صدام: إعدام أم أضحية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل كل شيء، أود أن أؤكد حقيقة لكل القراء أنني لم أكن ابداُ من مناصري أو معادي الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، حيث كنت أعتبر قضيته شأناُ عراقياُ بحتاُ، رغم أن علاقتي بالعراق و بأهله "جميعا" أقرب من علاقة الشريان بالقلب.
أكتب هذه المقالة لأشرح بعض الأمور و أقدم تحليلاُ "متواضعاُ" لما حصل و يحصل بالعراق الحبيب.
قبل أكثر من عام كتبت سلسلة مقالات هنا، وفي هذا المنبر و فيها حذرت من أكثر من خطر، أولها بعض القرارات الخاطئة التي صدرت عن حاكم العراق حينئذ، السفير بول بريمر، و بعدها حذرت من عدم مشاركة العرب السنة "العراقيين" بالعملية السياسية، و من ثم عملية التقسيم أو المشاركة بالسلطة.
تمت محاكمة صدام حسين و رفاقه في أسخف قضية يمكن أن يحاكم عليها، ألا وهي محاولة إغتيال رئيس دولة اثناء حكمه، و كان رد رئيس الدولة و أجهزته الأمنية هي قمع هذه المحاولة. وهنا أود أن أطرح هذا السؤال: لو حصلت مثل تلك المحاولة في أي بلد عربي أو أجنبيوطرحت وقتها أكبر خطر قد يحدق بالعراق و العراقيين ألا وهو الحرب العمياء، ولا أقول الحرب الطائفية، إذ أن الجميع يعترف الآن أن ما يحصل في العراق حالياُ هو حرب لا مثيل لها...فهي حرب عمياء، لا دين و لا طائفة ولا مبدأ لها.
سخر من كلامي الكثير من "الغوغائيين" و فهمه بعض المفكرين و استمع له الكثير من الوطنيين العراقيين...لكن و للأسف: كلمة من سادت؟
كلمة الفوضى و الفتنة و الإقتتال و القتل و التفجير و التكفير..هذا الذي حكم الشارع العراقي.
نعود الآن إلى موضوع الساعة ألا وهو إعدام الرئيس العراقي السابق، أو كما يريد البعض تسميته "المخلوع" أو الطاغية أو..،أو..، أو...، لكم تسميته كما تشاؤون، فالأمر لا يهمني بقدر ما تهمني الرسالة التي أرسلها القائمون على ذلك الفعل.
سأقّسّم نتائج هذا الفعل إلى عدة أقسام، محلية "عراقية" ثم إقليمية "عربية" و إقليمية/ إسلامية، ثم إقليمية "كوردية" كما يحب إخوتي الأكراد تسميتها، و من بعد إقليمية/عالمية
كلنا كان يعرف أن صدام حسين مصيره الإعدام...سواء كان تنفيذ هذا الحكم اليوم أو غدا، فالنتيجة ليست مفاجئة. إنما ما كان مفاجئاُ للجميع، وحتى لأعداءه، كان التوقيت. هذا التوقيت له بعدين.
البعد الأول كان محلياُ عراقياُ، وهنا سأتناول النتائج المحلية العراقية ثم الإقليمية الإسلامية و الكوردية معاُ.
تمت محاكمة صدام حسين و رفاقه في أسخف قضية يمكن أن يحاكم عليها، ألا وهي محاولة إغتيال رئيس دولة اثناء حكمه، و كان رد رئيس الدولة و أجهزته الأمنية هي قمع هذه المحاولة. وهنا أود أن أطرح هذا السؤال: لو حصلت مثل تلك المحاولة في أي بلد عربي أو أجنبي، كيف كان يمكن لأجهزة تلك الدولة أن ترد عليها؟؟
نحن نعرف أن الرد سيكون قمعاُ بدون رحمة، و رأينا و سمعنا الكثير من الأمثلة حولنا.
أنا أقرُّ هنا أن روح الإنسان، أي إنسان، لا تقدر بثمن..لكن اسمحوا لي أن أقول في هذا السياق أن ضحايا قمع نظام صدام لهذه المحاولة الإنقلابية كانوا 148 شخصا.
ثم انتقلنا إلى قضية أخرى ضد النظام المخلوع، ألا وهي قضية "الأنفال". تلك القضية التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 188 ألف كوردي. تلاحظوا معي الرقم: أي أن كل ضحية من الدجيل ذهب مقابله أكثر من ألف ضحية من الأكراد.
لماذا لم تستكمل محاكمة صدام و أعوانه في قضية "الأنفال" رغم أن عدد ضحايا تلك الجريمة يفوق بآلاف المرات عدد ضحايا الدجيل؟
هل أن ضحايا الدجيل هم أغلى من ضحايا الأنفال؟
لا.... ولكن هناك تفسيرين إثنين على ذلك.
أولهما: أن ضحايا الدجيل هم غالباُ من أعضاء حزب الدعوة، وثانيهما وهي القضية الأكبر: أن قضية "الأنفال" لعبت فيها دول كبرى أخرى وكان صدام يتلقى الأوامر و الدعم منها في تنفيذ عملية الأنفال.
عملية الأنفال تمت بتدبير و تنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران و تركيا، ولهذا لم ترغب تلك الدول "التي تحكم العراق الآن" أن تكشف أسرار تلك المؤامرة".
ألا تذكرون انه قبل عدة أيام صرح محامي "طارق عزيز" أن موكله لديه معلومات خطيرة في قضية الأنفال، لو كشفها ستورط دولاُ عديدة؟
بعد تلك التصريحات، تسارعت الأمور و تم ترتيب إعدام صدام حسين بسرعة، حتى لا تنكشف المؤامرة.
و هنا، أسمح لنفسي بالتوقّع أن نسمع قريباُ أن طارق عزيز توفي في سجنه بسبب مرضه، وهذا بالتأكيد للقضاء على آخر شاهد في تلك القضية.
أما بالنسبة للبعد الإقليمي / العربي / الإسلامي: فقد دبر الأمريكان و من معهم توقيت إعدام صدام حسين في فجر عيد الأضحى المبارك، ليرسلوا رسالة إلى كافة المهتمين، عرباُ كانوا أم مسلمين مفادها "أننا بهذه العملية نقدم لكم أول أضحية"، و "غير مسبوقة" لعيد الأضحى الذي تحتفلون به، فحذار.....
و من بعد ذلك، رسالة، منا نحن الشعوب إلى باقي الجالسين على صدور الشعوب، و الطغاة الآخرين لنقول لهم:"ذهب طاغية وبقي عشرون آخرون ينتظرهم حبل المشنقة".
لكنني في النهاية، و كعادتي في كل مقالة، أحب أن أستذكر بعض الأشعار لأختم مقالتي:
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما...رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها... تبقى الأسود أسود و الكلاب كلاب
و في الطيور جبن و هي طائرة و في الصقور اباء و هي تحتضر
أكثم التل
كاتب و صحفي أردني - مستقل
Akthameltall@yahoo.com