العروبيون المتأمرکون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الکورد، الامبريالية و الصهيونية و مفردات أخرى من قبيل العمالة و الخيانة و الانفصالية وووقائمة تطول من هکذا کلمات أتحفنا و يتحفنا بها نفر من الکتاب العرب کلما تصدوا لذکر الشأن الکوردي في کتاباتهم"الإنشائية" التي يسمونها ظلما"سياسية"، کتابات مملوءة بکل مفردات البغض و التعالي العنصري و حافلة بکل معاني الاصرار على التمسک بما کان ورفض قبول ما هو کائن حاليا أو ما قد يمکن أن يکون. کتابات تثير السخرية و الشفقة معا حين تجد بعضهم يتوسل بأمريکا کي تضرب الکورد و تسحقهم کي تعود الامور"صافية دافية"بين واشنطن و العرب لکن عذرا ليس أيا کان من العرب وإنما العرب السنة تحديدا! ولما کانت أجواء الحرية و الإنفتاح التي شهدتها المنطقة بفضل سياسة"المزيد من الشد"الامريکية قد شهدت إنفتاحا و نقلة نوعية من حيث تعاطيها مع الملفات الساخنة و الحساسة، لذا لم يجد أولئک الکتاب من توسيع دائرة بغضهم و ظلاميتهم لتعبر حدود العرق الکوردي فتشمل بمطرها"الحامضي" الشيعة الذين ظلمهم التأريخ طيلة أکثر من 15 قرنا وحين بدت في الافاق ما ينبأ عن بداية رفع الظلم عنهم، بادر هؤلاء الکتاب ليوقفوا حرکة التأريخ فيلفوا بعباءة القبلية المنقرضة رفع ذلک الظلم، فيدعون أمريکا"مرة أخرى"لضرب الشيعة أيضا و سحقهم!! هؤلاء الکتاب الذين يحاول نفر منهم الظهور بحلة حضارية قشيبة فيطبلون لا لأمريکا وحدها وإنما حتى لإسرائيل، فيمجدون العقلية اليهودية و يثنون على الانجازات الرائعة للدولة العبرية، وفي سياق هذا التهافت و التذلل و الخنوع أمام أبواب واشنطن و أورشليم، لا يتناسون أن يرفعوا من عقيرتهم ليحثوا واشنطن على ضرب"عملائها"الکورد و الشيعة في العراق! ضرب و سحق و إفناء و سحل و کل مفردات العنف الرائجة في قواميس النظم الشمولية الآيلة للإنقراض تتساقط من أقلام هؤلاء کالمطر الحامضي على الکورد و الشيعة بل إنني أجد أن بعضهم قد نفض عن نفسه رداء"طائفته"کي يجد حجته أقوى في دفع العم سام لضرب القادمين من أعالي الجبال و إرجاعهم الى حجمهم السابق وکما تقول أم کلثوم"قل للزمان إرجع يا زمان"، هذا العروبي"دوما وأبدا" الشيعي سابقا، المتوله بحب أورشليم و واشنطن الى درجة الجنون، نسى و يتناسى أن للسياسة الامريکية مرتکزات على الارض وهي ليست کتلک الکتابات الإنشائية الفجة التي رؤوسها منتکسة في الارض و أقدامها تتلوى ذات اليمين و الشمال في السماء. أمريکا التي دخلت کابول عن طريق"تحالف الشمال"، هي ذاتها التي أسقطت بعث بغداد عن طريق کوردستان، فهل تجازي حلفائها بالإنقضاض عليهم"کرمال عيون" المتأمرکون و المتهودون نفاقا؟! الحق أن حقد و ضغينة هؤلاء قد أعمت رؤيتهم تماما في کتاباتهم، فطفقوا لا يجدون حرجا من التعرض لأمة بکاملها فيرمونها بما تحلو لهم من مفردات"هابطة"إرضاءا لحالتهم النفسية المريرة التي تعاني حالات إنفصام لاتحسد عليها أبدا. من هنا ليس بغريب أو جديد عليهم حين يقومون بنفس الخلط "غير المؤدب"بين الحزب و الطائفة حين يتعلق الامر بالشيعة أيضا، فيتطاولون على طائفة برمتها. إنه زمن العجائب و الغرائب، زمن التناقضات و القفز على الحقائق، زمن "التسامي" بالتحول من الحالة الصلبة الى الحالة الغازية من دون المرور بالحالة السائلة، کما هو شأن هؤلاء العروبيون الذين صاروا بين عشية و ضحاها ليس عملاء لأمريکا و إسرائيل فقط وإنما تمادوا في أمر تعاملهم مع تلکما الدولتين حتى حيروا عباد الله في أمرهم و حقيقة معدنهم الذي قطعا ليس بأصيل!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com