الدجيل مدينة حدودية مع ايران!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استغربت لأنهم عودونا وبكل وقاحة، أعني أمتنا العربية، على الكذب والتلاعب في التاريخ، لكن المسالة حينما تصل الى الجغرافية فذلك، والله، فوق طاقتنا.
لم نستغرب، مطلقا، التصريحات التي خرجت من أفواه العديد من ( أشقائنا العرب ) في فلسطين ومصر والأردن وحتى موريتانيا، تلك التصريحات التي نددت بقرار المحكمة العراقية الجنائية ضد صدام حسين المتضمن اعدامه شنقا حتى الموت، إذ أن مواقف الغالبية العظمى من أبناء هذه الدول كان معلنا وواضحا منذ مدة طويلة فهم يعدون ( صدام ) القائد العروبي والمناضل الذي وقف بوجه أمريكا، وهم يعدون الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي أما خونة، أو رافضة، أو مرتدين.
وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على التصريحات التي أطلقتها ناريمان الروسان عضو البرلمان الأردني حول ( الأسد صدام ) مع أن أمريكا ألقت القبض عليه في حفرة كأي جرذ هارب من خلال شاشتنا الفضائية العراقية، تلك القناة التي سمحت، باسم حرية التعبير عن الرأي، لصدامية من أن تجرح مشاعر أمهات شهداء الدجيل وحلبجة والأنفال والمقابر الجماعية، تلك المقابر التي صدعنا بها رأس نصير ( المقاومة الشريفة ) الكاتب هارون محمد، كما صرح ومن خلال شاشتنا الفضائية العراقية أيضا.
لم نستغرب تنديدهم بالقرار الذي أصدرته المحكمة لأننا عشنا بينهم عدة سنوات وخلالها تعرفنا على أسباب وقوفهم مع صدام، فبينهم مَن خدعه الخطاب العروبي الذي كان يطلقه صدام ويدغدغ به مشاعرهم، لاسيما في قضية فلسطين ( عاشت فلسطين حرة عربية وليخسا الخائسون )، وبينهم مَن خدعه التضليل الاعلامي الذي كان يمارسه النظام للتغطية على جرائمه ضد أبناء الشعب العراقي، وبينهم مَن كان منتفعا من ( عطايا ) صدام، أو كما وصفتها النائبة الأردنية ناريمان الروسان ( القدر الذي نهلنا منه ) مع أنها كانت تعلم تماما أن المواطن العراقي لم تكن له حصة في هذا ( القدر ) وما وجود عشرات الآلاف من العراقيين في الأردن، البلد الفقير، من الباحثين عن لقمة عيش الا الدليل القاطع على عدم تمكنهم من الحصول على لقمة في ( قدر ) العراق، ذلك االقدر الذي استولى عليه صدام ووزعه على زمرته ومرتزقته من العراقيين والعرب، وبينهم مَن كان طائفيا، حاقدا على أبناء المذهب الشيعي، وبينهم مَن كان قوميا، حاقدا على الشعب الكردي الذي تمكن من الخلاص من صدام قبل سقوط نظامه بثلاثة عشر عاما، وبينهم الانتهازي مثل العديد من ( أشقائنا الفلسطنيين )، وهنا أتذكر جلسة جمعتني بفلسطيني مدح فيها ( صدام )، إذ قال أن ( صدام ) يمنح الجريح الفلسطيني عشرة آلاف دولارا ويمنح عائلة الشهيد الفلسطيني خمسة وعشرين ألف دولارا... قلت له : لكنه لا يسلم جثامين مَن يعدمهم من العراقيين.. قال : ( شو دخلي فيكم ).
لهذه الأسباب وغيرها فنحن لم نكن ننتظر موقفا آخر غير الموقف الذي خرج به الأشقاء العرب عبر العديد من الفضائيات العربية، لكنني استغربت جدا أن يخرج أحدهم ومن خلال قناة فضائية منددا بقرار اعدام صدام حسين على أساس أنه الرئيس الشرعي الذي تعرض الى محاولة اغتيال من مجموعة تنتمي الى حزب ايراني، يقصد حزب الدعوة الاسلامي، مع أن النظام السابق نفسه كان يتهم هذا الحزب بالعمالة الى ايران وليس حزبا ايرانيا.
أما الكذبة الأخرى التي أطلقها هذا ( الفطحل ) وهو المحامي المصري عضو هيئة الدفاع عن صدام وزمرته في قضية الدجيل أيمن الديب والتي أثارت استغرابي أولا، ومن ثم استخفافي فهي التي تتعلق بموقع مدينة الدجيل بالخارطة العراقية، إذ ذكر ( الديب ) أن مدينة الدجيل تقع على حدود دولة ايران.
استغربت كثيرا لأنني لم أتصور أن الوقاحة تصل الى هذا المستوى. نقول الوقاحة لأننا نجزم أن هذا المحامي ليس غبيا، أو الأصح ليس غبيا الى هذا المستوى كي يصل به الأمر الى أن يحول الموقع الجغرافي لمدينة تقع في وسط العراق الى مدينة حدودية مع ايران.. أن يحول مدينة تقع بين العاصمة بغداد ومدينة تكريت( مسقط رأس صدام ) الى مدينة حدودية مع ايران.
استغربت لأنهم عودونا وبكل وقاحة، أعني أمتنا العربية، على الكذب والتلاعب في التاريخ، لكن المسالة حينما تصل الى الجغرافية فذلك، والله، فوق طاقتنا.
لكن، لم الاستغراب، دعونا نستخف منهم جميعا ومنهم هذا المحامي ( الفطحل ) فهو لابد من أن يكون أحدهم: أما مخدوعا، أو غبيا، أو منتفعا، أو انتهازيا، أو شوفينيا، أو طائفيا.
طارق الحارس
* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا