أصداء

من يوقف الهمجية الإسرائيلية؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لقد تجاوزت همجية إسرائيل في لبنان كل تصور، وكل توقع، وتجاوزت حدود خيال البشر في زمن ينادي بالحضارة ويمجد حياة الإنسان. إنها تدمر كل شيء بوحشية مرعبة كانت تنتظر الفرصة لإطلاقها، ولا نملك سوى أن نضع أيدينا على قلوبنا المرتجفة حبا للبنان وخوفا على أهله، إسرائيل هي الوحش الذي قرأناه في قصص الأطفال والفلاسفة القدماء، الوحش الذي يحذرون من إيقاضه من الرقاد كي لا ينتفض ويدمر الغابة ومن عليها من حياة وشجر.
عندما انتقدنا اختطاف الجنديين على يد حزب الله كنا نعرف أن هذا الوحش - الإسرائيلي - سينفلت من عقاله، نعرف الجنون الإسرائيلي الكامن في حكومتهم والذي انتظروا ذريعة له ليستعملوه، فأسلحتهم لابد من تجريب، وجنودهم لابد لهم من خبرات وأمن بلادهم يحتاج لصيانة واستدامة.
وها نحن نرى كلما زادت تحديات السيد نصر الله وخطبه المهددة بأن يجعل جنوب لبنان مقبرة للغزاة، نراهم يوغلون بوحشيتهم التي لن يوقفها ألان شيئا، لا مجلس الأمن ولا قوة حزب الله التي أعدها وتبجح بها، وهنا أتذكر مقولة تولستوي حين يقول:
"الشجاعة في غير موضعها جنون، والوقوف أمام عدو لا أمل في براحه ولا مطمع في زواله عناد "
والعناد صار يحكم هذه الحرب من الطرفين، إسرائيل تعاند مصرة على استعادة الجنديين وحزب الله يصر على استحالة أعادتهم، ولبنان تدمر وتموت ببشاعة، والعرب في فلسطين يموتون بصواريخ حزب الله..
لم تنفع كل الحلول التي تناولها السياسيون اليوم أن كانت اجتماعات وقرارات مجلس الأمن أو لقاءات العرب الذين في أحسن أحوالهم يتفقون على قرار لا يقدم ولا يؤخر ولا يخيف إسرائيل ويردعها.
هاهو العالم يتفرج على موتنا ودمارنا، لم تهزه حتى دمعة السينيورة التي هزت كياناتنا وأبكتنا كأنقى وأصدق دمعة، فهي لم تستطع اكثر من دراسة مجددة للقرار الأمريكي الفرنسي، رغم أن هذا يعتبر نصرا وان دمعة السيد السنيورة هي الدمعة التي هزت العالم في هذه الحرب، حيث لم تحرك كل المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد الأطفال شيئا لدى دبلوماسيي العالم كما حركتها دمعة صدق وطنية من رئيس الوزراء اللبناني، ستبقى هذه الدمعة في ضمير العالم والتاريخ العربي والدبلوماسية العالمية أبدا.
ما عادت الأمور توصلنا إلى حل واقعي وإسرائيل توغل يوما بعد آخر في قتل لبنان وتقطيع أوصاله، إنها تقتل الحياة والحضارة أمام أعين العالم، والعالم لا يلوي على شيء، !
كيف يحصل ذاك؟ وأين هي قيم الأمم المتحدة؟
إذن الحلول التقليدية لم تنفع، وأن الصراع مع إسرائيل، حتى وإن حل في هذه الحرب الضروس الدائرة اليوم على لبنان، فهي ستتكرر مجددا إن لم تتوقف إسرائيل عن عنجهيتها وغطرستها على العرب واغتصاب حقوقهم، وتتكون علاقات جوار على أساس العدالة واحترام حقوق الغير، والذي أصبح ضروريا ألان بعد أن فشلت جميع الحلول ببناء سلام عادل في المنطقة هو:
1- لابد لشعوب الأرض من النضال والعمل على تغيير قوانين مجلس الأمن والأمم المتحدة، ولابد للحقوقيين ومنظمات حقوق الإنسان بالعالم أن تبادر لمثل هذا المطلب، كتغيير حق الفيتو لدول مبشرة بالجنة، لقد أصبحت المنظمة كالرجل المريض، يحتاج لعلاج يتماشى مع التغيرات الكبيرة التي حصلت بالعالم منذ تأسيس المنظمة حتى ألان؟
وان كل دارس للقانون يعرف أن كل قانون لم يحل المشاكل ولم يشبع حاجة المجتمعات في حل نزاعاتها لابد وأن يتم تغييره، وهذا ما تمارسه كل الدول الغربية التي ندعوها الدول الحضارية التي تنظم المجتمع بقوانين متجددة نابعة من حركة المجتمعات وتطورها، فلماذا يجثم على العالم - بل علينا نحن بالذات لأننا أكثر المتضررين منه - ذات القانون الدولي العاجز والذي لم يحل اقدم وأول قضية - وهي القضية الفلسطينية - منذ تأسيس الأمم المتحدة حتى اليوم؟
2- لابد من تغيير قوانين الأمم المتحدة في مسألة العقوبات ضد المعتدي، والتأكيد على عدالة تطبيقها بآلية جديدة، ولماذا تكون هناك مؤيدات جزائية صادرة كعقوبة من مجلس الأمن على دولة دون سواها يطبقها الضعاف دون الأقوياء؟ إذن ما فائدة الأمم المتحدة إن كان القوي هو المتحكم والمتغطرس والمسيطر على غير وجه حق؟ أي أن شريعة الغاب لازالت سائدة مع الأسف.
3- أين وصلت قضية الحد من الأسلحة والقضاء عليها والتي كان ينادي بها الاتحاد السوفيتي سابقا؟ وهل ماتت رغبة البشر بالسلام والقضاء على السلاح بموت الاتحاد السوفيتي؟ أم لابد للعالم من قبول المعايير الأمريكية في هذه المسألة والخنوع الذي ينجب مجموعات منتقمة ومسلحة تحمل اسم الدين لتطلق بإرهابها وسلاحها العشوائي كوسيلة يائسة للتغيير بعد أن أشبعت بشعور الحقد والإحباط والتهميش؟
إن اعتماد الدول الكبرى في اقتصادياتها على السلاح هو اخطر ما يمر به العالم فشركات الأسلحة التي تنشر الدمار خاصة وتسعر نار الحروب بين المتنازعين، أو تبيعها للمجموعات الجاهلة التي تحكمها تقاليد وعدا وات قبلية ودينية تعكس عدم رغبة المجتمع الدولي بحقيقة القضاء على الحروب،فان كانت الرغبة صادقة وحقيقية بعالم يسوده الأمن والسلام فشعار الأمم المتحدة لابد وان يكون "أغلقوا معامل السلاح أغلق لكم ساحات الحروب والقتل اليومي"..
ولابد للأمم المتحدة العمل على هذا المبدأ كستراتيج دائم في كل الأحوال، وإلا فما فائدة هذه المنظمة التي لم تستطع إيقاف المجازر بعالم يزخر بالسلاح وتجاره ويشيع القتل والحروب والدمار والظلم؟..... 10-8-2006

بلقيس حميد حسن

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف