من منا المجنون ومن العاقل؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اعتدنا أن نرى المجانين أشخاصا لا يكادون يفقهون قولا.. اعتدنا أن نراهم متهورين يؤذون أنفسهم و يؤذون من حولهم دون اكتراث، لكن على ما يبدو أن هناك مجانين آخرين أصبحوا يتخفون بيننا في أشكال مختلفة متحينين الفرصة للظهور في أوقات الخطر.
محمود صلاح الدين عبدالرازق المتهم باقتحام ثلاث كنائس في الإسكندرية والتسبب في إصابة عدد من المسيحيين ومقتل احدهم، ذكرت المصادر الرسمية أن لديه اضطراب نفسي وفي حاجة إلى علاج طبي طويل.. وذكرت مصادر إعلامية أن الشاب خريج كلية التجارة - قسم المحاسبة - ومع ذلك يعمل كعامل بسيط أجرته اليومية لا تتعدى العشرة جنيهات (لاتعليق).. وأكدت الأخبار أن اضطرابه النفسي هو سبب اقتحامه للكنائس وأنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بهذا الأمر.
ومن حادثة هذا الشاب إلى حادثة أخرى وقعت بعد أحداث الإسكندرية بيوم واحد في مدينة المنصورة المصرية، حيث قام أحد المضطربين نفسيا - مسلم- بالهجوم على أحد المساجد في المنصورة وطعن احد المصلين هناك (جريدة الوفد -16/4/2006)، هذا الشخص المضطرب نفسيا يعمل صاحب ورشة نجارة لم تذكر الأخبار عن دوافعه الحقيقية للإقدام على مثل هذا التصرف الغريب، سوى أنه مضطرب نفسي وأنه قد تم إيداعه مستشفى الأمراض العقلية والنفسية.
هذين النموذجين قد تم الإعلان بالفعل عن اضطرابهم النفسي، لكن هناك نماذج أخرى أقدمت على نفس الأفعال، ولم يعرف عنهم أي اضطراب نفسي أو عقلي.
من ضمن هؤلاء شخص خرج من جنارة القتيل المسيحي في أحداث الإسكندرية ليعتدي على امرأة مسلمة منقبة، فقام أحد المارة بالدفاع عنها فنال ضربة على رأسه وسط الهرج أودت بحياته (!)، ولم تنته الأمور عند هذا الحد، بل حاول البعض الاعتداء على أحد المساجد، ووقف بعض المسلمين والمسيحيين يتبادلون التراشق بالحجارة، ليجد بعض الغوغاء فرصتهم في الاعتداء على بعض المحلات بالنهب والسرقة (جريدة الأهرام - 17/4/2006).
ومنذ عدة أشهر تجمهر ألاف المسلمين في الإسكندرية أمام إحدى الكنائس التي عرضت مسرحية مستفزة للمشاعر الإسلامية، ورشقوا الكنيسة بالحجارة في تصرف مخالف لأبسط قواعد الديانة الإسلامية.
أخبار عجيبة ومتنوعة.. قديمة وحديثة.. لا تخبر بالكثير ولا تعطي دلالة إلا على شيء واحد... ألا وهو أن المجانين ليس هؤلاء الذين يحتاجون إلى علاج نفسي فقط، بل هم أيضا من يستغل الأحداث لتحقيق مآربهم ومن يصورون لأبناء طائفتهم الدينية أنهم مضطهدون ومستهدفون من الآخرين وان المؤامرات تتكاثر من حولهم... المجانين الذين نسوا حالة أوطانهم واتجهوا لإسقاط أزماتهم على أبناء الطوائف الأخرى.. المجانين الذين لا يكترثون لحالة أوطانهم ولم يهتموا لمستقبلهم من أجل التقدم بقدر ما بحثوا في ماضيهم عن عوامل التأخر.
لكن.. أين العقلاء في الصورة..؟؟
العقلاء هم شباب لم يتلوثوا بعد بحكايا الأخبار وملاسنات المتطرفين.. شباب خرجوا في شوارع الإسكندرية يهتفون لوحدتهم الوطنية (جريدة الأهرام 18/4/2006)، ولم يتهموا أبناء الطوائف الأخرى بأنهم السبب وراء آلامهم.
للأسف أن صوت العقلاء دائما ما يكون الأضعف وسط صخب الجنون الذي نراه من حولنا.
أما آن الوقت أن يكون صوت العقلاء هو أعلى الأصوات في هذا العالم..؟؟!
عبدالرحمن مصطفى حسن