أصداء

رياضة الشوارع

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


من الروعة، وبعد ساعات طوال أمام شاشة الكومبيوتر، أن تمارس رياضة المشي او الهرولة في شوارع المدينة، و سيتسنى لك جرّاء ذلك، شمّ الهواء ممزوجًا برائحة مكبات النفايات على يمينك ويسارك، وبالنيتروجين وثاني اوكسيد الكربون الناجم من عوادم السيارات والشاحنات، وأيضًا من دخان الموتورات، هذا الدخان المنبعث منها جميعها ما اكده العلماء، بأنه مسبب لسرطان الرئة "المميت"، علمًا ان وزير الطاقة والكهرباء طمأننا ومنذ أيامٍ انه وبعد سنين... سيرتاح لبنان على الأقل من هذه الموتورات، راجين ان لا تكون هذه السنين ضوئية.... والمهم ؛ شعورك بالإسترخاء بعد تشنّجات عضلية مزمنة، وبأنه آن الأوان لدماغك ان يرتاح من عناء التفكير!

وتنزل إلى الشارع بروح معنوية قوية، وكأنك جاكي شان او بطل من أبطال ماراتون في وسط بيروت، فالمشي في المدينة له إيجابيات محفزة، فلا بد لك وأن تضرب سربَ عصافير بحجر واحد، فأول عصفور هو الحركة، والثاني مشاهدة الناس، والثالث إلقاء التحية على من تعرفهم، والرابع مرور مواكب سيّارة لدعم أحد مرشحي إنتخابات التعيينات الحالية بالقرب منك، والخامس وهو الأهم التفرج على الواجهات، تحضرًّا للتسوق في طريق العودة، ذلك أننا في وطننا العزيز لبنان لا أيام محددة للتسوق، فنحن أحرار بنزولنا للسوق ساعة نشاء، وشراء ما نبتغيه وقتما نشاء، فلا شيء يمكن له ان يردعنا!

ومن أهم ما يميّز رياضة المشي في المدينة، مطاردة سيارات السرفيس والتاكسي لك، ففي الواقع إنه لمن سابع المستحيلات أن يدعوك لحالك، ولو كنت تظهر بمظهر الرياضي الخائف على لياقته البدنية، من التنفخات الشحمية، والتقلصات العضلية، بل تراهم يلاحقونك في اي شارع مشيت فيه، ويباغتونك من اليمين والشمال، ومن الوراء والأمام.

ولو انت اكملت مسيرتك ولم ترفع نظرك، فهم يتكفلون بالتزمير المزعج وبالسؤال المرهق، ويصرون على توصيلك، وكأنه لو اردت ان تركب سيارة ما، لعجزت عن ايقافها بمفردك، وثق ففي كل الأحوال، لن يتركوك الا بعد ان تجدّ بالمسير، ويصيبك بالطرش كثرةَ التزمير!

هذه المناسبات المتكررة دفعتني أن أهدي قصيدتي لغيمة، غالبًا ما ترافقني خلال ممارستي لرياضة المشي وهي الوحيدة القادرة على أن تنسيني التلوث والضجيج، وتسرقني من إزعاج سائقي سيارات الأجرة الذي زاد عن حده وبات همًّا معاشًا لا يمكن تحمّله:


غيمة في سماء قصيدتي

أنهب الطريق مشيًا على الأقدامِ
زمامير تاكسي من ورائي
وسائق سرفيس من أمامي
لا تخافي يا صديقتي
لن أبرح فضاءاتك وأركبُ سيارةً
رائحةُ جلدها تصيبني بدوارْ...
ودعت الجدران الملعونةْ
وجئتكِ مبكّرةً...
أعرف... تقتلكِ الوحشةُ
وغبارُ الطرقات
إنتظريني في سماواتك
لا تنقشعي!
كلّها هنيهات
وأطلع إلى عليائك أيتها الغيمةْ
فلا تجزعي...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف