هدية العيد محاولة للتجنيد في تنظيم إرهابي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محاولة التجنيد في أحد التنظيمات السرية تجربة فريدة لايمر بها الكثيرون، تلك التجربة حدثت لي مؤخرا... وتلقيت رسالة عبر الإنترنت من صديقة لا تربطني بها علاقة وطيدة تدعوني للانضمام إلى تنظيم سري اسمه "جماعة الصراط"، يهدف إلى إقامة دولة الحق والعمل بتعاليم الدين الإسلامي.
لم أكن أتوقع من شابة في العشرين أن تكون إحدى ناشطات تنظيم سري ينتشر أفراده بين المحافظات وداخل الجامعة على حد قولها، لم أكن على علاقة قوية بها تمكنني من ملاحظة تحولات طارئة على أسلوب تفكيرها، لكن مراسلتها مثلت لي صدمة حقيقية عندما أخبرتني أنني كنت تحت المراقبة طيلة الفترة الماضية، وأنه تم الاطلاع على كافة أنشطتي على الانترنت، وأنها رشحتني لدى "الجماعة"، وتمت الموافقة مبدئيا على انضمامي.. ثم طلبت مني معلومات أكثر عن نفسي تمهيدا لتكوين خلية جديدة داخل القاهرة.
أغلقت الرسالة، وتذكرت قصة قرأتها قبلها بقليل عن "جوليا ويلسون" (14 عاما) الفتاة الأمريكية التي فوجئت بعملاء سريين في مدرستها يأخذونها من حصة الأحياء للتحقيق معها، تحت دعوى أنها تملك صفحة على الانترنت تتهجم فيها على الرئيس الأمريكي جورج بوش، أخذت أقارن بين وضع جوليا المراهقة الأمريكية ووضعي هنا في القاهرة..ودارت في رأسي فكرة شيطانية.. هل الفتاة التي راسلتني هي أحد العملاء السريين وتريد الإيقاع بي في أحد الفخاخ الأمنية..؟ هل أنا مراقب كما ادعت..؟، أفكار غريبة دارت في رأسي، مزجت فيها بين نظرية المؤامرة والبارانويا، الأهم أنني قمت بمراسلة الفتاة لأفهم ملابسات الرسالة الأولى، وجاء الرد أكثر تشددا ويحمل نبرة تهديد، وقتها خطر في بالي أن من يراسلني ليست هي، بل أن أحدهم قام بالسطو على حسابها وبدأ يشوه سمعتها أمامي عبر تلك الرسائل.
خطرت في بالي فكرة أخرى أكثر سذاجة.. أن أستمر في مراسلتها، وبالفعل أرسلت لها بعض الأسئلة عن التنظيم (الإسلامي)، وعن الدور المطلوب مني، وعن اللقاءات المتوقعة مع الأعضاء، فردت أنها قامت بترشيحي للجماعة لكثرة إطلاعي، وقدرتي على الإقناع وأن أفكاري متقاربة مع أهداف الجماعة، وأن دوري الرئيسي سيتمثل في التبشير بأهدافهم، ثم كررت طلبها أن أرسل بيانات أكثر تفصيلا عن شخصيتي.
دار في ذهني وأنا أتلقى هذه الرسائل أنها تجربة فريدة قد أحكي عنها في يوم من الأيام، ودار هاجس برأسي أنني قد ألتقي أحدهم قريبا في جهاز أمن الدولة إما للتبليغ عن كارثة أو مقبوضا على للاستجواب.
كان أمامي ثلاثة فروض لتفسير هذه الرسائل، أولها أنني أمام اختبار أمني لسبب ما لا أعرفه، وهو فرض مفعم بروح النرجسية والخيال، أما الأخر فهو أن أحدهم قام بالسطو على حساب الفتاة وأخذ يرسل لي تلك الرسائل محاولا تشويه سمعتها.. أما الفرض الأخير أن محتوى الرسائل حقيقي فعلا.
آخر رسالة تلقيتها من صديقتنا الإرهابية وضعت أمامي فرضا رابعا لم أفكر فيه بجدية، حينما كتبت لي بالعامية المصرية.... "ده مقلب".
نعم.. كان الأمر كله مجرد مقلب رمضاني من إحدى معارفي التي لم أكن على صلة قوية بها مؤخرا، مدعومة من إحدى الصديقات في السعودية.
للحق.. كانت تجربة جميلة، وهدية عيد مختلفة، فمن العجيب أن تكون هدية العيد محاولة للتجنيد في جماعة سرية ! لكن ما أنا متأكد منه، أن هذه الرسائل الغريبة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، طالما أنا أتعامل مع هذا العالم الغريب المجنون.... الانترنت.
قد أقضى عيدا آمنا هذه المرة بعيدا عن القلق الذي تسببت فيه هذه الرسائل، لكن على الأقل قد تأكد لي أن الهوس الأمني هو أحد الأعراض التي قد تصيبنا عند التعاملات الغامضة عبر الإنترنت، وأن الإنترنت قد تتحول في لحظات إلى كائن خرافي غير مرئي، يؤرق منامنا في لحظات.
عبدالرحمن مصطفى
القاهرة - مصر