الحقيقة العارية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هناك حكمة تقول "رضا الناس غاية لاتدرك" وهي حقيقة أثبتتها التجارب ونريد اليوم أن نسلط الضوء على هناك من يقول إن حركة حماس غير مستعدة للتعامل بجدية في فلسطين حول ملفات، أقل سخونة من هذه الخدمات التي تقدمها بالطبع دون ذكرها وأيضاً من يقرأ لهم لايعرف ماهي الملفات التي تعتبر أقل سخونة؟ ويتطاول الأقزام بالقول إن حركة حماس ترفع من الشعارات السياسية ما يجعل الناس تظن أن المقاومة في فلسطين بدأت بـ "حركة حماس"بعض المصطلحات الساقطة من قاموس الكلمات الناضحة على لسان المتسكعين بين أروقة المواخير السياسية التي يبدوا أنها ستوجه دفة الإعلام السياسي ردحاً من الزمن، إعلام تبث أخباره من داخل الحانات كما ظهرت علينا بعض القنوات الفضائية تحت مسمى "الحقيقة العارية" من خلال مذيعات عاريات تماماً لنشر الأخبار والنشرات الجوية وكل برامجها يقدمها العراة.
إستلمت حماس السلطة حديثاً بموجب إنتخابات تشريعية شهد العالم على نزاهتها ولكن يبدوا أن موافقة حماس لدخول اللعبة الديموقراطية قد أفقدها الزخم الذي كانت تتمتع به في الشارع الفلسطيني والسبب هو مكر الليل والنهار الذي أدى الى هذا التصعيد بين أهم حركتين من حركات المقاومة الشعبية على الأراضي الفلسطينية.
هناك من ينتقد حضور أعضاء من حركة حماس لمؤتمر قطر للديموقراطيات من خلال التأكيد بالقول "إن حضور حماس يمثل فضيحة بل نوع من الفحشاء والمنكر"، دون تعريف القاريء لهذا النوع من العمل في العرف السياسي أو توضيح ماذا يقصد بمثل هذه العبارات الجارحة.
وهنا نتساءل هل قيل ذلك لأن حركة حماس رفعت شعارات المقاومة ثم فازت في الإنتخابات؟ ومارأي القاريء بالحصار المفروض على فلسطين منذ إستلام حركة حماس زمام السلطة؟ ومارأي القاريء بما قامت به إسرائيل من إعتقال ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الديموقراطي؟ إن هذا الحصار يذكرني بحصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب والذي إستمر لستة أعوام، إن هذا الحصار هو مخطط مفروض متبع منذ الأزل لتحقيق مكاسب سياسية، وإتبعته إسرائيل حتى يستسلم الشارع الفلسطيني لرغبات الشرعية الدولية التي أصبحت رهينة بيد إسرائيل ولخدمة الصهيونية العالمية.
هناك من ينتقد أعضاء حركة حماس بوصمهم بأنهم يمثلون "الدعارة السياسية" بإمتياز ولكن ماهو تعريف هذه الدعارة؟ وماهو المقصود بها؟ ولماذا ينزل مستوى الكتاب الأخلاقي للتعبير عن شعور داخلي بإسقاط نفسي بكلمات ساقطة بدلاً من اللجوء الى كلمات راقية من مصطلحات لغة القرآن بل جاء هذا الإسقاط على طريقة "كل إناء بما فيه ينضح" كما نضح لسان أحد القادة المحسوبين على حركة فتح بالقول "سأعمل على ترقيص حركة حماس "خمسة بلدي" في الساحة الفلسطينية " وكأن المشهد الدرامي على المسرح الفلسطيني إنقلب الى فحشاء ومنكر وبغي وفضائح تندى لها الجباه خجلاً من قبيح العبارات وسلاطة اللسان تجريحاً للمناضلين على الساحة الفلسطينية.
اللغة العربية هي لغة مقدسة وهي لغة القرآن وفلسطين هي أرض مقدسة لأنها أرض الأنبياء بل ومباركة بنص الحديث الشريف وهي أرض الرباط وهي أرض المحشر والمنشر والشعب الفلسطيني هو شعب الجبارين فهل هذا هو ديدن العظماء؟ أم أن قادة هذا الزمان ممن حملوا الأمانة نسوا مكارم الأخلاق فنطقوا بلغة الشوارع والحوانيت والملاهي والمواخير أو كما قيل في بعض المنابر "لقد باتت الشجاعة في عرف البعض أن تذبح القضية الوطنية على عتبة بيوت "الدعارة السياسية" بينما "جوقة التفريط" تتلو تراتيلها الانهزامية تمجد كل ما هو بائس في السياسية الفلسطينية".
ويتساءل "أوسلوي" نسبة الى إتفاقيات أوسلوا، ماذا تريد "حركة حماس" من حضور هذا المؤتمر؟ ولم تنته الأسئلة بل تتوالى هل ستجبر "إسرائيل" على الخروج حتى حدود 67؟ وتستمر الأسئلة بالقول هل ستعود من قطر ومعها حلولاً لا شعارات فارغة؟ وكأنما حركة حماس بكل ما أوتيت من قوة تعمل على تعقيد الوضع؟ ومن يدافع عن القضية يتسائل بالقول هل إذا إستجابت حركة حماس للمطالب سيتوقف شلال الدماء؟ ويتابع أيضاً هل ماقدمته حركة حماس لدولة قطر أكبر من المنافع التي حصلت عليها؟ وأما من يقف ضد حركة حماس يقول أين المقاومة وأين التفريط يا "حركة حماس"؟.! ماذا تقدِّم بالمقابل ولمن تقدم ذلك؟.
قيل إنها قدمت جملة من الفوائد على طبق من ذهب للكيان الصهيوني في قطر دون الإدلاء بواحدة على الأقل لنفهم ماهي الفوائد وتناسى هؤلاء ماذا إستفادت السلطة الوطنية من إتفاقيات أوسلوا أو كامب ديفيد أو واي ريفر أو شرم الشيخ أو العقبة أوغيرها من الأماكن التي كان يلتقي فيها قادة عرب ويهود.
هناك من يقول إن حركة حماس غير مستعدة للتعامل بجدية في فلسطين حول ملفات، أقل سخونة من هذه الخدمات التي تقدمها بالطبع دون ذكرها وأيضاً من يقرأ لهم لايعرف ماهي الملفات التي تعتبر أقل سخونة؟ ويتطاول الأقزام بالقول إن حركة حماس ترفع من الشعارات السياسية ما يجعل الناس تظن أن المقاومة في فلسطين بدأت بـ "حركة حماس"، وأن مصير فلسطين مرهون بـ "حركة حماس" وحكومة " حركة حماس، وهذا إفتراء لايجوز لأي فلسطيني أن يتلفظ به.
وتستمر الأقلام المأجورة حين تكتب "لكن اليوم بحضور "حركة حماس" لقطر ومؤتمرها، إنما تنفذ " حركة حماس" نفسها الانقلاب على ما هو أخطر، وأهم من الشرعية الانتخابية، إنها تنفذ هذه المقاولة السياسية الفجة، بحساباتها الصبيانية الطائشة على حساب، المقاومة نفسها بكل منجزاتها وتاريخها، وبكل تابوهاتها المعلومة، ومنذ وصلت "حركة حماس" للحكومة لم نسمع بأي مقاومة إلا في بياناتها ضد الآخرين.!! وبالطبع دون دليل يذكر ويزداد الكلام السفيه الذي ينضح به أمثال أصحاب الأقلام المسعورة بالتأكيد على القول إنها "دعارة سياسية" وليست مراهقة وعدم خبرة وكأن الخبرة أقتصرت على حملة الأسفار.
ويعود قصار النظر والمفتونين الى الحديث السخيف بالإستدلال على مايقولون وإنهم إن يقولون إلا كذبا كبرت كلمة تخرج من افواههم حين يتحدثون بالحرف الواحد " فقط أن تأخذ لك لفة، إلى زاوية منفرجة والشعب واقع تحت ضغط زاوية حادة "، وهنا يتساءل البعض لماذا فرضت إسرائيل الحصار على ياسر عرفات؟ ولماذا لم تفرضه على آخرين؟ ولماذا فرضته على معظم قيادات حماس؟ وماذا يعني إطلاق النار بين طرفي الموقف السياسي بين حركتي فتح وحماس والتي ظهرت مؤشراته، ولماذا آثروا تحكيم السلاح على تحكيم العقل لإيقاف نزيف الجراح وكأنه لايكفي هذا الجرح النازف من السلاح الصهيوني ليزداد نزفاً بالسلاح الفلسطيني وكيف نريد أن نقنع العالم اليوم بأننا شعب أعزل من السلاح حين يستخدم ضد هذا الشعب.
إن إسرائيل تستخدم أحدث أنواع الأسلحة من حيث التقنية وكأن هذا الشعب حقل تجارب للمصانع الصهيونية التي تطور هذا السلاح ليس في فلسطين فحسب وإنما في كل قارات العالم ليرتزقوا من تجارة بيع الأسلحة الرائجة والتي لاتحتاج الى دعاية أو خطط تسويقية غير إثارة الفتن بين الفرقاء ليصبحوا أعداء فإخوان الأمس أصبحوا أعداء اليوم كما أصبح أحفاد إبراهيم عليه السلام يقتلون بعضهم بعضاً.
بالأمس أطلقت رصاصات حاقدة على موكب وزير الداخلية سعيدصيام أثناء مرور موكبه بمدينة غزة، كما أطلقت رصاصات حاقدة على موكب رئيس الوزراء إسماعيل هنية ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل أطلقت رصاصات حاقدة أيضاً على موكب محمود الزهار وزير الخارجية وما أشبه اليوم بالبارحة فالصواريخ التي أطلقت على الشيخ أحمد ياسين وأبوشنب والدكتور الرنتيسي أصبحت غالية الثمن والتكلفة على الكيان الغاصب لفلسطين ليستعاض عنها برصاصات تباع بثمن بخس دراهم معدودات لتقتل أبناء هذا الشعب نظير حفنة من الدولارات ينفقها من يتقاضاها في ليلة واحدة متنقلاً بين مواخير تل أبيب.
وكأنما عصر أولمرت أصبح أكثر عهراً ومأساوية من عصر شارون السفاح والمشهور بالبلدوزر، وتعهدت إسرائيل بملاحقة الشباب من خلال إقتحامات لقواتها بتعلمات من خائنة الأعين العربية التي تدلهم على النشطاء من الكتائب والأجنحة العسكرية المختلفة.
ويزداد الهجوم والتجني على دولة قطر بالقول يمكن إعتبار الطرف المستفيد، من حضور "حركة حماس" أولاً هي قطر، ونسي هؤلاء أو تناسوا ماذا قدمت قطر خلال زيارة رئيس الوزراء الى العاصمة الدوحة؟، ويزداد هذا التجني حتى على غبار الصواريخ المحلية كالقسام وغيرها متجاهلين تصريحات الصهاينة حين يقولون في بياناتهم أمثال إيهود أولمرت الذي قال "أن تل أبيب لن تواصل ضبط النفس إزاء إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل".
وهم لايستمعون لتهديدات كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح باستئناف قصف جنوب إسرائيل بالصواريخ، ما لم تعمل حكومة تل أبيب إلى توسيع نطاق التهدئة لتشمل أيضا الضفة الغربية، رغم أن هذه التصريحات هي من حركة فتح وليس من حركة حماس بمعنى أن هذه الصواريخ ليست حكراً على حركة حماس أو كتائبها وإنما أيضاً تمارس هذا الفعل حركة فتح ولكن رغبة بعض الكتاب لتجيير سلبيات هذه الصواريخ وتحميل حركة حماس فقط وليس جميع الحركات كل حسب الفعل الذي قام به.
إن التجني بالقول "بعض المقاومة موجود ولكن هناك كثير منها مع الأسف كما رأينا، لاحقاً مجرّد مقاولات سياسية ثم يعودوا على دولة قطر بالقول لا شك أنها مستفيدة حتماً، وقطر ليست إلا مقاولاً في هذا المؤتمر يقصد به مؤتمر الديموقراطيات، ويزداد التهكم على حركة حماس بالقول هل ستعود "حركة حماس" من قطر، بهدنة "لإسرائيل" حتى ما شاء الله، رغم أن قطر رفضت بشدة أن تنسب المشاركة الإسرائيلية إليها باعتبار أن المؤتمر ينظم من قبل الأمم المتحدة ولم تسمح بوضع العلم الإسرائيلي ضمن الأعلام التي تمثل الدول المشاركة في المؤتمر والتي تزين الطريق الرئيسي من مطار الدوحة إلى فندق الشيراتون حيث يعقد المؤتمر.
وتجاهل هؤلاء المسيسين قول إسرائيل بأنها تنوي التمسك بحربها ضد شرعنة حركة حماس من قبل المجتمع الدولي، فهل يعقل أن تضغط إسرائيل على دول العالم كي لا تجري لقاءات مع ممثلي حركة حماس وتشارك وزيرة إسرائيلية في مؤتمر من هذا النوع؟ رغم أن القرار الصهيوني نابع من ضرورة محافظة إسرائيل على خط موحد وصارم بشأن التعامل مع حركة حماس.
كان "من المقرر أن تطلب ليفني من قادة قطر تعزيز محور الدول المعتدلة، وهو الأمر الذي تركز عليه إسرائيل منذ حربها على لبنان، وذلك في محاولة لكسر دائرة دول المواجهة في الشرق الأوسط، كما أكدت المتحدثة الصهيونية أن قرار وزيرة الخارجية الحاقدة الشمطاء "تسيبي ليفني" عدم المشاركة "ليس له أي علاقة بقطر" وإنما بسبب مشاركة أعضاء من حركة حماس. ويفرض هذا السؤال نفسه، هل يقف العرب صفاً واحداً مع العدو الصهيوني ضد حركة حماس لينتهي الحصار وما هو بمنته حتى لو جاءت حكومة وحدة وطنية.
هل السبيل الوحيد هو طريق المقاومة؟، وبالمقاومة فقط ينتهي الحصار، أم تلك هي الحقيقة العارية؟!
مصطفى الغريب