كاد أياد علاوي أن يكون رجل المرحلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عندما لمع نجم أياد علاوي كرئيس لأول تشكيلة حكومية عراقية مؤقتة بعد مجلس الحكم، وبناءا على اختيار "لجنة الأخضر الإبراهيمي" المبعوث الدولي، ورغم غمز أو اتهام البعض صراحة من انه "خيار أميركا"، إلا انه استطاع أن يستقطب تيارا لا يستهان به في الشارع العراقي على اختلاف تنوعاته واستقطاباته الإثنية.
وهذا التيار الذي تبادل معه علاوي "الهوية" والشعار، من انه تيار وطني لا يمثل استقطابا طائفيا، ولا راديكاليا أو دينيا، ولا ايديولوجيا محددة بعينها، إنما جموع من العراقيين بين ليبراليين وعلمانيين وحتى ملتزمين دينيا لا يميلون لخيار "الحكومة الدينية" أو حكومة "قومية" أو غيرها مما يعتقد بأنه يميز المواطن على أساس هوية اثنيه. كما أن شعبيته بنيت على أساس تاريخه النضالي ضد الديكتاتورية وطرحه المعتدل وتصديه للسلطة في فترة حكومته المؤقتة.
كما حصل في كلا الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العراق على نسبة معتبرة من أصوات الناخبين وحجز له عددا من المقاعد التي تؤهله لان يكون رقما صعبا في المعادلة السياسية العراقية وفي مرحلة بناء الدولة العراقية المستقبلية.
وقد تعرض علاوي الذي رفع شعار "رجل المرحلة" في الانتخابات الأخيرة هو وتياره وقائمته إلى محاربة قوية على شتى الأصعدة وفي مختلف مناطق العراق. وأشدها في وسطه وجنوبه الذي تهيمن عليه الأحزاب الدينية الشيعية خاصة. ولعل دافع المحاربة هذه قناعة بعض الأطراف المحسوبة على كتلة هذه الأحزاب والتي تسمى "الائتلاف العراقي الموحد" صاحبة العدد الأكبر من المقاعد البرلمانية للدورتين السابقة والحالية، هو أن تيار علاوي يمثل التهديد الأقوى لها في أوساط الناخبين في مناطق نفوذهم هذه، وهو الخيار المنافس والبديل لهم. هذا بالإضافة إلى أن اياد علاوي يحظى بعداوة من قبل تيار الصدر نتيجة لموقفه في تحجيم نفوذ هذا التيار بعد مواجهته لهم إبان فترة حكمه الانتقالي.
وقد أكسبت الحملة الشرسة التي شنت عليه (علاوي) وعلى كتلته في مرحلة الانتخابات الماضية، تعاطفا من قبل العديد من الناخبين وأوساط المثقفين والمتعلمين خاصة، وذلك نتيجة للأساليب غير الديموقراطية وغير النزيهة التي اتبعت في محاربته من قبل البعض أو المحسوبين على تيار الائتلاف كما قلنا وليس كله بالتأكيد.
ولكن تحولا عكسيا حصل وسببه اياد علاوي نفسه، حيث خسر الكثير من نفوذه وشعبيته نتيجة ردة فعله التي اتخذت طابعا انفعاليا تمثل في تصعيد لهجته تجاه الحكومة المنتهية ولايتها والتشكيك بنزاهة الانتخابات وكيل الاتهامات التي وظفها البعض من المناوئين للحكومة في بوق الطائفية وسلاحها، وتصيده في مناسبة وأخرى لعثرات الحكومة وأخطائها وتوظيفها في مصلحته حتى وان كانت تنعكس سلبا على امن المواطن العراق وتعزيز وحدته الوطنية التي ينبغي على كل السياسيين العراقيين تحمل مسؤوليتها وخاصة قادة التغيير ومنهم علاوي نفسه.
والأغرب في تصرف اياد علاوي وردة فعله هو تشكيله كتلة من خليط غير متجانس سميت "مرام" تقود صراعا من اجل إسقاط خيار الانتخابات عن طريق التشكيك فيها كلية رغم أن علاوي لم يكن يرغب بذلك. وان هذه الكتلة متشكلة من كتل انتخابية فرعية وحركات سياسية قام بعضها على أساس طائفي ورفع شعارات وانتهج أساليب لا تقل سلبية عما اقترفته بعض الأطراف أو المحسوبين على الائتلاف.
ونتيجة هذه تشكيل هذه الجبهة برأينا الشخصي أنها أضعفت من انجاز الانتخابات الذي يحسب للمواطن العراقي أولا وللسياسيين العراقيين الذي ساهموا بالتغيير ومنهم د. اياد علاوي ذاته. وبالنتيجة فقد استدرجت مرام إلى ميادين صراع وعززت النزعة الطائفية التي يعتبر اياد علاوي بريئا منها لكنه ساهم فيها دون أن يدري. وأخيرا تبين له هذا الخطأ لاشك حينما تم رفض ترشيحه لمنصب نائب رئيس الجمهورية من قبل جبهة التوافق العراقية العضو الفعال في جبهة مرام والتي يقودها عدنان الدليمي، حيث برر الدليمي رفضه هذا بان المنصب هذا يجب أن يكون لشخص "سني"!!!، حيث وقع الدليمي بنفس الخطأ أو "الجناية" التي يؤاخذ الآخرين عليها، حيث تهمة إقرار المحاصصة الطائفية.
وعليه لو احتفظ اياد علاوي بخط سيره وصورته التي تقدم بها إبان فترة الانتخابات وما سبقها واكتفى بالأساليب القانونية المتمثلة بتقديم الطعون والشكاوي إزاء الخروقات في العملية الانتخابية، وواصل مسيرته، سيما وان الميزة الأبرز لقائمته كانت احتلالها المركز الثاني في الكثير من مناطق العراق بما فيها كردستان، مما يدلل فعلا على أنها خيار وطني وليس طائفيا أو اثنيا، لو استمر كذلك لحصد المزيد من الشعبية وانضمت إليه بعض الكتل البرلمانية الصغيرة والأعضاء الذين ربما ينشقون عن كتلهم الأصلية وهو أمر وارد جدا. ولأصبح اياد علاوي فعلا رجل المرحلة في ظل أزمة مثل هذه التي تحدث في العراق الآن والتي تسمى "أزمة تشكيل الحكومة" التي تعدت ثلاثة شهور حتى الآن وربما تطول أكثر.
فهل يستطيع اياد علاوي تدارك خطأه هذا ويعود ليصبح رجل المرحلة؟ أو أي مرحلة لاحقة أخرى؟
حميد الهاشمي
أكاديمي عراقي مقيم في هولندا
hashimi98@hotmail.com