أصداء

إعلان بيروت دمشق والاعتقالات الأخيرة 2

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رأي للتحاور وليس للشقاق ـ القسم الثاني..

سنعود إلى قضية الإعلانات ولماذا تكاثرت بعد إعلان دمشق..الموضوع بسيط لأنه أول إعلان بتاريخ المعارضة السورية يحوز على هذا الإجماع داخل صفوف المعارضة. كما أن هذا لا يعني مطلقا أن إعلان دمشق يحتكر الحقيقة ـ ولن يستطيع طرفا مهما كان أن يحتكر الحقيقة وهذا محايثا وجوديا ـ حتى بالمعنى الفلسفي للعبارة ـ لإمكانية الحوار بين البشر في الحياة ـ وكان لنا ملاحظات كثيرة على نصه لكنه خلق نواة لتشكيل معارضة سورية وليس معارضات كما نوهنا بالقسم الأول من هذه المقالة. وسوريا تتسع لإعلانات وآراء كثيرة لكنها تحتاج لمعارضة واحدة لا يوجد فيها لا إقصاء ولا تهميش ولا التحلل من أية قيمة ديمقراطية في حق الاختلاف. والسبب الآخر أن الإعلان هو بمثابة موقف سياسي واضح. وهو عبارة عن تقاطعات برنامجيه وسياسية وليس رأيا أحاديا. وربما على هذا الأساس كتبت مقالتي حول إعلان دمشق وجبهة الخلاص والتي لم ترض بعض أطراف جبهة الخلاص في فضاء المحاولة التي تستهدف وجود معارضة سورية واحدة.. وليس سرا إن قلت التالي : في لقاء للتحالف الديمقراطي السوري كنت مدعوا له بصفة مراقب جرى حوارا معمقا مع شخصية دبلوماسية أمريكية في باريس : خلاصة ما تقدمت به في هذا الحوار هو التالي :
على الإدارة الأمريكية إن كانت معنية بقضية الديمقراطية في سوريا فعلا أن تدعم المطلب الديمقراطي السوري وليس هذا الفصيل أو ذاك هذا الحزب أو ذاك بل تدعم المطلب الديمقراطي المؤسسي بغض النظر عن توافق المنضوين تحت هذا المطلب مع السياسية الأمريكية في المنطقة أم لا..وهذا الأمر يجعلنا نعو إلى قضية مبدئية فأنا حتى لو اختلفت معك لكنني أعم توجهك الديمقراطي المؤسسي والذي لا يستند على مرموزيات شخصانية..لأننا لا نريد الذهاب من تحت [ الدلف لتحت المزراب ]. نحن لا ينقصنا شخوصا رموزا !! فهم كثر ما شاء الله في الداخل والخارج نحن ينقصنا وعيا مؤسسيا وأطر مؤسسية ديمقراطية بالمعنى الفعلي للعبارة. وللتأكيد على هذا الأمر شخصيا ليس لدي اعتراض على سوري يطرح نفسه كمعارض لسببين :
الأول لأنني لا أمتلك الحق ولا الحقيقة في إعطاء شهادات لأحد ولا حتى أن أفكر بهذه الطريقة.. نختلف ربما لا نتفق أيضا ربما لكنه بالنسبة لي هو معارض وسيبقى معارض مادام هو يقول عن نفسه أنه معارض. والسبب الثاني أن هذا الحق تكفله كل الشرائع المتعلقة بحقوق الإنسان. والمثال الآتي يوضح ما نرمي إليه : في حواري لمرة واحدة مع السيد سومر الأسد نجل رفعت الأسد ـ الغني عن التعريف ـ حاورته لأنه يطرح نفسه كمعارض اختلفنا ولم نتوصل على نقاط تقاطع ذات معنى. فلم نتناول بعضنا بسوء. ولم نشعر بعدها أننا يمكن أن نجلس مرة أخرى للتحاور لأن هنالك قضايا صعب الاتفاق عليها ولكن لا يعني مستحيل فالمطلب السوري الديمقراطي يعني كل سوري..حتى ولو كان رأيه : انه يريد مثلا ديمقراطية طائفية !! هذا رأي وعلي أن اعترف بوجوده في الشارع السياسي السوري أو ديمقراطية قومية على طريقة بعض رفاقي وأصدقائي في الحركة الكردية. أو حتى من الذين يؤمنون أن الإصلاح يجب أن يحافظ على جزء من هذا النظام كي لا تنفلت البلد أو كما يعبر بعضهم بطريقة أخرى :
لا يريد أن تذهب السلطة من يد الطائفة حتى لا تنهار البلد وحتى يتم ترسيخ ثقافة مواطنة. فهذا رأي أيضا علينا التعامل معه وحواره فهو جزء من الشارع السوري الشعبي والمعارض.
ولكن على أي معارض أن يقدم رؤيته نصيا ومؤسسيا لمستقبل سوريا وآليات التغيير فيها. لهذا أنا نقدت إعلان سوريا على أرضية أنه طرف ينحو نحو المؤسسية في مطالبه الديمقراطية لسوريا هل ينجح أم لا هذا متروك للمستقبل..هذا من جهة ومن جهة أخرى هنالك كما قلنا من يدعو لانضمام رفعت أسد لصفوف المعارضة حسنا أين البرنامج الذي طرحه السيد رفعت الأسد خارج إطار : شعار [ عودة القائد ] لأن الجماهير السورية تنتظر عودته بفارغ الصبر ؟ في الحقيقة ليس لدي أية معلومات عن السيد رفعت الأسد وبرنامجه غير هذا الشعار وهذا ليس كافيا فحسب بل منافيا للمطلب الديمقراطي السوري. هذه آراء كل من ذكرت سواء في القسم الأول من المقال أو في هذا القسم، وعلينا الاعتراف بوجودها وحقها في هذا الوجود والتحاور معها.
وهذا يقودنا إلى ما يعرف بميزان القوى السلمي ليحسم لمن الأكثرية في الشارع ومتطلبات هذا الميزان وسبل الوصول إليها للكشف عن حقيقة ما يمثله كل اتجاه داخل الشارع السوري بما فيها الاتجاه الموالي للسلطة فكل هؤلاء هم أبناء سوريا ومن حقهم أن يكون لهم رأيا بمصيرها لأنه مصيرهم أيضا ومصير أبناءهم وأحفادهم. فكل هذه الإعلانات والجبهات والمحاور والتجمعات مهما كان رأيها ـ شريطة أن تؤمن بالديمقراطية والتعايش الحر الكريم وحتى لو كانت لا تؤمن بذلك لكن عليها أن تقبل الوسائل الديمقراطية سبيلا للوصول إلى تحقيق برنامجها ـ
إذن سواء إعلان دمشق أو جبهة الخلاص أو إعلان سوريا أو غيره من الإعلانات والتيارات هي جزء من المعارضة السورية أو يجب أن تتحول إلى جزء من المعارضة السورية الواحدة ذات المطلب المؤسس ديمقراطيا وليس ببقائها معارضات تشتم بعضها وتريد الصعود إلى حساب بعضها بعضا بطرق لا ديمقراطية. وهذا يقودنا مرة أخرى إلى إعلان بيروت دمشق الذي أدى إلى حملة الاعتقالات الأخيرة لو كان هنالك معارضة واحدة حقيقية كما نأمل من كل الأطراف لما شاهدنا هذا التواطؤ من قبل بعضهم على اعتقال ميشيل كيلو وبقية الشباب...هذا من جهة ومن جهة أخرى في حواراتي مع قسم من الرموز القائمة على هذه الإعلانات لم تستطع أن تتحرك خارج دائرة / إما معي أو ضدي / في ثنائية إقصائية واضحة المعالم.
يبقى سؤالنا مشرعا للمساهمات في هذا الحوار : كيف لنا من كل هذه الكوكبة أن نخلق معارضة واحدة بالمعنى المؤسسي تحافظ على الكيانات الموجودة وتوحد المطلب الديمقراطي السوري وتتعايش وتحل خلافاتها ديمقراطيا..هل هذا ممكن ؟! يبقى الأمل يحدونا في ذلك..

القسم الاول

غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف