حتى لا يبقى اعلان دمشق مجرد وعد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منذ نصف قرن على وجه التقريب كانت أحلامنا على تنوعها واختلافها تبدو قابلة للتحقيق، فهناك من كان يحلم بدولة عربية واحدة تمتد بين المحيط والخليج تحقق التنمية، والتقدم والديمقراطية والرخاء، وهناك من كان يحلم بأممية عمالية تمتد عبر المحيطات والقارات تحقق المساواة وتلغي استغلال الإنسان للإنسان، وهناك من كان يحلم بعالم إسلامي يتحالف، ينشر الدين الحنيف ويطبق تعاليمه، وهناك من كان يحلم بسورية ذات حدود تختلف عن حدود سايكس بيكو تحقق ما يسمونه وحدة الأمة السورية، وهناك من كان يحلم بليبرالية شبيهة بالعالم الغربي تكون سورية جزءاً منه hellip;. لكن وباختصار شديد وبدون الدخول في التفاصيل، وبعد نصف قرن على تلك الأحلام نجد أنفسنا جميعاً وعلى اختلاف مشاربنا والإيديولوجيات التي بنينا عليها قد غدونا على هامش علاقات طائفية ومذهبية وأثنية طفت على السطح لتحل محل العلاقات والتنافس السياسي الحضاري فابتعدنا جميعاً عن تحقيق أهدافنا وأحلامنا، وغدا الواقع يتجه في الاتجاه المعاكس لكل تطور حضاري إنساني hellip; وإذا كان لهذا الفشل أسبابه الموضوعية، وإذا كان لكل تيار على الساحة السورية تبريرات جاهزة لما حصل، وإذا كان من أيسر الأمور رمي الأسباب كل على الغير، أو على الآخر في الداخل أو في الخارج، فإن من الملح والواجب على الجميع إجراء مراجعة موضوعية وصادقة مع الذات، ومع الآخر في نفس الوقت، فنحن الآن متساويين في الفشل على الأقل hellip; ولعل هذا الاجتماع الموقر لهذه النخبة الممتازة من أبناء الوطن أن يكون معنياً بوضع الأسس، وتحديد السبل للخروج من المأزق، وتحديد الاتجاه إلى مستقبل مختلف.
وبما أن الظروف الراهنة ضاغطة على أعصابنا، فإننا سنتجاوز مرحلياً البحث عن أسباب ما جرى وظروفه إلى البحث تحديداً في الظروف الراهنة والموقف الراهن المطلوب منها للخروج من واقع نسعى جميعاً للخروج منه بأقل الخسائر الممكنة إلى مستقبل يتيح لكل منا أن يسعى إلى أهدافه بحرية hellip; ويتجه إلى أحلامه في وطن حر مستقل عزيز يفتح صدره رحباً لأهداف جميع أبنائه وأحلامهم، بعد أن أسهمت الظروف المريرة التي مرت بالبلاد والعباد إلى إلغاء شبه تام للحياة السياسية hellip; وأضحت نسبة عالية وساحقة من شعبنا خارج إطار أي عمل سياسي أو اجتماعي أو عام وانكفأت الغالبية العظمى من شعبنا لمعالجة أزماتها الخاصة والفردية التي ازدادت تعقيداً بسبب الفساد والاستئثار بالسلطة.. واستسلمت في الغالب إلى أن الشأن السياسي، والقرار السياسي، والاتجاه السياسي والموقف السياسي ليس من شأنها بل أن تدخلها فيه، أو مجرد التساؤل لا يجلب إلا المآسي والقمع المجاني الذي لا يؤدي إلى نتيجة، بل وأضحت النظرة الاجتماعية لدى غالبية الرأي العام للذين يتصدون للشأن العام نظرة إشفاق رغم التعاطف معهم فهم يدفعون الثمن من حرياتهم ومستقبلهم ومستقبل عائلاتهم في مواجهة غير متكافئة مع أنظمة مدججة وقادرة، وهذا ناجم عن أن الأحزاب والقوى السياسية ونتيجة للجوء الاضطراري إلى العمل السري ابتعدت عن أن تكون أحزاباً جماهيرية، وأبعدت قسراً عن أن تكون رافعة للوعي السياسي للجماهير ومحرضاً لزجها في العمل العام، وهذا يتطلب العودة السريعة لتلك الأحزاب للاضطلاع بدورها التاريخي، وان يعود المجتمع إلى إنتاج الرجال العامين الموثوقين والفاعلين والانتقال من مرحلة الفرد الرمز لعموم الوطن إلى وطن جميع مواطنيه رموز حقيقيين تعدادهم بعدد مواطني الوطن أجمعين hellip; وهذا يتطلب فهماً دقيقاً للمرحلة الراهنة، فالمرحلة ليست مرحلة للصراع الإيديولوجي، وليست مرحلة صراع بين برامج أحزاب، فالجميع في ظل الظروف الراهنة عاجز عن تنفيذ أي بند من بنود برامجه، إنها باختصار شديد مرحلة التحالف بين جميع قوى المجتمع وفعالياته لتهيئة المناخ الاجتماعي والسياسي والثقافي والقانوني المتوازن ليتم التنافس الحر بين جميع البرامج المستندة إلى الإيديولوجيات المختلفة، ومن ثم الاحتكام لإرادة الشعب hellip; هكذا وفي هذا السياق التاريخي نفهم إعلان دمشق على انه حاضنة لتحالف مرحلي يهدف إلى إيجاد المناخ المناسب للتنافس الخلاق بين جميع أبناء الوطن دون إبعاد أو إقصاء أو استئصال من أجل بناء وطن حر مستقل ديمقراطي تتكافأ فيه الفرص بين جميع أبنائه لا أكثر من ذلك ولا أقل.
هكذا نرى انه لأمر بالغ الأهمية أن نؤكد على ماهية إعلان دمشق بدءاً من المبررات التاريخية وانتهاء بالغايات والأهداف، وذلك حتى تأتي الإجراءات والمؤسسات والأساليب في السياق العام المتسق مع الغايات والأهداف.
إن إعلان دمشق من وجهة نظرنا اكتسب أهميته التاريخية ليس من النص الذي عبر عنه وحسب، وإنما قبل ذلك وبعده من الضرورة التاريخية لميلاد كتلة وطنية حقيقية تشد أوتار النسيج الاجتماعي في وطننا، وتشكل حاضنة حقيقية لمكونات المجتمع كافة أفقياً وعمودياً في وجه الخراب الذي أحدثته عقود من الاستبداد من جهة، وفي مواجهة الغربان الذين ينعقون مبشرين بخراب أمر وأدهى قادم مع الأيام القادمة...
ولعله لأمر هام أيضاً، وحتى يكتسب هذا الحديث مصداقيته، أن نعترف بأن إعلان دمشق، وبعد أشهر من إشهاره مازال وعداً بأن يكون حاضنة لكتلة وطنية حقيقية ولم يتحول إلى كتلة وطنية بعد، ولعل انعقاده في ظل الظروف بالغة الصعوبة والحساسية هو المعني بإحداث هذه النقلة التاريخية من الوعد إلى الواقع، وإذا كنا الآن لسنا في وارد التحدث عن الصعوبات والقمع الذي أعاق ذلك إلى الآن، فإنه لأمر بالغ الأهمية أن نزيل العقبات الذاتية الكامنة فينا وفي مكونات القوى المشكلة لإعلان دمشق قبل الحديث عن مواجهة العقبات والأخطار الناتجة عن الاستبداد والقمع الضاغط على الإعلان من خارجه، وفي هذا السياق لعله من التكرار الحديث عن ضعف هيكلية القوى السياسية في البلاد نتيجة عقود الاستبداد المريرة التي التهمت المجتمع ومكوناته وأحزابه ونقاباته وصحافته، وجمعياته ونواديه ومؤسساته التنفيذية، ومؤسساته التشريعية، ومؤسساته القضائية واستبدلت ذلك كله بمؤسسات شكلانية بحيث نرى الدول القائمة على الأرض العربية محكومة حصرياً بواحدة من السلطات الثلاث التالية :
ا - الاستبداد الصريح.
2 - الديمقراطية الشكلانية الزائفة.
3 - الاحتلال الخارجي.
إن فشل القوى الوطنية في الوطن العربي في تغيير هذا الواقع الذي يكاد يكون شاذاً في العصر الحديث لا يقلل بأي حال من الأحوال من النضالات الهائلة التي قدمتها كوادر تلك القوى كما أن التجربة المريرة قد تفرز قوى أكثر صلابة وأعمق وعياً للحفاظ على النسيج الاجتماعي، وبالتالي يجب أن لا نقلل من التضحيات العظيمة بدءاً من شهداء الاستبداد وصولاً إلى خريجي المعتقلات والزنازين وانتهاء بأولئك الذين مازالوا وراء القضبان حتى الآن... فتلك النضالات والتضحيات هي التي تفرش الطريق إلى الحرية...ولكننا بالإشارة إلى الواقع المرير نعبر عن واقع الحال وندعو على التمرد على اليأس والإحباط بتضافر الجهود كافة من القوى كافة، من الشخصيات كافة، من الأفراد، من الجماعات، من الشلل الصغيرة إلى الكتل الأكبر حجماً للخروج من المأزق التاريخي الذي تعاني وهنا بالضبط تكمن الأهمية الحقيقية لإعلان دمشق الذي نجتمع اليوم في إطار تفعيله وما أسسته، وهنا وفي هذه النقطة بالذات لابد من مصارحة الإخوة والرفاق والأصدقاء والأعزاء في الأحزاب السياسية المنضوية تحث سقف إعلان دمشق للتعامل بشكل مختلف مع الإعلان ومؤسساته فلتلك الأحزاب مؤسساتها وإعلامها وكوادرها التي تعبر عن أهدافها وتطلعاتها من جهة، وان تلك الأحزاب يجمعها تحالف معلن وفاعل يسمى التجمع الوطني الديمقراطي تتبع له مؤسسات وله إعلامه وماكينته السياسية الخاصة وهي تعبر باقتدار عن هذا التحالف من جهة أخرى، وبالتالي فإن هيكلية إعلان دمشق وفق المؤسسات الحزبية أو اعتباره ساحة للصراع والتنافس بين الأحزاب هو بالإضافة إلى كونه إعدام لإعلان دمشق فهو تكرار لا ضرورة له لوضع الأحزاب أو التجمع الذي يمثل تحالفها، هذا يعني أن مؤسسة إعلان دمشق يجب أن تستند على قاعدة مختلفة للتوسع الأفقي والعمودي في المجتمع بهدف إعادة المجتمع إلى الحياة السياسية، والفعل السياسي الإيجابي، لقد جاء إعلان دمشق لتنضوي تحت لواءه الأحزاب والمنشقين عنها والشخصيات المستقلة والمجموعات التي نمت على هوامش الأحزاب وانشقاقاتها، وبالتالي فإن إعلان دمشق مثل وعداً يقوم بلم الشمل لكافة فعاليات المجتمع على تنوعها بمعنى أن يكون إعلان دمشق حاضنة حقيقية وفاعلة لقوى التغيير الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي غادرت ساحة العمل السياسي إما بدافع الخوف من القمع أو بدافع اليأس والإحباط، ذلك أن الكلمة الفصل في نجاح إعلان دمشق أو فشله تكمن هنا في هذه النقطة بالذات، وهي نجاح الدعوة إلى النفير الشعبي العام لإنقاذ الوطن والعودة إلى الطريق الرحب المؤدي إلى الحرية والتقدم والديمقراطية.
إن هذا يتطلب ونقول ذلك بكل التصادق والاحترام والتقدير للقوى السياسية المنضوية تحت لواء إعلان دمشق، يتطلب أن لا تفكر تلك القوى السياسية المنضوية تحت لواء إعلان دمشق بفرض الوصاية عليه، أو استخدامه ساحة للصراع بين بعضها البعض، وإنما عليها أن تنضوي تحت رايات إعلان دمشق، لا أن ينضوي الإعلان تحت راياتها، فالإعلان جامع لها مع آخرين، وهو عقد أكثر اتساعاً وشمولاً من أي حزب بمفرده ومن أحزاب التجمع مجتمعة، ونحن لا نقول هذا الكلام من باب التنظير أو التحدي وإنما نقوله من باب التعامل الإيجابي مع الواقع، وبعد قراءة بعض الأوراق المقدمة لهيكلية إعلان دمشق، نقول وبتصارح صادق يجب أن يكون مفهوماً منذ البداية أن إعلان دمشق هو مظلة للجميع... جميعاً، ومعاً ملزمون وملتزمون بتنفيذ قرارات مؤسساته وليست مؤسسات الإعلان صدى أو ملزمة بتنفيذ قرارات بعض المنضوين تحت لوائه وهذا يعني عملياً وواقعياً أن مؤسسات الإعلان يجب أن تكون ذات شخصية اعتبارية سيدة قراراتها، وقراراتها ملزمة لجميع المنضوين تحت لواء إعلان دمشق من أول الأحزاب إلى آخر الأفراد، وإذا كان من حق الذين يمثلون الأحزاب المنضوية تحت راية الإعلان أن ينقلوا إلى مؤسسات الإعلان رغبات من يمثلون، لكن وبعد أن تناقش مؤسسات إعلان دمشق مجمل الأفكار الواردة إليها، وتتخذ قراراتها بالتصويت وبأكثرية الأصوات حصراً، فإن تلك القرارات تصبح ملزمة لجميع القوى والأحزاب والشخصيات والفعاليات المنضوية تحت راية إعلان دمشق سواء التي صوتت مع أو ضد، وعلى الذين يمثلون أحزاباً في مؤسسات الإعلان أن ينقلوا هذه القرارات إلى أحزابهم التي يمثلونها للانسجام معها... فالأجزاء تنسجم مع الكل وليس العكس.. والكل هنا هو إعلان دمشق، إن هذا بالغ الأهمية للتفعيل الحقيقي لإعلان دمشق، وان هذا يجب أن يدخل في وضع اللوائح التنفيذية لاختيار أعضاء المؤسسات في إعلان دمشق وتحصينهم من أي تعسف، حتى من تعسف القوى التي يمثلونها.
- القضية الثانية بالغة الأهمية وهي ترتبط بما تقدم وتستند إليه تتعلق بوضع خطط حقيقية وفق جداول زمنية محددة للانتقال بمؤسسات إعلان دمشق من الوضع الراهن على مؤسسات ديمقراطية حقيقية رغم صعوبة الظروف وهذا ممكن بوضع هيكلية مرنة لا مركزية تبدأ ببناء مؤسسات الإعلان من القاعدة على القمة وليس العكس وذلك ببناء الوحدات الأساسية في إحياء المدن والقرى في الأرياف صعوداً إلى مؤسسات الإعلان العليا ومن الهام هنا التأكيد على أن القرارات للتعامل مع الواقع تصدر عن الوحدات الأساسية وان المؤسسات العليا تقوم بشكل أساسي بدور تنسيقي في الأساس، إن هذه المرونة وتلك اللامركزية في غاية الأهمية لتوسيع قاعدة إعلان دمشق في الاتجاهات كافة.
- القضية الثالثة وتتعلق بالفهم العميق لدور إعلان دمشق الذي يقع على كاهل مجلس ادارته تفعيله، وتحديد المراحل الزمنية اللازمة لذلك.. وفي هذا المجال نريد أن نؤكد ونطمئن القوى السياسية والأحزاب المنضوية تحت راية الإعلان أننا لا ننظر إلى الإعلان على انه بديل للأحزاب السياسية المنضوية تحت راية الإعلان، ولا ننتظر منه ذلك فلا بديل لوجود أحزاب سياسية قوية وفاعلة للنهوض بالحياة الديمقراطية في البلاد وبالتالي فإن الإعلان هو حاضنة لتنمية تلك الأحزاب وتصليب عودها، واتساع انتشارها على مساحة الوطن، وبالتالي فإننا نفهم أن إعلان دمشق ذو طبيعة مرحلية فرضته عقود الاستبداد المريرة التي أضعفت البنى الحزبية، وان دور الإعلان ومؤسساته هو دور مؤقت لفترة زمنية محددة يحافظ خلالها على الترابط الاجتماعي والسياسي وحماية النسيج الوطني من الخراب وبالتالي صياغة عقد اجتماعي مكتوب وشفهي بين مكونات المجتمع كافة وصولاً إلى دستور سليم يحقق الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين كافة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وصندوق اقتراع سليم، وحكومة تشكلها الأغلبية التي يختارها الشعب، وهذا سيؤدي من حيث النتيجة إلى بناء حياة سياسية سليمة وإلى أحزاب ذات بنى سياسية سليمة تعرف كيف تحكم وتنفذ برامجها التي اختارها الشعب على أساسها وإلى أحزاب تعرف كيف تعارض إذا فرضت عليها الانتخابات أن تكون في صفوف المعارضة لا أكثر من ذلك ولا اقل، باختصار شديد عندما نصل إلى محطة النظام الديمقراطي فإن إعلان دمشق سيكون قد أدى دوره وسيخلي الساحة للأحزاب السياسية وبرامجها للتنافس الوطني والحر لبناء وطن حر مستقل، وهكذا يجب أن يكون حاضراً في الذهن أن مؤسسات إعلان دمشق هي مؤسسات ذات طبيعة مرحلية تنتهي بقيام نظام حكم ديمقراطي سليم...وليتنافس بعدها المتنافسون وليتقدم الجميع إلى الشعب كل ببرنامجه والشعب هو صاحب القرار الأول والأخير.
- القضية الرابعة وتتعلق بالمعارضة في الخارج... وفي هذا المجال نقول أن عقود الاستبداد وقمع الحريات في الداخل أدى إلى وجود جماعات وأفراد وشخصيات معارضة في الخارج سواء بالإبعاد القسري، أو الابتعاد الاختياري وان هذه القوى وتلك الشخصيات تمتلك إمكانيات ومقدرة على الحركة تشكل رافداً مهماً لعملية التغيير الديمقراطي المنشودة وبالتالي لابد من صياغة أسس وبناء مؤسسات مرنة ولا مركزية للتعامل والتنسيق لتصب جهود المعارضة في الخارج في سياق العملية الديمقراطية في الداخل، وهذا يتطلب أولاً صياغة عقد معلناً وشفافاً بين جناحي المعارضة على أن تنسجم ممارسات واتصالات تلك القوى والجماعات في الخارج مع الأهداف المعلنة لعملية التغيير الديمقراطي، والقضية الأساسية التي يجب إعلانها والتوافق عليها دون مواربة هي أن تلتزم تلك الجماعات والقوى والشخصيات في الخارج مبدأ التغيير الوطني، أي أن يكون التغيير صناعة سورية وبأجندة سورية وبعد ذلك فليجتهد المجتهدون، فنحن في سورية وفي الخارج نرفض أن نكون فقرة في أجندة أية دولة أجنبية أياً كانت وتحت أي ذريعة كانت، فالمنطلق والغاية هو مصلحة الشعب في سورية، وحقه في الحياة الحرة الكريمة الديمقراطية.
- القضية الخامسة وتتعلق بالتعامل مع العالم دولاً ومؤسسات دولية ومجتمعات مدنية، وفي هذا المجال لابد من التأكيد على أن الانعزال عن العالم في هذا العصر هو وهم وهراء، لكن المعيار الذي يجب أن نلتزمه ونلزم أنفسنا به هو أن تكون لنا برامجنا الوطنية، وأهدافنا الوطنية ومنطلقاتنا الوطنية وان نتعامل مع العالم دولاً ومؤسسات دولية ومجتمعات مدنية على هذا الأساس وإذا كانت العلاقات بين الدول تقوم على التقاء المصالح فإن مؤسسات إعلان دمشق ستحدد علاقاتها مع العالم دولاً ومؤسسات دولية ومجتمعات مدنية وفق مصلحة الشعب في سورية، وإذا كنا نرفض الرضوخ للاستبداد القادم من الداخل فمن باب أولى أن نعلن أننا نرفض كافة أشكال الهيمنة والغزو القادم من الخارج تحت أي لبوس كان.. بل أن السعي لقيام نظام ديمقراطي يؤمن حقوق المواطنة لجميع المواطنين هو الضمانة الوحيدة لمجتمع قوي قادر على صد الضغوط الخارجية والصمود في وجه الغزو الخارجي إذا فكر فيه أياً كان في هذا العالم.
- القضية السادسة وتتعلق بالاختلاف الطبيعي القائم بين مكونات إعلان دمشق، وهذا الاختلاف صحي وطبيعي وإيجابي إذا تم التعامل معه بلغة الحوار والانفتاح على الرأي الآخر وتصويب الأخطاء، لكن هذا الاختلاف يمكن أن يتحول إلى خلاف مدمر إذا تحول إلى عصبيات ومصالح ذاتية ضيقة، وبالتالي من المهم جداً الخروج بصياغة محددة لعقد ملزم لنا جميعاً يضمن تهذيب الخطاب السياسي وتهذيب لغة الحوار والدعوة إلى الكلمة السواء والابتعاد عن كل ما يمت إلى الإقصاء أو الاستئصال بصلة، والتأكيد على أن المرحلة ليست مرحلة صراع على السلطة وإنما هي مرحلة بناء مناخ ديمقراطي سليم، ثم التنافس يأتي لاحقاً.. يجب أن نتفهم جميعاً متطلبات السير على الطريق إلى الحرية فهذا الطريق رحب وواسع يتسع إلى الجميع دون استثناء، وان التنافس والتسابق عليه مشروع بل ومطلوب ويجب أن يكون متاحاً للجميع، لكن الصدام بين القوى على هذا الطريق لا يؤذي القوى المتصادمة فقط وإنما قد يغلق الطريق أمام الآخرين وبالتالي فإن من مهمات مجلسكم الموقر وضع الأسس لمنع الاصطدامات المدمرة بين القوى الساعية إلى الحرية... فلكل مقدرته، وكل يسير بالسرعة التي هي في حدود طاقته.
إن ما تقدم مجرد عناوين من اجل التفاعل الخلاق مع الأفكار والرؤى المقدمة من قبل الاعلان علنا نصل معاً إلى صياغة إيجابية لمؤسسة إعلان دمشق ليكون الرافعة لمكونات المجتمع وليكون الحامل الحقيقي للنهوض إلى مجتمع حر وديمقراطي.
حبيب عيسى