فساد و إرهاب ومنطقة خضراء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قرأت عدة تقارير أميركية على الإنترنيت،مستقلة ورسمية،وجميعها أكدت على إن الفساد المتأصل في العراق هو أشد خطورة من الإرهاب غير المتخيل الذي يحدث في ذلك البلد، ولاحاجة لي ولكم بسرد تفاصيل تلك التقارير الموجودة على صفحات تلك الشبكة المشاعة...
الفساد في العراق وفي صفوف العراقيين وفي حكوماتهم السابقة ليست ظاهرة أو إحترافا ًجديداً، فالفرد العراقي البدوي والعشائري والحضري والكاولي،له من الأعمام والأخوال ما يسهل أموره وقضاياه الشائكة الأجتماعية والقانونية منها أو السياسية و الأقتصادية..وجرت الأمور حسب الأعراف والتقاليد والتعاليم السائدة الفاسدة في معظم الأمور والتي أمرَ الزمان بإنقضاء دهرها،ومن أحزن الأمور التي أسس لها النظام السياسي الأجتماعي الفاسد هي إنحطاط مهنة المعلم والمدرس في عراق السبعينيات وما تبعها بسبب إنحسار الرشاوي وصعود( العسكر - بداوية )،فتلك المهنة لامجال فيها للرشوة والإفساد...إلا بطرق تتدخل في صنع ذكاء التلميذ البائس أو الغبي،فشاهدنا المعلم يبيع سيكاير بالمفرد أو يبيع الملابس أو الأحذية (القنادر ) المستعملة أو يلجيء وهو متقاعد ليصنع منه حديثو النعم من الرفاق وأعوانهم ما شاؤوا وأقترحوا..
لكن الفساد الذي ذكرته لا أسميه فسادا ً وأنا أقارن بمستوى الفساد الحالي... فعلينا نحن العراقيين التفريق والتحيز بين الفساد الدكتاتوري والفساد الديمقراطي حتى ولو كنا نصرّ ُ على إختلاف الطين والعجين...، فالفساد الأعظم أن تكون كل الولايات المتحدة الأمريكية (خضراء ) وجزء مقفوص صغير من بغداد (منطقة خضراء )..
كل مقاولي المنطقة الخضراء فاسدون، مقاولون جاؤوا لبناء بلد خربان متهدم، لكن عقودهم تذهب الى رؤساء العشائر ورجال الدين والشقاوات وهؤلاء لا يبنون ولا يعمرون..،وأنظروا إلى الجنوب العراقي...فهو أخضر بدون إرهاب لكنه أسود بالفساد الإداري التام والوعود التي تنجب الهتافات.
إتصل بي صديق من الجنوب وقال إنه لا يستطيع بعد هذا العمر الطويل من مقارعة أعوان صدام والبعث أن يحصل على جواز سفر له ولعائلته إلا أن يحصل على موافقة ميليشيات أو عصابات معينة، وبعد أن حصل على موافقة الميليشيات، تم الطلب منه أن يدفع عن كل عضو من عائلته مبلغا ما،وبعد أن دفع كل ذلك تم سؤاله عن الوجهة التي يريدها،وحين أبلغهم،قالوا هل تريد فيزا مؤقتة أم دائمية...؟ إنظروا كيف يتفلسف الدولار..
ميليشيات وموظفون وشرطة يبيعون الناس ويشترونهم في صفقات ليست إرهابية،لكن (المعيشة ) تتطلب ذلك،
الحياة أصبحت فاسدة وحزينة وقاتمة وكئيبة وطبيعية وعادية، لكنها خضراء في منطقة ما..!
المنطق العامّي يقول حين تقرر أن تبني بيتا ً يجب أن تبنيه على أرض،ليست رخوة أو صلبة،بل يجب أن تكون أرضك،أنت مالكها الأساسي والوحيد،ويبدو إن العراق ليس بيت لأيواء كل أهله،فالعراق ليس لبنائيه فهم لايملكون الأرض..والله يعلم من سيملك (الطابو) في الأخير.
واصف شنون