هل الزرقاوي في الاعظمية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شخصية الزرقاوي وجدية الاميركان
بعد التطورات الأخيرة المتعلقة بظهور الإرهابي الزرقاوي في شريط فيديو مصور، وما صرح به القادة العسكريون الاميركان في العراق من أن هذا الإرهابي باتت نهايته وشيكة من خلال حصر مكانه في بغداد أو ضواحيها.
ومثل هذه التصريحات من جانب الاميركان ليست بالجديدة، حيث يطل علينا قادتهم بين فترة وأخرى ليقولوا نفس الكلام أو ما شابهه.
ولعل المثير في الآمر والذي يتكرر مع تكرار مثل هذه التصريحات هو، هل يصدق الاميركان في ذلك وهل لديهم الجدية الكاملة والمصلحة في القبض على مجرم كبير مثل الزرقاوي؟!
وإذا كان لديهم ذلك، فلماذا يعلنوها على الملأ وكأنهم يقولون له " اهرب إننا قادمون إليك"، وهذا من السذاجة بحيث يتنافى مع قواعد الحروب وحتى المهمات البوليسية الصغيرة.
لا نشك فعلا في أن للاميركان مصلحة كبيرة في القبض عليه، ولكن لهم مصلحة أخرى في مثل هذا الإعلان الذي ربما يكون تحديد المكان ليس دقيقا لكنه عمل إعلامي ستراتيجي يؤدي غرضه من خلال قض مضاجع هذا الإرهابي ومن يتبعه من جانب ويسيل لعاب من يستطيع أن يشم خبرا عنه ليفوز بالجائزة الكبرى في تخليص ليس العراق فحسب من مثل هذا المجرم بل بلده الأم (الأردن) والإسلام الذي ابتلى بمثل هذا المعتوه، فضلا عن نيل الجائزة المادية (25 مليون دولار) التي رصدت لمن يدل عليه. كما أن من شأن مثل هذه الحرب الإعلامية أن تربك تحركاته وخططه الشريرة التي يوجهها بالدرجة الأولى تجاه العراقيين الأبرياء من شتى طوائفهم. بل بات الآن يستهدف السنة خاصة ممن لم يقف معه أو يؤيد أعماله القذرة.
ولكن أين عدم الجدية لدى الاميركان في موضوع مثل هذا؟
عدم الجدية حقا في أن من مصلحة الاميركان أن لا يستقر وضع العراق في القريب العاجل وان يطيلوا مدة بقائهم فيه، وان يوجهوا العملية السياسية وفق ما يشتهون، وبما يحفظ مصالحهم إلى أمد طويل ليس في العراق فحسب بل في المنطقة اجمع وربما العالم من خلال العراق. ولعل أهم مفصل في ذلك هو جعله العراق ساحة وميدان للإرهاب، وهو هدف التقوا به مع التنظيمات والعناصر الإرهابية الذين يبحثون عن عدو وعن ارض ليموتوا فيها.
هل الزرقاوي في بغداد أو ضواحيها فعلا؟؟
استنادا إلى الشريط والوثائق التي عثرت عليها القوات الاميركية، لا نعتقد أن هناك ما يؤكد هذه الحقيقة، فوجود وثائق من قبيل رسائل أو بيانات أو أشرطة فيديو تخصه، لا تعني بالضرورة وجوده في هذا المكان. ولكنها تعني وجود قيادات إرهابية مهمة من تنظيم القاعدة وبالتالي مركز عمليات ميدانية ولوجستية وإعلامية.
الشريط اظهر الزرقاوي في منطقة قاحلة أو شبه قاحلة، وهذه ليست من مواصفات ضواحي بغداد بشيء. ثم أن عمليات التدريب والرمي لا تتم في مناطق مواجهة أو ميدان توتر وعمليات إرهابية. وعليه فان المنطقة التي ظهر بها في الشريط لا بد أن تكون في المنطقة الصحراوية الغربية، أي تلك تلك التي تتبع محافظة الانبار. هذا فضلا عن أن تاريخ الشريط غير معلوم.
أما كونه في محيط بغداد آو في العاصمة نفسها، فلا معطى يدل على ذلك إلا واحد فقط،، وهو ما حدث قبل أيام وفي الاعظمية تحديدا. حيث جرت مواجهات مسلحة بين عناصر إرهابية ادعت أطراف محددة أنهم "أهالي الاعظمية" ضد مجاميع مسلحة قيل أولا أنها ترتدي زي الشرطة العراقية وقيل لاحقا أن الشرطة العراقية تساندها ميليشيات شيعية، ليصور على انه حرب طائفية فعلا.
وقد كان لجهة طائفية عراقية "محسوبة على السنة" دور كبير في هذه الإثارة وفي قلب الأمر، وهي التي اتهمت في غالب الأحيان بتورطها في عمليات خطف الأجانب ومحاولة عرقلة العملية السياسية في البلد، ومن غير المستبعد أن تكون على علم بتحركاته إن لم تكن على صلة به.
وهذه هي الإشارة الوحيدة التي تدل على أن في الاعظمية صيدا ثمينا للقوات الاميركية وللعراقيين جميعا، وهو ليس اقل من الزرقاوي.
وإما كيف تسلل رغم وجود هذه التحوطات الأمنية الكبيرة، فالأمر لا يعدو عن كونه خطة مثل تلك التي يتم فيها إدخال عشرات السيارات المفخخة شهريا إلى بغداد من ضواحيها، بالإضافة إلى كونه مجازفة وحماقة من الزرقاوي نفسه الذي لا شيء لديه يخسره، فهو مؤمن تماما بان العراق قبره، حيث هو مطلوب ومحكوم عليه بالإعدام في بلده الأردن، وان لا مجال لديه للهرب عبر حدود العراق الخارجية المحصنة تجاه الخارجين أكثر من الداخلين إليه. علما أن هذا الشخص قد ارتكب عدة حماقات أوقعت إحداها الإرهابية المغلوب على أمرها " ساجدة الريشاوي" في قبضة الأمن الأردني بعد تسرعه في إعلان تنفيذها إلى جانب زوجها العملية الإرهابية في احد فنادق عمان.
وعليه يتوجب على سكان الاعظمية أولا اليقظة والحذر من وجود قنبلة متفجرة في وسطهم وكيان نجس يلوث طهارتهم العراقية، فليتقصوا الأمر وليبلغوا عنه وليكسبوا الجائزة الكبرى ألا وهي عراقيتهم الشريفة.
وعلى القوات العراقية أن تعالج الأمر بحيث لا يمكن أن يجير من انه مسألة طائفية، وعلى الاميركان إثبات جديتهم وصدق نواياهم تجاه العراق والتي يعلنوها باستمرار.
حميد الهاشمي
hashimi98@hotmail.com