أصداء

جنجويد السفارات وجنجويد الانترنت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بسبب الانترنت شهد السودان حوادث كثيرة، فمثلا كانت كارثة الصحفي محمد طه محمد احمد وواقعة تكفيره، ومحاكمته بالردة، بسبب نقله لأخبار وأحداث مغلوطة ومفبركة عن حياة سيد الخلق محمد بن عبد الله "ص" قام بنشرها في الانترنت احد المؤلفين الملثمين الذين يكتبون من وراء حجب يتدثرون بها لإخفاء شخصياتهم وأسماءهم، فلجبنه وخوفه من عاقبة ما كتب، تستر تحت اسم د. المقريزي، ثم حدث ما حدث للصحفي بسبب هذا النقل غير المسنود.

وحقيقة ان ظاهرة الكتاب الملثمين و أشباح الانترنت أصبحت منتشرة تؤرق مضاجع القراء، بسبب ما يوفره الانترنت لهم من مزية خاصة وقدرات تساعد هذه الأشباح على وضع الأقنعة في وجوههم حتى لا يتم التعرف على حقيقتهم. فمثل ما لدارفور جنجويدها الملثمين الذين يقتلون الناس ويحرقون بيوت الأبرياء ويبثون الرعب في شوارع الحياة ومناحيها ويعيثون فيها فسادا، فللانترنت جنجويده أيضا الذي يعكس ثقافة القمع الفكري والاستبداد التي تسود في المجتمعات السودانية في الداخل والخارج، وينم عن مرض نفسي أصيبت به تلك النفوس منذ أزمان سحيقة.

في قفزة تاريخية تحول أمنجية بيوت الأشباح الملثمين " لذا سميت بيوت الأشباح" إلى دبلوماسيين ممثلين لنا في الخارج، تحت أسماء وألقاب دبلوماسية قناصل و مسئولين سياسيين وغيرهم، يعملون في نفس الدول التي استضافت ملايين السودانيين الذين شردتهم الإنقاذ وسياساتها الاقصائية، في حالة فريدة من نوعها في تزييف عرف ونواميس الدبلوماسية السودانية والإساءة إليها. فكان أن حمل هؤلاء الجنجويد ألثمتهم وأقنعة وجوههم masks معهم لهذه الدول ليلبسوها كلما هبط ليلهم، يمارسون بها شي جلود خصومهم في الانترنت تحت أسماء وايميلات مستعارة.

جنجويد السفارات وجنجويد دارفور وملثمو الانترنت أنواع شتى، ولكن ما يجمع بينها شيء واحد، فملامحها واحدة وتجمع بينها أواصر وروابط قوية وأقدار تاريخية. فبعضهم كان من ضمن طاقم الملثمين الذين قاموا بسحل المناضلين المعتقلين وارتكاب أفظع أنواع التعذيب فيهم حيث نالوا تدريباً على فنون التعذيب والاغتيالات السياسية والمعنوية وعلى إتلاف عصب الحياة في خصومهم. تدرج بعض هؤلاء الجنجويد تتبعهم ألقابهم التي اقترنت بأسمائهم من أمثال حسن موتر وحسين كلبش وغيرهم من الموتورين، إشارة إلى الأدوات والوسائل التي كانوا يستخدمونها في ترويع وتعذيب الشعب، وألحق بالسلك الدبلوماسي.

و عند انكشاف أمرهم وانتهاء عهد التمكين بمظنتهم قفزوا قفزتهم التاريخية حيث تمت ترقية أعداد كبيرة منهم ممن كانوا يعملون بإخلاص وتفاني في تعذيب المعتقلين عند انطفاء الأنوار، و تم إلحاقهم بالسفارات بالخارج يرصدون أنشطة المعارضين والناشطين من الشباب فيتخيرون أفضلها ويشنون عليها حملتهم المسعورة تحت أسماء وايميلات مستعارة يكتبون بها في الانترنت.
وقد شهدنا سهام الجنجويد الجدد، جنجويد السفارات و الانترنت تحاول النيل من قامات سامقة في الفكر السياسي وفي مجال الأدب والصحافة، من الشمال ومن الجنوب، من المسلمين ومن المسيحيين على السواء.
يقومون بهذه الأفعال في بلاد لا يمكن لهم فيها اعتقال الناس وتعذيبهم، لذا شرع جنجويد السفارات رماحهم لأعدائهم في دول الخليج و أوروبا ومصر وأمريكا، واستراليا تساعدهم في ذلك وطاويط الليل التي تخصصت في مص الدماء في الظلام، في محاولة للسيطرة على عقول الناس في بلاد الحكم فيها والسيادة للقانون. يحاولون إخراس الأصوات المستنيرة التي تطالب برفع أشرعة الحق إنصافاً للمظلومين والمشردين في دول الشتات. تتمطى أقلامهم السامة لتلوي عنق روائع الأدب العربي، فأساءوا للغة العربية مثلما أساءوا للدين الإسلامي.

فماذا كسبوا؟ ذهبت كلماتهم أدراج الرياح وطواها النسيان، وظلت هذه القامات في علوها وسموها. مرت كتابات الجنجويد دون أن تثير اهتمام احد ودون أن تنال احترام احد، مرت عابرة مثل سحابة صيف لا أرضا روت ولا زرعا سقت.

وللدبلوماسية أروقتها ودواوينها مثلما لها مراقيها وعرفها الموسوم بالأدب وكريم الأخلاق، فهم خرقوا نواميس العمل الدبلوماسي المبني على الاحترام المتبادل. و تنكب هؤلاء الدبلوماسيون الملثمون بسلوكهم هذا صراط الدبلوماسية المستقيم وما ظلت تحرص عليه الخارجية السودانية طيلة الحقب والعهود، بنأيها عن صراعات المغتربين والمهاجرين الاجتماعية والثقافية المحلية.

جنجويد السفارات والانترنت لهم معاونين جبناء لم يتطوروا بعد ولم يرتقوا، ولم تحدث لهم تلك القفزة التاريخية، فلا زالوا في خانة الوطاويط. هذه الوطاويط تلطخت أيديها بدماء الشهداء والأبرياء فهربوا إلى مصيرهم المحتوم بمشيئة الله في بلاد الغربة حيث شيدوا فيها إقامتهم وضربوا فيها بيوتهم. تتلقى هذه الوطاويط الأوامر من ملثمي السلك الدبلوماسي جنجويد السفارات كما تتلقى الرشاوى والإتاوات والوعود المعسولة بالأراضي وغيرها من الامتيازات الفاسدة.

وتتمظهر علاقة وطاويط الليل بجنجويد السفارات في إنابة الوطاويط عنهم بالقيام بالأعمال في التصدي لصراعات العمل الاجتماعي والمنظوم برغبة وتوجيه جنجويد السفارات. وقد وصلت بعض هذه الوطاويط في المبالغة لإظهار الولاء لجنجويد السفارات حد افتعال المعارك وشن حملات تهدف إلى اغتيال الشخصية للخصم السياسي والفكري للنظام الإنقاذي، وشن حملات التشهير التي تصل حد الإساءة والتجريح والشتم والقذف. ووصل بعضهم بحرصه على إظهار الولاء الزائف أن ارتكب أفعالا تضعهم تحت طائلة القانون في تلك الدول، وهذه حماقات لا تشبهها حماقة لو كانوا يعلمون.

من هؤلاء الجنجويد وهذه الوطاويط من حصل على اللجوء السياسي والاقامات زورا، استنادا على بيانات كاذبة وادعاء بطولات وطنية ضد نظام الإنقاذ الإسلامي الأصولي، مربيهم وهاديهم إلى ذلك الصراط الوحشي. منهم من قبلت طلباته استنادا على هذا التزوير والتدليس، ومنهم من تم ضبطه مؤخرا بممارسة بعض الأنشطة المشبوهة، وتم التحفظ عليه وتجميد إجراءاته، ومنهم من لا يزال قيد التحري والرصد، وبعضهم رفضت لهم مزية الإقامة والجنسية في البلدان الغربية والعربية.
والآن، انبرت فتية وطنية مؤمنة للتصدي لهؤلاء الجنجويد، فكيف يأكلهم الذئب وهم عصبة! فقاموا على الأمر بعد صمت طويل، ولم يكن لهذا الصبر من سبب إلا تمسكهم بسودانيتهم وطيبتهم وتجاوزهم وعفوهم. ولو شئنا لأعدناها سيرتها الأولى، ولو شئنا لأعدناها جذعة تتناوشها الرياح. فبلاد المهجر والغربة ليست هي أرض المشروع الحضاري، وبلاد الحريات المدنية والسياسية ليست هي بلاد الرق والعبودية وتصفيات الخصوم.

كما تعكف جهات رسمية في بعض البلاد لمعرفة هؤلاء الجنجويد الملثمين المندسين في السلك الدبلوماسي والوطاويط التي تساعدهم، لكشف النقاب عن وجوههم حتى يعرفهم الكافة وتبين سوءتهم للناس أجمعين، وبعدها فليطفقوا أينما طفقوا. وستعمل القوى الديمقراطية الشريفة على تطهير بلاد المهجر والغربة من الإرهابيين والجنجويد ومن وطاويط الليل التي لا تعيش إلا في الظلام حيث نكشفها للعامة في وقت قريب للسلطات في البلاد التي أكرمتنا حين تم إذلالنا في بلادنا بواسطتهم، وأعطتنا الأمان حين تم ترويعنا في وطننا، وأطعمتنا حين تم فصلنا وتشريدنا باسم الصالح العام. و لن نتمادى في صبر طال بعد الآن، وسننتصر للقيم السودانية الحميدة، وسيذهب الزبد جفاء ويبقى ما ينفع الناس.

وغدا تهطل الأمطار وتظهر الحقيقة.
ونواصل

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف