أصداء

أسامة بن لادن، أما آن لك أن تخجل؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كان في فجر الجمعة، 23 من يونية 2006م/ 27من جمادى الأولى 1427هـ، في مدينة الرياض السعودية آخر عمليات المواجهة مع الجماعات الإرهابية التي يقودها مباشرة أو عن بعد سيء السمعة صاحب تورا بورا، مهندس الخراب بن لادن.. الذي أنشأ و لا يزال يقود و يشرف على المنظمة الإرهابية العالمية "القاعدة". نرجو أن تكون تلك العملية هي مؤشر النهاية.

مات سبعة في تلك العملية الأمنية، ستة كانوا من الإرهابيين السبعة الذين تمت مداهمتهم وقتها، و واحد من جنود الأمن البواسل. و كانت تلك العملية مع تباشير ذلك اليوم المقدس من العطلة الأسبوعية في حي النخيل في مدينة الرياض؛ و أعلن وقتها عن اعتقال اثنين آخرين.. ثم أعلن في اليوم التالي عن 40 آخرين كان قد تم اعتقالهم خلال الأسابيع القليلة الماضية في مختلف أنحاء البلاد، بما شمل الرياض، والمناطق الشمالية و مكة المكرمة و المنطقة الشرقية. لقد كانت العملية السابقة لهذه قد تمت في نهاية فبراير/ شباط (شهر المحرم) من نفس هذه السنة.. و في سلسلة متواصلة من الأعمال الإرهابية خلال السنوات الأربع الماضية شملت عدة مدن في أنحاء البلاد بما لم يستثن منها حتى مكة المكرمة و المدينة المنورة.

لا نقبل استمرار هذا العنف وهذه الأعمال الإرهابية التي يقوم بها سيئ الذكر صاحب تورا بورا و زبانيته في أنحاء شبه الجزيرة العربية و ما وراءها، مثل العراق، و في أصقاع عدة في أوربا، كما في محطات القطار/ مترو أنفاق مدريد عاصمة إسپانيا..الدولة الصديقة المؤوية لمئات الآلاف من العرب والمسلمين...و كان ذلك في 13 من مارس 2005م؛ ثم في مدينة لندن.. في 7-7-2005م؛ و غني عن التذكير الانفجارات و التدميرات التي حدثت في عمان، الأردن..و في شرم الشيخ، مصر.

لقد تواصلت عمليات القاعدة - لا تمّ لها قعود و لا بقاء!-- فطالت مواقع سالمة مسالمة و مهمة للقضايا العربية بعامة و الفلسطينية بخاصة (كما في مدريد.. التي كانت أثناء حدوث التفجيرات الإرهابية في وقت كان الشعب الاسپاني في طي تخلصه من رئيس الوزراء المتحالف مع امريكا في احتلال العراق..) فکان من سوء الطالع أن جاء تنفيذ الانفجارات و إزهاق الأرواح البريئة في ذات الوقت الذي كان الشعب الأسپاني يستعد لاختيار و تنصيب رئيس جديد ذي سياسة مختلفة مخالفة لسلفه.. فجاء الإرهاب القاعدي جزاء سيئاً و لطمة للشعب الأسپاني..و تهنئة غير مهذبة للرئيس الجديد..ذي الفكر المغاير.

أما في العراق، فقلوبنا مع العراق و أهل العراق..كما هي قلوبنا مع في كل مكان: في مصر العروبة.. في شرمها و في أسوانها و بقية مواطنها المتألمة؛ و في عمان الأردن؛ و بقية المواطن.. كما هي قلوبنا تماماً مع أهلنا و ذوينا في الرياض، و عرعر، و جيزان، و الخبر، والقصيم، و بقية أنحاء البلاد.. بما يشمل بالطبع موقعي الحرمين في الحجاز.

لقد فاض فيضان الدم والحزن و الغضب.. في أنحاء العراق، في وسطه و حول عاصمته، و خاصة في بعقوبة و مدينة الصدر والدورة و غيرها؛ وفي غربه..في الفلوجة و ما حولها في أنحاء الأنبار؛ و في جنوبه حيث عمي البصر في البصرة..و لم تسلم المناطق الشرقية المتاخمة لإيران..بل و لم تنج المناطق الشمالية..في أكثر من موقع في كردستان العراق. و صارت المحرقة البشرية منظراً شبه يومي، عياناً بياناً، حيث يتم نقل الجثامين البشرية المتشظية أمام كاميرات العالم...من الميادين العامة و المطاعم... بل و حتى دور العبادة على مختلف المذاهب و الطوائف و الأديان.

لقد طفح الكيل! و لقد عاث البنلادنيون فساداً في عدد من الأصقاع..و بمسميات عدة متنوعة و متجددة تحت راية "أبي" كذا و أبي هذا و أبي ذاك..و ما هم إلا آباء الدمار و الشنار.. المعتمد على سحل رقاب الناس الآمنين الأخيار. لقد ضربوا بمعاول تخريبهم و قنابل تدميرهم ما عنَّ لهم أن يضربوا..و لم ينج من بأسهم الشرير حتى المواقع المقدسة و مواضع العبادة المتعددة..مثل مرقدي الإمامين في سامراء..و كذلك قبلهما و بعدهما من مختلف المساجد و المآتم.

لقد اعتمد أولئك الإرهابيون على تجنيد المئات و الآلاف من الشباب و المغرر بهم من الصائعين الضائعين العاطلين الباطلين..و استغلوا نقاط ضعف هؤلاء و قلة تعليمهم و تدني تمهنهم.. فتجنيدهم في السلك الإرهابي لا يحتاج في الغالب إلى شهادة عليا و لا دبلوم خاص و لا دراسة مسهبة.. بل و لا حتى التفكير.. فيما عدا ربما توجيهات "الأمير". فقام الإرهابيون باستغلال أولئك الشباب أسوأ استغلال.. بدلاً من أن ينخرط (هؤلاء و أولئك..) في عمليات البناء و التعليم و التثقيف والإنشاء في الأعمال و المهن المنتجة التي تساهم في رفع شأن هذه الأمة المتألمة.

تجدد العنف و الإرهاب. بينما بدأت العلاقات السعودية الأمريكية تستعيد بعض عافيتها إلى شيء من التحسن.. بعد فترة طويلة من البرود و الجمود طالت الخمس سنوات الماضية..و بعد المحاولات الحثيثة و المتواترة لترميم و إعادة بناء ما تصدع بينهما منذ 11 من سبتمبر/ أيلول 2001م المأسوف،..فإننا نجد الآن أنه في الوقت..و في نفس اليوم.. الذي وقعت فيه المواجهة الدامية بين قوى الأمن السعودية و سبعة من جماعة الإرهاب عندنا..إذا بنا نسمع في نفس الوقت عن مواجهة -في أمريكا-- مع سبعة من مواطنيها..متهمين بعلاقتهم بالقاعدة؛ و تم خلال المواجهة هناك عن "بيعة" (هكذا!) أولئك لشيخ الإرهاب و "مبايعتهم" إياه أميراً للمؤمنين (يا مهازل الزمان!) باعتباره زعيم "القاعدة"، (قاعدة البوار و الدمار.!). و كان في تلك المواجهة (الأمريكية) الحدث الأول..فيما نعلم.. عن قيام "خليّة" علنية في (داخل) أمريكا،..و ذلك بتجنيد سبعة (على ألأقل..) من التنظيم المأثوم من شباب ذلك البلد المأزوم.

اخجل يا هذا! لقد سوّدت وجوهنا، و ساهمت بفاعلية في تعطيل مصالحنا، و في التحديد من انسيابية تحركنا في الداخل و الخارج.. فأصبح سفرنا و حتى حصولنا على تأشيرات دخولنا إلى عدد (متزايد) من الدولة الصديقة..محذوراً و محجوراً..و محرجاً. فأصبح عدد من الدول الصديقة..بل و الشقيقة و حتى أكبر الدول الإسلامية -اندونيسيا--..تطلب منا الحصول على تأشيرات للدخول إلى أراضيها.. بعد أن كانت جوازات سفرنا مرحباً بها..و تأشيرات الدخول غير مطلوبة منا..) و في أقل اعتبار أصبحنا -قبحك الله-- موضع الشك و الريية.. بل و التوجس..من قبلنا و من قبل مستضيفينا.. فكادت أن توصد الأبواب في وجوهنا.

بل و صار الحصول على تأشيرة إلى بعض البلدان (مثل أمريكا) يحتاج إلى فترة انتظار و تمحيص و اختبار..و إجراءات ومقابلات و تحريات،..فتعطلت و تأخرت طلبات الآلاف و الآلاف من الطلاب و الطالبات المتقدمين للدراسة؛ و طال هذا العنت و ذاك حتى المتنفذين و كبار الشخصيات المشهورين، بل و حتى وزراء الدولة و كبار المسئولين إن هم أتوها زائرين..!

فعلى من تمت تسميته باسم "أسامة" (حاشا! فواقع اسمه و صفاته يكون أقرب إلى الصواب إذا ما حل حرف "القاف" محل الألف..و حرف الميم محل السين.. ليكون بذلك أقرب إلى "المخلفات"..تكرمون!!)..على هذا المخرب العالمي أن يرعوِ..و أن يقوم هو و نوابه و أتباعه بالتوقف عن أعمالهم التي قادت إلى الدمار و سفك دماء الناس و طالت المناطق و التجمعات البشرية المدنية الآمنة البريئة.

و إليكم جميعاً أزكى التحايا.. و عليكم جميعاً أعطر و (اسلم) السلام.

د. إبراهيم عباس نـَتـّـو

عميد سابق في جامعة البترول

dr.natto@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف