أصداء

قانون الزي الموحد يكشف عنصرية نجاد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

القانون الجديد يفرض الزنار والشارات الملونة على الأقليات الدينية في إيران

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي يطل علينا يومياً بكل جديد ومثير وشاذ قرر مؤخراً الكشف عن نواياه الخبيثة التي يضمرها نحو الشعب الإيراني وشعوب منطقة الشرق الإوسط بأثرها. فالرجل فيما يبدو قد عقد العزم على تحدي كل الثوابت والمبادئ والقوانين والشرائع والأعراف. من المؤكد أن نجاد اتخذ قراره باعلان الحرب على البشرية ليس فقط من خلال سعيه الدءوب لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ولكن أيضاً بإعلانه الحرب على المبادئ الإنسانية القائمة على العدل والمساواة وعدم التفرقة بين البشر على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو اللون، تلك المبادئ التي ترسخت في أذهان ووجدان شعوب العالم أجمع بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولم يعد بوسع دكتاتورات القرن الحادي والعشرين نسخها أو رفضها أو العيش بمعزل عنها.

حملت الأنباء يوم الأثنين 15 مايو الجاري خبر إقرار البرلمان الإيراني قانون الزي الوطني الموحد، الذي جاء ليتناسب مع خصوصية الثقافة والاتجاه الوطني الإيرانيين حسبما أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية. تم تمرير القانون بغالبية 137 صوتاً مقابل 45 معارضاً في غياب 11 نائباً. كان المتشددون الإيرانيون قد تقدموا بمشروع القانون إلى البرلمان عام 2004، غير أن الرئيس الإيراني المعتدل السابق محمد خاتمي قام بتعطيله في البرلمان. ولكن مع مجيء الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد إلى السلطة تمت إعادة المشروع إلى دائرة النور مرة أخرى. يقول الكاتب الإيراني أمير طاهري في مقال تحت عنوان "A colour code for Iran's infidels"، نشره موقع مؤسسة بينادورعلى شبكة الإنترنت بتاريخ 19 مايو، أن القانون الجديد يهدف إلى مقاومة الاتجاه السائد بين الإيرانيين وبخاصة الشباب منهم الذين يرتدون أزياء غربية تخالف التقاليد الإيرانية الإسلامية.

لم يكتف قانون الزي الموحد الجديد بالحد من حرية الإيرانيين الأساسية في ارتداء ما يشاءون من ملابس، لكنه جاء بما هو أقبح وبما هو عنصري، إذ فرض على الأقليات الدينية الموجودة بإيران ارتداء ثياب مختلفة عن الأزياء التي سيرتديها المسلمون طبقاً للقانون. فمن المقرر أن ترتدي الأقليات الدينية زناراً مع شارات ذي ألوان مختلفة حددها القانون للتمييز بين أتباع الديانات، حيث سيرتدي المسيحيون شارات حمراء، بينما يرتدي اليهود شارات صفراء، في حين سيرتدي الزرداشتيون شارات زرقاء. كما أشار أمير طاهري إلى أن القانون يمنع ارتداء روابط العنق بمختلف أشكالها بدعوى أنها ترمز إلى الصليب!

القانون الجديد يثير العديد من الأسئلة حول مدى توجهات المتطرفة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي بدأ ممارسة عمله الرئاسي بتحدي العالم حين أوقف التعاون مع وكالة الطاقة الدولية في مجال التفتيش على المفاعلات النووية الإيرانية، ذلك قبل أن يعلن نجاد منذ أسابيع قليلة عن نجاح إيران في تخصيب اليورانيوم وانضمام بلاده رسمياً النادي النووي، الأمر الذي يضع إيران في مواجهة خطيرة قد لا يحمد عقباها مع المجتمع الدولي. فامتلاك إيران - تحت حكم نظام الملالي المتشدد - للقدرة النووية ينظر إليه في الغرب على أنه نقطة تحول في التوازن النووي الحالي في العالم، وهو ما قد يهدد باشتعال حرب نووية في حال مهاجمة إيران لاسرائيل التي لا يخفي نجاد عداءه لها.

يهدف قانون الزي الموحد في إيران إلى التمييز بين المسلمين وغيرهم عبر الملبس حتى يسهل على المسئولين والمتطرفين على السواء معرفة غير المسلمين وبالتالي معاملتهم طبقاً لدياناتهم. يذكر القانون الجديد - بحسب وسائل الإعلام الغربية - بالنظام النازي الذي فرض على اليهود وضع نجمة داود على قمصانهم للتمييز بينهم وبين غير اليهود طوال فترة حكم أدولف هتلر في أوروبا في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين. الرئيس الإيراني الذي أنكر في مناسبات عديدة الهولوكوست قائلاً أنه وهم من صناعة غربية بهدف زرع إسرائيل في الجسد الإسلامي، يسير بخطى ثابتة في نفس الدرب المظلم الذي ساره أدولف هتلر من قبل والذي قاد البشرية إلى نتائج مدمرة، وغير من خارطة اوروبا وإدى إلى مقتل الملايين.

المقارنة بين نجاد ونظيره النازي هتلر التي بدأت تعرف طريقها في وسائل الإعلام الغربية مؤخراً لا تهدف فقط إلى التحذير من خطورة الرجل، ولكنها تهدف أيضاً إلى تهيئة المناخ العام الدولي لعمل عسكري قد يطال الشعب الإيراني. فالعالم لن يقبل بالتضحية بالملايين من أبنائه بسبب رئيس عنصري متهور كما حدث حين فقد العالم نحو خمسين مليوناً من أبنائه على أيدي مع أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية. لا شك أن قانون الزي الموحد الإيراني، الذي ينتظر توقيع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنيئي للعمل به، سكون المسار الأخير في نعش النظام الإيراني. فروسيا والصين وغيرهما من الدول التي تتخذ مواقف مترددة تجاه الأزمة النووية الحالية بين الغرب وإيران ستجد أنفسها مضطرة للتحول إلى الصف الغربي الذي ينفذ صبره يوماً بعد يوم، وذلك بعد سقوط ورقة التوت الأخيرة التي تخفي عورة نجاد ونظامه.

إن القانون الإيراني الجديد - في حال العمل به - ليعد وصمة عار على جبين النظام الإيراني المتطرف وقادته وعلى رأسهم أحمدي نجاد وكل من يتعاون معه وكل يتشدق بالدفاع عنه وكل من يسعى لانقاذه من مصير النظام النازي وزعمائه وفي مقدمتهم أدولف هتلر. الخوف وكل الخوف أن يدفع الأبرياء من الشعب الإيراني المغلوب على أمره ثمن تطرف النظام العنصري الذي يحكمه منذ 27 عاماً. لذا سيبقى السؤال المحير الذي طال انتظار المجتمع الدولي لإيجاد حل له وهو من ينقذ إيران من نجاد ومن الأثار المدمرة الحتمية التي قد تترتب على سياساته؟

جوزيف بشارة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف