أصداء

تكتيك اشعال الحرائق في العراق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ليس ثمة عاقل يذهب به الخيال الى حد تصور ان الدكتور الجعفري اتخذ قرار زيارته لتركيا بمعزل عن شركائه في قائمة ( الأئتلاف)، ولايمكن لأحد ايضا ان يتصور ان قادة ( الأئتلاف)ساذجون الى درجة عدم ادراك التاثير السلبي للزيارة على علاقتهم بقائمة ( التحالف الكردستاني)، لذا يمكن القول ان قرار الزيارة هو قرار اتخذه ( الأئتلاف ) بعد دراسة
وتمعن اخذين بنظر الأعتبار كل التداعيات السلبية التي سيثيرها مع ( التحالف الكردستاني )، بل ويمكن القول ان القرار اتخذه (الأئتلاف) خصيصا على خلفية تدهور علاقته مع حليفه السابق (التحالف الكردستاني ) الذي صار يلمح الى امكانية تحالفه مع الطرف الآخر(التوافق، والحوار، والعراقية ).

وطبعا ليس بأمكاننا أن نستبعد تماما الرأي القائل بأن ( المجلس الأعلى للثورة الأسلامية بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم ) سعى الى توريط الجعفري في هذه الزيارة لأفساح المجال امام مرشح المجلس الدكتور عادل عبد المهدي غير ان هذا الرأي يجسد الى حد ما رغبات (المجلس الأعلى للثورة الأسلامية)اكثر من تجسيده لواقع تصرفات (المجلس) الذي اكد ممثلوه اصرارهم على استمرار ترشيح الجعفري بعد ما تقدمت كتلة الأربعة ( التحالف والتوافق والحوار والعراقية) بطلب تغيير الجعفري بمرشح اخر هو الدكتور عادل عبد المهدي على ارجح تقدير.

ان ردود فعل ( الأئتلاف) على مطلب تغيير الجعفري بمرشح اخر والتي وصلت على لسان الشيخ صباح الساعدي ممثل (الفضيلة) الى حد التلميح بفصل الجنوب ( نحذر كل من تسول له نفسه اللعب بالنار وعلى القيادات الكردية ان تعلم اننا سوف نقطع خيرات الجنوب عنهم اذا استمر الاكراد والصداميون باللعب بالسياسة -ايلاف 4 اذار-) تؤكد ان قرار زيارة الجعفري لتركيا اتخذ باجماع قيادة الأئتلاف بعد ان توصل (الأئتلاف) الى قناعة مفادها ان (التحالف الكردستاني)يتآمر ضده وبدفع من السفير الأمريكي زلماي خليل زاد الذي وجه(( تحذيراً شديد اللهجة الى القوى السياسية العراقية من تسليم "عناصر طائفية وزارات الداخلية والدفاع والاستخبارات والأمن القومي"، ملمحاً الى انه سيستخدم الفيتو لمنع الشيعة المنتمين الى "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" بزعامة عبدالعزيز الحكيم من الوصول الى هذه المناصب، مذكراً بأن الولايات المتحدة "لن تنفق أموال دافعي الضرائب على قوات طائفية -الحياة -21-2-2006)).

كان( الأئتلاف ) يأمل بانجاز صفقة ستراتيجية مع (التحالف الكردستاني) تجعل من الطرفين كتلة برلمانية تحوز على اغلبية مقاعد البرلمان وتستطيع فرض ارادتها في اي حوار مع الأطراف الأخرى،كما في تجربة الحكومة الأنتقالية، غير ان ( التحالف الكردستاني) خيب هذا الأمل ورفض هذه الصيغة وطرح بديلا عنها صيغة الحوار الجماعي بين كل القوائم الفائزة، وقد تم فعلا اجراء عدة لقاءات ضمت كل رؤساء القوائم الفائزة في الأنتخابات، وقد وجد ( الأئتلاف ) نفسه خلال هذه اللقاءات وحيدا في مواجهة(جبهة) غير معلنةيقودها التحالف الكردستاني وتضم(التحالف الكردستاني والتوافق والحوار والعراقية)، وقد ايقن (الأئتلاف ) ان هذا التحالف موجها ضده لأنتزاع ( نصره) الأنتخابي،وقد ترسخ هذا الشعور لديه حين تقدمت ( كتلة الأربعة) بأقتراح (تشكيل مجلس من كل القوى الفائزة في الأنتخابات يتولى قيادة العراق ) واعتبره خروج عن مباديء الدستور والتفاف على نتائج الأنتخابات.

أن اصطفاف ( التحالف الكردستاني ) مع قوائم( التوافق والحوار والعراقية) وجه ضربة قاصمة لطموحات (الأئتلاف)ووضعه في موقف حرج،وهذا ماأغاظ قيادة (الأئتلاف) ودفعهاالى البحث عن وسيلة لأغاظة (التحالف الكردستاني) فكانت هذه (الوسيلة) هي تصميم زيارة الدكتور الجعفري لتركيا ( العدو التأريخي لطموحات الكورد). ولكي تكون هذه الزيارة رسالة واضحة ومثيرة فقد حرصت قيادة الأئتلاف على: اولا عدم اخبار رئيس الجمهورية (الكردي)، وثانيا عدم اصطحاب وزير الخارجية (الكردي ايضا) وثالثا اصطحاب وزير تركماني.وكان رد ( التحالف الكردستاني) على هذه ( القرصة)مدويا حيث قام بحشد حلفائه الثلاثة لمطالبة (الأئتلاف) بتغيير الجعفري بمرشح اخر،تلك المطالبة التي رد عليها( الأئتلاف ) بالرفض والتهديد بعرقلة ترشيح الطالباني بل والتلميح الى امكانية عقد صفقة مع ( التوافق)يكون من نتائجها ترشيح ممثل عن العرب السنة لمنصب رئاسة الجمهورية.

ان كل التكتيكات التي اتبعتها كل الأطراف الفائزة في الأنتخابات لاتعدو عن كونها حرائق يتم اشعالها في الجسم العراقي المنهك اصلا، وهي تكتيكات لايمكن وصفها بأقل من عدم الشعور بمعاناة المواطن العراقي.كما ان تحليل هذه التكتيكات يوصلنا الى نتيجة واحدة وهي كونها تستهدف الأبتزاز واثارة الأزمات فقط لأنها غير عملية ولاتشكل تهديدا حقيقيا للطرف الآخر، (فالتحالف الكردستاني) عمليا غير قادر على اقامة تحالف بمواجهة ( الأئتلاف) رغم ان هكذا تحالف يمكنه نظريا الحصول على اغلبية برلمانية ( اكثر من 133 صوتا) لأن ( الأئتلاف) سيعرقل ترشيح رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان،كما ان ( الأئتلاف ) لايمكنه عزل ( التحالف الكردستاني ) بالرغم من تمكنه من الناحية النظرية من اقامة تحالف مع قائمتي ( التوافق والحوار). وهكذا نرى ان اقامة حكومة توافق وطني لابد لها من ان تمر عبر اقامة تحالف أوتوافق بين قائمتي ( الأئتلاف والتحالف الكردستاني ) كمقدمة لأشراك الأطراف الأخرى، وأن اي تجاوز على هذه الحقيقة سيخلق ازمة سياسية مستعصية الحل.

هذا هو قدر العراق، وسنظل نعاني من هذا القدر ( ضرورة التوافق الوطني، الذي يعني عمليا حالة محاصصة طائفية وعرقية) لفترة طويلة الى حين بروز اصطفاف اجتماعي - سياسي جديد يفرز قيام احزاب وطنية كبرى لاتقوم على اساس طائفي او عرقي.

وهناك حقيقة اخرى على اي منصف عدم اغفالها وهي تعرض ( الأئتلاف ) الى ظلم واضح فهو وحده مطالب بتقديم التنازلات الكثيرة في حين أن اي مفاوضات تتطلب تقديم التنازلات من كل الأطراف المتفاوضة، (فالأتلاف) مطالب بالتنازل عن الأستحقاق الأنتخابي لصالح الأستحقاق الوطني، ومطالب بالتخلي عن وزارة الداخلية لصالح شخص مستقل، ومطالب بالموافقة على التنازل عن اغلبيته البرلمانية لصالح ( مجلس اهل الحل والعقد)، ومطالب بتقليص صلاحيات رئيس الوزراء لصالح رئيس الجمهورية او لصالح اطراف اخرى، ولعل هذه المطالب جميعها او بعضها تصب في خانة المصلحة الوطنية العليا، ولكن لماذا نطالب الأئتلاف وحده بتقديم التنازلات؟هل ان هذه المطالبة هي اقرار من الأطراف الأخرى بأن ( الأئتلاف) اكثر وطنية منهم ومستعد للتضحية بمصالحه الحزبية من اجل مصلحة العراق رغم تنكر الآخرين لهذه المصلحة؟ولماذا لاتكون التنازلات متبادلة ومتكافئة؟و لماذا نشعر(بظم النون وكسر العين) انصار( الأئتلاف) بانهم الخاسرون الوحيدون في اي صفقة وطنية بدل اشعارهم بأن اي اتفاق وطني هو مكسب لكل العراقيين.اسألة كثيرة يتداولها ابناء الجنوب والوسط ولابد( للآخرين) من الأجابة عليها بالافعال لابالأقوال فقط
كي يطمأن من هو بحاجة الى الطمأنينة ان هاجس الطرف الآخر هو مصلحة الوطن وليس محاولة اعادة سلب الآخرين حقوقهم الوطنية الطبيعية. أن مطالبة ( الأئتلاف) بمراعاة الأستحقاق الوطني ومراعاة الظروف الأستثنائية التي احاطت بالأنتخابات هي مطالب وطنية حقة ولكن يجب اقرانها بسلوك وطني عقلاني ومتوازن لايثير حفيظة النزعات الطائفية والعرقية التي اصبحت مسيطرة على مشاعر عموم ابناء العراق لأسباب معروفة، ويجب الأبتعاد عن اشعار انصار الأئتلاف بأنهم مرغمون على تقديم التنازلات غير العادلة للأطراف الأخرى كشانهم دائما، ولذا يجب التخلي عن دعوات استبدال الجعفري بمرشح اخر لأنها دعوات مهينه لأبناء الجنوب والوسط رغم ماتحمله من حجج تبدو منطقية، ويمكن بدلا من ذلك البحث عن مطالب اخرى تجعل الجميع مشاركا في صنع القرارات كل حسب وزنه الانتخابي والوطني.

عودة وهيب

aoda50@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف