أصداء

جبهة إنقاذ وطنية عراقية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إن المتتبع للمشهد السياسي العراقي اليوم، يـُصعق لما وصل له العراق من انهيارات تجعلنا نقول وبلا تردد:
أن لا دولة بمفهوم الدولة موجود اليوم في العراق، ليس سوى ارض ضاجة بالفوضى والقتل والنهب والسلب والتدمير والإرهاب والفساد، لا حدود مصانة ولا سلطة تسود ولا شعب آمن، إضافة إلى غياب اغلب وابسط الخدمات التي تدلل على وجود الدولة الحقيقية في عالم اليوم، إن ما يجري في العراق يدعونا إلى التفكير بأسلوب جديد لإنقاذ العراق وشعبه، فقد وصل السيل الزبى، وضاعت الأماني بين قتيل وجريح ومفقود ومختطف، وبين نفايات شوارع العراق ومياهه الملوثة وتشرد أهله فقرا بين زوايا البيوت والمباني المظلمة، وبين صراع الجبابرة وقوات الاحتلال، وكذبة ما يسمى بالمقاومة، وقادة الأحزاب والكتل والفصائل التي تتناحر بأسلوب الغوغاء، حتى بلغ الاختلاف إلى حد حرق المقرات واختطاف الأطفال والأبرياء وانتهاك حقوق الخلق تحت مسميات عديدة ودوافع مجنونة كالتكفير والتعصب والطائفية والانتماءات الحزبية، لقد تجاوز الاختلاف أو التنافس حد الشرف، وصار خطرا على جميع من في العراق بل على أرضه وسماءه ونخيله.......
ماذا نقول بعد؟
لقد انتهى القول وما علينا سوى خطوات جريئة وشجاعة من قادة سيذكرهم التاريخ لو أنقذوا العراق فعلا، إذ يتحول الانتماء السياسي في العراق إلى انتماء طائفي بغيض، فتشكيلة غالبية الأحزاب هي طائفية، أو عرقية أو قومية، فكيف نحارب الطائفية والفوارق الوطنية ونبقي على هذه الأحزاب التي - للأسف - تحولت إلى مقويات ودوافع للتعصب المدمر يصبح معه إنقاذ العراق مستحيلا حتى وان اتحدت هذه الأحزاب مع بعضها البعض، فهي سوف لا تنجح حتما، لان الفكر الطائفي غالبا ما كان سببا لتأسيسها، ورد فعل على ما مارسه النظام العراقي الساقط من تهميش وإبادة لأطياف الشعب العراقي..
لقد سقط الصنم وعصابته منذ ما يقارب ثلاث سنوات، ولا أحد في السلطة يهدد اليوم طائفة من الطوائف، بل أن دستورا وطنيا ديمقراطيا قد كُتب بأيد ٍ عراقية صادق عليه أغلبية أبناء الشعب، وان كانت هناك دعوات ذبح على أساس الطائفية فهي دخيلة علينا آتية من خارج الحدود ولابد من أن تنتهي يوما، كما أن فلول البعث التي تدعمها نراها تتخبط في نزعها كحركة إجرامية مقيتة لفظتها جميع الأطياف العراقية وكشفت ممارساتها..
إذن المهمة اليوم هي إنقاذ العراق أرضا وشعبا، حيث يتضرر الجميع من واقع لا إنساني يؤدي يوما بعد آخر إلى انهيارات تجرها أخرى..
إن الحل الجذري يتطلب القيام بخطوة جريئة فعلا تثبت للشعب وطنيتها، وهي أن تبدأ هذه الأحزاب بحل نفسها حبا بالوطن، ثم تدعو الشخصيات الوطنية كافة لجبهة إنقاذ وطني على أساس الانتماء للعراق فقط، فان التاريخ العراقي يؤكد لنا أن التعصبات الطائفية التي سادت في العصر الإسلامي لم تخدم العراق يوما ولا ننسى كيف أن العباسيين جاءوا ليقوّموا ما فعله الأميون من فساد، لكنهم قاموا بأشد منه وأقسى حتى قال أحد الشعراء:

تا لله ما فعلت فلول أمية ٍ times;times; معشار ما فعلوا بني العباس ِ

وسيبقى شعب العراق مع كل حكومة جديدة يترحم على سابقتها..
ومثلما كانت الطائفية في تاريخ العراق البعيد تدمر وحدة أبناء العراق وتشيع التناحرات والموت، فالأحزاب الطائفية اليوم تقوم بذات الدور وان كان قادتها لا يريدون ذلك،فإن وعي الإنسان العراقي تراجع صوب التعصب بعدما اقترفه صدام وعصابته بحق شعبنا من جرائم وتفرقة وتقتيل جعل التركة ثقيلة ومعرقلة للتعايش بين أبناء الوطن.
وان عدنا إلى الأحزاب الوطنية في تاريخ العراق الحديث،والتي قامت بدور وطني في العهد الملكي كحزب الاستقلال والحزب الوطني وحزب الأمة والحزب الشيوعي- الذي كان محظورا -وغيرها، فان جميع هذه الأحزاب كانت تضم بصفوفها جميع أطياف الشعب العراقي، بتركيبته وتنوعه العرقي والديني والطائفي أي هي ليست أحزابا شيعية أو سنية أو قومية أو عرقية وهي لا تشبه الأحزاب العراقية اليوم التي أخذت دور الطوائف حتى تحولت الأحزاب إلى طوائف متناحرة، وصارت المحاصصة السياسية -على سوئها- محاصصات طائفية اكثر سوءا.
لا أدعو هنا إلى حل أحزاب دون سواها، لكن التجربة أثبتت أن انتماء الإنسان في منطقة الشرق الأوسط إلى أي حزب كان وان كان يساريا، يخفي وراءه تعصبا يقوده للعداوات بل وللعنف والتآمر غالبا، و يذكرنا هذا بالتعصب القبلي، فيصبح إيمان الفرد بالحزب كأيمانه بالقبيلة، ويصرخ في دواخلنا دريد بن الصمة:

وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت times;times; وان ترشد غزية ارشد ِ

ولنا نوادر وتجارب شخصية على هذا حتى في أحزاب يسارية، ولو انتبهنا إلى ما يجري في منطقتنا لرأينا أن تأثير الأحزاب عليها كان سلبيا بدلا من أن يكون إيجابيا وان مناطق الخليج العربي الخالية من الأحزاب، هي التي سلمت فهي الأكثر عمرانا ألان واكثر استقرارا ورفاها وتطورا تقنيا وصحيا رغم كونها مجتمعات مغلقة فيها معاناة اجتماعية كبيرة وتقاليد عربية ودينية صارمة.
إذن أمامنا حل يحتاج إلى تضحية وجرأة من قبل كل الأحزاب لتحل نفسها وتكون جبهة إنقاذ وطنية، قد تكون تجربة جديدة لن تمارس في بلد آخر لكنها قد تناسب شعب العراق وتنوع أطيافه وأعراقه، ولتكن الانتخابات المقبلة لا على أساس المحاصصات وقوائم الأحزاب، إنما على أساس نزاهة الأشخاص ومدى إمكانياتهم للقيادة والعطاء وتقديم الخدمات للشعب المقهور..

بلقيس حميد حسن

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف