أصداء

الزرقاوي كسفاح وبن لادن كثائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

(1-2)

القاعدة بين الأمس واليوم

لن نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا أنه وبعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) /2001 وتبنى تنظيم القاعدة للهجمات ضد برجي التجارة والبنتاغون التي وقعت في ذاك اليوم المشهود حظي التنظيم بالكثير من المتعاطفين في العالم العربي والإسلامي وباتت صور زعيم تنظيم القاعدة تملأ "تيشيرتات" الكثير من الشبان في العالم الإسلامي، وكانت الأنفاس تنحبس و الآذان تتشنف والعيون لا يرف لها جفن وهي تتابع خطابات بن لادن وتحليلات وتهديدات أيمن الظواهري...هذه حقيقة لا جدال فيها، لقد حظيت القاعدة وزعيمها بشعبية متزايدة من المؤيدين من الجماهير الغاضبة من سياسات أمريكا، ولم يكن للأصوات التي انتقدت وحرمت وجرمت وتبرأت من بن لادن والظواهري والقاعدة أي أثر على هذه الجماهير لا سيما بعد أن ازدادت حالة العناق بين بوش وشارون وبعد قرار واشنطن استخدام القوة العسكرية في أفغانستان والعراق والإصرار على التدخل حتى في أصغر خصوصيات العرب والمسلمين، ولم يكن الإعجاب بعيداً عن النظرة إلى القاعدة، فالاتحاد السوفياتي السابق بكل ما امتلك من قوة وجبروت ونفوذ لم يتمكن لا هو و لا أتباع النظرية الماركسية من إطلاق رصاصة واحدة على الأرض الأمريكية، واتخذ الصراع بين واشنطن وموسكو شكل الحرب الباردة والتي كانت تستخدم أحيانا شعوباً وقوى أخرى كما الحال في أمريكا اللاتينية وفيتنام وأفغانستان، لكن القاعدة تمكنت من توجيه لطمة إلى أمريكا على أرضها وبأسلوب استعراضي ومبتكر هذا بغض النظر عن الفرضيات أو حتى الحقائق التي تشير إلى وجود أصابع خفية أمريكية سهلت المهمة لناشطي القاعدة لأهدافها الخاصة مثلما أرادت القاعدة ضرب مصالح أمريكا لأهدافها الخاصة!

طبيعة الهجوم والأسلوب المستخدم وطريقة كلام بن لادن والظواهري والأسلوب الإعلامي الذي ظهرت فيه المواد المصورة التي تتلى فيها وصايا بعض المنفذين المفترضين للهجمات وعجز وفشل النظام العربي الرسمي وتبعيته المخزية لأمريكا مع فقدان الأمل للشباب العربي والمسلم في بلدانهم نتيجة انتشار الفقر والتخلف وانعدام الديمقراطية وحرية الرأي، وعربدة إسرائيل، وغيرها من العوامل المشابهة أدت إلى صعود نجم القاعدة وتحول بن لادن إلى بطل عظيم سيخلص الأمة العربية والإسلامية من جبروت أمريكا وتكبرها ومن النظم المستبدة التي تحكمها، خاصة وأن بن لادن انتقل من الحديث عن أمريكا وضرورة حربها إلى الحديث عن فلسطين والنظم العربية.

الحال لم يستمر على ذلك فالجماهير العربية بدأت تبحث عن آليات للتخلص من الاستبداد وكثر الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وتوزيع الثروات، وهناك من يسجل هذا التحول للقاعدة والتي بسببها اضطرت أمريكا و ضغطت على حكام العرب لإصلاح الأوضاع داخل بلدانهم حتى لا يصاب الشباب بالإحباط الذي يتفجر في أهداف أمريكية وغربية، ليس هذا السبب وحسب بل ساهم انتشار وسائل الإعلام الحديثة والانترنت في تحفيز الناس على المطالبة بمزيد من الحريات وإصلاح الأنظمة أو حتى تغييرها، ومن المفارقات الطريفة أنه وفي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات المطالبة بالحرية السياسية وحرية الرأي والفكر في البلدان العربية، تجري في البلدان الغربية مثل أمريكا وبريطانيا عمليات حد من الحريات وتدخل في الخصوصيات باسم مكافحة الإرهاب!

الرجل الثاني في تنظيم القاعدة مثلما يعرف في وسائل الإعلام في تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري حرم المشاركة في البرلمانات ومجمل العملية السياسية في الدول العربية، لكن هذا الخطاب لم يجد صدى كبيراً، فالشعوب تبحث عن أي متنفس يخرجها ولو جزئياً من أجومشاركة، والكبت والحكم المخابراتي المتواصل منذ عشرات السنين رغم أن عجلة الإصلاح لم تسر حتى مثل سلحفاة في البلاد العربية اللهم إلا عمليات ديكورية طالت النسبة المعروفة لنتائج الانتخابات العربية ( 99.99 %)، ووصل الوعي الجماهيري إلى حالة رفض لأسلوب الحكم المتبع في البلدان العربية القائم على الشمولية وتحكم أجهزة المخابرات بأقوات الناس وتحركاتهم وأعمالهم وكذلك رفض مبدأ عدم المشاركة السياسية في "الأنظمة الكافرة" أو الانتخابات التي تتطلبها مثل هكذا مشاركة، رغم ذلك لم يكن هناك خفوت كبير في تأييد الناس للقاعدة وتعاطفهم معها وتصفيقهم لأعمالها وحرص الكثير على تعليق صور بن لادن ووضعها على شاشات أجهزة الهاتف الخلوي، لكن الأمر الذي ساهم في تراجع المد الجماهيري للقاعدة هو ما يحدث في العراق.....

احتلال ومقاومة وجرائم!

بعد احتلال العراق ازداد فكر الجماهير تبلوراً رغم قسوة الظروف،الناس ضد النموذج الأمريكي للحرية والديمقراطية اللهم إلا بعض المنتفعين أو الطامعين بالمنفعة أو المصابين بإخصاء فكري! والناس ضد القتل العشوائي تحت اسم المقاومة والناس مع الحريات والتخلص من الاستبداد وتقاسم الثروة،قد يبرز سؤال وهو على أي أساس قسمت الشعوب في هذه الخانات هل بناء على استطلاعات الرأي مثلاً ؟أجيب : الأمر واضح والشمس لاتغطى بغربال؛ هناك أقلية تؤيد النموذج الأمريكي وترحب بالمارينز في جميع بلاد العرب،وهناك أقلية أكبر من هذه المتأمركة تؤيد الديكتاتورية وتؤمن بالزعيم والقائد الضرورة والحكم المركزي ومسكونة بالهواجس والشعارات القومجية،لكن الأغلب من الجماهير ضد أمريكا ومشروعها وضد الديكتاتورية و الأنظمة الشمولية ولو ادعت الوطنية أو حتى قاومت أمريكا.

احتلال العراق كشف عن بشاعة أخرى وساهم في تراجع التأييد للقاعدة،تلك هي شخصية أبو مصعب الزرقاوي،التي روج لها الغرب من سياسيين وإعلاميين وتلاه الإعلام العربي طبعاً هذه الشخصية طغت على السطح رغم كل ما يحيط بها من شكوك وأستعير هنا عبارة للملا كريكار مؤسس تنظيم "أنصار الإسلام" الكردستاني في العراق في أكثر من مقابلة حينما سخر من حديث الإعلام الغربي عن الزرقاوي واصفاً إياه بالعفريت فكيف تسخر وسائل الإعلام الغربية من عقول الناس لتتحدث عن رجل يتنقل من بلد إلى بلد خلال مدة زمنية قصيرة وينظم ويخطط ويدبر ويجند إنه فعلاً عفريت لا سيما في زماننا هذا!

بن لادن والظواهري والتناقض مع الزرقاوي

عمل الزرقاوي في العراق تحت اسم تنظيم أطلق عليه اسم جماعة التوحيد والجهاد وكان لهذه المجموعة حضور في وسائل الإعلام يفوق وجودها الحقيقي على أرض العراق،فالمقاومة العراقية تحمل أطيافاً عديدة منها ما هو إخواني وما هو سلفي وما هو قومي وبعثي ومنها ما هو عشائري وما هو شيعي ثوري لكن وسائل الإعلام وتصريحات المسئولين الأمريكيين ضخمت من حجم الزرقاوي ومجموعته وبعد مدة كانت المفاجأة بالمبايعة بين بن لادن والزرقاوي المتمثلة في تولي قيادة فرع تنظيم القاعدة في العراق أو تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بدل جماعة التوحيد والجهاد في أواخر عام 2004،وظل حضور الزرقاوي من خلال تسجيلات صوتية لا يظهر فيها وجهه وبيانات على بعض مواقع الانترنت بثت مشاهد عمليات قطع رؤوس وإعدام بالرصاص لرهائن غربيين وآسيويين وعراقيين وأتراك وغيرهم أمام الكاميرات.

وسائل الإعلام طغى عليها اسم الزرقاوي وتنظيمه ونسيت التنظيم الأم بزعامة أسامة بن لادن،بل لم يعد يذكر اسمه بما يعادل نصف أو حتى ربع ذكر الزرقاوي!

التباين بل التناقض بين شخصية وبيئة الزرقاوي (واسمه أحمد نزال فضيل الخلايلة من عشائر بني حسن الأردنية) وبين شخصية وبيئة كل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري يبدو جليا من عدة محاور منها : -

1) بن لادن ولد ونشأ وعمل في دولة عربية ثرية وهي الدولة التي تحوي أهم الأماكن المقدسة عند المسلمين وهو ابن أسرة ميسورة الحال وتضم عددا كبيرا من البنين والبنات،ولقد قدر لبن لادن الإطلاع على الحالة الحركية الإسلامية من خلال اختلاطه برموز ومفكرين إسلاميين كان والده (محمد عوض بن لادن) يستضيفهم في مواسم الحج والعمرة أو اللقاءات والندوات المختلفة،ولقد أكمل بن لادن تعليمه الجامعي ولم يعاني من شظف العيش واختار عن إرادة وقناعة عقائدية الالتحاق بصفوف المجاهدين الأفغان الذين حملوا السلاح ضد السوفييت،والتقى بأحد علماء وأقطاب حركة الإخوان المسلمين وهو الدكتور عبد الله عزام والأخير حاصل على إجازة في أصول الفقه وأستاذ جامعي ولطالما اعتبر بن لادن نفسه تلميذا لعزام،ناهيك عن اطلاع بن لادن على وضع التجربة الإسلامية في السودان التي أقام فيها فيما بعد.

أما الظواهري فهو ابن الدولة التي تأسست فيها كبرى الحركات الإسلامية وهي حركة الإخوان المسلمين وبقية الحركات التي انشقت عنها أو نافستها،وأي دارس للحركات الإسلامية يضع مصر نصب عينيه فهي حتى قبل تأسيس الإخوان حوت واستضافت إصلاحيين وشيوخا ومفكرين أثروا في الحالة الإسلامية على مستوى العالم العربي والإسلامي وحتى على الجاليات المسلمة في الغرب مثل عبد الرحمن الكواكبي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وغيرهم،والظواهري طبيب أي أنه أيضا متعلم وتابع وشارك في تأسيس الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في مصر وأيضا انتقل الظواهري إلى بيشاور وكان من الخميرة التي شكلت ما يعرف بالأفغان العرب وتنظيم القاعدة لاحقا.

على النقيض من ذلك فإن الزرقاوي ابن دولة لم تلعب دورا في تأسيس الحالة الحركية الإسلامية بل ظلت متأثرة بصدى تلك الحالة،والزرقاوي كان في بدايات شبابه بعيدا تماما عن الالتزام الديني ومرتكبا لأمور محرمة في الإسلام (إدمان شرب الخمر) وعادة الحركات الإسلامية في التعامل مع مثل هذا الصنف هي دعوتهم إلى الله والالتزام بأحكام الشرع وفي حال هداهم الله فإنها لا توليهم زمام القيادة لأسباب عدة ويمكن أن يأخذوا مواقع قيادية بعد مدة طويلة من الزمن،ولكنهم لا يستفردون بالقرار ولا يشكلون المشرع والمنفذ في آن معا،كذلك فإن الزرقاوي الذي اختار لنسبه اسم المدينة الأردنية التي نشأ فيها لم يكمل تعليمه وهو ليس ابن أسرة غنية أو ثائرة أو أسرة مليئة بأهل الفقه والعلم والورع،وعانى من ظروف اجتماعية سيئة،والمدينة التي ينسب نفسه إليها(الزرقاء) لم يكن لها حتى بواكير الانتداب البريطاني وجود يذكر،وهو بهذا يحاول محاكاة التراث الإسلامي الذي ينسب الشخص لبلده وهذا ملحوظ في سير العلماء والشعراء والفقهاء،فيستخدم اسم المدينة للنسبة؛فيقال : البصري،والكوفي،والبغدادي،والحموي،والدمشقي...إلخ ولكن شتان شتان بين مدن كانت حواضر للعلم والفقه والأدب والنشاط الفكري والسياسي والإعداد والتعبئة العسكرية،وبين مدن لم يكن لها مما ذكر أي نصيب!

والزرقاوي الذي سافر إلى أفغانستان بعد أن رحل الاحتلال السوفياتي ولم يطلق طلقة واحدة على الروس،عكس بن لادن الذي شارك في معارك عديدة مع الجيش الأحمر ناهيك عن إمداده للمجاهدين العرب والأفغان بالدعم المالي!

2) من الناحية الفكرية فإن تأثير سيد قطب على فكر تنظيم القاعدة يبدو جليا ويظهر في خطابات بن لادن تأثره بفكر قطب،وهنا إشكالية ولغز جديد ؛فالغلاة من السلفيين يكفرون الأشاعرة وسيد قطب أشعري كما يجمع أغلب العارفين به وبفكره،ومعروف عن الزرقاوي وحتى معلمه المقدسي وبقية أشياع الفكر اليميني السلفي تكفيرهم أو على الأقل تضليلهم للأشاعرة مثلما يكفرون الشيعة والصوفية والإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرهم من المخالفين أو ينعتونهم بالابتداع،فكيف يكون ملهم الأمير (بن لادن) وهو سيد قطب كافرا أو على باطل من وجهة نظر الجندي (الزرقاوي)؟!!

3) يعرف العالم بن لادن من خلال خطاباته المصورة والمسجلة مثلما يعرفون الظواهري،ولكن معرفتهم بالزرقاوي من خلال بيانات تنشر على بعض مواقع الانترنت والتي عادة تلحق بكل منها عبارة"لم يتسن التأكد من صحته!"،وهذا أمر طبيعي لأن منتديات الانترنت لا يلزمك كي تنشر ما تريد فيها إلا بريد إلكتروني،وحتى التسجيلات الصوتية التي تبثها بعض مواقع الإنترنت للزرقاوي يكتنفها الكثير من الغموض والجدل،مما جعل الكثير من الناس يشكك في وجود الزرقاوي أصلا،وفي رده على القائلين بأن الزرقاوي أخذ القيادة أو البريق من بن لادن دحض ضياء رشوان الخبير أو المتابع لقضايا الجماعات الإسلامية في مقابلة مع أحد القنوات الفضائية هذا الأمر بأن الزرقاوي لا يعرف الناس وجهه،وكذلك أشار إلى : " أننا لم نسمع بن لادن يوما يهاجم الأخوة الشيعة وكذلك الظواهري وليس للنزعة الطائفة وجود في خطاب بن لادن والظواهري....!"، الفكرة أن الجيل الجديد المحسوب على القاعدة يمتاز بقلة العلم وعدم وضوح الرؤيا وبكونه يعتمد على الانترنت لدرجة أن بعضهم وصف هذا الجيل بالقول"شيخهم الإنترنت!"، والمقصود أن هذا الجيل لا يستخدم الإنترنت فقط من أجل تبادل المعلومات والرسائل والتدرب على السلاح وتصنيعه وعلى قواعد التعامل مع أجهزة الأمن،بل إن الشبكة العنكبوتية تشكل بالنسبة لهؤلاء الملهم للأفكار والمعتقدات والفتاوى والمواقف والسياسات المتبعة!

لا شك أن العراق بلد اختلط فيه الحابل بالنابل بعد احتلاله وتداخل فيه ما هو مقاومة شريفة ونظيفة للاحتلال الأمريكي مع ما هو جرائم نمتدحها إذا وصفناها بالبشعة باسم تلك المقاومة،مع تصفية حسابات بين عدة أجهزة استخباراتية،مع ثارات قديمة وجديدة طائفية وعشائرية وعرقية،مع نزاعات على ثروات ومكاسب مادية،ومع كثير مما نعلم ومما لا نعلم من التعقيدات والتفاصيل التي يطول شرحها،ولكن أين تنظيم القاعدة من كل هذا؟وهل تنظيم القاعدة الذي تألق نجمه بعد ضرب المصالح الأمريكية في أمريكا هو هو؟طبعا الرد على ذلك أن القاعدة فكرة أكثر منها تنظيما بل هي فكرة بلا تنظيم هرمي،ولكن ما هي هذه الفكرة ؟كانت واضحة قبل احتلال العراق، أما الآن ففي الأمر شك...

حرب على من بالضبط؟!

كان شعار القاعدة الذي شكل عقيدتها الاستراتيجية كما يقال هو : "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"،وبناء عليه هاجم التنظيم أمريكا بطريقته الخاصة،وهاجم النظم التي تدعمها ودعا على إسقاطها،واستند التنظيم على خطة تقول بوجوب جر أمريكا إلى بلاد العرب والمسلمين كي تنشغل في حرب استنزاف تكون مقدمة لانهيارها اقتصاديا،وكل هذا استنادا إلى التمسك بالإسلام كعقيدة وكمنهج،بل إن التنظيم كان مرنا وبراغماتيا حينما قال سليمان أبو غيث أحد الناطقين باسمه بأن القاعدة تطمح في تبني هذا النهج وليس بتجييش الشباب تحت إمرتها،كانت تلك الأهداف بغض النظر عن تأييدها أو معارضتها أو انتقادها واضحة تماما،وفي ظل انتشار وسائل الإعلام الحديثة وجدت القاعدة من يطبق رؤاها دون أن يعود لقيادتها التي تعرضت لضربات قاصمة وان كانت غير قاضية،ولكن ما هو هدف تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين(جماعة التوحيد والجهاد سابقا) بالضبط؟!

تبنى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أو جماعة أبو مصعب الزرقاوي بعض الهجمات ضد القوات الأمريكية،لكن معظم العمليات التي يقوم بها التنظيم موجهة أساسا ضد عراقيين من العرب الشيعة،وبلغ الأمر ذروته أخيرا بإعلان الزرقاوي الحرب الشاملة على "الشيعة الروافض"!

لقد بدأ الفرز الطائفي فور احتلال العراق ويوازي الفرز الطائفي فرزا عرقيا،لكن الملاحظ أن الأكراد يسعون للتمايز عن العرب ولا يوقعون أنفسهم بفخ التجزئة المذهبية أو حتى الدينية،صحيح أن معظم الأكراد من المسلمين السنة لكن بينهم شيعة ومسيحيين وصابئة،لكنهم يصرون على كونهم أكرادا وأكرادا فقط ويسعون لتثبيت كيانهم الخاص،الملاحظ أن الهجمات في المناطق الكردية لا تكاد تذكر،رغم أن ميليشيات البشمرغة وقفت منذ زمن طويل مع الأمريكان بل حتى تعاونت مع الموساد الإسرائيلي،فأين الزرقاوي منها؟هذا رغم حديثه التكفيري عنها!

ما حدث في العراق جعل شعبية تنظيم القاعدة تتراجع بشكل ملموس،وبدأ الخوف يتسرب إلى القلوب،وظهر أخيرا أن التنظيمات السلفية الجهادية معرضة للاختراق والتوظيف من قبل أجهزة مخابرات مختلفة،ويكفينا قصة "أبو العدس" مثالا،ولنا في الجزائر وأحداثها الدموية خير شاهد على سهولة توظيف هذه الجماعات واستغلال أفكارها لتحقيق أهداف كثيرة.

لقد انتقد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية(حماس) ما يجري في العراق بشدة،مشعل وحركته يحظيان بشعبية واحترام كبيرين في العالم الإسلامي،وهاجم مشعل بشدة أي عملية تستهدف العراقيين تحت أي مسمى وأوضح أن ما يجري في العراق يسيء لسمعة المقاومة في أي مكان،وكلام مشعل لم يأت من فراغ،ففي الوقت الذي كانت حركته وزميلاتها الفلسطينيات تبرر نهج العمليات الاستشهادية في تل أبيب وحيفا والقدس،بالقول أن هذا هو الرد على ما يرتكبه شارون من مجازر وإرهاب ضد الفلسطينيين وأن هؤلاء القتلى أخطأوا باستيطانهم في الأرض الفلسطينية حينما قدموا من بولندا وروسيا ليشردوا شعبا بأكمله ويقيموا دولتهم على أنقاض وجوده،كانت صور جثث المصلين في الحسينيات والشوارع العراقية تثير التساؤل،فالكل يرفع شعار الإسلام،ولكن هل الهدف هو القتل من اجل القتل أم من أجل التحرير،والصور وطريقة توظيف الأحداث في وسائل الإعلام لا تعطي المرء مجالا للتفكير والتمييز بين الإرهاب أو حتى الإجرام وبين عمليات المقاومة الحقيقية للاحتلال.

نعود إلى سؤالنا السابق، ما هدف تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين؟تحرير العراق؟أم إبادة الشيعة؟أم تقسيم العراق على أساس طائفي؟والأسئلة هذه تقود إلى أسئلة أخطر وأعمق : ما حجم الاختراق في صفوف هذا التنظيم؟وهل هناك من يوظف أعمال هذا التنظيم لمصالحه؟وهل هناك من يرتكب أعمالا إجرامية ويلصقها بهذا التنظيم؟ولماذا تغلق الأردن بإحكام شديد حدودها الغربية وتفتحها من جهة أخرى؟!والأهم من ذلك : ما هو الموقف الحقيقي لقائدي القاعدة الكبيرين بن لادن والظواهري من الجرائم التي ترتكبها جماعة الزرقاوي؟!، وهل للهجمات على الشيعة علاقة بتوتر الموقف بين إيران والغرب بسبب البرنامج النووي الإيراني؟!ولماذا لا يطلق الشيعة ثورة على الاحتلال كالتي قاموا بها ضد الإنجليز قبل عشرات السنين(ثورة العشرين)؟هل أعمال الزرقاوي تمنعهم؟!.....يتبع

جنين-فلسطين

Sari_sammour@yahoo.com

عضو تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين

شعبان 1426هــ / أيلول 2005م

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف