كتابة المرأة بين الخصوصية والاختلاف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ما النقطة الفارقة أو المسافة الفاصلة بين الخصوصية والاختلاف في كتابة المرأة ؟ هل هنا تكمن خاصية هذا السؤال أو تفرده أو أهميته ؟ أعتقد برأيي أن كل كتابة ناجحة أو متميزة هي بالضرورة على قدر ما من الخصوصية وبالتالي على قدر من الاختلاف middot; فكل خصوصية تقود بشكل أو بآخر إلى جانب ولو نسبي من ربما خصوصيتي الشعرية على بساطة تجربتي وتواضعها كان 'ومازال هاجسها الأكبر هو أسئلة الوجود وقضايا الإنسان و الحياة والوجدان middot; كنت دوما ومازلت أقول وانطلاقا من هذه التجربة أنّه ما يهمني مثلا في الشعر هو شعريته لا شكليتهmiddot; وبأنه يهمني أن أرضي غريزتي الشعرية وأنّه على ضوء هذه الغريزة الشعرية المالإختلاف middot;middot;
ثم لنتفق أولا على نوعية هذا الاختلاف هل هو مجرد اختلاف عن الآخر وعن سياقات إبداعية معينة؟ أم هو اختلاف مبدع مجتهد،فاعل مثري وثري ؟، إذا كان هذا الأخير هو المقصود في هذا الطرح فهذا يعني أن كل كاتبة حققت جانبا ولو صغيرا من هذه الخصوصية أو هذا الاختلاف يعني أنّ كتابتها على قدر من النضوج الإبداعي الذي لا يمكن لأي أحد أن يلغي سماته من أدبها أو يدعي عدم توافرها فيه لأن المبدعة الحقة مثلها مثل المبدع الرجل كلاهما يسعى للتميز و الاختلاف وبسط مساحات الخصوصية ولو بدرجات وهي بهذا السعي تريد أن تصنع وتؤسس و تستثمر مشروعها الأدبي بجمالية وبامتيازmiddot; طبعا من حق كل خصوصية أن تختلف أن تتفرد وتنفرد بسياقاتها الفنية الإبداعية الرؤيوية الذاهبة بطموح فاخر صوب التألق والتأنقmiddot; ومثلما لكل إبداع خصوصية،أيضا لكل كاتبة خصوصية،وخصوصية كل كاتبة تكمن في خلفياتها'' مرجعياتها '' متكآتها الفكرية ''الأدبية ''الجمالية التي تشبعت بها ومن ثم في كيفية استثمارها وفق رؤاها الذاتية ومنطلقاتها واتجاهاتها الكتابية وأيضا في مدى قدرتها على إيصال فكرتها الجمالية أو طروحاتها وهمومها وقضاياها الإنسانية ''الوجوديةmiddot;middot; إذن فخصوصية كل إبداع تكمن في مساراته الفنية.
وخصوصية كل مبدعة تكمن في قدرتها على صناعة مشهدياتها الجمالية بتميز وتفرد middot;middot;middot;ولا تميز بدون خصوصية لأنّ كلّ خصوصية هي حالة تفرد، يعني حالة اختلاف على شرط أن تكون الخصوصية واعية بما لها وما عليها حتى لا تدخل متاهة الاعتراف الذاتي المحض المتجرد من كل إبداع ومن كل اشتغال فني جمالي middot;
لكني لا أرى أبدا بأن خصوصية كتابة المرأة تختلف بصورة تامة عن خصوصية كتابة الرجل middot;هذا الطرح و الإعتقاد غير وارد بالمرة بالنسبة لي، ولا أتبناه ولا أتبنَّى فلسفاته لأنني أعتقد حد الإيمان أن القضايا التي يطرحها الرجل هي نفسها القضايا التي تطرحها المرأة وهي بالدرجة الأولى قضايا الإنسان والحياة والوجودmiddot;
هذا يعني برأيي أنّ الخصوصية هنا تكمن في نوعية وجهوزية الحساسية الفنية التي تتناول بها المرأة الكاتبة أطروحاتها أو مشاريعها الكتابيّة وهي ربما حساسية تختلف بدرجات متباينة ''متفاوتة عن حساسية الرجل (لأنّ الحساسية الفنية مستويات )middot; قد تكون بدرجة أقل أو بدرجة أكثر أوأعمق أوأكثف حسب قدرة كلّ كاتبة على الإبداع والتفرد والتميزmiddot; وفي كل الحالات نحن نشترك في نقطة إنسانية محضةmiddot; ونحن بهذا نتقاسم معا خبز الأسئلة وخبز الهميّة الجمعية الكينونية والكونيةmiddot;
ربما خصوصيتي الشعرية على بساطة تجربتي وتواضعها كان 'ومازال هاجسها الأكبر هو أسئلة الوجود وقضايا الإنسان و الحياة والوجدان middot; كنت دوما ومازلت أقول وانطلاقا من هذه التجربة أنّه ما يهمني مثلا في الشعر هو شعريته لا شكليتهmiddot; وبأنه يهمني أن أرضي غريزتي الشعرية وأنّه على ضوء هذه الغريزة الشعرية الملحة ''الملحاحة أجتهد لأن أصنع لي و للقاريء المفترض أوالحقيقي دهشة ولو صغيرة أو فرحة نقبض عليها كي ندوم بها أو تدوم بنا،أن أنجح ولو بدرجة بسيطة في إشعال''أو إيقاظ ذائقته الجمالية ''الشعرية والتأسيس لها من أجل ديمومتها ''و تجددها توازيا مع الحياة middot;middot; يهمني أيضا أن أحرضه على طرح المزيد من أسئلة الحياة والحبّ والخير والجمالmiddot;
فالكاتب برأيي هو رسول الأسئلةmiddot;
في تجربتي الشخصية ''الخصوصية انطلق من هكذا يقين وهو أنني رسولة أسئلة صغيرة،أحاول في كل نص طرح الأسئلة المستفسرة المشاكسة المشاغبة وهي أسئلة في معظم ملامحها سوداوية بعض الشيء لكنها تظل أسئلة لها الحق في التواجد وفي توسيع مساحاتها الوجودية،من هذا المنطلق أحاول حقن الحياة بأسئلة تبحث عن يقينية وجودية ما middot;middot;لا يهم طبعا أن أقبض على هذه اللحظة اليقينية على المدى القريب أو البعيد،المهم أن أطلق صرختي ''أسئلتي وأن يتلقاها الآخر ويقاسمني أياها، يشاطرني همها وحرقتهاmiddot; من هذه الحالة الموغلة في الأسئلة والإشتغال عليها تكمن قيمة اليقينية المحتملة الحدوث في سياقات شعرية ''حياتية قادمةmiddot; يقينية تحرضها أسئلة أخرى تتوالد عنها ومنها كي تزعزعها من جديد بشكل جمالي مفترض وحقيقي في آنmiddot; إنها يقينية الأسئلة والكتابة والحياة والكينونة والخصوصيةmiddot; و طبعا تظل لكل خصوصية بيئة ونشأة middot;middot; وتختلف هذه البيئة والنشأة عند كل كاتبة أو كاتبmiddot;
لكن تشملهم جميعا جغرافيا الأسئلة والهم الكوني الفردي 'الجمعي في آن middot; لهذا برأيي أرى أن مهمة الإنسان المبدع كاتبة ''أو كاتب هي عموما أن يكون كينونيا بالدرجة الأولىmiddot; فالكاتب الكوني لا تحده جغرافيا ولا حدود لأنه ممتد في ''ومع الآخر بروحه الإبداعية المتسامية مع قيم النبل والإنتماء الإنساني ''الوجداني اللانهائي middot;middot; عليه أن يحاول'' يسعى'' يجتهد لأن يصنع عالم الكوننة'' الأنسنة في خياراته الأدبية كبديل آخر أكثر من ضروري لسياقات العولمة أو الأمركة،التي أثبتت أنها في كل مرة تعمق الهوة بين بني البشر في الكرة الأرضية الواحدة وتزرع مواسم التفرقة السامة واللا تواصل واللامحبة واللاعدل واللاخيرmiddot; الكاتب الكوني عموما أمام مصطلحات ''متضاربة مع ذاتها ومع قيم الوجود وعليه أن يتبنى مصطلحه الأبقى بامتياز وهو مصطلح الإنسان الذي لا تحده لا جغرافيا ولا أمزجة حدودmiddot;middot;
وهذا ما يجعلني عند كل منطلق كتابي أؤمن بأنني إنسانة كونية أولا وأخيرا وبالدرجة الأكبرmiddot;middot;middot; فمنذ بدأت أعي أهمية الكتابة كان خياري فيها أن أطرح أسئلة الحياة والوجود والإنسان وهنا تكمن خصوصيتي الفردانية '' و الجمعية في آن الوقت، خصوصيتي كإنسانة كونية وتكمن أيضا فيها خصوصية تجربتي'' أو معاييري و اتجاهاتي الشعريةmiddot; لكل خصوصية بيئة ونشأة معينة كما قلت سابقا ولها أيضا تاريخ وجغرافيا وجدانية ''وجودية ولا خصوصية تلغي خصوصية أخرى فلكل خصوصية قيمها وقاماتها وقيمتها ومكاسبها وانتصاراتها وتميزها وتفردهاmiddot;
لا خصوصية تهمين على أخرى مهما خلقت تفردها''أو فرادتهاmiddot;middot;
نوارة لحرش
nouarala2@hotmail.com