أصداء

واشنطن واستعدادات تغييرها لنظام طهران

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ رفعت ثورة إيران الخمينيـة شعار " الموت لأمريكا " قبل أكثر من ربع قرن قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسيـة مع إيران وتبعتها من عقوبات إقتصادية عديدة، منها تجميد كافة الأرصدة والأصول المالية الإيرانية في الولايات المتحدة وتعطيل الإتفاقيات مع إيران في قطاعات التجارة كافة. وحظر الشركات من الإستثمار في إيران. وتعقدت العلاقة بين الطرفين أكثر جراء رفع إيران شعار تصدير الثورة وتدخلها بالشأن الفلسطيني ودعمها لجهات سياسية تعدها واشنطن إرهابية متمثلة في حركة حماس وحزب اللّه في لبنان. والقوى السياسية الموالية لها في العراق أخيراً متمثلة بمكونات الإئتلاف الموحد ومليشياته التي يمكن أن تصبح إذا تغافلت عنها الولايات المتحدة ودول المنطقة تهدد الإستقرار والسلام في دول الخليج العربية وفي منطقة شرق الأوسط عامة.

تحكم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ثلاثة ركائز أساسية هي: الطاقة، أمن إسرائيل، والحرب على الإرهاب. وتمثل إيران تهديداً لهذه الركائز الثلاث ولا سيما بعد وصول المتشددين الى السلطة مع احمدي نجاد الذي صعد من المواقف المتطرفة، مثل دعوته بإزالة كل إسرائيل، وفتح باب التطوع من أجل تنفيذ عمليات إرهابيـة خارج إيران. لقد وصفت رايس إيران بأنها " المصرف المركزي " الذي يمول الإرهاب العالمي. وأما بوش، فوصف إيران بالتحدي الأكثر خطورة الذي يواجه الولايات المتحدة. لذا قد تأتي الضربة في سياق تنفيذ خطة الولايات المتحدة في حربها الطويلة ضد الإرهاب، ومن المتوقع إنها ستكون قبل أن تنتهي فترة ولايته.

والأزمة الإيرانية مع المجتمع الدولي أيضاً في تفاقم مستمر منذ أن أزالت الحكومة الإيرانية أختام الأمم المتحدة عن مفاعلها النووي وإصرارها على تخصيب اليورانيوم لإمتلاك قنبلتها النووية، الأمر الذي سيعد تهديداً للسلم العالمي والإستقرار في دول الخليج النفطية. ويشكل هذا أكبر التحديات التي تواجهها واشنطن والعالم الحر.

وهناك مسألة مهمة أخرى تتعلق بمشروع الشرق الأوسط الكبير التي طرحته الولايات المتحدة بالتوافق مع الدول الصناعية الثمانية والإتحاد الأوروبي الذي يشمل المنطقة الممتدَّة من كابل شرقاً حتى الرباط غرباً. إن اهداف هذا المشروع الإستراتيجي الكبير تتعارض مع سياسة إيران التي تعدها الولايات المتحدة مصدراً للإرهاب فالهدف المعلن من فكرة المشروع هو نشر الديمقراطية والحريات السياسية. بالنقيض من المشروع الإيراني الشمولي الراديكالي وبناءً على هذه العوامل يبدو أن تغيير النظام في إيران اصبح السبيل الوحيد لأمريكا وليس الأخير. وبالفعل أخذ الرئيس الاميركي جورج بوش يتشاور بصورة سرية مع أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ حول الخيارات المطروحة بشأن تغيير النظام في إيران، حيث بدأ مخططي "البنتاغون" ووكالة المخابرات المركزية الأميركية يدرسون إمكانات توجيه ضربة عسكرية مشابهـة لضربة إسرائيل الخاطفة والسريعة في حربها عام 6 حزيران عام 1967. لأن توجيه ضربات جوية وقصف مكثف سريع بأسلحة ذات تقنيات عالية جداً لتدمير المخابيء النووية وأهداف عسكرية وسياسية مهمة وتهديم البنية التحتية للنظام تكفي لسقوطه.

تحتاج الولايات المتحدة للقيام بعمل عسكري ضد إيران الى وقت طويل نسبياً يتعلق بتهيئة الرأي العام الأمريكي والأوروبي وتجاوز سلبيات تجربتها في حربها لإسقاط نظام صدام. لأن مبررات الحرب لتغيير النظام في إيران لا ينحصر بالبرنامج النووي الإيراني بل يتعداه الى أسباب أخرى حيث تعد الولايات المتحدة إيران من بين دول "محور الشر" وراعية للإرهاب. يجب تغييره لتصبح إيران حرة ديمقراطية وعاملاً مساعداً لتحقيق السلام لشعوب منطقة الشرق الأوسط الجديد.
ومن المهمات التي تراها الولايات المتحدة ضرورية لإحتواء ردود الفعل الإيراني في العراق، هي أولاً بناء جيش عراقي قوي وأجهزة أمنية كفوءة، وتشكيل برلمان وحكومة ذات سيادة كاملة. لجعل العراق شريكاً إستراتيجياً للولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب بكل أشكاله في المنطقة ولتُمَكِّن الغالبية العظمى من الطائفة الجعفرية في العراق الوقوف مع مكونات الشعب العراقي لعزل الموالين لإيران وبالتالي إضعاف قدراتهم لإفشال مخططات إيران الرامية جعل الجنوب والوسط العراقي ساحة حرب لمآربها. وكذلك تضع حساباتها لمعالجة سلوك قادة حزب اللّه في لبنان، وتفكيك إرتباطات النظام السوري مع إيران وحزب اللّه في لبنان.

إن دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للشخصيات وللأحزاب الإيرانية الوطنية سيساعد الشعب الإيراني لإستئصال هذا النظام وتهيئة القيادات البديلة لسد الفراغ الأمني والسياسي الذي سيحصل للبلاد بعد سقوط نظام الملالي مستفيدة من تجربة العراق كي لا تقع إيران في حرب أهلية مما لا يخدم ذلك الشعب الإيراني ولا شعوب المنطقة والإستقرار الإقتصادي في العالم.

بات العديد من السياسيين البارزين في الولايات المتحدة، يصعدون من لهجتهم التحذيرية مما يعدونه خطراً إيرانياً مثل جون ماكلاين عضو مجلس الشيوخ الأوفر حظاً لخلافة بوش من الجمهوري حيث اعتبر " تسلح إيران بالنووي سيكون أسوأ من شن هجوم أمريكي ضدها". وكذلك عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جو ليبرمان الذي قال " لا أظن بأن بوش يرغب أن يرى إيران قوة نووية خلاف رئاسته".

وهناك مؤشرات عديدة تتعلق بطبيعة ما سيكون عليه الموقف الأمريكي من إيران مثل الزيارات المستمرة لخبراء ولمسؤولين أمريكين للشرق الأوسط، إبتداءً من الزيارات التي قامت بها وزيرة الخارجية كوندليزا رايس وما تبعتها من مشاورات بخصوص الأزمة مع إيران وبحث التحديات الإستراتيجية التي يمثلها النظام الإيراني بالنسبة للمنطقة وللعالم كله.

تعمل الإدارة الأمريكية على أن تجعل المجتمع الدولي يشاركها صراعها القادم مع إيران، لذلك وضعت الإتحاد الأوروبي أمام مشكلة الملف النووي الإيراني. وقد بدأ التوتر يظهر بين الإتحاد وإيران. وإتهم وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست ـ بلازي إيران " بأنها تملك برنامجاً نووياً عسكرياً سرياً ". وذكرت الصحيفة الألمانية " تاغز شبيغل " قبل اسابيع أن الولايات المتحدة قد طلبت من الخبراء العسكريين للحلف الناتو أن يضعوا خططاً تتعلق بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، " القول بأن إمريكا تمثـل القطب الأوحد في العالم اليوم " لم يعد واقعياً. فالقطب الأوحد فـي العالم اليوم هي مجموعة الدول المتحالفة أصلاً مع واشنطن بحكم شراكتها الإستراتيجية معها. ويظهر هذا التحالف في جوانب عديدة من التعاون المشترك ومثال ذلك تحركات حاملة الطائرات النووية الفرنسية شارل ديغول والفرقاطة المضادة للطائرات "كسار" والفرقاطة المضادة للغواصات "مونكالم" والفرقاطة البريطانية المضادة للطائرات " أتش أم أس لانكاستر " والفرقاطة المضادة للغواصات " سفير " وناقلة النفط " سوم ". للقيام بمناورات عسكرية مهمة لمدة ثلاثة أشهر في الشرق الأوسط والمحيط الهندي.

يبدو أن الادارة الأميركية إنتقلت من مرحلة التخطيط الى القيام ببعض الخطوات العملية حيث أعلنت إدارة بوش عن خططها لتزويد غواصاتها بصواريخ جديدة، خلال السنتين المقبلتين. وهذا يعني سيكون لتلك الغواصات العسكرية دوراً اساسياً في خطة الهجوم إذا حدث ضد إيران حيث ليس من الوارد أن تقوم الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها إنزال جيوشها في أراضي إيران الشائكة والواسعة والتي لا تغطيها أقل من مليون عسكري. وكذلك تصريحات شيراك بإستخدام الأسلحة النووية إذا ما تعرضت فرنسا لعمل إرهابي وتحركات حاملة الطائرات النووية الفرنسي مؤشر لحرب بأسلحة نووية تكتيكية لحسم المعركة بأسابيع مع إيران بدلاً من سنوات.

رضا علي الرضا

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف