أصداء

التيّار العوني لا يؤلِّه الجنرال عون

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

والنائب إبراهيم كنعان رجل دولة
عقد التيّار الوطني الحرّ في سيدني ندوةً حاشدةً للزائر المؤسِّس في التيّار والنائب في البرلمان اللبناني المحامي إبراهيم كنعان، وكان إلى يساره سكرتير التيّار السيّد بيار رفّول، وإلى يمينه عريف الندوة الشاعر فؤاد نعمان الخوري، وفي الخلفيّة العَلَمان اللبناني والأسترالي يتوسّطهما صورة ضخمة للعماد ميشال عون.
ولاحظ الحضور تصميماً عالياً في نبرة النائب الضيف فيما يجول مشرِّحاً واقع السياسة اللبنانيّة اليوم، وفي باله كيف يؤكّد على وثيقة التفاهم المعقودة مع حزب الله من ناحية، وكيف يحافظ على حضوره الشعبي في الوسط المسيحي اللبناني، لسببين، أوّلهما أنّ وثيقة التفاهم هي مع حزب موسوم بالتحالف مع سوريا، وثانيهما أنّ الشارع المسيحي الماروني تحديداً موسوم بالتشدّد والإنغلاق ويمحّض ثقتَه غالباً للأكثر تشدّداً وانغلاقاً.
غير أنّ ما سبق تهزّه إشارتان ليس من الإنصاف تجاوزهما وهما أنّ حزب الله ذاته، وهو الركن الأساس في حركة 8 آذار، كان من ضمن الضلع الرابع المشكِّل لحكومة "الإستقلال" بعد الإنسحاب السوري المهين من كلّ لبنان، بعد استصدار القرار الدولي رقم 1559، واغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي فقوى 14 شباط التي هي جزء من حركة 14 آذار، والتي تحاول إثارة الغبار حول الجنرال عون وتيّاره للتفاهم مع حزب الله، قد سبق وتحالفتْ مع الحزب ذاته، وحصدتْ على ظهره وظهر حليفته حركة أمل ما بات يُعرَف بالأكثريّة الوهميّة. أمّا ثانيتهما فإنّ الشارع المسيحي الماروني المعني أكثر من غيره لا يزال يمحّض ثقته للجنرال عون حتى ولو انقلب بحقّ من رجل الثورة في منفاه الباريسي إلى رجل الدولة في حضوره اللبناني.
وفي دفاعه عن سياسات التيّار الوطني الحرّ كان النائب كنعان بارعاً منساباً متدفّقاً متماسكاً موحياً بثقة قلّما يوحي بها برلمانيّون لبنانيّون، ما حدا بالحضور لمقاطعته بالتصفيق والثناء أكثر من مرّة.
وأكّد النائب إبراهيم كنعان في الندوة التي استمرّت أكثر من ساعتين على ثوابت ترفض "الإصطفافات الطائفيّة"، كما ترفض "التأسيس لحرب جديدة"، وترفض "التكاذب"، وتؤكّد على "السيادة" و"الديمقراطيّة" و"بناء المجتمع المدني". والعبارة الأخيرة هي العبارة الملَطَّفة لبناء المجتمع العلماني الذي يبتعد فيه الدين عن السلطة، ويقترب في آن من المجتمع. بمعنى آخر فالتيار الوطني الحرّ، بتأكيد كنعان، هو "حالة وطنيّة لبنانيّة"، وهذه العبارة لا يجرؤ على ترديدها كُثُر تؤطِّرهم دوافع إمّا عنصريّة، وإمّا مذهبيّة.
"المجتمع المدني" بلسان النائب كنعان له دساتيره التي تقيم وزناً للمواطن، باعتباره مواطن له كامل الحقوق، وعليه كامل الواجبات، فلا إبن "الكنيسة" يطغى على "المسلم" لأنّه إبن الكنيسة، ولا "المسلم" يطغى على إبن الكنيسة لأنّه مسلم، غير أنّ كنعان لم يلحظ تفاوتاً، وهو يؤكّد على "المجتمع المدني"، فيما يؤيّد الدائرة الإنتخابيّة الصغرى أو "الفرديّة"، التي تؤسّس لكيان لبناني يتشظّى إلى 128 دولة، وهو عدد المنتَخَبين إلى المجلس التشريعي اللبناني، وفيما الحاجة ماسّة للبنان واحد، يليق بالمجتمع المدني، من خلال لبنان دائرة واحدة ركنها النسبيّة. كما لم يلحظ كنعان الذي أكّد على أنّ النظام الطائفي هو الخلل الذي تأسّس عليه لبنان منذ قيامه في النصف الأوّل من القرن الفائت، والذي يدين استخدام "المال والله" في الإنتخابات، والذي يؤكّد على وجوب قيام الدولة "التي لا تميّز بين شخص وشخص إلاّ على قدر كفاءته، وتحترم حقوق اللبنانيين، والعقد المشترك الذي هو الدستور"، وليس الكنيسة أو الجامع، النائب كنعان ذاته، لم يلحظ تجاذباً عكسيّاً بين كلّ ما سبق، ودعوته إلى "الديمقراطيّة التوافقيّة" التي هي إبنة شرعيّة للتجاذب الطائفي في لبنان.
ونريد أن نحمل مبدأ "الدائرة الفرديّة"، ومبدأ "الديمقراطيّة التوافقيّة" على محمل حسن النيّة، مؤسِّسين على رسوليّة قيادة التيّار الوطني الحرّ، وعلى رأسها العماد عون، وعلى دقّة المرحلة، إنّما لبنان ألا يستحق أبطالاً إلى النهاية؟.
ما مِن عاقل إلاّ ويترقّب عن كثب ما ستفضي إليه حركيّة التيّار الوطني الحرّ المكرَّس أخلاقيّاً، والمنتشر، وإن بتفاوت في كلّ لبنان، فإمّا لبنان كلّه "تحت العلم اللبناني الواحد"، وإمّا تعاقب النضال، ولو طال الحين.
أخيراً، أحسنَ النائب الزائر المحامي إبراهيم كنعان إذْ لم ينكأْ جراحاً في الندوة، على رغم الجرح الكبير الذي يتزف في ظهر تيّاره، مُثْبِتاً أنّه رجل دولة، كما هو زميله بيار رفّول، فليس صحيحاً، وهو ما يتأكّد يوماً بعد يوم، أنّ "الجمهور العوني"، كما يتجنّى البعض، يؤلّه شخصاً هو الجنرال ميشال عون، بل الصحيح أنّ الجنرال عون هو القيادة التي تلتفّ حوله، وتشدّ أزره، وتُشير عليه بالمشورة الحسنة، وتتطلّع معه إلى لبنان نظيف.

شوقيمسلماني
shawki@iprimus.com.au

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف