تعالوا نعترف، اختلاف الرأي يفسد للود قضية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قديما قالوا "في الاعادة افادة" وعلى هذا الاساس افتتح تنوهي هذا وهو الثاني من نوعه وللاخوة الكرد خاصة فكما هو العنوان ليس بمقال تحريضي وليس بتبرير لموقف خاطئ صدر مني تحديدا بقدر ما هو دعوة لاحبة واعزاء لنا في المجتمع وشركاء في الوطن والدين والانسانية. دعوتي هذه قد سبقني اليها العديد من المثقفين ممن تبنوا مواقف مشابهة لما انا فيه. فبعدما كنت "صديقا للكرد" ايام مقارعة النظام الديكتاتوري واذا بالبعض يحوّلني بين ليلة وضحاها الى "عدو للكرد" بعد سقوط الديكتاتورية! أيعقل هذا؟!
السبب الذي دعا بعض الاخوة الكرد الى تبني هذا الموقف المتشنج اتجاهي شخصيا واتجاه كل مثقف عربي يخالفهم الرأي في اي قضية مهما كانت ليس بغائب، كما معلومة هي الايادي التي تحاول غرس الفرقة بين العرب والاكراد عموما ودق اسفين كونكريتي بين المثقفين منهم خاصة. واذا كانوا يقولون قديما "اختلاف الرأي لايفسد للود قضية" فهو اليوم من اشد ادوات الافساد ليس بين ابناء الاقوام المختلفة الاجناس فحسب بل وحتى بين اعضاء الحزب الواحد والطائفة الواحدة والوطن الواحد!
ما ان يسجّل الواحد منا رأيه في اية قضية حتى يتحول في نظر البعض الى "حشرة ضارة" يجب التخلص منها بأية وسيلة او طريقة ممكنة! الغريب ان هذا "البعض" لايكل ولايمل عن كيل المديح ليل نهار لاشخاص يخطئون كما نخطأ نحن ويأكلون مما نأكل ويشربون مما نشرب ماخلا المشروبات الكحولية بطبيعة الحال والتي استغنينا عنها لهم طالما انها قد اصبحت من مستلزمات "البرستيج السياسي"! وحينما نسأل المدافعين عن الذين نوجّه لهم النقد ان كانوا انبياء او معصومين عن الخطأ فيأتينا الجواب "كلا... ولكن"؟! للامانة، المساكين امثالي يعون معنى "كلا"، ترى ما معنى "لكن" في هذا المقام؟! هذه الـ "لكن" تختزن الكثير من اللوم والالم والاسى والحزن وتصل الى مرتبة الطمع والحسد وتكميم الافواه، والخطف والاغتيال ان استدعت الضرورة!
المثقف الملتزم احبتنا هو الذي يكشف مواطن الخلل ويقدمها ليس للعامة من الجماهير فقط وانما حتى للنخب السياسية منها والاجتماعية على حد سواء. وطالما اتفقنا على حصول نسبة الخطأ في كل اعمالنا كبشر خطّاؤون فنحن في النهاية مكمّلون لبعضنا البعض ولا استغناء لاحدنا عن الاخر، وبذلك فنحن امام "التزام" اتجاه بعضنا البعض حاضرا وامام التأريخ مستقبلا. بيد ان المثقف الذي يحترم نفسه ويحترم امته وعقول قرائه هو الذي لايداري ولايواري وطالما قالوا في الماضي "الاعتراف بالخطأ فضيلة"، فيتوجب على الاخر التسليم بالخطأ الوارد من جهته والاستفادة من تلك الاخطاء المشار اليها بدلا من كيل الاتهامات لهذا الطرف او ذاك في محالة يائسة للتهرب من المسؤولية والتبعات القانونية والدستورية المترتبة على اخطاء فادحة قد تصل احيانا الى مرتبة "الخيانة العظمى"!
مهمتنا ياسادة ياكرام ككتاب ملتزمين ومثقفين ميؤوس من شراء ذممهم ليس تثقيف الناس ونشر الابداع فحسب بل والكشف عن مواطن الخلل والزلل ايضا وبذلك تكون الامة قد فرزتنا عن مجموعة "المطبّلين والمزمّرين" والذين بدأت اعدادهم تتزايد في الاونة الاخيرة خصوصا ونحن على ابواب الصيف حيث درجات الحرارة المثالية لتكاثر بعض انواع البكتيريا وقليل من النباتات الضارة المتسلّقة والكثير من رشّاد البر! "ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا".
رياض الحسيني
كاتب صحافي وناشط سياسي عراقي مستقل