أكثر جمالا وروعة عبر استيعابهم المفاهيم الحضارية ومزجها بقيم البدو الأصيلة، ليثبتوا للعالم أنه لا مستحيل أمام الإنسان الصادق الطموح ذي الهمة العالية، لتصبح دبي مدينة في حجم دولة، يتنافس على الذهاب إليها كل رؤساء العالم ومفكريه وعلماؤه وفنانوه، وكل يوم تفاجئنا دبي بمفاجأة جميلة، يقف وراءها أحد أمراءها الذين لم يجعلوا من البداوة عائقا يمنعهم من الانغماس في الحضارة، بقدر ما جعلوا العالم يخضع لرؤيتهم ويؤمن لأول مرة : أن البداوة قد أصبحت سببا من أسباب الحضارة والتمدن ولم تكن البداوة كما يعتقد البعض عدوا للتحضر والمدنية.

دبي : فتاة بدوية ترعى حضارتها وسط الصحراء، وتسكن في برج العرب، الذي يعتبر تحفة معمارية رائعة، كشاهد على قدرة البدوي على المنافسة في مختلف المجالات الحضارية وعلى تميز ذوقه وفنه. ولم لا والإنسان البدوي قد استطاع أن يهزم ظروف الفقر والحر والصحراء قبل أن تتفجر ينابيع النفط، وهو قادر أن ينتصر على ظروف الجهل والتخلف، كما فعل الإماراتيون الذين عرفوا كيف يوظفون قدرة البدوي وإرادته الصلبة، وأصالته المميزة، ليبنوا دولتهم العصرية، وليثبتوا أنهم يستحقون الحضارة ؟!

والواضح أن دولة الامارات العربية المتحدة نهجت طريق التأسيس السليم للإنسان والعمران معا، بحيث تجد الإماراتي إنسانا بسيطا غير متكلف، و مدنه مبنية على أسس معمارية صحيحة تتمتع بكل مواصفات البنى التحتية التي لاتحتاج إلى إعادة بناء وتأسيس من جديد مما يسهل حركة التمدد والتطور العمراني، ويسهل ظروف العيش للإنسان الإماراتي. إضافة إلى النهج العلمي المتمثل في بناء العديد من الجامعات العالمية التي سوف تكون بيئة خصبة لتخريج المزيد من الطاقات البشرية الإماراتية القادرة على قيادة دولة الامارات نحو المزيد من التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي.كما أن السائح يعجب لذلك التعامل الحضاري الرائع الذي يجده في دولة الامارات العربية المتحدة والسهولة في التمتع بالإجازة وكأنه في إحدى الدول الأوروبية المتحضرة.

بل أن الزائر يعجز عن التعبير عن مشاعره وهو يرى نفسه داخل دولة عربية تتعامل مع التكنلوجيا وسط المطارات والفنادق كدولة عصرية متميزة مبنية بسواعد البدو الذين قهروا الظروف وحولوا الصحراء إلى جنة وقبلة للسائحين والتجار والباحثين عن مشاريع التميز.

الامارات العربية : دولة فتية تشق طريقها بنجاح وثقة نحو مستقبل أكثر تطورا وأمنا، وفي اعتقادي أنها لن تواجه أية مشكلات أو عوائق كلما أرادت أن تنهج نهجا إصلاحيا أو تطويريا لأنظمتها في المستقبل، لأنها اعتمدت في تعاملها مع الإنسان والحياة بشكل غير معقد سواء عبر أنظمتها أو مناهجها مما سيسهل لها اتخاذ القرارات الإصلاحية والتطويرية في المستقبل بما يتماشى والمراحل التي تمر بها دولة الامارات ومتطلبات تلك المراحل التي تحتمها سنن التغيير ومدى وعي الإنسان الإماراتي واحتياجاته الحضارية.

والإنسان الإماراتي : يملك مواصفات البدوي القادر على مواجهة الظروف بصلابته وصبره وجلده، وبساطة أهل الشواطيء البحرية الذين يستمدون من البحر قدرته على استيعاب اللآليء الثمينة.

شكرا.. لبدو الامارات.. فخر العرب.. في عصرهم المظلم !

سالم اليامي salam131@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف