متعة (تحرير المرأة) من الثياب 3
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد أن سخر (صلاح الدين محسن) من الحجاب والنقاب، واجتهد (الشابندر) في أن عظام الصدر الأولى للمرأة ونحرها (وربما رقبتها) لم توجب نصوص القرآن تغطيتها، خرج علينا (شربل بعيني) بجواز ارتداء البكيني، بل والحض عليه لنصرة قضايانا، ورفع رؤوسنا عالياً...
بعد كل هذا خرج علينا (كامل النجار) وهو كاتب معروف بكتاباته التي تقتصر على انتقاد كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين خرج علينا النجار بمقالتين في هذا الخصوص، يرد في أولاهما: (شربل بعيني وعورة المرأة العربية) على السيد شربل، وفي الثانية: (تعقيباً على ردود القراء: عورة المرأة العربية) على ردود قرائه.
وقد خالف النجار في المقالة الأولى ما ذهب إليه (بعيني) من اعتبار (مكان العفة) من جسد المرأة عورة، ورأى النجار أن جسد المرأة (بأكمله) لا يعتبر عورة!!!! وقد اعتمد في هذا الرأي على أدلة (قوية) وحجج (داحضة) وبراهين (منطقية)، نلخصها فيما يلي:
1- الدليل اللغوي:
بعد عرضه للمعنى اللغوي (المعجمي) لكلمة عورة، يقول النجار: (( يتضح من شرح كلمة العورة أنها لا تقتصر على العضو التناسلي، فكل ما يشين هو عورة...))، ثم يمضي قائلاً: (( وبما أن تعريف العورة هو كل خلل أو قبح بالشيء فإن الأعضاء التناسلية ليست بعورة إذ لا هي قبيحة ولا هي خلل بالجسم...)).
2- الدليل الشعري:
حيث يقول: ((فإذا كانت النهود عورةً لماذا ظل الشعراء العرب يتغزلون بها منذ أيام ما قبل الإسلام؟)).
3- الدليل الديني (الحاسم):
يقول النجار: ((وإذا أخذنا العري من ناحية دينية، نجد أن الله قد خلق آدم وحواء عاريين وكان بإمكانه أن يخلقهم وعليهم ثياب، ثم إن أطفالهم من بنات وصبيان، لا بد أنهم كانوا عرايا إلى أن اكتشف آدم وحواء كيف ينسجان الصوف أو يدبغان الجلود لصنع الملابس...)).
ويتابع: ((وكون آدم وحواء خصفا أوراق التين على سوأتهما لا يعني أن الأعضاء التناسلية عورة في ثقافة القرن الحادي والعشرين كما كانت وقت خلق آدم وحواء... وهي على كلّ قصة تاريخية أكثر منها حقيقة)).
4- أدلة التاريخ والواقع:
حيث يقول: ((وإذا أخذنا العري من ناحية التطور الطبيعي للإنسان نجد أن الناس في إفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، كانوا لوقت قريب عراة بالكامل... بل حتى القرن التاسع عشر كان الناس في كينيا، يسيرون عراة على شواطئ المحيط الهندي... وعندما احتل الإنكليز كينيا فرضوا على الناس ارتداء الملابس. ودارت الدائرة وأصبح السياح الإنكليز يتشمسون شبه عراة على البلاجات الكينية.
والفنان العظيم مايكل أنجلوا كان يرسم النساء والرجال عراة ونحت تمثاله المشهور "ديفيد" عرياناً وأظهر قضيبه... وفي أوربا نجد معاهد الرسم تستعمل موديلات عراة ليرسمها الطلاب، ولا يستغرب الطلاب هذه الوسيلة من التعليم، ولا تثير فيهم أي شهوات. وهناك البلاجات المخصصة للعراة في كل الدول الغربية وحتى في جنوب أفريقيا)).
بعد هذه الأدلة المتنوعة التي أخذت من كل علم بطرف، وبعد هذه الحجج الداحضة، يصعب علينا أن نطلب من المسلمات أن يستروا أجسامهن، فهي ليست بعورة، والدليل القوي والشاهد الصحيح معنا، وهو مقالة النجار التي ستعتبر بعد أن يفتحها الله بوجه النجار أحد المراجع القيمة والمصادر العظيمة التي سيقوم عليها الفقه (النجاري)، والذي سيتعمده المسلمون (الجدد) الذين سيفضلون اتباع الإمام (النجاري) الإصلاحي، ويبتعدون عن مذاهب الأئمة الأربعة الذين لم تعد اجتهاداتهم صالحة لزماننا. (على فكرة يبدو أن اسم الفقه النجاري يمتلك إيقاعاً محبباً قريباً من الآذان، يشبه تلك الأسماء العظيمة التي يمتلئ بها تراثنا الفقهي).
أما أولئك (الجهلة الظلاميون) الذين سيرفضون اجتهاد النجار (جسد المرأة عورة وهي أغلى ما تملك)، فيوجه إليهم الكاتب الألمعي اقتراحاً (محرجاً) كي يعيدهم إلى الصواب (والحكمة)، حيث يقول لهم: ((فما دامت عورة المرأة العربية هي أغلى ما نملك، ألا يحق لنا الفخر بها وعرضها على الأمم المتقدمة التي تعرض علينا طائراتها وكمبيوتراتها وغيرها، ونحن لا نملك ما نجاريهم به، ألا يحق لنا أن نعرض مثلهم أغلى ما نملك؟))
وهكذا يضع النجار (الظلاميين) أمام خيارين، أحلاهما ليس مراً وإنما (ممتعاً)، فإما جسد المرأة كله ليس عورة فلتعرضه إذاً، وإما جسد المرأة عورة وهذا الجسد وهذه العورة أغلى ما نملك فلتعرضه أيضاً لكي نجاريَ الأمم المتقدمة (بإبداعاتنا المحلية).
ثم يبشّر النجار أنصار (تحرير المرأة من الثياب) بأن: ((كل محاولاتنا لتغطية المرأة ما هي إلا ذر للرماد في العيون))، ويضيف: ((ومنذ سقوط الخلافة العثمانية وحتى يوم القيامة ظل العرب وسوف يظلون متمسكين بأوهام الموروث، ومن هذه الأوهام وهم عفة المرأة العربية والحفاظ على عورتها)).
لماذا (تثير) هذه القضية كاتباً (عظيماً) كالنجار؟
على الرغم من أن النجار لم يردّ قبل هاتين المقالتين إلا على كاتبين في إيلاف، فإن خطورة الأمر وحساسيته و(غيرة) النجار وأخلاقه الحميدة، دفعته دفعاً واضطرته اضطراراً إلى الرد على (شربل بعيني) الذي رفض أن تُظهر المرأة مكان عفتها. وهكذا تدارك النجار الموقف، وأصلح الخرق العظيم الذي أحدثه (بعيني) في العباءة الأخلاقية للمفكرين (الجدد).
وهكذا تضافرت جهود الكتّاب والمصلحين (الجدد)، من مفكرين وشعراء وعلماء، في سبيل تحرير المرأة... قطعةً قطعةً من ثيابها، كي تصبح عارية كالحقيقة والشمس... وهكذا تحقق لهم النصر المؤزر على الحشمة والعفة والحياء، وتم لهم الإجهاز على جميع الأصوات التي تنادي بأخلاق المرأة وشرفها وكرامتها...
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
علاء الدين الحلبي
مسلم من بلاد الله الواسعة