أصداء

قراءة عراقية وكوردستانية لتقرير بيكر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في قراءة مشتركة من القيادات الكوردستانية والعراقية لتقرير بيكر-هاملتون الصادر من اللجنة المكلفة بدراسة الاوضاع في العراق لرفع توصيات غير ملزمة بشأنها الى الرئيس الامريكي بوش، اتفق العراقييون والكوردستانييون على انتقاد التقرير لعدم واقعيته ولاهتمامه بأمور غير جوهرية، وتعامل اللجنة مع الواقع العراقي دون دراية ودون مراجعة ومحاورة ومشاورة تفصيلية مع الاطراف العراقية بالاخص منها القيادة الكوردستانية.


ولكي نكون على بينة من مجرى الاحداث المتعلقة بهذا الأمر، بهذا الخصوص قال رئيس وزراء إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني "إن وزير الخارجية الأمريكية الأسبق جيمس بيكر اتصل هاتفيا مع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وطمأنه إلى أنه سيأخذ بنظر الإعتبار خصوصية الإقليم في تقريره الخاص بالعراق"، وأضاف البارزاني " نحن ننتقد بيكر وجماعته لعدم زيارة إقليم كردستان العراق وأخذ آرائنا، ونعتقد أن هناك نقصا كبيرا في التقرير الذي سلم إلى الرئيس بوش اليوم"، وإنتقد الدور الامريكي بشأن المنح المخصصة للعراق قائلا "صرفت أمريكا حوالي (20) مليار دولار في هذا البلد، وكل ما صرفوه للإقليم لم يتجاوز (600) مليون"، وأضاف "قررنا تشكيل لجنة مشتركة وسنعقد الاجتماعات خلال شهر وسنحدد عددا من المشاريع ونطالب امريكا بتنفيذها"، من جانب آخر قال البارزاني "لاوجود للقوات للامريكية في إقليم كردستان، لكننا نعتقد أن الإستعجال في سحب القوات الامريكية (من باقي العراق) لن يساعد على تحسين الوضع الأمني، وإنما سينعكس سلبا على الاجزاء الاخرى من العراق".


بنفس هذا الاتجاه انتقد قباد الطالباني نجل الرئيس العراقي وجهة نظر مجموعة بكير التي طالبت ببقاء سلطة مركزية قوية للحكومة العراقية بدلا من اعطاء المحافظات سلطات أوسع، وصرح "أن هذه التوصية أثارت قلق كثيرين في المنطقة الكردية، وقال أن كثيرون منا يشعرون ان الانظمة الاستبدادية المركزية هي التي قادتنا الى ما نحن فيه اليوم."


وكما ذكر وكالة رويتر، جاء في تقرير مجموعة دراسة العراق "ان تكاليف تقسيم العراق الى ثلاثة أقسام تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي مع وجود سلطة مركزية فضفاضة ستكون مرتفعة للغاية"، وقال التقرير "على الولايات المتحدة ان تؤيد بقدر الامكان سيطرة مركزية للسلطات الحاكمة في بغداد خاصة فيما يتعلق بعائدات النفط"، وجاء في التقرير أيضا "ان مخاطر تصعيد العنف بسبب استفتاء كركوك كبيرة للغاية"، وقال الطالباني الابن مشيرا الى مطلب الاكراد باجراء استفتاء "ليس من مصلحة أحد تأجيل هذه القضية مع تنامي التوترات بسبب كركوك علينا ان نحسم الامر".


وحسب ما جاء في وكالات الانباء، فان التقرير أيضا تعرض الى انتقاد شديد من قيادات الائتلاف العراقي الموحد ومن القيادات السنية ومن قبل الحكومة العراقية، وبسبب عدم واقعية الافكار الواردة في التقرير فان الرئيس الامريكي نفسه قد علق على التقرير بأنه تقييم قاسي، واجمالا يمكن القول أن التقرير بالرغم انه يحوي توصيات غير ملزمة الا انه يشكل منفذا لمن يريد ان يستغله لاغراض سياسية على الساحة الامريكية وعلى الساحة الاقليمية في المنطقة.


ومما يعاتب عليه رئيس اللجنة جيمس بيكر، انه كسياسي مخضرم كان عليه ان ينظر ويحلل الواقع العراقي بدراية حكيمة لطرح رؤى عملية تساعد على الافراج بقضية الازمة العراقية وليس استفحالها بالتوصيات التي خرج منها التقرير لكي يدفع باتجاه الامور في العراق الى تأزم أكثر، لان ما تحقق على أرض الواقع لا يمكن الرجوع عنه بخصوص النظام الفيدرالي والنهج الاداري العام للحكومة الاتحادية، وما جاء في مواد الدستور العراقي الدائم الذي لا يمكن الخروج عنه لانه مستند الى الموافقة الشرعية للعراقيين.


ومن باب الاستناد الى رؤية عملية في تحليل تقرير بيكر، فان الذي نخرج به من التقرير الذي طرح برؤية امريكية غير واقعية، هو ان التوصيات التي خرجت بها اللجنة لا تمثل أرضية واقعية للاستناد اليها لحل الازمة العراقية، وعلى الاجماع فاننا نطرح قراءة عراقية وكوردستانية للتقرير كالآتي:
عدم التعامل بواقعية ومنطقية مع الاحداث التي تشهدها الساحة العراقية لان العراقيين ليسوا السبب المباشر للأزمات الامنية.


ابتعاد اللجنة عن المصادر الدولية التي تمد بأياديها الى الساحة العراقية للحيلولة دون حصول استقرار فيها.
تركيز اللجنة على الدور الاقليمي لايران وسوريا وكأنهما اللاعبان الرئيسيان في المنطقة.
ابتعاد اللجنة عن السيناريو المرسوم من سنين عديدة من قبل اطراف دولية كبرى للعراق بأن يكون ساحة المجابهة الاول مع الارهاب الدولي.


ابتعاد اللجنة عن محاورة الاطراف العراقية التي لها رؤية واقعية وعملية وحكيمة بخصوص الاوضاع العراقية، خاصة القيادة الكوردستانية التي تحمل العديد من الرؤى العملية لمعالجة الواصع العراقي.
تعمد اللجنة الى عدم منح مساحة ايجابية للكيان الفيدرالي والنموذج الكوردي لاقليم كوردستان الذي تمكن من رسم نموذج كوردستاني عراقي مقتدر بالرغم من السلبيات والفساد الاداري والحزبي الموجود فيه توازيا مع الفساد المتفشي في العراق.
افتقار التقرير الى رؤية ميدانية داخلية لحل الازمة العراقية، وعدم تقييم جهود الحكومة العراقية بايجابية بهذا الاتجاه.


التركيز على العامل الاقليمي لحل الازمة العراقية، وهذا التوجه مرفوض من قبل العراقيين، لانه ايذان مباشر واعتراف بمنح ضوء اخضر أكثر للتدخل المباشر للدول المجاورة في الشأن العراقي، وهذا ما قد يزيد من حجم ودور التدخل أكثر، مما يزيد من حجم المشاكل والتدخلات والازمات في داخل العراق.
عدم تركيز اللجنة على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها العراقييون، والتركيز على المشاكل الامنية المتعلقة بالطرف الامريكي.


رسم صورة قاتمة للواقع وللمستقبل العراقي بمنظور غير متفهم وغير مراعي للتدخلات الدولية المتنوعة في الازمة العراقية.
اجمالا هذه القراءة الاولية للتقرير جاءت لنكون على متابعة مستمرة للاحداث المتعلقة بالوضع العراقي والكوردستاني، خاصة وان الاهتمام الامريكي بالاوضاع الراهنة اخذ يتعرض الى تقييم واعادة مراجعة لاعادة الحسابات، ولا شك ان هذه المراجعات في حالة الاخذ بها ستكون لها تأثيرات مباشرة على مجمل الواقع، لذا فان القيادة العراقية والكوردستانية عليهما ان تكونا على جدية وحذر للتعامل مع هذه الرؤية الامريكية المطروحة التي قد تسبب طرح استراتيجية جديدة من قبل الحكومة الامريكية للتعامل مع الوصع العراقي ومع احداث المنطقة بطريقة جديدة، ونأمل أن لا تحمل هذه الاستراتيجية الجديدة اية بوادر للإضرار بالمصالح العراقية والكوردستانية التي أخذت مقوماتها الاساسية بالاستناد الى النهج الديمقراطي والنظام الفيدرالي لضمان حاضر ومستقبل العراق الاتحادي الجديد.

جرجيس كوليزادة

* ينشر في ايلاف بالتزامن مع فضائية كوردستان

Gulizada_maktab@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف