أصداء

من هو الخاسر من جريمة اغتيال بيار الجميل

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قبل اغتيال الشيخ بيار الجميل وزير الصناعة اللبناني ونجل الشيخ أمين الجميل رئيس الجمهورية الأسبق بيوم واحد كتبت مقالا ظهر في منبر ايلاف تحت عنوان سيناريوهات الجحيم في لبنان والعراق وفلسطين. وأنهيت المقال بكلمتين "الله يستر". لم أتوقع آنذاك انه في اليوم التالي سيتم اغتيال شخصية لبنانية هامة بهذه السرعة. سيناريوهات الجحيم تتحقق في العراق وفلسطين أيضا وقبل الرجوع للملف اللبناني الخطير علينا القول ان سيناريوهات القتل الجماعي العشوائي في العراق لا تزال تحصد الارواح البريئة في العراق. وفي غزة تواصل اسرائيل سياسة الاغتيال لرموز ونشطاء حماس. ولا بد الآن من الرجوع للملف اللبناني الخطير.


نظرية من هو المستفيد من الجريمة النكراء ليست اثباتا بتورط المستفيد
ربما عدة اطراف قد تستفيد من مقتل شخص ولكن هذا لا يعني بالضرورة ان المستفيدين هم القتلة.
لايضاح النقطة وعدم تقليل خطورة وأهمية جريمة بيار الجميل لتفترض ان رجل أعمال قتل في حادث سير او جريمة قتل. قد يكون القاتل لص او خصم ولكن كثيرون سيستفيدوا من موته: المنافسون له في مجال تخصصه. وسيستفيد أيضا بائعوا التوابيت والاكفان وحافروا القبور ولكن لا علاقة لهم بالقتل.
المستفيد في هذه الحالة من يريد خلق فتنة ويزعزع لبنان واستقلال وديمقراطة لبنان وهم كثيرون.
نظرية الدافع او الحافز ليست أيضا اثباتا ان من يمتلك الحافز هو القاتل.

نظرية من هو الخاسر:

لهذا من الأفضل التركيز على من هو الخاسر من تصفية بيار الجميل.

اولا علينا ان نستبعد اسرائيل وكونداليسا رايس والسي آي ايه والاستعمار واعداء الأمة.

ولكن بغض النظر عن المجرم والمنفذ والمخطط مما لا شك فيه ان الخاسر الأكبر هم حلفاء سوريا في لبنان.

فمنذ اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري تعاني لبنان من هزات وشروخ وتحالفات وظهر للسطح تحالف قوى 14 آذار المناويء لسوريا والذي يتألف من الدروز والسنة وقطاعات كبيرة من الطائفة المارونية أي جماعات وليد جنبلاط وسعد الحريري وسمير جعجع وهي الجماعات التي رحبت بانسحاب سوريا من لبنان. اما التحالف المعارض يشمل حزب الله وميشيل عون واتباعه وفئات شيعية.


اتهامات متبادلة:

القوى المعارضة بقيادة الشيخ حسن نصر الله تتهم الحكومة بأنها تعمل تحت اوامر السفارة الأميركية. وتشكك بوطنية فؤاد السنيورة وحكومته العميلة. وتصف قوى 14 آذار بالخيانة والتحالف مع اعداء الأمة. ولكن بنفس الوقت يطالبوا بتمثيل أكبر في هذه الحكومة.

قوى 14 آذار تتهم الطرف الآخر بالعمل نيابة عن ايران وسوريا وانها تريد تحويل لبنان كساحة للصراعات الاقليمية وان تكون دولة دينية تابعة لايران وسوريا.

التهديد بالنزول للشارع لاسقاط الحكومة

والذي زاد الأمر تعقيدا هو الغزو الاسرائيلي المدعوم اميركيا لجنوب لبنان. صمود حزب الله امام الغزو الاسرائيلي رغم الخسائر الفادحة أعطاه نصرا سماه الشيخ حسن نصر الله نصرا الهي. وهذا اعطاه المبرر والتبرير والسطوة ليطالب بحصة أكبر من الكعكة الحكومية وهدد بالنزول للشارع للضغط على الحكومة وحتى اسقاطها.
هذا التهديد كان حقيقيا وابتدأ العد العكسي لوضعه في حيز التنفيذ. وفجأة جاءت الجريمة الشنيعة الثلاثاء 21 نوفمبر تشرين الثاني لتعطل مشروع اسقاط الحكومة او على الأقل لتأجله ولتخلط الأوراق. بعض المراقبين اعتقدوا انها محاولة يائسة لتعطيل وتخريب فرص تشكيل محكمة دولية للتحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
وهناك من يعتقد ان الجريمة جاءت للضغط على ميشيل عون بالعدول عن تحالفه مع حزب الله.
والبعض الآخر يعتقد ان جريمة اغتيال بيار الجميل وزير الصناعة اللبناني ونجل الرئيس الأسبق أمين الجميل كانت لعرقلة التقارب الأميركي السوري لأن اميركا تعتقد ان سوريا تسطيع المساعدة في تقليل العنف في العراق.

الغباء المطلق

كثرت التحليلات والتكهنات ولكن هوية الفاعل او الفاعلون لا تزال غامضة. لأسباب تاريخية حديثة معظم الاصابع تشير للطرف السوري. وسوريا تنفي اي مسؤولية عن هذه الجريمة.
وفي نظري انه من قمة الغباء لسوريا أن تتورط بجريمة لا تستفيد منها. بل بالعكس هذه الجريمة تأتي بالضرر الكبير للمصلحة السورية حتى لو ارتكبها مجرمون من المريخ. واذا تبين فيما بعد أن سوريا لها علاقة بهذا الاغتيال سوف استنتج بدون تحفظ أن النظام السوري يتمتع بغباء مطلق وبامتياز.
ولا اعتقد ان رجل ذكي مثل الشيخ حسن نصر الله يسمح لنفسه او اتباعه ان يقوموا بعمل أحمق من هذا القبيل لا سيما في هذا التوقيت الخاطيء.

أذا لنترك للتحقيقات والمحاكم أن تتوصل الى الحقيقة.

ومهما كانت التحليلات بات من الواضح ان المحكمة الدولية سيتم تشكيلها والجريمة الأخيرة دفعت هذا الموضوع للأمام. بعبارة أخرى الجريمة أتت بما لا تشتهي سوريا وحلفاؤها.

سوريا ترفض الاعتراف بالمحكمة الدولية

وهل هي صدفة اعلان سوريا ألاربعاء 22 نوفمبر أي 24 ساعة بعد جريمة اغتيال بيار الجميل انها لا تعترف بالمحكمة الدولية وسوف لا تتعاون معها رغم تأكيدات سابقة من مسؤولين سوريين ان سوريا ستتعاون لأنها بريئة والبريء لا يخاف من المحكمة. هذا الرفض المفاجيء يشير الى شيء مهم وهو الخوف من كشف خيوط جريمة اغتيال رفيق الحريري التي قد يتورط فيها شخصيات سورية هامة. لا يوجد تفسير آخر.
وهذا الرفض سوف لا يخدم سوريا ولا يخدم الحقيقة والعدالة. وهذا القرار سيجبر أميركا على تغيير موقفها ازاء سوريا. والسؤال البديهي لماذا ترفض سوريا محكمة دولية اذا كنت بريئة وهذه فرصة نادرة للنظام السوري أن يثبت عدم تورطه باغتيال رفيق الحريري كما أكد مرارا.

الخاسر الأكبر
وبات من الواضح الآن ان الخاسر الأكبر من هذه الجريمة هم حلفاء سوريا. ويعزز هذه النظرية تشارلز حرب الأكاديمي اللبناني المعروف في مقال مؤخرا نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

الخاسر الأكبر من اغتيال بيار الجميل هم سوريا وحلفاؤها.

المستفيد هم قوى 14 آذار وهل هذا يعني ان قوى 14 آذار قامت بالاغتيال وهذا مستبعد وغير محتمل. لذا لا بديل لطرف مستقل ان يقوم بالتحقيق. لأن تحقيق دولي مستقل وكفؤ ومحكمة دولية متخصصة قد تكشف ملابسات كل الاغتيالات التي نفذت على الساحة اللبنانية منذ 14 فبراير شباط والتي تشمل رفيق الحريري، سمير قصير، جورج حاوي، غسان تويني والشيخ بيار الجميل. والسؤال هل الشيخ بيار هو الأخير في سلسلة الاغتيالات؟


نهاد اسماعيل

لندن

nehad ismail، London، UK

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف