أصداء

صاد تشال

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نحن نميل لتقديس كل شيئ. و حتى بعيدا عن الاعتبارات العقائدية. تعوّدنا مثلا على تقديس القضاء، و عدم التّعليق على أحكامه، أو إنتقاد نزاهته. و لكن ألا يستحق خبر مثل الحكم في قضية هند الحناوي و أحمد الفيشاوي أن نقف عنده. ربما لكون هذه القضية بالذّات ليست سياسية، فإن الحديث عنها و عن الحكم سيكون أسهل نوعا ما، و ذلك لو تناولنها من وجهة نظر فضائحية. أما لو أردنا انتقاد حيثيّات الحكم، المعتمدة كليّا على ما تركه لنا السلف الصالح، أبو حنيفة تحديدا، فإن القدسيّة تصبح مضاعفة حيث لا يجوز الاقتراب من هذه المحرّمات. و إن إقتربت و تجرّأت و قلت أن حيثيّات الحكم غير مقبولة و تدعوا للرّثاء، فاستعد لتصنيفك في خانة أعداء الاسلام، المهدورة دمائهم لانكارك ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

كيف يمكن أن نقبل في حيثيّات حكم محكمة، المفروض أنها مدنيّة، في بداية القرن الحادي و العشرين، في زمن تحليل الحامض النووي و الاثبات العلمي للأبوة، حيثيّات تتحدّث عن ماء زنا فاسد. في أيّ عصر نعيش، و مالنا نحن و ما تركه لنا السلف الصالح؟ هل نحن متأكدون أنه كان صالحا أصلا؟ أو على الأقل أن كل ما وصلنا، يعود للسلف، و كل هذا السلف كان صالحا؟ ألا يمكن و لو على سبيل الاحتمال، أن يكون منهم من كان طالحا و يجب عدم الأخذ بما تركه؟

وصل بنا تقديس كل شيئ ان نقدّس ما جاء بعد القرآن، بدءا بالحديث، النبوي أو القدسي، أو ليس القدسي كلام الله أيضا؟ مرورا بالخلفاء الراشدين، و ما قالوه، و العشرة المبشرين بالجنة، حتى دون أن نفكر في صحة رواية تبشيرهم بالجنة. وصولا لمن جاء بعدهم، و هكذا، جاعلين من دون أن نشعر الجميع على قدم المساوات في التقديس. و حين أقول تقديس فأنا أعني ما أقول.
قد يكون من الاجحاف جعل الصاد تشال في كلمة صالح حين نتحدث عن السلف. قطعا لم يكن كل السلف طالحا. و لكن قطعا أيضا و تلك طبيعة الأمور لم يكن صالحا في المطلق. و عموما لا يهم ذلك كثيرا في حياتنا المعاصرة، فمن غير المعقول اعتماد حيثيات حكم محكمة في قضية اثبات ابوّة، على ما تركه لنا هذا السلف. من الغير معقول أن نعود للنصوص القديمة و التي كتبت في عصور غابرة لنحلّل او نحرّم كل صغيرة و كبيرة في حياتنا الحاضرة. حتى وصل الأمر، و بعد المايوه الشرعي، إلى الطبعة الشرعية، نعم، الطبعة الشرعية للرواية الأشهر لنجيب محفوظ، أولاد حارتنا. مذا بعد ذلك؟ متى سنتوقف؟ أم هل يجب أن نختار بين الصاد و الطاء؟ تقديس هذا التراث و هو ما نفعله الآن و ها نحن نرى النتيجة؟ أو أنكاره جملة و تفصيلا لنعيش عصرنا بعد نومة أهل الكهف أخيرا.

عماد حبيب
باريس

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف