أصداء

الابتسامة التي انتظرها المواطن العربي طويلاً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نشرت صحيفة الرياض السعودية اليوم الجمعة 12 من مايو 2006 تحت عنوان ابتسامة صورة للممثلة ايمي روسم بطلة فيلم "بوسيدون" وكتب تحتها ايمي روسم بطلة فيلم "بوسيدون" تبدو مبتسمه خلال مقابلة تلفازيه اثناء حضورها العرض الأول للفيلم في لوس انجلس. انتهى الخبر.
ماذا ستكون ردة فعل أي إنسان ما زال في رأسه بقايا من حشوة دماغ على مثل هذا الخبر.. ما شاءالله على ابتسامة البنيـّة.؟
بداية لا أعرف إلى أي مدى يهتم القاريء العربي بخبر ابتسامة ممثلة عشر طعش بالمائة من بيننا نحن.. الجهلة، المتأخرون، المهترئون ثقافياً، الرجعيون، الزئبقيون لا يعرفها ولم يسمع عنها. على ما أذكر وحسب ما راجعت وبما تبقى من ذاكرتي المخرومة التي سالت منها كثير من الأحداث أن عدداً غير قليل من مواطني العالم العربي بكوا، وانتحبوا، ولطموا، وشقوا الجيوب ورغم ذلك نادراً ما رأينا صورة مخصصة لوجه احدهم مع خبر رغم وجود سبب أو أسباب لبكاءه. كما انه يجدر بالإشارة إلى أن خبر ابتسامة ايمي لم يرافقه أي تعليق يذكر سوى انها ابتسمت.. هللويا.
الحقيقة اكثر ما لفت نظري ليس الخبر ولكن ترجمة الصورة، هناك فرق واضح لا يحتاج لكثير من الثقافة بين الابتسامة وبين الضحك والسخسخة إلى درجة تشقق الصدغين. وحسب معلوماتي المتواضعة الناجمة عن تخصص مكتسب في علوم شد ورخي عضلات الوجه الإجباري كوني مواطنة عربية تتعرض يومياً لصفعات التاريخ أن الابتسامة لا تكشف عن كامل الأسنان مثل الستائر العمودية الممتدة من "الحيط للحيط". الصورة المعروضة للفنانة المجهولة التي افردت لصورتها جريدة الرياض مساحة لا بأس بها، تمكنك من رؤية طواحين العقل وطواحين الجنون وطواحين الهوا كذلك، وبإمكانك بقليل من التمعن أن ترى الكرك من هناك " ولمن لا يعرف الكرك فهي مدينة أردنية جميلة في الجنوب لا يمكن الوصول إليها بسهولة أودون عناء".
أستغرب أحياناً السبب الذي يضطر الصحيفة لأن تمنح مساحة لمثل هذه الصورة على أنها خبر يهم المواطن العربي. ولا أستبعد أن يكون السبب أن ابتسامتها تزيد في عمر البعض أو تبارك في راتبه، أو قد تحمل هذه الابتسامة سراً لم نتوصل إلى اكتشافه بعد. لكنني أجزم وبلا أدنى شك أن السبب متعلق بطريقة ما باستسخاف واستهبال الصحف العربية بمستوى ذكاء القاريء.
أتساءل لو أن إحدى الجهات الخيرية أو حتى الأفراد الغاطسين في رفاهية النكد والحاجة طالب الصحيفة برقعة مماثلة مجاناً لفك أزمة عن طريق إعلان، هل كانت ستمنحه الصحيفة هذه المساحة مجاناً أم أنها ستعتذر لعدم وجود متسع فيها لمساحة إعلان بهذا الحجم على أساس أنها لا تقوم بالأعمال الخيرية على هذه الصورة.
بحثت جيداً حول الصورة إذ قد تكون دعاية لمعجون أسنان، أو لأحد سوائل تعقيم الحلق، أو حتى لعيادة طبيب أسنان، أو لعمليات شد الوجه التجميلية إلا أنني لم أجد أياً من هذه الأشياء.
أتساءل إن كان هناك من يراقب محتوى الصحف ويراجع المحتويات أم أن الطريقة التي تعمل عليها بعض الصحف هي مجرد رقع للمساحات الفارغة بابتسامات الفنانات المجهولات على امل المساهمة بتثقيفنا فنياً.. وما أعظمها من رسالة...!!

إقبال التميمي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف