أصداء

حماس بين نارين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حلفها الخارجي وفساد السلطة!

بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التي اعتبرت مثالية قياسا بكثير من المقاييس من حيث النزاهة والإقبال الجماهيري وبعد تشكيلها لحكومة من لون واحد حيث رفضت الكتل البرلمانية المشاركة في هذه الحكومة. دخلت هذه الحكومة أزمة سياسية حادة بين المعطى الانتخابي وبين المعطى السياسي الفلسطيني والإقليمي والدولي بماهو معطى ليس في صالح الحركة نهائيا من وجهة نظر برنامجها السياسي الذي لازال لايعترف باتفاقيات أوسلو والتي وقعها رئيس منتخبا من الشعب الفلسطيني وبعد توقيعه على هذه الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي. ومع ذلك هذا موضوع سياسيا قابل للأخذ والرد وخصوصا في قضية اعتراف حماس بإسرائيل والتي يمكن أن تكون ضمن حزمة من المطالب السياسية لحماس الحركة أما حماس الحكومة فهذا الموضوع يصبح أكثر تعقيدا بما لايقاس. والمجتمع الدولي كله اعترف باتفاقيات أوسلو ومانتج عنها ماعدا إيران. لأن سوريا وإن لم تعترف بهذه الاتفاقيات ولكنها تعاملت مع السلطة الفلسطينية حسب أجندة ارتجالية كعادة السياسة السورية منذ انهيار المعسكر الشرقي. ما يهمنا هنا أن حماس تواجه غير هذا الوضع المعقد مع المجتمع الدولي هو شكل علاقتها الإقليمية وتحالفاتها من جهة وفساد أجهزة السلطة الفلسطينية من جهة أخرى / كزعران / حرب وليس كسياسيين مصلحة الشعب الفلسطيني فوق مصالحهم الشخصية و/ زعرناتهم / وبالطبع ليس جميعهم هكذا ولكن القسم الغالب من هذه الأجهزة هو في حالة فساد مزري ترثه حماس المتشددة والسيئة العلاقة مع المجتمع الدولي. وأصلا ما يميز حركة حماس في الداخل أنها لاتحوي قادة زعران بل الغالبية المعروفة من قادتها مشهود لهم بالنزاهة الشخصية كما هي معلوماتي القليلة.وهذا يتداخل مع حلفها الإقليمي مع أكثر دولتين إشكالا ليس في المنطقة وحسب بل بالعالم كله. دول باتت خارج التاريخ وحساباتها حسابات مبنية على مصالح سلطات تعاند الوجه الحقيقي للتاريخ المعاصر. هذا الحلف الذي يتعامل مع حركة حماس وغيرها من الحركات بوصفها أداة بيد هاتين الدولتين.
فإيران تتعامل مع ملف المنطقة تارة وفق أجندة إسلامية / سلطة ملالي / وتارة وفق أجندة دولة تبحث عن مناطق نفوذ سياسي في تداخل لايخلو من مغامرات هنا وهناك وآخرها موضوعة السلاح النووي. والخطير في الموضوع أن أجندة الحلف الحمساوي هي أجندة لاتخدم مصالح شعوب المنطقة بأي حال من الأحوال بل تخدم مصالح سلطات ماقبل سياسية بالمعنى المعاصر للكلمة. فعندما تكون إيران دولة ليست ديمقراطية وسوريا كذلك كيف يمكن لهاتين الدولتين التعامل مع الديمقراطية في ساحة كالساحة الفلسطينية وأمامنا الساحة اللبنانية مثالا؟ وماذا يسبب هذا الأمر من إشكالات لحركة حماس في دفاعها عن تحالف مع دول قمعية واستبدادية ـ لتعط إيران الأقليتين العربية والكردية حقوقهما على سبيل المثال قبل أن تتنطح للدفاع عن الشعب الفلسطيني؟ رغم ذلك نرى أن من حق حماس الاستفادة من علاقاتها الدولية والإقليمية ولكن ليست ذات اللون الواحد والمارق دوليا !! وقادة حماس أكثر من يعرفون ماذا يفعل النظامين السوري والإيراني بالمعارضين وبحرية شعوبهما في كلا البلدين !! وبصراحة لنأت على أرض سواء كما يقولون:
أليس من مصلحة النظامين بقاء الساحتين اللبنانية والفلسطينية مرتعا للفوضى والتوتر والحروب وبالتالي ماهي مصلحة حماس في ذلك؟ أليس هذان النظامان هما من يدعما الفساد في لبنان وسوريا؟ وهل يمكن لهما دعم النزاهة في الحكم في فلسطين البعيد عن الولاءات اللاقانونية والمحسوبيات؟ ومع ذلك إذا تجاوزنا هذه النقطة ما هي الأجندة المشتركة بين حماس وإيران؟ أو بين حماس والسلطة السورية؟ كما أنني لست أطرح الموضوع من زواية الوصاية التي يمارسها بعض المثقفين العرب على الساسة الفلسطينيين بل من زاوية كوني مواطن عربي سوري تنعكس عليه سياسات حركة حماس تطبيلا وتزميرا للنظام السوري !!
أما ما يخص فساد السلطة الفلسطينية في الواقع نستطيع القول: الله يعين حركة حماس؟ وكل أحزاب وتيارات الساحة الفلسطينية. ومع ذلك لا بد من رأي ما داخل الحركة يعيد السياسة الفلسطينية إلى منطقها الواقعي والذي يستلهم تجربة القرار الفلسطيني المستقل وفق موازين القوى وحقائق العصر الذي يرفض الحلف الحمساوي التعاطي معها.
السلام العربي الإسرائيلي ليس خيار إسرائيليا فقط بل هو خيارا دوليا وعلى حماس أن تعترف بهذا الخيار كخيار استراتيجي في عملها السياسي سواء داخل الساحة الفلسطينية أو الإقليمية أو الدولية. وهذا له متطلبات عدة حركة حماس وحكومتها الآن أكثر من يعرفها. كما أن عليها وعلى حكومتها تمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية والسعي لكي يصبح الشارع الفلسطيني بلا سلاح والسلطة الفلسطينية بلا فساد ومحاولة كسب اعتراف دولي بحكومة حماس وتأييد لحركتها باتجاه السلام دون أن يعني هذا موافقتها على الشروط الإسرائيلية.
ومن أهم هذه الخطوات إعادة صياغة علاقتها الإقليمية بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني أولا وأخير. وبات من المعروف لأي مراقب سياسي أن قوى الحلف الحمساوي هي قوى خاسرة وفق كل الاعتبارات الداخلية والإقليمية والدولية. مما يتطلب تغييرا جوهريا في سياسة الحركة والاتجاه بالمقاومة نحو أشكال من المقاومة السلمية والساحة الفلسطينية هي الأقدر على ابتداع كافة أشكال المقاومة لأن الشكل الانتحاري بات مخسرا للقضية الفلسطينية كما هي الحال مع استمرار السلاح منتشرا بلا ضوابط في الشارع الفلسطيني. فهل تجرأ حماس على إحداث مثل هذا التحول المهم والسليم والنوعي الذي سوف يخدم مصالح الشعب الفلسطيني على المدى البعيد.

غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف