الجهاد الالكتروني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كلّ مستحدث بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة في النّار. لا أعلم مقولة تلخّص مأساة الفكر السلفي مثل هذه القاعدة، و التي لازال بعضهم يستشهد بها للآن. غير ان هنالك مستحدث من صنع بلاد الكفر، قد أٌحل لنا على ما يبدو استخدامه، و لكن على وجه شرعي بطبيعة الحال. و حكاية الشرعي هذه و تنصيب من شاء نفسه متحدثا باسم الشرع مأساة أخرى تستحق أكثر من درس، فمن البنوك الشرعية إلى المايوه الشرعي مرورا بالأغاني الشرعية، حققت هذه الماركة غير المسجلة و بمفهوم اقتصادي علمي بحت، تقدما و غزوا للاسواق تحسد عليه. المهم، كان لا بد إذا من وضع إطار شرعي لاستخدام وسائل الاتصال الحديثة، و يا ليتهم اعتبروها بدعة و حرّموا استعمالها كما حرّموا التلفزيوم ذات يوم و راح ضحيتهم بسبب ذلك الملك فيصل رحمه الله. ثم تحول الاستعمال الشرعي لهذه الوسائل شيئا فشيئا إلى جهاد باستخدامها، أطلق عليه بعضهم الجهاد الإلكتروني.
الاستعمال الشرعي للانترنت مثلا يتمثل في تحريم دخول المرأة (القاصر مدى الحياة في فكرهم) إلى الشبكة العنكبوتية مالم يكن معها محرم، و طبعا عدم ارتدياد مواقع الكفر و الاباحية أو الالحاد و العلمانية و العياذ بالله. حتى الصور التي يحرّمونها عادة، وجدوا لها مخرجا، فهناك ايضا صور شرعية، لما لا؟ و يكفي أن تكتب أية آية أو حديث أو كلام يفهم منه أنك متدين على أية صورة شجرة أو عصفور لتصبح شرعية. و يا سلام لو كانت صورة فتاة في عمر الزهور أو رضيعة و ألبستها حجابا أو خمارا، تكون و الله من المجاهدين الذين يغيضون أعدائنا. أمّا دعوتك للعمليات الانتحارية، عفوا الاستشهادية، و قتل المدنيين (عفوا مرة أخرى، الأعداء، فكل من ليس منا هو عدو) و لو بصور تظهر أطفالنا بأحزمة ناسفة لنؤكد للعالم أن رسام الكاريكاتور إياه ربما استقى فكرته من تصرفاتنا نحن و إسائتنا لانفسنا، فهي، أي الدعوة، ثواب و جهاد ستتلقى بسببه آيات الاعجاب و الدعاء بدءا من الكلمات البلهاء مثل مشكور أخي، إلى بارك الله فيك أخي، اللهم احرق زرعهم و أقطع نسلهم، أحفاد القردة و الخنازير.
ثم جاء دور الاستعمال الايجابي لهذه التقنيات، بوجه شرعي أيضا، و لا أقصد بالإيجابي وضع لغة برمجة جديدة، أو تقنايات مستحدثة، فكل مستحدث بدعة طبعا، لا، إنما أقصد التعرف على وسائل هجوم قراصنة النت، من الكفار بطبيعة الحال، لاستعمالها في هجومنا و غزواتنا المباركة على مواقعهم. هذا و قد بلغ عدد المواقع الدنماركية التي اخترقها مجاهدونا الإفتراضيين جازاهم الله كل خير، أكثر من 500 موقعا، كلها تعود لخواص، و لا تستعمل وسائل حماية بطبعها، اما موقع المجلة المجرمة، فيبدو أنه استطاع المقاومة إلى حد الآن.
إنّ مسألة غزو الفكر التكفيري لمواقع الانترنت و منتديات الحوار العربية، بوصفه أحيانا الفكر الوحيد المباح في بعض دولنا بسبب المنع المفروض على المواقع الاخرى تحت عدة مسميات، كان و سيكون له نتائج وخيمة، فالمرور من الحياة الافتراضية و الجهاد الالكتروني، إلى الحياة الواقعية وقطع الرؤوس، حدث و يمكن أن يحدث لأي من أبنائنا في أية لحظة.
عماد حبيب