قراءة في كتاب فلسطينيون في سجون صدام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قراءة في كتاب " فلسطينيون في سجون صدام " للدكتور أحمد أبو مطر
قبل أن نستعرض هذا الكتاب، لابد لنا ان نسلط الضوء ولو بشكل سريع على المؤلف و من قام بإعداد هذا الكتاب وجعله يرى النور، في عالم عربي مظلم، لا يرى فيه الانسان أي بارقة للامل والانفراج مادام تحكمه دكتاتوريات دموية، وشعوبها تعيش بنسبة عالية في الجهل والأمية. أنا وغيري لايرى في هذا الوطن الذي يسمى وطنا ً عربيا الا كما قال فيه الشاعر العراقي مظفر النواب (( وقنعت بأن يكون نصيبي في الدنيا كنصيب الطير، ولكن سبحانك حتى الطير لها اوطان، وتعود اليها، وانا مازلت أطير، فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر سجون ٌ متلاصقة ٌ سجـّان ٌ يمسـك ُ سجـّان )).
الدكتـور احمد ابو مطر كاتب من فلسطين، وهو من بين قلة قليلة من الشعب الفلسطيني الذي آزر وناصر ووقف مع مظلومية الشعب العراقي، بعد أن عمت قلوب الباقون من هذا الشعب بحركاته وكتابه ومفكريه ( إسطورة البطل ) ووقوفهم الى جانب الجلاد الذي حكم العراق بقبضة من حديد، ولم يكن هذا البطل الاسطورة الا جرذا قبض عليه في أحدى بيوتات الجرذان وبالوعات المجاري في تكريت. أحمد أبو مطر من بين قلة قليلة من الشرفاء العرب والفلسطينيين الذي ابى أن يستسلم لكوبونات النفط أو دولارات الطاغية، ليبيع شرف مهنته و ضميره، حتى قال فيه القاضي العزيز زهير كاظم عبود ( يكفينا هذا البهاء الفلسطيني أحمد أبو مطر ). عمل أحمد ابو مطر إستاذا في جامعة طرابلس بليبيا وبعدها في جامعة البصرة لمدة سنتين، ثم ترك العراق، محتجا على الحرب الظالمة التي اشعلها صدام ضد إيران، والتي دمر فيها الشعبين العراقي والايراني. وبعد أن رفض التمجيد للقائد الضرورة أو يكتب مقالا مادحا هذا الديكتاتور وقادسيته المزعومة. وهو من مواليد عام 1944 في مدينة بئر السبع بفلسطين، وعام ما سماّه العرب النكبة 1948، هاجر مع إسرته إلى مخيمات قطاع غزة، حيث نشأ وترعرع في مخيم رفح، وإسرته ما زالت في نفس المخيم حتى هذه اللحظة، وقـد تقاذفته العواصم العربية إستقبالا وطردا، فلم يجد عاصمة تقبله إلا أوسلو حيث يقيم فيها منذ عام 1992.
قامت بتحرير هذا الكتاب السيدة خولة إبراهيم، هذه السيدة الفلسطينية الحرة التي عاصرت وعايشت العراقيين في محنهم إبان حكم النظام السابق في العراق، وكانت تتلمس جراحهم، وتأن معهم، وتحزن لمصائبهم، فخرج هذا الكتاب بمجهود كبير قام به الدكتور أحمد والسيدة خولة إبراهيم، ليسلط الضوء على حقبة من التاريخ الأسود لاعتى دكتاتور عرفته الانسانية.
يقع كتاب " فلسطينيون في سجون صدام " من ( 140 ) صفحة من القطع المتوسـط، الناشر ( مطبعة الانصار الاسلامية ـ بيروت ـ لبنان )
يروي هذا الكتاب قصصا مروعة يندى لها جبين الانسانية لعدد من الفلسطينيين الذين كانوا قد حكم عليهم زورا وبهتانا ً وغيبوا في سجون صدام المجرمة. يحكي قصصا واقعية كما رواها اصحابها الذين أصرّوا على نشر أسمائهم وصورهم الحقيقية، وفي أحدى القصص تروي صاحبتها كيف أنها تعرضت للإغتصاب على ايدي جلاوزة النظام السابق وأمام أنظار زوجها، وهي تكشف صورة من آلاف الصور البشعة التي كان يمارسها يوميا ً أزلام النظام السابق ضد المعتقلين العراقيين. القصص الأخرى ايضا لعدد من الفلسطينيين الذين تعرضوا للاعتقال والأهانة وزج بهم في السجون، وهم لحد هذه اللحظة لا يعرفون ماهي التهم التي وجهت لهم، وماهو الجرم الذي إقترفوه، وكلها تهم كانت جاهزة يلصقونها بكل من يشعرون أنه لا يتعاون او يعتقدون بعدم ولائه للمجرم وحزبه. يكشف هذا الكتاب تجارب واقعية يرويها أصحابها الفلسطينيون ليقولوا للعالم أجمع وخاصة بني جلدتهم المطبلين للمجرم أمثال عبدالله الحوراني الذي ورد إسمه في قوائم كوبونات النفط وسبعة ملايين ونصف دولار فقط، لذلك ما يزال يرسل رسائله الغرامية للديكتاتور في سجنه. وغيرهم من الفلسطينيين، كتابا ً وشعراءا ً ومثقفين، حتى كشفت الوثائق بعد سقوط النظام البائد ان الشاعر محمود درويش كان قد قبض كوبونا ًمن النفط من صدام (( هذا ما اكده احد كتاب صحيفة إيلاف في حينها وقد نشر في موقع الصحيفة آنذاك )). وغيرهم من الذين غرتهم الشعارات والدولارات أو الذين لازالوا يعتقدون بأن صدام سيحرر لهم قدسهم!!؟. هذه التجارب لسجناء فلسطينيين في سجون الطاغية صدام، تقول لعبدالله الحوراني وأمثاله : هذه هي عينات من أفعال المجرم بحق بعض أبناء شعبكم، فأفيقوا من غرام ونشوة الدولارات، واعلموا أنّ ساكتا ومؤيدا لظلم طاغية بحق شعبه، لن يكون مخلصا لعذابات شعب آخر. ومن الكتابات المؤثرة التي ستنسي الشعب العراقي ولو قليلا، مواقف مرتزقة الديكتاتور، الشهادة التي كتبتها الصحفية الفلسطينية خولة إبراهيم في نهاية الكتاب كشهادة على شهادات السجناء في سجون صدام.. فهي التي قابلتهم وسجّلت شهاداتهم وعاشت معهم ومع عذابهم ساعات طويلة، فكتبت شهادتها تحت عنوان ( شهادة على الشهادات )، تقول خولة إبراهيم : ( شهادات مرّه لإناس عاشوا الأمرين في غياهب سجون صدام، ولا أقول العراق، فقد سجن صدام العراق لأكثر من ثلاثين عاما بقبضة حديدية وعقلية جهنمية، عبث بمصيره وبجغرافيته وتاريخه...).
هذا الكتاب يسعى معدوه وناشره الآن من أجل تسجيل هذه الشهادات حلقات تلفزيزنية حيّة بصوت وصورة أصحابها...أعمال لكتاب وصحفيين من فلسطين، تفضح ذلك الديكتاتور الطاغية، وتسعى لتجسير العلاقة بين الشعبين العراقي والفلسطيني، التي دمرها المرتزقة المتكسبين، وكما أورد الدكتور أحمد أبو مطر في تقاريره قبل شهور عن زياراته لبغداد والبصرة وكردستان، ما كان يسمعه من العديد من العراقيين : ( وآحسرتاه نرفع نحن في بيوتنا ومكاتبنا صور شهداء فلسطين، وبعضكم في غزة والضفة يرفع صور المجرم قاتلنا.. وآحزناه!!).
ختاما ً نقول ما قاله الشاعر العراقي مظفر النواب ( أن الذين يغلقون السجون على الناس، لا يمكن لهم ان يفتحوا على القدس أبوابها المغلقة ). والســــــــلام.
19/ 6 / 2005
صورة لغلاف الكتاب
للحصول على نسخة من الكتاب يمكن مراسلة دار الطباعة والنشر
مطبعة الانصار الإسلامية
بيروت ـ لبنان
ص. ب / 4821
هاتف : 01- 3524213
فاكـس : 01 - 8152461
أو مراسلة مؤسـسة الأرشيـف العراقي في الدنمارك على البريد الالكتروني :
iraqdk@hotmail.com
بهاء الموسوي
Baha1970@hotmail.com