أصداء

استقالة حماس فرج كبير للشعب الفلسطيني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بات أمر استقالة حماس عن الحكم والسلطة الفلسطينية أمراً ملحاً وضرورياً في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الشعب الفلسطيني، استقالة حماس اليوم يحفظ حياة الآلاف من الفلسطينيين ويريحهم من الحرب الأهلية والانقسامات والصراعات والمصائب الاجتماعية التي تلوح في الأفق وتهدد الصالح والطالح من هذا الشعب الذي عانى ولا يزال يعاني من ظلم الاحتلال الصهيوني.

ناشد الرئيس جيمي كارتر في تصريح له في جريدة الهيرالد تربيون بالانتخابات الفلسطينية قائلاً "كانت انتخابات ديموقراطية ونزيهة ووصفها بأنها لا لبس بها ولا غش، فقد قبل بها الخاسر وقبل بها الرابح"... بروح رياضية وبرضى يرفع رأس الشعب الفلسطيني ويجعل الشعب العربي من خليجه إلى محيطه مفتخراً ومعتز. فوز حماس ليس قدراً إلهياً، وليس رسالة من السماء، إن مهمة الانتخابات الديموقراطية هي خدمة الشعب وتحسين أحوال الناس وخلق حياة أفضل لكل المواطنين، وإذا المشروع الانتخابي قدم مشاكل ومصاعب للشعب، إذاً على الحكومة والبرلمان أن تتنحى وتسنح المجال للأحزاب الأخرى وما مطلوب من حماس في الوقت الحاضر هو الليونة وخدمة الشعب، والخدمة هنا هي الاستقالة الجماعية.

أنتخب الشعب الفلسطيني حركة حماس لسببين مهمين:
السبب الأول: أن منظمة التحرير بدت منظمة مائعة مرتشية وعاشت على الخاوة والعصبية البائدة، وأعضائها ترهلوا سياسياً وبدت مصالحهم الشخصية تعلوا على كل المصالح.
والسبب الثاني: أن حماس في إدارتها للمجالس البلدية غدت جديرة ومخلصة لما تقوم به وخاصة فتح العيادات الطبية وتوزيع الإعانات الدولية للمحتاجين بكل إخلاص ونزاهة، وقد أُعجب الآلاف من مَن صوت لحماس لهمتهم ونشاطهم في المجالس البلدية.

لماذا يجب على حماس أن تقدم استقالتها الجماعية والتنحي عن حكم الشعب الفلسطيني وتدعوا إلى انتخابات جديدة بدون أن تدخلها للمرة ثانية؟ الجواب هو أن الوقت الحالي غير مناسب لحكم حماس واستمراريتها على صدر السلطة مضر جداً للقضية الفلسطينية وما أنجزته الانتفاضة الأولى من تأييد شعبي ودولي قد نفقده الآن ونحول قضيتنا العادلة إلي قضية خالية من المحتوى الجوهري وتصبح جاهزة كي تنقض عليها أجهزة الإعلام الصفراء في العالم.

إذا استقالت حماس جماعياً فان الشعب الفلسطيني سوف لا ينسى مثل هذه الحكمة والجرأة السياسية الشجاعة، والقيام بهذا سوف يجر البساط من تحت أقدام السياسيين الإسرائيليين اللذين يروجون أنه لا يوجد شريك مفاوض فلسطيني. وإذا بقيت حماس على سُدرة الحكم في الضفة الغربية وغزة، فان مصير شعبنا المجاعة والحصار السياسي والاقتصادي والفوضى المعممة وأيضاً وفوق كل هذا الانفراد الكامل لإسرائيل بشعبنا وتنفيذ مخططاتها ولما تريد صنعه في المستقبل القريب والبعيد.

وهذا سوف يقطع علينا الطريق من مواجهة إسرائيل دبلوماسياً على الصعيد العالمي ووضعها أمام المحك الإنساني الدولي، والصراع ضدها في المحافل الدولية، يجب أن نحظى على التأييد الكامل من الشعوب والمجموعة الأوروبية التي لها ثقلها ووزنها وتأثيرها على السياسة الأمريكية\الإسرائيلية وإذا خسرناهم وخسرنا تأييدهم فربما نخسر فلسطين بكاملها. استمرارية حماس على رأس السلطة في الضفة الغربية وغزة يجعل الدول والشعوب الأوروبية غير مبالية لما يحصل للشعب الفلسطيني ويجعلهم غير مباليين لسياسة إسرائيل التعسفية والبطش اليومي لشعب غزة والضفة الغربية.

لا سلاح حماس الفتاك ولا صواريخ القسام قادرة على زعزعة السياسة الإسرائيلية والكف عن ما تقوم به من عدوان في الأراضي المحتلة، والحقيقة المُرة أن حكام إسرائيل يتمتعون بالنشوة ويطيرون بالفرحة العميقة بانتصار حركة حماس لأنهم الآن قادرين وبكل حرية أن يصفوا حركة حماس بالإرهابية وسوف يلقبون الدولة الفلسطينية بدولة إرهابية ومن ثم يلقبون الشعب الفلسطيني بأكمله أنه إرهابي. كبرى مصائبنا هو أن إسرائيل تعمل السبعة وذمتها في شعبنا البائس وتتهمه أمام المجتمع الدولي بأنه هو المذنب هو المجرم هو العاصي وهو الإرهابي، وإسرائيل هي البريئة المظلومة التي ينهكها الإرهاب الفلسطيني ويخرب عليها حظ العيش بسلام ونعمة الاستقرار. استطاعت منظمة التحرير أن تنفض هذا اللقب عنها منذ قرار أوسلو، وحاولت إسرائيل مراراً أن تعيد هذا اللقب منذ بداية الانتفاضة الثانية وتلبسه مرة أُخرى لياسر عرفات ومنظمة التحرير ولكنها بائت بالفشل الذريع. وقد عاد كابوس كلمة الإرهاب مع انتصار حماس الانتخابي في الدعاية الصهيونية والإعلام الغربي ومن ثم بدأ يتناقل بواسطة أجهزة الإعلام العالمي والتي يومياً يتحول شيئاً فشيئاً إلى كابوس يتهم الفلسطينيين بالإرهاب تماماً كما كنا نوصف به في السبعينات والثمانينات.

الشعب الفلسطيني هو شعب فقير لا قوة له ولا حول، يواجه دولة إسرائيل أقوى دولة عسكرياً في الشرق الأوسط ومدعومة من أقوى دولة في العالم، شعبها ذكي ومتعلم ومتفوق من الناحية التكنولوجية. ومخططاتهم أصبحت واضحة وضوح الشمس يريدون الاستيلاء على اكبر رقعة يقدرون السيطرة عليها بالقوة بالسياسة بالاحتيال بالمكر بالخباثة، تجدهم اليوم ينبشون شجر الزيتون من جذوره يستولون على الراضي يبنون الجدار العازل ويحيطون به مدننا وقرانا يقسمون الضفة الغربية إلى كنتونات صغيرة محشورة بالسكان محاطة بالجنود المدججين بالسلاح والعتاد يمنعون النساء الحامل للوصول للمستشفيات وإلى آخر مطاف الإرهاب والظلم الإسرائيلي. كل هذا حصل تحت حجة السلام واعتراف منظمة التحرير بإسرائيل ولا يزال يحصل أمام عين ورغم أنف حركة حماس وكل هذه السياسات التعسفية الإسرائيلية وتحت بركة ورضى أمريكا.

الشعب الفلسطيني يريد قيادة ذكية جداً ونبيهة جداً، قيادة قادرة على تسخير كل القوى الواعية والملمة بالسياسة الدولية والسياسة الأمريكية، واعية وملمة بأمور الدين والدنيا، بخفايا العلوم السياسية والنفسية للشعوب، عالمة بكل ما تخفيه إسرائيل من خباثة وذكاء، دارسة شؤون الصالح والطالح، الزاني والداني، قيادة تستخدم عقول ومستشارين وخبراء يهود وعرب وعالميين، محللين نفس وعلماء السوسيولوجيا قادرين على فكفكة السياسة والسياسيين الإسرائيليين والأمريكيين ووضع البديل أمام شعبنا والخروج من محنتنا.

إذا كانت حركة حماس حركة تحب وتحرص على مستقبل ومصير الشعب الفلسطيني فعليها أن تقدم استقالتها وتتنحى عن الحكم وتنصرف لخدمة الشعب الفلسطيني بطريقة أُخرى فعالة أي أن تركز أعمالها من خلال المجالس البلدية والهداية السلمية وتترك السياسة الدولية لمن يخدم الشعب الفلسطيني ولمن ترضى عنه الأُسرة الدولية.

أكرم هواش
akram.hawwash@ntlworld.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف