الآن قد أدلهمّت الخطوب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بينما كنت أكتب، بعض الملاحظات حول دعوة الزميل الفاضل الدكتور عبد الخالق حسين " لتأجيل الديمقراطية في العراق " المنشورة على صفحات الغراء بتأريخ 9/10/2006، منوّها بصوابها، عموما، من جهة، ولكن ناقدا لإسلوبها من جهة أخرى، توقفت عن الكتابة، لأسمع من خلال الفضائية العراقية بقرار مجلس النواب العراقي بالموافقة بالأغلبية البسيطة على قانون آليات إنشاء الأقاليم في العراق، فقلت لنفسي؛ ها قد إدلهمّت الخطوب؛ وذلك لأن الشروط الموضوعية قد تكاملت الآن لنهاية العراق، نسجا على غرار السيناريو المظلم المحتمل الذي عرضته وحذرت منه في مقالتي المنشورة في إيلاف الغراء أيضا بتأريخ 18/9/2006، تحت عنوان؛ " الفدراليات والتقسيم ونهاية العراق "! ولست هنا بمعرض استذكار أو إعادة إنتاج تلك المقالة، ولا التخلي عن إيماني بالديمقراطية كثقافة ونظام وأسلوب للحياة، بل لأقدم نداءا، أقول فيه، " لقد خانوا العراق"! خصوصا أولئك القلة من أعضاء البرلمان الذين صوتوا لصالح القانون وهم يدعون الإنتماء الى تيار الديمقراطيين العراقيين المتجمعين في قائمة تسمي نفسها " القائمة العراقية "، وخصوصا منهم كل من السيدين حميد مجيد سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي، واليساري المزعوم مهدي الحافظ، أما السيدة صفية السهيل فلست عاتبا عليها لأنها فعلت ذلك لئلا تخالف زوجها الكردي من أنصار التحالف الكردي الذي ما فتأ يتبادل المصالح مع الإئتلاف الشيعي، وكلاهما ينشد غايته من تقسيم العراق الى كانتونات، كانتونات ستتحارب، إن آجلا أو عاجلا، الى حد الفناء؛ فتفشل. ولكن بعد أن يضيع العراق!
ما كنت أود أن أقوله الى الزميل الفاضل الدكتور عبد الخالق، يمكن إجماله ببعض النقاط، بدلا عن المناقشة الطويلة التي كنت أعدها:
1-إن ما تصفه بالديمقراطية الحالية في العراق، هو ليس في الواقع، من الديمقراطية بشيء، بل هي فوضى سياسية، إذ لا ضوابط ولا قواعد، ولا ثمة قوانين لتنظيم الحريات والصحافة والإعلام ولتأسيس الأحزاب، ولا أمن أو إستقرار؛ بل هي نظام يشبه الى حد كبير حارة غوار الطوشي " كلمن إيدو إلو "! فهل المقصود في مقالتكم هو هذه الديمقراطية الفالتة، ديمقراطية الطوائف وديمقراطية الحذاء!؟ فإن كان ذلك هو ما تعني فنحن معك، ولكن لا تسمّيها ديمقراطية بالمعنى العلمي.
2-إن للديمقراطية، كما هو معلوم لديكم، محاور وأبعاد متعددة، أحدها هو المحور السياسي ( أي الإنتخابات وحرية الصحافة والإعلام وما شابه )؛ أما المحاور الأخرى؛ فهي التي تطال النظم الاقتصادية والإجتماعية والثقافية والمدنية والدينية، والتي ينبغي أن تحكمها مبادئ تكافؤ الفرص وحرية العمل و العقيدة والإنتماء؛ فبدون هذه الأبعاد لا تغدو الديمقراطية إلا كونها حرية للمتسلطين وأصحاب الفتاوى والمال والسلاح والمليشيات للهيمنة على البرلمان؛ إذ بوسعهم أن يسوقوا الناس العوام، كما تساق النعام، ليصوتوا لصالحهم في كل مرة! ! وهذه الأبعاد الأهم في الديمقراطية هي التي لم تتحقق، وإن تحقيقها ليس بيسير.
3-وطالما إن هذه الحال ستبقى كذلك خلال السنتين القادمتين، فما الذي يمنع المتسلطين من سوق الناس على اعتبارات الطائفية والأثنية لتقسيم العراق الى كانتونات ولتدميره ولتحويله الى إمارات للنهب والضياع؟ لاسيما وإن بين أيديهم الآن قانونا أقرته لهم الأغلبية المذهبية المتحالفه مع الأقلية الأثنية في البرلمان العتيد. وهذا هو المصير المشوؤم للوطن العراقي العريق، الذي حذرنا منه مرارا.
4-ولكن هذه الكانتونات القادمة ستدّمر نفسها بنفسها، ومن هنا تنشاء الدعوة العاقلة إلى تدارك هذا المصير بإعلان حالة طوارئ لمدة سنتين في الأقل، وتجميد أو تعطيل الدستور وتجميد البرلمان أو تضييق مهماته خلال مدة الطوارئ، وتشكيل حكومة مصغرة من أكفاء، مع توجيه كل الطاقات والموارد لتصفية الإرهاب ولإنقاذ الأرواح العراقية البريئة والغالية، فهذه هي حالة الضرورة الملجئة. وهذا ما دعوت إليه في مقالتي آنفة الذكر؛ وهذا ما ألتقي فيه مع دعوة الزميل الدكتور عبدالخالق، على أن توظف مدة الطوارئ لبناء ثقافة الديمقراطية، ولتبديد الخرافة والإستلابات المذهبية.
ما أشد الحاجة الآن لنهوض كل العراقيين الديمقراطيين الموّحدين العلمانيين لتوحيد الصفوف والتوجه بكل ثقلهم لإستنهاض الوعي ولدق نواقيس الخطر، ولتثبيت راية الديمقراطية الحقيقية بأبعادها المتكاملة، وليس كجواز سفر لأصحاب المليشيات والمال والسلاح والمرتزقة وأيتام النظام السابق للإستيلاء على السلطة، ولتدمير الوطن العراقي الواحد.
تداعوا لها ياشباب العراق
تعالوا نحّف الدروب
تعالوا نصّد الخطوب!
تعالوا فهذا العراق
يشق القلوب !
د. كامل العضاض
kaladhadh@yahoo.com