أسباب الفراغ السياسي في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في خضم الاحداث السياسية المتسارعة خلال السنتين الآخيرة، ألتمسنا أن هناك فراغا ً سياسيا ً كبيرا ً في العراق. ومن أجل ألقاء الضوء على البعض من الآيجابيات والسلبيات وأسباب هذا الفراغ السياسي ومعرفة مدى حقيقة وضع العراقيين.
هناك أراء وأفكار مختلفة حول وضع العراقيين وفرق كبير في التعامل السياسي والفكري والاجتماعي. وذلك لتباين الفلكلور والثقافة والعادات والتقاليد والاصول الاجتماعية، وهذا مايؤثر على تلك التعاملات. ورغم ذلك هناك مقترحات وأراء بناء َ للنهوض بالواقع العراقي من كافة النواحي والمشاركة في بناء العراق الجديد من قبل الجميع. و لكن هناك معوقات وأسباب مختلفة.
أولا :
لو جئنا بمثال بسيط، نحن أو الذين جئنا الى اوروبا مؤخرا ً وجاؤا من قبلنا الآلوف الى الدول الاوروبية وأستقروا هنا من حوالي أكثر من نصف قرن وشاهدنا كم من الشعوب المختلفة يعيشون سوية. وهنا تزوجوا وعملوا علاقات وخلفوا الابناء ومن ثم أصبحوا أصحاب عوائل واحفاد. يعني هم أصلهم عراقيون ولكن عاشوا في ألمانيا أو لندن أو باريس.. ولكن حصلوا على جنسية أحدى الدول وهناك العديد منهم اليوم أعضاء في البرلمان الاوروبي وفي مناصب حساسة في الدولة. ويقدمون خدماتهم للآخرين ولكن هم عراقيون في الاصل حالهم حال المغاربة والاتراك ودول البلطيق أو القادمون من دول شرق أسيا. لكن لهم الحق والحقوق والواجبات حالهم حال أصحاب الآرض أو لنقول من هم يشاركوهم في العيش ويتقاسموا معهم الحياة. ويساعدون في الآعمار وبناء أقتصاد لتلك الدول بمختلف الطرق وأصبح لديهم أبناء في نفس الطريق.
فقط في العراق والدول النامية هناك البعض من التعقيدات والتخلف الحضاري، وهنالك ممن لايزالوا يعيشون على عقلية القرون الماضية. ولايريد أصلا ً التطور والتقدم. ومتعلقين بأواصر وعلاقات ضيقة وعدم الآنفتاح. أنظروا الى شعوب العالم وخصوصا القارة الصفراء، خاضوا حربين دوليين. وكيف كان هتلر وموسولوني والاخرون. وكيف كان الحقد والعنصرية. لكن من بعد ذلك أخذوا دروسا ً وعبر ّ وخلال الفترة الماضية وحدوا صفوفهم وشكلوا الاتحاد الاوروبي ووسعوا الرقعة الجغرافية للآتحاد وقاموا بتوحيد العملات لآكثر من عشرون دولة في عملة أوروبية واحدة. ولديهم مجلس برلمان أوروبي ويحاولون قريبا أصدار قانون الاتحاد الاوروبي الموحد. وهناك تسهيلات في أجراءات التنقل من دولة في أقصى الشرق الى دولة في أقصى الغرب. وعملوا ثورة صناعية كبرى.
لكن نحن العراقيين رغم أننا أصحاب حضارة وتاريخ والعراق العظيم وبلد الخيرات. وهناك تاريخ من الاف السنين بأن الكورد والعرب والتركمان والكلدو أشوريين عاشوا في أرض العراق. ولكن لحد اليوم لم يتحدوا ولم يتصالحوا. والعربي بقي ّ حاقدا على الكوردي. والتركماني لايريد الاختلاط مع الكوردي. والعرب من الشيعة والسنة في صراع تاريخي. وماشاء الله في العهود السابقة في زمن الصفويين والعباسيين والعثمانيين لم يقصروا في الفتن والتفرقة، الى أن تم تأسيس الدولة العراقية ومن هناك أيضا بدءت الحكومات المتعاقبة في الحكم من أمتصاص دم العرقيين وسرقة أموال الشعب ومن ثم يعيشوا في أصعب مرحلة من مراحل التاريخ الحديث للعراق بقدوم البعثية وعودة الاحتلال الانكليزي ومعهم الشلة !!
ولكن مع الاسف الشديد أقول نحن العراقيين لم ولن نأخذ الدروس والعِبر من كل ذلك ولم نستغل الاستقلال والحرية من بعد أزالة الآصنام. ولم نستغل واردات النفط العراقي. ولم نستغل الديمقراطية بالشكل المطلوب. ولم ننفتح على ألاخرين. ولم نوحد صفوفنا أن كنا عربا ً أو كوردا ً أو تركمانا ً. وحتى المسيحون والكلدو أشوريون تفرقوا وتمزقوا وتشتتوا.
الجميع يحاول لنفسه، وأنشغلنا مع الآرهاب والآرهابيين. وأنشغلنا بالمناصب والكراسي وتقسيم الواردات. والآخوان القادمون على الدبابات الآمريكية لم يقصروا في الجمع والطرح والايداع في حساباتهم في بنوك الخارج وسرقة الاموال.
ثانيا ً :
تدخل بعض دول الجوار في القرار السياسي للبعض داخل العراق،بالآضافة الى عدم تقصيرهم في فتح الحدود أمام الآرهابيين للدخول الى العراق والقيام بأعمال أرهابية بأسم المقاومة المزيفة والغير الشريفة. هذا بالآضافة الى قيام البعض من الدول بتخصيص مبالغ طائلة لتجنيد الشباب والضحك على عقولهم وأرسالهم الى الجنة عن طريق العراق ولكن بعد الحصول على سمة الدخول ( قتل العراقيين ) !! سببا ً مباشرا ً في عدم أستقرار العراق ووجود الفراغ السياسي في العراق.
فمثلا التركمان، كان أحوالهم أحسن بكثير قبل ذلك وكان هناك تحركا ً واضحا ً وخصوصا ً من خلال الجبهة التركمانية والبعض من الاحزاب الرئيسية، ولوأستفسرتم لماذا هذا الفراغ السياسي للتركمان في العراق. أقول لآنهم كانوا ولا يزالوا تحت وصاية دولة مثل تركيا. ولايوجد هناك ربان جيد للسفينة ! وهناك مجموعة يسيطرون على المناصب والمقاعد في الجمعية. وهناك شخصيات عقولهم جامدة ! ولايسمحون للآخرين بالتطور أو التقدم. وهناك العديد من الشخصيات السياسية والثقافية والآدبية أنسحبوا من العمل في شتى المجالات لتلك الآسباب أحتراما ً وتقديراً للشخصياتهم.
بالآضافة الى عدم وجود النضال والخبرة السياسية الكافية لدى الاكثرية، وتشتت الآحزاب الرئيسية الى أحزاب صغيرة من دون جدوى. وتحالف البعض من الاحزاب التركمانية مع العرب من الشيعة وتحالف البعض الآخر مع الكورد وأستقلالية البعض دون الدخول الى الجبهة. حيث يرى البعض أن هناك تقصير واضح من الجبهة ولابد العمل على ضوء تعليمات العسكر في تركيا.
كل ذلك ولآسباب أخرى، فشل التركمان في الحصول على مكانة مرموقة، وهناك في الجمعية الوطنية العراقية 3 كراسي فقط عن طريق الجبهة التركمانية. لآنه لم يكن هناك تخطيط سليم. وكان دور الاعلام تحت الصفر ! وكانوا مترددين في خوض الانتخابات ولم يكن هناك قرار سياسي ثابت.
لو كانوا فعلا ً محروصين على مصالح الشعب التركماني، كانوا عملوا المؤتمر الرابع قبل الآنتخابات. وشكلوا قائمة موحدة لجميع الآحزاب والشخصيات المرموقة. وفتحوا الحوار مع كافة الاطراف للتوصل الى قرارات أيجابية تصب في مصلحة الجميع.
وكم من مرة طالبنا وطالب الآخرون من الزملاء الآخوان في الجبهة التركمانية عدم أفساح المجال لآعداء العراق والخونة لتعكير الآجواء في كركوك وأربيل ومدن أخرى ذات أهمية كبيرة للكورد والتركمان. وطالبناهم كذلك عدم العمل في أيجاد الفراغ السياسي للتركمان في العراق بالآضافة على تأكيداتنا على الآشتراك في العملية السياسية والآنخراط ةالآشتراك في أجتماعات مجلس محافظة كركوك والتفاوض مع الآخرين للحصول على الحقوق المشروعة، لآن بأنسحابهم والتحالف مع عرب الحويجة ضد الآخرين والامتناع في المشاركة بحجج غير مقبولة، ليس في مصلحة التركمان. والكورد وبشخص المحافظ في المدينة أشاد بالتركمان وطالبهم بالتحرك والمشاركة. لكن مع الآسف لحد الآن الفراغ موجود. وبالتأكيد ستستمر لعدم نجاح المؤتمر العام للتركمان وأنشقاق البعض من الجهة وخصوصا الاحداث المؤسفة لآوضاع العاملين في الجبهة التركمانية بعد الآنقلاب الآبيض للمدعو عبد القادر بازركان وكان الآجدر به أن ينسحب من الجبهة ويقدم أستقالته ويتفرغ أو ينخرط في حزب سياسي أخر، وأن ممتلكات الدوائر التابعة للجبهة ملك للشعب التركماني في أربيل. لآن ماحصل شيء غير وارد في حسابات الساسة ولايجوز ذلك. وهو يعرف أنه عمل سنوات مع الجبهة حتى وصل الى مناصب رفيعة، وأذا لم يكن راضيا ً أو أن الآمور غير متوافقة مع متطلباته كان الاجدر الانسحاب فقط مثلا فعل من قبله العديد من السادة في الجبهة التركمانية وشكلوا أحزاب وجمعيات ومنظمات تركمانية جديدة ومستقلين حسب قناعتهم. والبعض الآخر تفرغوا لآمور المعيشة والحياة.
ثالثا ً :
مسألة عدم التفاهم والاتفاق بين الكورد، حيث لحد الآن هناك وجهات نظر مختلفة بين الحكومتين في أربيل والسليمانية في موضوع رئيس أقليم كوردستان، وتأثر ذلك على عدم أنعقاد الجلسة الاولى للبرلمان في كوردستان وتشكيل حكومة مشتركة، وتأثر ذلك على العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد. لهذا فأن هناك نوع من الفتور في العلاقات ونوع من اليأس في كوردستان. وهناك أحتجاجات من قبل الشعب والاحزاب الاخرى. وهناك بوادر أمل على لقاء السيد البارزاني بالسيد الطالباني خلال نهاية الآسبوع لآيجاد الحلول المناسبة. والا فأن هناك فراغ سياسي كبير في الآقليم وله تأثر كبير على العملية السياسية في العراق ولابد من أيجاد مخرج. لآن هناك أتفاقات مسبقة حول ألية العمل الآداري والسياسي والمناصب قبل الدخول في الآنتخابات بقائمة واحدة.
رابعا ً :
مسألة السنة في المثلث السني وعدم أشتراكهم في الآنتخابات ومن ثم المطالبة بحصة أكبر من الذين فازوا بالآنتخابات، لهذا لابد من أثبات الوجود والنية المخلصة لبناء العراق الجديد والمشاركة في العملية السياسية وعدم خلق أجواء الفتن الطائفية والقومية في العراق. وأمور أخرى مثل دعم الآرهاب بحجة المقاومة !
كاتب وصحفي مقيم في هولندا