أصداء

ارهاب القاعدة لا ينقذ لبنان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في خضم المعارك المشتعلة حول بنت جبيل والتدمير الاسرائيلي المنهجي لمرافق الحياة المدنية في لبنان على مرأى ومسمع العالمين العربي والاسلامي وتواطؤ العالم الغربي على المستوى الحكومي على الأقل. فجأة يظهر أيمن الظواهري وبدون انذار وبدون تحذير ويهدد بالويل لاسرائيل وأميركا. قلت قبل أسابيع في مقال آخر ان نشاط القاعدة يقتصر الآن فقط على انتاج الأشرطة والكاسيتات وتحولت كهوف افغانستان الى استوديوهات.

الساذجون سيرحبوا بهذا التدخل الشفهي اللفظي من القاعدة الذي سيخدم اسرائيل بالدرجة الأولى.

خلال السنوات الماضية وبالتحديد منذ حوادث 11 ايلول 2001 نجحت اسرائيل في اقحام نفسها في معسكر مكافحة الارهاب والشكر يعود لاخطاء المقاومة الفلسطينية. نجاح شارون يعكس فشل المقاومة الفلسطينية في ذلك الوقت. اسبوعين بعد 11 ايلول 2001 استدعى الرئيس جورج دبليو بوش رئيس وزراء اسرائيل آنذاك آريل شارون لواشنطن ليطلب منه الدخول في مفاوضات جدية مع الرئيس المرحوم ياسر عرفات. شارون وجد نفسه في مأزق وكلنا يعرف جيدا ان شارون لا يريد سلاما حقيقيا مع الفلسطينيين وكان يحاول التملص ولكن الضغوط على شارون ازدادت بسبب تدخل دول عربية مثل الاردن ومصر والسعودية التي اقنعت الادارة الاميركية ان التوصل الى حل عادل في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني سيقلل من الكره والحقد والارهاب ضد الاهداف الغربية. وان تسوية مرضية بين اسرائيل والفلسطينيين سيأتي بالفائدة للولايات المتحدة واسرائيل.

ولكن الحظ حالف شارون وأعطاه حبل النجاة في اللحظة الحرجة. المقاومة الفلسطينية فتحت له طريق الهروب من الضغوط وأنقذته من المحنة قالت له الآن بامكانك ان تتجاهل الضغوط.

واثناء ممارسة الضغوط على شارون حدث تفجيرين في القدس الغربية في محل بيتزا ومقهى ادتا الى مقتل عدد من المدنيين الاسرائيلين. هذه كانت بداية النهاية لياسر عرفات حيث تعرض لحصار طويل ومهين ومذل حتى وفاته واعادت اسرائيل اقتحام الضفة الغربية وقتلت المئات واغتالت العشرات ودمرت الاف المنازل. استطاع الانتحاريون(الاستشهاديون والمفجرون الذاتيون) من اعطاء أكبر هدية لاسرائيل. تمكنت اسرائيل من اقناع الكونغرس الاميركي والادارة الاميركية ان الحرب مع الفلسطينيين هي امتداد للحرب ضد ارهاب القاعدة. النتيجة النهائية أنه تم ادراج حماس والجهاد الاسلامي في قائمة الارهاب. لذا تستطيع اسرائيل ان تبطش وتقتل وتدمر وتغتال وتعتقل لأنها تكافح ما يسمى الارهاب الفلسطيني. بامكانك أن تستنتج أن القاعدة قدمت أكبر خدمة سياسية لاسرائيل منذ الانتفاضة الأولى.
وربما ليس من المبالغ به اذا قلنا "اباؤنا دفعوا ثمن الهولوكوست ونحن واولادنا ندفع ثمن 11 ايلول 2001."

لا أزال اعتقد جازما ان المقاومة الفلسطينية التي تعمل تحت تسميات ترتبط بالدين ارتكبت اخطاء تاريخية مصيرية أتت بالكارثة للشعب الفلسطيني الذي لا يزال يدفع ثمنا باهظا لهذه الاخطاء. وأكبر خطأ كان عندما فشلت فصائل المقاومة بعد 11 ايلول 2001 من الاعلان انها ستستمر في المقاومة ولكن ضد العسكريين والجهاز الأمني الاسرائيلي وانها ستتوقف عن استهداف المدنيين وانها تنبذ الارهاب كفكرة واسلوب واستراتيجية. قلت هذا على التلفزيون في برنامج يتعلق بالمقاومة الفسطينية اواخر عام 2001 ولكن الضيف الآخر الذي ينتمي للاخوان المسلمين رفض الفكرة وجادل ضدها. ولا يزال يتمسك بأفكاره.

الخطأ التاريخي هو تأييد حوادث 11 ايلول والاستمرار في استهداف المدنيين. بات من الواضح لمن يراقب الاوضاع ان اسرائيل تستفيد اعلاميا من اعمال التفجير في الاهداف المدنية ويكون رد فعلها أكثر عنفا عندما يقتل العسكريين او يخطفوا كما رأينا في غزة ولبنان مؤخرا.
ألم يحن الوقت باعادة الحسابات وتغيير المنهج واقناع العالم ان المقاومة ليست ارهابا.

هل يحتاج حزب الله لدعم القاعدة؟

حزب الله اكتسب احترام المؤيد والمعارض والصديق والعدو بسبب المهنية والاخلاقية في التعامل. كحركة مقاومة لبنانية وطنية مارست أعمال المقاومة باخلاقية واستهدفت الالة العسكرية الاسرائيلية ونجحت في دحر اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000. وهي الآن تقاوم أكبر قوة عسكرية خارج روسيا والناتو ولا تزال صامدة وليست بحاجة لارهاب الظواهري والزرقاوي وبن لادن.

المقاومة اللبنانية لا تحتاج الى الظواهري وبن لادن ولا تحتاج الى الارهاب لتبرير ذاتها. ولاسباب جيو سياسية اقليمية لها علاقة بدمشق وطهران استطاعت اسرائيل اقناع الولايات المتحدة ان حزب الله هو منظمة ارهابية ويجب التخلص منها والقضاء عليها وهذا هو هدف الحملة العسكرية الاسرائيلية الحالية.
وحان الوقت لحزب الله ان يصدر اعلان قوي وعلى لسان الشيخ حسن نصر الله ويقول للعالم:

نحن مقاومة وطنية ندافع عن ارضنا وقضيتنا عادلة ولا نقبل الارهاب ونرفض تدخل الظواهري والقاعدة ولسنا بحاجة لهم ولا نقبل اساليبهم الارهابية. وبالمثل على قادة حماس ان يرفضوا تدخل الظواهري ويرفضوا اساليب القاعدة التي خدمت اسرائيل ووضعت العرب والمسلمين في خانة الارهابيين.

المطلوب حملة اعلامية مكثفة لاقناع العالم انه لا علاقة للنضال الفلسطيني واللبناني بالارهاب وهذا يأتي من خلال الممارسة الصحيحة اي استهداف الالة العسكرية فقط واستغلال المساحة الاعلامية المتوفرة لرفض اي تدخل من القاعدة.
وسيكتب البعض ان اسرائيل دولة ارهاببية وتستهدف المدنيين. هذا صحيح ولا غبار عليه.
نعم اسرائيل ترتكب جرائم حرب وهذا يجب توثيقه للتاريخ والمحاسبة القانونية ولكن ميزان القوى في العالم في الوقت الحاضر لا يسمح بذلك. ولكن كخطوة اولى علينا ان لا ننجرف في موجة عواطف ظواهرية وقاعدية وزرقاوية التي لا يستفيد منها سوى اسرائيل واميركا.

يجب ان لا نقع في الفخ للمرة العشرين ونلدغ من نفس الحجر للمرة المئة.

نهاد اسماعيل
اعلامي عربي - لندن

Nehad ismail - London UK

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف