أصداء

الهولوكست حقائق أم أكاذيب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عقلية القطيع تتحكم فى العالم العربى بشكل عجيب. فما أن ترى مجادلة ما أو حجة ما حتى تجد الجميع يرددها ببغاوية غريبة. فمن يسبق من مدعى الثقافة إلى عرض حجة ما او مجادلة معينة تجد نفس المقولة أو الحجة على لسان الجميع وبالذات على لسان البسطاء الذين لا يعرفون أصلا حدود المشكلة. وعادة تصدر تلك المقولات من المتفيقهين الذين يعرضون ححة أو مجادلة تتسم عادة بغياب المنطق، ويقيسون عليها قياس فاسد ويأخذها الغوغاء من لسانهم على أنها الحكمة المنزلة. وتجد أفضل مثال لذلك المنطق الغائب لدى الفئة الضالة التى تستخرج ما يحلو لها من الشرع، وتفسره حسب التفسيرات التى تحلو لها وتقيس عليه لتسبغ على جرائمها حماية الدين. ومن الأمثلة الملامسة للواقع المعاش مثلا عندما تستفتى أغلبية ما نفسها فى أمر خاص بالأقلية، ويخرج من يقول لك أليست هذه هى الديمقراطية؟ وتسرى المقولة حتى يضيع من صوت من يعترض على ذلك القياس الفاسد.
ومن أشد الحجج سريانا على لسان العامة أن الغرب يسمح بحرية من يستهزىء بالرسول فى ذات الوقت الذى يعاقب من يشكك فى المحرقة اليهودية، ويجرى إستشهاد العامة بالمفكر الفرنسى المسلم روجيه جارودى حتى لمن لا يعلمون عن جارودى أى شىء إلا أنه فرنسى مسلم أو حتى هذه أيضا لا يعلمونها إلا من أقوال من يزيفون عليهم وعيهم. وبالطبع أن أحدا منهؤلاء لم يسع لمعرفة حقيقة المحرقة اليهودية بنفسه لمن حانت له الفرصة من سفر إلى الخارج أو غيره، ولا سمحت دولة لمواطنيها بالإطلاع على مايقال عن المحرقة فتترك لكل منهم أن يصل لقناعته بنفسه إن إقتناعا أو تكذيبا.
المحرقة اليهودية أو الهولوكست تطلق على القتل المنظم الذى مارسه الألمان ناحية اليهود خلال مدة حكم الحزب النازى بين العام من 1934 وحتى العام 1945. ولأن الألمان لديهم نظام حتى أثناء إرتكاب الجرائم فقد وثقت وقائع تلك المذبحة من خلال وثائق رسمية عليها أختام الدولة الألمانية بالأسماء والأماكن وطرق القتل. وقد عثرت القوات المتحالفة التى دخلت ألمانيا على تلك الوثائق بالإضافة إلى تصويرها لمعسكرات الإعتقال بمن فيها من يهود كانوا ينتظرون دورهم فى الإفناء وهم فى منتهى النحافة من الجوع والعمل القسرى القاتل. كما إستمعت المحاكم التى شكلت بعيد الحرب لشهادات الأحياء من المعتقلين وأقارب القتلى وكل ذلك مسجل بالصوت والصورة والوثائق.
بالطبع لم يعن أى عربى تواجد فى الخارج بزيارة أحد المتاحف التى تعرض فيها تلك الوثائق والأدلة، كما منعت حكومات العرب أية أفلام أو أقلام تذكر المذبحة، بحجة منع اليهود من الحصول على تعاطف من يدرك حقيقة ما تعرضوا له. وهذا من باب تزييف التاريخ بطريق التعتيم وهو إحدى طرق الكذب، والغريب أن من كان بإمكانه إستكشاف الحيقية أيضا بمبادرته الفردية حجب نفسه عن معرفتها ربما خوفا من أن يشفق على اليهود أو أن تدخل الرحمة فى قلبه تجاههم. هم يخافون أن يصطدم ضميرهم بالحقيقة، ويفضلون أن يعيشوا فى تعتيم على أن يعلموا الحقيقة التى يستفاد منها الإعداء سواء قبلها المثقفون العرب أم رفضوها.
المفكر الفرنسى روجيه جارودى لم ينكر المذبحة بالمطلق أبدا، وإنما قال أن الوثائق تدل على أن ضحايا المذبحة لا يتعدوا ا مليون يهودى فقط. ولا شك فى أهلية جارودى كمفكر ولكن كباحث مدقق فليس هذا مجاله أبدا. فمثلا عندما تضبط سلطات بلد ما على ألف كيلو مخدر يخرج الكتاب والمفكرون مكبرين ومهللين بهذا السبق، ولكن أهل البحث والتدقيق يعلمون أن كل كيلو مخدر يضبط يعنى أن عشرة قد وجدوا طريقهم للسوق. أيضا قول جارودى أن القتلى مليون فقط وأن اليهود يستغلون المحرقة كصناعة تدر عليهم الأرباح هو قول فظيع ومؤلم لليهود وللحقيقة. مثله مثل أن يقول أحد أن شهداء العبارة السلام كانوا مائتين فقط وليسوا ألفا،ان أهالى المسافرين يكذبون من أجل اموال التعويضات وهذا بالطبع قول فى منتهى الحقارة، رغم الفارق بين القتل بإهمال والقتل المنظم الذى إرتكبته الدولة الألمانية. ولذلك هوجم جارودى ومن نحا نحيه من الفرنسيين والألمان من قبل اليهود.
وجريا على ذات السياق أشاع المتفيقهين مقولة أن دول الغرب لم تغفر لجارودى رأيه فى المحرقة وتدعى حماية حرية الرأى فى الرسوم المشينة للرسول. ولقد اوضحنا لماذا هوجم جارودى، والفرق بين ما قاله جارودى أن المحرقة واقعة، وإنكارها كذب صريح وليس رأى. وفى قياس ذلك على تلك فارق هام وجوهرى من شأن إغفاله فساد القياس، وإن من أطلق المقولة يعلم ذلك الفارق ولكنه يدلس على المريدون الذين رددوا المقولة بينما هم لا يعرفون جارودى ولا شيئا عن محرقة اليهود من الأصل.


عادل حزين
نيويورك
adel.hazeen@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف