أصداء

حملات الانفال من جرائم الابادة للجنس البشري

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

من المتوقع ان يحيل قاضي تحقيقات المحكمة الجنائية العراقية , ملف قضية الانفال خلال الشهر المقبل , و من ابرز المتهمين فيها هم : صدام حسينو علي حسين المجيد ( علي كيمياوي مسؤول منطقة كردستان ) و سلطان هاشم ( وزير الدفاع ) و طاهر العاني ( عضو قيادة قطرية سابق).
من المعروف ان عمليات الانفال سيئة الصيت هي واحدة من الجرائم الكبرى التي ارتكبها صدام حسين , و من اجل اطلاع القراء على هذه الجريمة نطرح الاسئلة التالية : كيف تعرف حملات الانفال ؟ و متى بدأت و كيف انتهت ؟ و ما هي نتائجها ؟ و ما هو موقف المجتمع الدولي منها؟
تعرف حملات الانفال التي شنها النظام البائد على كردستان العراق , من جرائم الابادة للجنس البشري , التي نفذت ضد الشعب الكردي في العراق.
لقد تم تنفيذ حملات الانفال العسكرية تحت اشراف و قيادة علي حسن المجيد , مسؤول منطقة كردستان انذاك و بصلاحيات أستثنائية واسعة, عندما تبين أن محمد حمزة الزبيدي ( توفى في السجن أوائل عام 2006 ) لم يكن بمستوى المهمةالمناطة به و قد بدأ علي حسن المجيد بأصدار مجموعة منالتعليمات الصارمة و القاسية و التي تحدد بوضوح سيطرتة الشخصية على الامور هناك , و قد ورد في هذه التعليمات الامر المرقم 38 - 2950 و المؤرخ في 3 حزيران عام 1987 الموجه الى القيادات العسكرية و قيادات فروع الحزب و مديريات الامن و مديرية المخابرات العامة و منظومة الاستخبارات ما يلي : الموضوع - قرار
1 - يمنع منعا باتا وصول أي مادة غذائية أو بشرية أو ألية الى القرى المحظورة أمنيا المشمولة بالمرحلة الثانية من تجميع القرى و يسمح للعودة الى الصف الوطني من يرغب منهم و لا يسمح الاتصال بهم من أأقربائهم نهائيا الا بعلم الاجهزة الامنية .
2 - يمنع التواجد منعا باتا في مناطق المرحلة من القرى المحظورة أمنيا و المشمولة بالمرحلة اولى لغاية 31 - 6 - 1987 للمنطقة المشمولة بالمرحلة الثانية .
3 - بعد اكمال الموسم الشتوي و الذي يجب ان ينتهي في 15 تموز بالنسبة الى الحصاد و لا يجوز استمرار الزراعة فيه للموسمين الشتوي و الصيفي لهذا الموسم أيضا.
4 - يحرم كذلك رعي المواشي ضمن هذه المناطق.
5 - على القوى العسكرية ضمن كل مق.اطعة قتل أي انسان او حيوان يتواجد ضمن هذه المناطق و تعتبر محرمة تحريما كاملا .

6 - يبلغ المشمولون بترحيلهم الى المجمعات بهذا القرار و يتحملون مسؤولية مخالفتهم له . للاطلاع و العمل بموجبه كل ضمن أختصاصه.
التوقيع - علي حسن المجيد - أمين سر قيادة مكتب تنظيم الشمال.
متى بدأت العمليات العسكرية:
قام مرصد الشرق الاوسط بدراسة 40% من الوثائق التي أستولت عليها المعارضة الكردية من المكاتب الحكومية في كردستان العراق عقب أنتفاضة أذار عام 1991 و وفقا لهذه الدراسة فقد بدأت عمليات الابادة ضد الاكراد بحملة الانفال الاولى بتأريخ 23 شباط 1988, بشن عدة هجمات في وادي (جفاتي ) في محافظة السليمانية , و قد حققت هذه الحملة أهدافها المحددة لها يوم 19 أذار بسقوط أخر قاعدة للمقاومة الكردية في قرية (بير غالو) ) ودمرت في هذه الحملة معظم قوات المقاومة الكردية مما اجبر بقية القوات على الهروب بأتجاه ايران , و لم يأسر في هذه العملية الا القليل.
في يوم 16 أذار شنتالقوات الحكومية التي يشرف عليها علي حسن المجيد , عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على مدينة ( حلبجة ) التي راح ضحيتها خمسة الاف شهيد و مثلهم جرحى!
يوم 22 أذار بدأت الحملة الثانية للانفال , عندما شنت القوات الحكومية عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى , و تم خلال هذه الحملة أختفاء اعداد كبيرة من الشباب و تم نقل بعض العوائل الى مخيمات الاعتقال في الصحراء جنوب العراق و سجن ( نقرة السلمان ), و قد أنتهت هذه الحملة في الاول من نيسان عام 1988.
في 7 نيسان بدأت حملة الانفال الثالثة في سهل ( جرمي ) حيث شنت القوات الحكومية هجوما كبيرا أستخدمت فيه جميع انواع الاسلحة بما فيها الطيران , و لم تواجه قوات الحكومة مقاومة شديدة بسبب شدة الهجوم , و قد أنتهت هذه الحملة يوم 30 نيسان بعد ان دمرت جميع القرى في المنطقة و قد تم أختفاء عدد كبير من العوائل ( تبين بعد سقوط النظام ان هؤلاء قد دفنوا احياء في مقابر جماعية في السماوة و الناصرية ...).
يوم 2 أيار بدأت عملية حملة الانفال الرابعة بشن هجوم عنيف بالاسلحة الكيمياوية بواسطة سلاح الطيران و قد قتل في هذا الهجوم عدد كبير من المدنيين و نفذت عمليات أعدام جماعية بحق المقاتلين و المدنيين من اطفال و نساء ...
في 8 أيار دمرت جميع المستوطنات السكانية في منطقة العمليات الحربية.
و من 15 أيار الى 28 أب بدأت حملات الانفال الخامسة و السادسة و السابعة , عندما شنت هجمات واسعة لقوات الحكومة على وادي (شقلاوة)و ( راوندوز ) و قد أستخدمت في هذه الهجمات الاسلحة الكيمياوية و قد قتل و أسر و أختفى الاف من الاكراد و نقل بعضهم الى معسكرات الاعتقال.
يوم 25 أب نفذت حملة الانفال الثامنة و الاخيرة في منطقة ( باديان ) بشن هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى و بعد هذه الهجماتالعنيفة فر السكان الى الجبال المحيطة بالمنطقة , و قتل و جرح في هذه الهجمات ألاف من الاكراد .
يوم 6 يلول أنتهت حملات الانفال سيئة الصيت و التي شكلت وصمة عار في جبين حكم صدام حسين البائد وقد أستمرت أكثر من ستة أشهر( من23 شباط الى 6 أيلول ) و أدت الى قتل و أسر و اختفاء الاف من العوائل الكردية .
لقد لاحظ المقرر الخاص لحقوق الانسان السابق ( فان دير شتويل ) ان حملات الانفال كانت محكمة التخطيط و التنفيذ و قد أدت الى و فاة و أختفاء الاف الاسر , و تم تدمير الاف القرى , بما في ذلك الموارد الاقتصادية و الممتلكات الثقافية العامة .. .الخ .
ان حملات الانفال التي نفذتها حكومة صدام حسين ضد الشعب الكردي هي أحدى جرائم الابادة للجنس البشري و يتحمل مسؤوليتها بالتضامن جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة ( المنحل ) و وزير الدفاع و القادة انذاك الذين ساهموا او خططوا او أمروا بتنفيذها.
موقف المجتمع الدولي من جريمة الانفال لقد ادان المجتمع الدولي قمع الشعب العراقي و خصوصا الاكراد و اصدر مجلس الامن عام 1991 القرار رقم 688 الذي ندد فيه بقمع السكان المدنيين العراقيين , بما في ذلك في المناطق التي يسكنها الاكراد , و طالب المجلس وضع حد لذلك , و ذكر ان نتائج القمع تهدد السلام و الامن الدوليين , و في بيانيين أخرين أدلى بهما رئيس مجلس الامن الدولي في 11 أذار و 23 تشرين الثاني عام 1992 , ذكر ان المجلس , لا يزال يساوره بالغ القلق , أ زاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان التي أرتكبتها حكومة العراق ضد شعبها و لا سيما في المنطقة الشمالية (كردستان) من العراق و مراكز الشيعة في الجنوب و اهوار الجنوبية.
و في هذا السياق فقد ذكر المقرر الخاص لحقوق الانسان:
أنه درس حالة عرب الاهوار , و افاد ان طريقة عيشهم التقليدية معرضة للخطر نتيجة لافعال الحكومة العراقية , وأضطر الاف من عرب الاهوار الى الفرار داخل البلد و خارج حدوده بسبب الحملة العسكرية التي شنتها الحكومة على من تظن أنهم معارضون و هي حملة تضمنت قصف القرى عشوائيا بالقذائف السامة و تم تسميم القنوات المائية بالمواد الكيمياوية و الاعتقال و الاحتجاز التعسفين لاعداد كبيرة من الاشخاص , كما نشرت الالغام مما اضطر السكان للهجرة من مناطقهم و حدثت ايضا عمليات تشريد قسرية من جراء ( مشروع النهر الثالث ) الذي نفذته الحكومة , و هو مشروع يرمي الى أنشاء طريق مائي مركزي للري.
لقد أدى تجفيف الاهوار الى تغيير تام في أقدم نظام لتنقية المياه و تعديل نسبة الملوحة في نهري دجلة و الفرات , فنسبة الملوحة أرتفعت الى الضعفبعد سنتين , و معدل درجة الحرارة أرتفع في مناطق وسط العراق و جنوبه باكثر من درجة و نصف , كما أصبحت المنطقة خالية من سكانها و ماتت فيها أصناف من النباتات و رحلت عنها طيور كانت تتخذ من هذه المنطقة موطنا دائما او مؤقتا لها.
و أخيرا, ان أسر ضحايا حملات الانفال و حلبجة يتطلعون الى معاقبة كل من أمر او خطط او شارك ... في هذه الجريمة و نيل عقابة العادل,فلا افلات من العقاب مهما طال الزمن.


رياض العطار

كاتب صحفي - السويد
أيميل : r_
alattar@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف