أصداء

خيبة الموت وخيبة الحياة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عن الصحافي الأردني نضال زايد

جاء نضال زايد إلى هيوستن منذ عشر سنوات، يحمل أمل الشفاء من مرضه الغريب، ويحمل في روحه أيضا هوس الصحافة وحب الشعر والأدب.
عمل في فترته الأولى في صحيفة عرب تايمز التي تصدر في هيوستن لصاحبها اسامة فوزي. كان المحرك الرئيس في هذه الجريدة هو الشغب وادعاء كشف الحقيقة بتحويرها، ذلك لغرض التشهير.. حيث كما يؤمن مدير التحرير أن الطريقة الوحيدة لاستمرار صدور هذه الجريدة هي نشر فضائح الناس في الداخل والخارج. أما نشر الأدب أو أخبار رويتر فلن يجلب سوى الخسارة حيث لن تقرأ وبالتالي لن يشتريها الناس. لم يستمر معه طويلا، أخذ نضال يبحث عن ممول يستقل معه في إنشاء جريدة تهتم بالأدب والسياسة وبأمور الجالية. وحين ألتقى موسى نتيل القادم من الكويت أقترح عليه تأسيس رابطة تهتم بالأدب والثقافة العربية ولقد ولدت من هذا الاقتراح عدة أمسيات أدبية وشعرية أقاموها في مطاعم المدينة (أشترك فيها بعض الشعراء العرب الذين قدموا من كندا ومن خارج ولاية تكساس، وقد ولدت بعد ذلك جريدة المرايا والتي ستمسي جريدة شرق غرب يديرها نضال بعد سنوات.
في جريدة المرايا حوالي العام 1997 كان اسم نضال واسم الجريدة جديدان علي، إحدى المرات اتصلت بي سكرتيرة الجريدة تريد موادا أدبية فأرسلتُ للجريدة عدة فصول من رواية "غابة ظليلة لحصان أبيض" تحكي عن سفاح المحرمات في امريكا. ومن خلالها تعرفت بنضال وبموسى نتيل لكن موسى نتيل الذي راح يحس بخسارة الجريدة لم يستمر بمشروعه فسرعان مانضبت همته وأخذ يبحث عن أمريكا الحقيقية. فالصحافة العربية في الولايات المتحدة هي هدر مال ووقت. وهكذا أغلقت الجريدة وظل نضال زايد وحيدا من دون ممول وظلت فكرة الصحافة تلاحقه. وفيما بعد سيجد ممولا آخر، أحد الأغنياء الفلسطينين، ويفتتح مرة أخرى "المرايا" إلا أن الأغنياء العرب في أمريكا لا يهمهم أحياء الأدب أو التراث.. بقدر ما يهمهم تصدير اسماءهم وصورهم في الصفحات الأولى. قامت الشراكة بينهما على هذا الأساس: الإعلان عن تحركات واسهامات الممول في تطوير العلاقة (التجارة) الفلسطينية الأمريكية.... لكن الأساس الخاطئ لن يستمر فهجره نضال لينشئ جريدة "شرق غرب" مستفيدا من الدعاية ومن تقنية الانترنيت ليفتح لشرق غرب موقعا:
http://www.almaraya.net ومازال الأسم المسجل يحمل التسمية الأولى "المرايا"
في ذلك الأثناء حوالي العام 1999 أفتتحت الجالية العربية في هيوستن المركز الثقافي العربي الأمريكي AACC هدفه هو تجسير الهوة الثقافية بين العرب والأمريكيين وكان هناك أمل في أن يحظى المثقفون في هيوستن في إدارة المركز العربي أو على الأقل أن يكون لهم صوت ورأي. لكن كما هو شأننا كان الطابع طابع دعاية ووجاهة يديرها ويسيرها أغنياء العرب.
في العام الماضي أ ُعيد تأسيس رابطة ثقافية عربية (احد المؤسسين كان نضال زايد). وراحت الرابطة تخطط لفعاليات وندوات أدبية ذلك أن المركز الثقافي العربي في هيوستن لا يقوم بواجبه المطلوب. وبسبب هذه الرابطة نتج صدام بين أحد أعضاء المركز الثقافي وبين نضال زايد ذلك أثناء إحدى الأمسيات التي جرت في المركز الثقافي يطلب العضو من شرطي الحراسة بإخراج نضال زايد بالقوة. لقد شجب نضال هذه العملية في جريدته وطلب من الجالية أن تسانده في الاستنكار، لكن الأمر انقلب ضده، وأخذ العضو يهدد بمحاكمته وإغلاق جريدته شرق غرب.
أسلوب نضال زايد هو أسلوب ساخر يدخل القلب ببساطته وتلميحاته. له محاولات شعرية، حيث في أول أمسية له في المدينة قدم نفسه كشاعر يترك المنصة ويتجول بين الحضور يقرأ قصائده بينما الحضور الذين لم يألفوا هذه الحركة ينالهم الاستغراب.
قال لي في أول مرة قابلته إنه مهندس كيميائي، هجر الهندسة من أجل الصحافة والشعر. ويظل يردد أن عدد الصحافيين في امريكا قليل هو من بينهم ذلك رغم عدد الصحف الكبير.
أراد أن يقوم بما لم يقم به أغنياء العرب في هيوستن. مرة قلت له إن ما يحققه سوف يبقى تاريخا يحسب له، فبإمكانياته القليلة وإصراره تمكن من تحقيق ما لم يحققه غيره من صحافيين وأصحاب المهنة، لقد رصد فيما رصد من تاريخ الجالية العربية في هيوستن يمتد من عام 1996 حتى العام 2006.

البارحة سألت موظف استعلامات قسم العناية المشددة عن غرفته فسألني عن تهجئة الأسم، اسمه في العربية أم في الانكليزية؟ Nyidal، لا ادري... وكيف تهجئة الأسم الأخير فسألت الموظف أن يبحث عن حرف الزين "زايد" فأشار إن كان اسمه زاهيد وعمره 38، لقد اضافوا حرفh... فصعدت إلى غرفته... كانت هناك ستة أنابيب تواصل حياته، بينما جسده الهامد تحركه ردود فعل وعصارات ذكرى.
الأسبوع الماضي حين زرته مع عيسى قنصل دمعت عيناه وقال يشتكي الغربة إنه حين يتحسن.. بعد خمسة عشر يوما... سيسافر إلى الأردن كي يعتنوا به هناك.

حسين سليمان

هيوستن
hsolaiman@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف