الشرقيات..يلدن من أفواههن!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عودة الشيخ الى صباه، ذلک الکتاب العتيق الذي رأى النور ممنوعا في العهد العباسي، کان و لايزال"برغم کونه ممنوعا لحد الان"من أکثر الکتب التي تحوز على رضا القراء. الکتاب الآنف الذکر يبحث في مجموعة قضايا متباينة تتعلق بالمسائل الجنسية، على الرغم من إنه قد تصدى أيضا للحياة الخاصة لنساء البلاط العباسي ونسج حکايات"جنسية"مثيرة عنهن کان هو الاخر عامل مهم آخر لحجبه عن الانظار. والحق إنه و وفق القاعدة المعروفة"کل ممنوع مرغوب"فإن القضايا المتعلقة بالجنس تکاد تکون أکثر المسائل أهمية لدى الناس في بلاد الشرق عموما، وترى الشائعات التي لها بعدا"جنسيا"تنتشر سريعا إنتشار النار في الهشيم. الجنس الذي شکل و يشکل مسألة معقدة و بالغة الحساسية في المجتمعات الشرقية، مازالت طريقة التعاطي معها تستند بقوة على المبادئ و القيم الدينية و الاجتماعية ومازال اسلوب الترهيب الذي يصل في العديد من البلدان الى حد"الترعيب"هو الاسلوب الامثل للتعامل مع المشکلة الجنسية، لکن کل ذلک القسر و الضغط لم يمنع شباب أکثر البلدان "المحافظة" في الجري خلف الاسلاک الشائکة"الدينية ـ الاجتماعية"التي يضعها المجتمع حول إشکالية الجنس. إن السعي للجم الرغبة الجنسية العارمة التي تجتاح أنفس الاجيال الشابة بذات المعطيات التي کانت سائدة قبل قرون و قرون من دون الانتباه الى العامل الزمني الذي هو قطعا لم يعد في خدمة تلک المعطيات و لا اسلوب تلقينها للشباب، هو سعي غير موفق، إذ أن الاجيال الحالية التي تعيش في عصر العولمة و الانترنيت و الستلايت، ليس بالامکان أبدا أن ترعوي بمجوعة من النصح و الارشادات وتسد عيونها عن "مراتع" ترعى فيها قطعان"رغباتها الجنسية المکبوتة.
نظرة واحدة الى تلک المواقع الاسلامية التي تهتم بإرشاد الشباب من الجنسين الى جادة الصواب، تجد إن المواضيع المتعلقة بالجنس هي أکثر المواضيع التي تستقطب إهتمامهم وتجد "باب النکاح"في الفقه هو الابرز من دون منافس من حيث نيله لإهتمام الجنسين. وحتى إن نوع الاسئلة تدل على إن هناک رغبة للإفلات من عقال الموروث الکلاسيکي و اللجوء الى الاساليب الحديثة. إن الطريقة المتبعة للحفاظ على الشباب من"الانحراف الجنسي"هو بحد ذاته يشکل سببا مهما يقودهم للإنحراف، ذلک إن يافعا تتأجج نيران الشهوة في أعماقه، لن يضحي بمجلة جنسية أو بموقع ألکتروني جنسي من أجل مجموعة إرشادات تتبطنها عصي"الترهيب"بالويل و الثبور. إن المسألة لم تعد في إطار الخطاب الديني الموجه للشباب و لاحتى ضمن الأطر الاجتماعية الضيقة التي وضعتها المجتمعات المتعاقبة للتعامل مع موضوع الجنس، ذلک إن کليهما أثبتا قصورهما الواضحين في إحتواء الشباب و الحفاظ عليهما من الدخول في منعطفاتها. إن حل المشکلة الجنسية لن يکون بطريقة الوعظ و الإرشاد و لاباسلوب الترهيب و لاحتى بتلک القوانين القاسية التي تسن ضد کل من تسول له نفسه تجاوزها، بل هي تکمن أساسا في محاولة فهم المشکلة بموازاة العامل الزمني، أي إننا نفکر في معالجة المشکلة الجنسية في عصرنا هذا وفق المعطيات التي تؤثر فيها لا وفق نفس المعطيات التي کانت سائدة قبل قرون و قرون. ولست أجد فائدة تذکر من سب و قدح الانترنيت و الستلايت و الجوال لإنهم يحرفون الشباب، ذلک إن رجال الدين قد دأبوا على ربط الجنس ببعد خارجي، فکل الافلام السينمائية"في العقود السابقة" التي کانت تتناول قضايا جنسية کانت تدخل ضمن نظرية المؤامرة على الامة الاسلامية، وکذلک الامر بالنسبة لکل الکتب و المؤلفات التي کانت تتناول الموضوع ذاته. واليوم، لو تستمع الى خطب جل رجال الدين بخصوص الجنس، لوجدتهم يلعنون التطور العلمي و يربطون بين لا أبالية و عبثية الشباب بذلک التطور، ولا يجرؤون على الاعتراف بعجزهم و إفلاسهم في مجارات التطور العلمي و إحتواءه.
قبل مدة قرأت موضوعا طريفا عن باحث إجتماعي قام بتوجيه سؤال محدد لمجموعة من الاطفال مضمونه"من أين يخرج الجنين من بطن أمه؟"، وکانت إجابة غالبية الاطفال إن الجنين يخرج من فم الام!! هذه الاجابة هي نتيجة منطقية للاسلوب المتزمت الذي تتبعه المجتمعات الشرقية في تربية و توجيه الاطفال"جنسيا"، إنه الکذب الاجتماعي الذي يحلو للبعض أن يدرجه ضمن مربع"الکذب الابيض"، لکن المشکلة إن الطفل حالما يبلغ مرحلة معينة يدرک الحقيقة وعندها يبحر لوحده في ذلک البحر بحثا عن الحقيقة!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com