حب يسكنها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رحلت إليه بعينين تعبتين ملَّتا الانتظار، سبحت إليه بذهنها المشتت لتغرق في لحظات من ذكرى لا تفارقها.
رحلت إليه تحمل عبئاً ثقيلاً في قلبها المسموم بحزن يحتضنه منذ سنوات، كل الأمكنة أمكنتها، صورة تسكن كل الزوايا، أنفاسه تندس في صدرها المثقل به... في ذاك الشارع لمحته للمرة الأولى، وذاك المقهى بارك لقاءهما الأول حيث تعلقت أعينهما قبل أن تتشابك أياديهما، وعلى تلك الطاولة هناك حفرا اسميهما قبل أن يحفر ملاك الحب بسهمه في قلبيهما آثاره ويرحل...
لم تنسَ هي السحب التي رقصت فرحاً يوم أضاءت شعلة حبهما حتى أعمتهما، وكيف تنسى؟ فكلما رأت رفّ السحب تحلّق في الفضاء الواسع، يجتاحها الأمل بأن ذاك الغائب سيدق باب بيتها البارد ليشحنه دفئاً حميماً.
... رحلت إليه بكلمات غصَّت في حلقها، تلك التي كان يدغدغ بها أذنيها، كلمات كانت تحبس أنفاسها، تتركها في حال نشوى شديدة حتى لا تكاد تصحو منها، لتقفل على نفسها بين جدران غرفتها المسحوقة بهداياه وصوره وتذكاراته التي هجرها ورحل إلى البعيد، فكان الحاضر الغائب أبداً.
رحلت إليه حاملة خصل شعرها الأبيض هدية، كانت الحارسة الأمينة خلال الدرب الطويل.
رحلت إليه بأحرف سطرتها على صفحات دفترها واكتنزتها في أرشيف مذكراتها الذي أصبح مزارها اليومي تلجأ إليه ما إن تتربع الشمس على نافذتها موشوشة، ولا تنام قبل أن تطبع على خده قبلة وداع مسائية.
... كيف ترحل إليه وهو يسكنها؟ كيف ترحل إليه وهو جاثم في داخلها كصخرة عاتية لا تهتز أمام سطوة الزمن أو تقلبات المزاج والمشاعر حتى أصبحت من الثوابت في زمن المتغيرات.
رحلت وإن رحلت، فمنه... وإليه. فهو لم يغادرها أبداً...
*إهداء إلى كل العاشقين حتى الفاشلين منهم وما أكثرهم.
جميلة العوابدة
الكويت