توم و جيري، إيران و اليهود
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هل يمكن تخيّل حدود ما للحماقة؟ سأجيب أنا: حين تكون مستشارا ثقافيا للرئيس الإيراني أحمد نجادي، و تتحدث لمجموعة من المهتميّن في إطار مهرجان سينمائي بطهران، فبالتّأكيد بإمكانك ان تمارس حماقتك إلى ابعد حدود ممكنة، بمجرد أن تهاجم اليهود، و ليس مهمّا بعد ذلك ان يضحك عليك العالم.
حكايتنا بسيطة جدا كحكايا الاطفال في الصور المتحركة. في إطار المهرجان المذكور أعلاه، أتحفنا السيد المستشار بكشف عظيم. إنّ توم و جيري، القط و الفأر، الشخصيتان الكارتونيتان هما أيضا بدورهما مؤامرة يهودية. أرجوا أن لا يضحك أحد حتى أكمل وجهة نظره. قال أن الشخصيتان من ابداع استوديوهات والت ديزني اليهودية!! و أنّ الهدف منهما تغيير نظرة أطفال أوروبا (و ليس أمريكا) عن اليهود الأشرار. كيف؟ قال أنّّ اليهود كانوا قديما يوصفون بالفئران، و شخصية الفأر جيري تمثل اليهودي، الخبيث، الذي يصنع المقالب،و يوجه اللكمات للقط توم، و مع ذلك لا تقدر إلا أن تتعاطف معه.
هكذا إذا وجدنا في توم و جيري دليلا آخر على المؤامرة، و على أن اليهود، كل اليهود، هم أصل الشرّ في هذا العالم. الكذب و الجهل كفيلان بجعل أي رجل سياسة يفقد مصداقيته، فظلا عن الحماقة. لكن لا أعلم لم لا تكون الأمور عندنا هكذا؟. السيد المستشار كذب و تلك مصيبة حين قال أنّ توم و جيري شخصيتان من اختراع اليهود. فهما ليسا من انتاج والت ديزني كما إدّعى بل من انتاج إستوديوهات هانا و بربيرا و هما للعلم ليسا يهوديان بل مهاجران امريكيان من اصول ايطالية و هنغارية. و السيد المستشار لو كذب عن جهل و هو العامل في مجال الثقافة أساسا فالمصيبة أعظم.
حين طالب الرئيس الإيراني بمحو إسرائيل من على الخارطة، و بعد ما أثارته تصريحاته، المعدّة أساسا لإستهلاك الداخلي، من استهجان في كافة أنحاء العالم، قام المرشد و هو السلطة العليا الحقيقية التي هي فوق جميع السلطات، بما فيها رئاسة الجمهورية، قام بلفت نظر الرئيس أن اعتني بتنفيذ وعودك الانتخابية داخليا و دعك من السياسة الخارجية.لا أعلم إن تمّ لفت نظر صاحبنا، لكن ما حدث في هذا المهرجان السينمائي دليل على تواصل افلاس نظام أحمد نجادي السياسي، و مزايدة لا معنى لها و عزف على وتر معاداة اليهود، بطريقة أقل ما يقال عنها أنها شرّ البلية، لأنها فعلا تضحِك.
عماد حبيب
imed_habib@hotmail.com