نصائح أردوغان لمن؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
النصائح الاخيرة التي أسداها السيد رجب طيب أردوغان للرئيس الامريکي بخصوص سحب تدريجي لقواته من بغداد، سبقتها قبل مدة وجيزة أيضا نصائح للعراقيين ولاسيما الشيعة و الکورد عبر ماسمي"مؤتمر نصرة الشعب العراقي"في مدينة اسطنبول، وهذه النصائح الترکية "القيمة جدا"تأتي حري على السيد أردوغان حين ينصح الامريکان و الکورد و الشيعة، أن يقوم قبل ذلک بتقديم النصيحة لنفسه ذلک إن"الکيس من دان نفسه" کما يقول الحديث الشريف، والاجدر به أن ينصرف لمعالجة تلک الثغرة التي يتخوف أن يتسرب من خلالها ماء الطوفان ليجرف"ترکياه"الکلمالية، وحتى إنه من المستحسن أيضا أن يقدم النصيحة لرفيقيه في"الهم الکوردي" سيما وهما غارقان في أوحال تکاد أن تتحول حينا الى رمال متحرکة لتبلتلعهماقيمتها"السياسية" في وقت مازالت المفاوضات الترکية المارثونية مع الاتحاد الاوربي تراوح في مکانها مثلما إن الإجراءات الامريکية ـ الاوربية ضد حزب العمال الکوردستاني مازال أيضا تدور في حلقة مفرغة لتبقي القلق الترکي على حاله.
ترکيا وإن بانت في ظاهر الامر إنها خارج دائرة التآمر الدموية ضد الشعب العراقي، لکنها وبسبب من تحالفاتها الاقليمية المعقدة، مجبرة أن تکون الغائب الحاضر وإن مخاوفها المستمرة من الخطر الکوردي مازال يشکل حجر الزاوية في تحرکاتها الاقليمية والدولية الى حدما، حتى إن مؤتمر اسطنبول الذي کرس أساسا لمعالجة الاقتتال الداخلي الذي يقف الکورد منه على حياد تام، فإن الظلال الترکية الداکنة التي کانت تسود على المؤتمر دفعت المؤتمرين لتغيير إتجاه المرکب صوب إقليم کوردستان و العزف على نغمة الخوف من الانفصال، لابل إن الضغط الترکي قد قاد الى محاولة أولى لإيجاد مرادف لمصطلح إقليم کوردستان"الذي يتطير الاتراک منه" حين خرج المؤتمرون "الکرام" فکرة إنبثاق"رابطة عراقيي الشمال" وهي فکرة تتسم فيما تتسم بالغباء المفرط و الجهل المطبق بأساس المشکلة، ذلک إن تأسيس هکذا رابطة تعني فيما تعني عزل الشعب الکوردي و قواه السياسية الفاعلة في دائرة أخرى وجعل هذه الرابطة بديلا عن الواقع الکوردي الکبير، والذي يلفت النظر، إن التأکيد بصورة غير عادية على المشکلة الکوردية بالذات و السعي لمعالجتها بمنطق"أکل عليه الدهر وشرب"، يعکس الاصرار الترکي على عدم الرکون لبديهية الحقوق المشروعة للشعب الکوردي، بل إن أنقرة تحاول من خلال إيقاف عجلة التأريخ في کوردستان الجنوبية أن تصرف الانظار عن مشکلتها الاساسية المزمنة في الشمال الکوردستاني وهي تريد أن تتحاشى کل مامن شأنه أن يقودها الى حل سلمي ديمقراطي للقضية الکوردية لديها.
وعندما يتحدث زعيم حزب العدالة و التنمية الى تلفزيون"BBS"الامريکي، فإنه لاينسى أن يطرح الهم الترکي الى جانب الهم الايراني و السوري من القضية العراقية ويرى ان الذين بمقدورهم أن يعالجوا الموقف في العراق هم البلدان الثلاثة الساردة الذکر زائدا الولايات المتحدة الامريکية ويقترح إجتماعات ثنائية و ثلاثية لحل الازمة العراقية، من دون أن يأبه لوجود برلمان و حکومة عراقية منتخبة بطرق ديمقراطية بل وحتى إنه يتحاشاها، لکنه"أي السيد أردوغان"يصير عراقية أکثر من العراقيين أنفسهم حين يلتقيهم لبحث مشکلة"حزب العمال الکوردستاني" مثلما إنه جعل من مؤتمر اسطنبول خيمة يوزع من خلالها النياشين و الميداليات بعراقية هذا أو ذاک حتى إنه ذکرنا بأيام الرئيس العراقي السابق حين کان يقوم ومن خلال مؤتمرات مصطنعة من ألفها الى يائها بتحديد الشرفاء من الخونة!
حري على السيد أردوغان حين ينصح الامريکان و الکورد و الشيعة، أن يقوم قبل ذلک بتقديم النصيحة لنفسه ذلک إن"الکيس من دان نفسه" کما يقول الحديث الشريف، والاجدر به أن ينصرف لمعالجة تلک الثغرة التي يتخوف أن يتسرب من خلالها ماء الطوفان ليجرف"ترکياه"الکلمالية، وحتى إنه من المستحسن أيضا أن يقدم النصيحة لرفيقيه في"الهم الکوردي" سيما وهما غارقان في أوحال تکاد أن تتحول حينا الى رمال متحرکة لتبلتلعهما.
أما أولئک المؤتمرون الذين عادوا ليذيعوا من قصر المؤتمرات حلولهم"الخرقاء"للقضية العراقية، فالاولى بهم أن يکرموا الشعب العراقي بسکوتهم لا أن يضيفوا سببا آخرا لدفع الساحة العراقية الى المزيد من التطاحن!
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com