حدادك على من يا سيادة العقيد؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إعلان الحداد الرسمي في ليبيا لمدة ثلاثة أيام حزنا على"أسير الحرب صدام حسين"، کان يجب أن يکون الاخ معمر"کما يحب أن ينادونه"، عندما أعلن الحداد في ليبيا و أمر بإيقاف کل مظاهر الاحتفال حتى بعيد الاضحى نفسه، فإن عمق حزنه ولوعته لرؤية ذلک المصير التراجيدي المحزن لنظيره في"سرقة السلطة الشرعية للشعب" وليس للجانب الانساني من المسألةبهذا الشکل و الصورة، إذ لو کان بنفس السياق الروتيني الذي تجلى في مواقف مختلف الدول و القادة و الرؤساء، فإننا کنا سنشک بأن ثمة معجزة قد حدثت في ليبيا و أن مايشاع"کذبا و زورا"بخصوص "إصلاحات"مزعومة على أصعدة مختلفة في ليبيا قد بات أمرا واقعا.
العقيد معمر القذافي، الذي طالما ظهر بمواقف غريبة في کل جوانبها وحتى إنها باتت مادة کاريکاتيرية دسمة للصحافة العالمية وکانت العديد منها بمثابة مشاهد کوميدية لرجل غريب الاطوار يقود شعبا الى الهاوية، يظهر إنه قد مل الکاريکاتير و المشاهد الکوميدية وبات يرغب في طرق أبواب و مجالات جديدة وقد وجد في إعدام الرئيس العراقي السابق ضالته، ورغم إنني أخالف مبدأ العدام کوسيلة للقصاص، فإنني لم أجد في موقف العقيد القذافي مايعبر عن رفض مسألة الاعدام من ناحية إنسانية وإنما کان في رفض"إعدام رئيس"من قبل شعبه ذلک إن الصورة ترعب صاحب النظرية العالمية الثالثة مثلما إنها أرعبت الکثير من الطغاة الآخرين ودفعتهم للإعلان عن مواقف"ثورية"و"شاجبة"لإعدام الرئيس العراقي السابق بعد أن کانوا"وهو في الحياة"يمقتونه أشد من مقتهم لأي شئ آخر.
الاخ معمر"کما يحب أن ينادونه"، عندما أعلن الحداد في ليبيا و أمر بإيقاف کل مظاهر الاحتفال حتى بعيد الاضحى نفسه، فإن عمق حزنه ولوعته لرؤية ذلک المصير التراجيدي المحزن لنظيره في"سرقة السلطة الشرعية للشعب" وليس للجانب الانساني من المسألة، فتلک المواقف التي عبرت عنها منظمات دولية عديدة تهتم بشؤون حقوق الانسان وتلک التي تسعى لمنع عقوبة الاعدام، هي جلها مواقف ذات طابع إنساني بإمکانها أن تدفع الحکومة العراقية للشعور بالحرج و مراجعة الذات، أما الموقف الذي صدر عن العقيد الليبي فهو أمر يدعو الى بعث اللعنات لصدام حسين من قبل العراقيين حتى وهو في مثواه الاخير.
وإذا ماکان القذافي يتصور أن موقفه ذاک سوف يدعو العرب الى الإنبهار به و التضامن معه، فإنه مخطئ تماما، إذ لو کان ذلک الموقف صادر من أي زعيم عربي آخر لکان له شئ من الحظ بأن ينال ذلک الدعم الجماهيري، لکنه من سوء حظ العقيد أن يدرک جيدا أن الجانب الکاريکاتيري ـ التهريجي من شخصيته هو الذي يطغي تماما على کل جوانبه الاخرى، کما إن عليه أن يدرک إن"الانبطاح"المفضوح الذي أبداه أمام"أعداء الامس"قد عراه أکثر فأکثر من ورقة التوت التي کان يتستر بها، ولهذين السببين وأسباب أخرى، فإن موقف العقيد قد مر مرور الکرام أمام الشارع العربي وحتى إنه لم يحظ بتلک الاهمية التي کان يجب أن تنالها لغرابة موقفها قياسا الى البقية بل وإن موقف"الرفاق البعثيين الاردنيين"بإقامة مجلس عزاء صامت لقائد الرکب البعثي کان قد حظي بأهمية أکبر من حداد العقيد القذافي، ولذلک فإنه من الاجدر بالاخ العقيد أن يعود الى مجال إختصاصه الاساسي أي الکاريکاتير و القفشات الکوميدية ويدع التراجيدا لأصحابها.
وبالمناسبة، مع إشتداد الدعوات الدولية لمنع عقوبة الاعدام على الصعيد الدولي والتي أتمنى لو تحقق هدفها المرجو، لماذا لاتطلق بنفس الاتجاه دعوة لمنع المستبدين من بقائهم متسلطين على رقاب شعوبهم والتلاعب بمقدراتهم کما فعل العقيد حين قام بهدر المليارات من ثروات الشعب الليبي على نزوة"ذرية"له إنتهت بإنبطاحة مخزية له مثلما صوره العديد من الکتاب العرب، فهل سيتحقق ذلک؟ إنها مجرد أمنية.
نزار جاف
nezarjaff@gmail.com