أصداء

الدستور المصري وحقوق المرأة والأقباط 1

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فى ضؤ معايير حقوق الإنسان الدولية (1)

مقدمــة
شهد المجتمع المصري خلال ما يقرب من عقدين حركة فكرية سياسية دؤوبة تطالب باصلاح دستوري يتواكب مع توجهات مصر الإقتصادية والسياسية الحالية، ويتفق ومواثيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، من أجل إنطلاق مصر نحو الديموقراطية والتنمية، وباعتبار أن الدستور "أهم عقد إجتماعي بين الشعب والسلطة العامة لايحقق الغرض منه إلا إذا أسهم فى بناء الثقة بين الأطراف المجتمعية عن طريق المشاركة من الشعب والمساءلة الحقيقية لأصحاب السلطة hellip;" وهو أمر لم يتوفر فى واقع مصر منذ قيام ثورة يوليو 1952 وفى ظل دساتيرها حتى اليوم.
ولقد شاركت فى حركة المطالبة بالاصلاح الدستوري هذه رموز من المثقفين، وأحزاب المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان المصرية، وفى مقدمتها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي كان قد أصدر عام 1997 كتاب "نقد دستور 1971 ودعوة لدستور جديد" للأستاذ/ أحمد عبد الحفيظ المحامي، الذي بيَن فيه بتفصيل أوجه قصور هذا الدستور وعدم ملائمته للواقع المصري، وخصوصا فيما يتعلق بمتطلبات أقامة الدولة الديموقراطية وإنطلاق أعضاء المجتمع المصري للمشاركة الفعلية في إدارة شئون وطنهم، وذلك لأن نصوص هذا الدستور "تحجم كثيرا من دور المجتمع وفاعليته بما وضعته من قيود وحدود على مباشرة المواطنين لحقوقهم السياسية وحرياتهم العامة والخاصة، سواء بشكل مباشر أو من خلال الإحالة المرنة إلى القانون، الأمر الذى حوَل تدخل الدولة إلي هيمنة مطلقة على سائر جوانب النشاط الإجتماعي حتى النشاط الخيري البحت." )ص 148 (
وكلل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان نشاطه البحثي فى هذا المجال الهام بعقد مؤتمر "نحو دستور مصري جديد" فى الفترة من 23 إلى 25 مايو من العام الماضي، شاركت فيه مجموعة من خبراء القانون والباحثين والمفكرين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان المصريين، حيث قدموا الدراسات الآتية:
الإصلاح الدستوري كمدخل أساسي للإصلاح السياسي فى مصر )للأستاذ/ نجاد البرعي المحامي، رئيس مجلس إدارة جماعة تنمية الديموقراطية (
تقييم دستور 1971 فى مرآة المبادئ العالمية لحقوق الإنسان )للأستاذ عبد الله خليل المحامي، والخبير فى مجال حقوق الإنسان(
النموذج البرلماني للإصلاح الدستوري )للدكتور/ محمد السيد سعيد، نائب مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام(
الدولة والدين، والإصلاح الدستوري: أعادة التفكير فى علاقة مركبة )للأستاذ/ نبيل عبد الفتاح، مساعد مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام(
مشروع دستور 1954 كأساس للإصلاح السياسي والدستوري )للأستاذ/ صلاح عيسى، رئيس تحرير جريدة القاهرة(
التوازن بين الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الإقتصادية والإجتماعية فى دستور 1954 )للأستاذ/ حافظ أبو سعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان(.
التوازن بين السلطات فى مشروع دستور 1954 )للدكتور/ عمرو الشوبكي، خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية(
المواطنة والحرية الدينية فى مشروع دستور عام 1954 )للأستاذ/ نبيل عبد الملك، رئيس المنظمة الكندية المصرية لحقوق الإنسان(
الإدارة المحلية فى مشروع دستور 1954 )للأستاذ/ سامح فوزي، كاتب وباحث فى العلوم السياسية(.
ولقد أنهى هذا المؤتمر أعماله بأصدار بيان ختامي كان نص ديباجته الآتي:
مصر فى حاجة إلى حوار مجتمعي شامل من أجل التوصل إلى عقد إجتماعي جديد.
الدستور الحالي ليس رئاسيا ولا برلمانيا، إنه يكرس نظاما أقرب للملكية الإستبدادية.
إستطلاع رأي الأحزاب والنقابات والقضاة والمفكرين ومؤسسات المجتمع المدني حول مشروع دستور جدديد يستند لمبادئ حقوق الإنسان.
الدستور الجديد يتبنى تحويل مصر إلى جمهورية برلمانية ديموقراطية مع إستقلال كامل للسلطة القضائية ونظام حكم محلي لا مركزي.

وفيما يتعلق بالدستور الجديد المشار إليه فى الفقرة الأخيرة، فقد قدم أيضاً الأستاذ/ صلاح عيسي، وهو من طلائع المبادرين بطرح مسألة الإصلاح الدستوري، نصا لمسودة أولى لمشروع دستور جمهورية برلمانية إستنادا إلى نص المشروع الذى أعدته لجنة الخمسين وقُدمته إلى مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 ولكن لم يؤخذ به آنذاك. وهذه المسوَدة تضع فى إعتبارها معالجة بعض الأوضاع العامة التي تغيرت منذ ذلك الحين، كما تحاول الإستفادة من بعض نصوص الدستور القائم الذي صدر عام 1971، بالإضافة نصوص مشروع دستور كانت قد أعدته لجنة برئاسة الدكتور/ محمد حلمي مراد فى بداية التسعينيات.

أردت من هذه المقدمة أن أبين أولا أن صياغة دستور مصري جديد فى هذه المرحلة الفاصلة هو مطلب وطني عبرت عنه طلائع من المثقفين المصريين، فى وقت كان مجرد التفكير فيه مرفوضا من المسئولين. أما الهدف الثاني، وبعد أن أصبح الموضوع مطروحا على مستوى الدولة، فهو دعوة المسئولين وكل المهتمين بمسألة الإصلاح الدستوري المرتقب، وخصوصا مجلسي الشعب والشورى وقيادات الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، إلى الإطلاع على نص الأبحاث التى قُدمت بهذا المؤتمر الذي أشرت إليه هنا. فقد جاء بها العديد من الآراء والإقتراحات والرؤى الجديرة بالإعتبار والتبنى فى عملية الإصلاح الدستوري المقبلين عليها فى الشهور القادمة، والتي لا تسمح مساحة المقال بنشرها.
كما أرجو أن تتاح الفرصة لكل القادرين على المساهمة فكريا فى صياغة هذا الدستور بتقديم إقتراحاتهم ورؤاهم إلى اللجنة المختصة، حتى يأتى الدستور معبراً عن طموحات الشعب المصري كله، فى إطار مواثيق حقوق الإنسان الدولية وإنسجاما مع روح العصر، وتاييدا لما صرح به الدكتور/ أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان.

المرأة والأقليات فى الدستور المصري الجديد
أما الآن فأود أن أركز، فى عجالة، على موضوع هذا المقال، أي "الدستور المصري وحقوق المرأة والأقباط فى ضؤ معايير حقوق الإنسان الدولية" فكلنا نعلم أن الدستور الحالي، باعتباره القانون الأساسي، الحاكم لكل القوانين المنظمة لحركة المجتمع وعلاقات المواطنين بالدولة وعلاقة المواطنين والجماعات بعضهم البعض، لا يشمل الأسس القانونية المعاصرة لعلاج حالة التهميش الفاضح لكل من المرأة المصرية والأقليات الدينية والعرقية )وأقصد الأقباط وأهل النوبة والبدو(.
ومع ذلك، فالملاحظ، أننا لم نسمع عن أية إقتراحات أو توصيات واضحة، صادرة من الحكومة أو أحزاب المعارضة، تتعلق بضمانات دستورية تحمي حقوق هذه الفئات فى المشاركة فى الحياة السياسية والحياة العامة، وحمايتها من التمييز بوسائل وإجراءات عملية، لكن ماسمعناه لم يتعد التلميح بتخصيص حصـة QUOTA للنساء فى المجالس التمثيلية، بينما صرح الدكتور/ رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، فى أكثر من مناسبة، بوضع ضمانات دستورية لتمثيل الأقباط والمرأة برلمانيا، بالإضافة إلى مطالبته بأن يعلي من شأن المواطنة بأن توضع ضوابط تحافظ علي القيم الاجتماعية التي تصون حقوق المواطنين في ظل المتغيرات المتلاحقة."
فى ضوء تطور قوانين حقوق الإنسان الدولية، يخطئ اليوم كل من يتجاهل علاج هذا الخطأ الدستوري والسياسي الفاضح الذى شرَع تهميش النساء والأقباط سياسيا، فأسس بذلك لوضعهم المتدني فى مناحي كثيرة من الحياة. ويكذب ويدلس كل من يصر على إستخدام التاريخ المعيب لتكريس هذا الوضع المنافي للعدالة والديموقراطية بينما نحن فى القرن الحادى والعشرين، الذى نشهد فيه أعظم ثورة لحقوق الإنسان والأقليات والشعوب، والتى لابد وأن تهب رياحها على شرقنا الأوسط قرييا.
فإلى من قرأ التاريخ وأخذ منه المنطق المغلوط الرافض لإستخدام ضمانات دستورية وآليات تشريعية وإجراءات إدارية لإنصاف الفئات المجتمعية المظلومة والمميز ضدها، مثل النساء والأقباط، أقدم أولا لهؤلاء الجانب الوطني والإنساني التاريخي، فيما قاله المرحوم على المنزلاوي أحد أعضاء لجنة صياغة دستور 1923 فى تأييد تمثيل الأقباط الذى نادى به زميله توفيق دوس. لقد قال المنزلاوي:

"ان تمثيل الأقباط لا ضرر فيه بل فيه نفع عظيم. إذا تقرر هذا المبدأ فكأن الأكثرية تقول للأقلية: أما وعددك مبغثر فى البلاد وأخشى ألاَ تُمثل فى الإنتخابات بسبب ذلك، مع اني فى حاجة للاسترشاد برأيك والإنتفاع بذوي المواهب السياسية من أبنائك، فأنا أضمن لك مراكز معدودة فى البرلمان بنسبة عددك. هذا ما يجب عمله حفظا لاتحادنا الجميل... هذا ما يجب على الأكثرية أن تقره حرصا على مصلحة وطننا العزيز."
أن النساء والأقباط جزئين كبيرين من الأمة المصرية، ولا يُعقل أن يُحرما أو يُعزلا من الحياة السياسية المصرية. فاذا كان لهما حق التصويت فلا بد أن يكون لهما حق التمثيل.
نحن فى عصر تتسارع فيه خطى التطور السياسي، وترتفع فيه آمال المهمشين والمضطهدين فى كل بقاع الأرض. ولذلك وفى ضوء القوانين الدولية لحقوق الإنسان والأقليات والشعوب، لم يعد من الممكن تجاهل الحقوق السياسية والمدنية لهذه الفئات التى لاتزال تعاني من التهميش والضغط والتذويب الممنهج. ولا يمكن أن يكون هناك دستور جديد معاصر )مقبول( خال من ضمانات واضحة وصريحة لضمان الحقوق الكاملة لهذه الفئات تحديدا، بالإضافة إلى النصوص الضامنة لحقوق الإنسان بوجه عام.
وها نحن نرى على مستوى حركة المجتمع المدني، سواء فى المنطقة العربية أو العالم الخارجي، وقد أصبحت مسألة حماية حقوق هذه الفئات من أولوياتها. فعلى سبيل المثال، كان من توصيات المنتدى المدني الأول الموازي للقمة العربية المنعقد فى بيروت 19 - 22 مارس 2004، والذي شاركت فيه ثلاث وخمسون منظمة حقوقية، والتى رفُعت إلى الملوك والرؤساء والأمراء العرب ضمن وثيقة "الإستقلال الثاني: نحو مبادرة للإصلاح السياسي فى العالم العربي" ما يلي:

القوميات والأقليات
"إن إخفاق الحكومات العربية فى حل مشكلات التمييز بالنسبة للأقليات القومية والعرقية والإثنية واللغوية والثقافية والدينية والمذهبية وغيرها، وما ترسخ فى ظلها من إختلالات إقتصادية وإجتماعية وثقافية وتنموية بين سكان البلد الواحد، قد فتح الباب لانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. وأدى إلى تفجر أعمال العنف الداخلي والحروب والنزاعات الأهلية، وألحقْ أضراراً بالغة بالحق فى التنمية والسلام )مثال ذلك شعب جنوب السودان، الشيعة فى السعودية ودول الخليج، الأكراد فى العراق وسوريا، الأقباط فى مصر، الأمازيغ فى بعض دول المغرب العربي وغيرهم(".) ص31 -32(.
"ويؤكد المنتدى فى هذا الإطار على عدة مبادئ عامة هامة أورد منها فيما يلي ما يتصل بالأقلية القبطية:
إن الإقرار بالتعددية اللغوية والثقافية والعرقية والدينية وغيرها، وإحترام حقوق الإنسان، وفى مقدمتها المساواة التامة والتمتع بحقوق المواطنة الكاملة، ينبغي أن يكون مدخلا مناسبا لمعالجة هذه القضايا.
الإدانة الكاملة لجميع أعمال القهر والطغيان وشن الحروب ضد بعض الأقليات فى العالم العربي، وبخاصة أعمال الإبادة الجماعية والتهجير القسري والإسترقاق والإعتداء الجنسي على النساء باعتبارها تشكل جرائم ضد الإنسانية، وشجب السياسات والممارسات التي تقوم على الإقصاء من المشاركة السياسية على أسس طائفية أو دينية أو عرقية، وإدانة جميع صور الدعاية والتحريض التى تقوم على التعصب والاستعلاء الديني والقومي وغيرها.
دعم نضال الأقليات من أجل نيل حقوقها المنصوص عليها فى إعلان الأمم المتحدة الخاص بحقوق الأقليات.
دعوة الحكومات العربية للالتزام بمراعاة التوازن فى توجيه مواردها إلى مختلف أقاليم الدولة ومكوناتها السكانية، بصرف النظر عن حجم مواردها المتاحة، باعتبار ذلك شرطا أساسيا للتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق فى التنمية، يساعد غيابه على خلق بيئة مواتية للتطرف والتعصب والعنف.
ضرورة تعزيز الجهود من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان، وإحترام الآخر والتعايش معه، وتشجيع ثقافة الحوار والتبادل الثقافي... وإيلاء اهتمام خاص لوضع النساء اللاتي يتعرضن لتمييز مزدوج بسبب إنتمائهن إلى الأقليات من ناحية ولكونهن نساء من ناحية أخرى.
إلغاء ما يعرف "بالخط الهمايوني" الخاص بالقيود على بناء وإصلاح وصيانة الكنائس فى مصر، وإصدار تشريع موحد بخصوص دور العبادة على أساس المساواة والمواطنة الكاملة." )ص 32-35(

أما فيما يتعلق بالنساء فى هذه الوثيقة، فقد وردت التوصيات الآتية
توفير فرص متساوية للنساء والرجال فى المشاركة السياسية، من خلال إتاحة فرص التعليم والدعم الاقتصادي والسياسي، بالاضافة إلى تخصيص مناصب للنساء فى مؤسسات صنع القرار وغيرها، لضمان مشاركتهن الكاملة والفعالة، وضرورة تخصيص نسبة من مقاعد البرلمان والمؤسسات التمثيلية الأخرى للنساء، كإجراء مؤقت لحين توفر ظروف مواتية لعمل المرأة التطوعي، وإزدياد الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين والقضاء على كافة صور التمييز.
إلغاء مضامين التمييز فى كل التشريعات الوطنية وإصدار قوانين مدنية لتنظيم الأحوال الشخصية.
مكافحة كل أشكال العنف ضد النساء، وخاصة تلك الأشكال المسكوت عنها )كالعنف الأسري، والإستغلال الجنسي فى الدعارة وجرائم الشرف.. إلخ(. وتولي الحكومات مسئوليتها تجاه هذه القضايا من خلال تطوير الآليات القانونية والخدمات الضرورية، لتوفير الحماية والعلاج لضحايا العنف.
ضرورة إشراك المنظمات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان فى مراجعة التشريعات القائمة، وفي تطوير القوانين المدنية والجنائية بما يتيح التصدي الحازم لكافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة.
التصديق على إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بدون تحفظ، ورفع جميع التحفظات من جانب الحكومات المصدقة، وتعديل النظم الدستورية والتشريعية والمؤسسية بما بتوافق مع هذه الاتفاقية وإنشاء آليات للتطبيق ومراقبة النظم بعد تعديلها. )ص 41-43(

ما أوردته أعلاه هو بعض الملامح العامة لقضايا القهر والتمييز ضد النساء والأقباط تحديدا، وقد أصبحت من ضمن إهتمامات منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية فى مصر، كما سلطت منظمات أقباط المهجر، وخاصة العاملة فى مجال حقوق الإنسان، الضؤ على تفاصيلها التى لم يخفق النظام المصري فى مواجتها وعلاجها فقط، بل على العكس من ذلك، ضاعف من حدتها عبر أكثر من نصف قرن من جراء توظيف الدين سياسيا منذ حكم عبد الناصر إلى الآن عبورا بفترة حكم السادات التى شهدت توظيفا مكيافيلليا للدين أدى إلى حدوث شروخ عميقة فى النسيج الوطني المصري، لا يمكن علاجها إلا بوقفة صادقة وشجاعة من أصحاب القرار، تبدأ بوضع أسس دستورية لتأسس من جديد مفهوم المواطنة الكاملة للجميع، وكفالة حرية الدين المطلقة من أجل السلم الوطني وإعادة رسم صورة مصر فى عالم اليوم المتربص لمصادر الإرهاب الدولي المعاصر.
أما مقترحات المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان بخصوص النساء والأقباط، والأقليات عموما، فلم نرى وجودا لها بين بعض المقترحات الجيدة التى عالجت مسائل هامة أخرى، على الرغم من إهتمام المجلس بمقارنة تلك المقترحات "بنصوص دساتير الدول الدبموقراطية العريقة"، حسبما جاء بالأهرام نقلا عن تقرير المجلس. على أن الملفت للنظر، أن المجلس إقترح ادخال تعديل على نص المادةrlm;194rlm; من الدستور القائم لزيادة صلاحيات واختصاصات مجلس الشوري،rlm; ليصبح نصها الجديد: "يختص مجلس الشوري بدراسة واقتراح مايراه كفيلا بدعم الوحدة الوطنيةrlm;، والسلام الاجتماعي،rlm; وحماية المقومات الأساسية للمجتمعrlm;rlm; وقيمه العليا،rlm; والحقوقrlm; والحريات، والواجبات العامة."
والواقع أن هذا التعديل لم يضف شيئا جديداً إلى إختصاصات مجلس الشورى، إنما حذف من هذه المادة بعض العبارات المتعلقة بالإشتراكية وتآلف قوى الشعب العاملة. وكان الأولى، أن يلغى نص المادة 194 بأكمله، ويوضع بدلا منها فى باب الحقوق والحريات والواجبات العامة ضمانات دستورية تحمي وتدعم كل الحقوق والحريات وتعيد للوحدة الوطنية روحها ووجودها فى الواقع.
لم نعد اليوم، وبعد سنين طويلة من انتهاكات حقوق الإنسان بوجه عام وحقوق النساء والأقليات وتخريب الوحدة الوطنية بوجه خاص، فى حاجة لدراسات مستقبلية فى هذه المسائل المصيرية، كما أن مجلس الشورى ليس منظمة حقوقية معنية بمجرد الدراسات والإقتراحات، إنما هي شريك مع مجلس الشعب فى التشريع والرقابة.
إن مانحتاجه فى الإصلاح الدستورى المرتقب، فيما يتعلق بحقوق وحريات المواطن المصري، ورفع الغبن الزائد الواقع على النساء والأقباط، يستلزم صياغة جديدة تماما، صياغة تعكس روح ونص شرعة حقوق الإنسان الدولية كما يعرفها عالم اليوم. وهذا ماسوف أتناوله بتفصيل فى المقال القادم، إن شاء الله.

نبيل عبد الملك
رئيس المنظمة الكندية المصرية لحقوق الإنسان

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف