أصداء

الاحتجاجات درس بليغ يجب ان لايُهمل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الحديث عن اسباب المشاكل في العراق يحتاج الى شجاعة في قول الحقيقية. بكل ما فيها من قساوة ومرارة الهرميات. كل الهرميات- الهرميات الطائفية- هرميات السلطة السياسية - الهرميات العرقية- الهرميات القومية- والاكثر من ذلك هرميات السلطات الاجنبية العسكرية منها والمدنية ومعذرة من عدم ذكر الهرميات الديمقراطية لالشيء سوى ان الكل يتحدث باسمها للتآمر عليها واختفت في ايكتها حمامة السلم الوديعة بعد ان حامت في سمائها نسور شرهة لا تتوانى لحظة في افتراسها... لقد توشحت الهرميات بوشاح المظلومين وارتدت ملابس الديمقراطيين الذين تراجعوا كثيرا عن صفوف كان شأوهم في مقدمتها ولجأ الكثير منهم الى الكتابة في طرح معاناتهم والتنفيس عن همومهم التي فاقت بثقلها تلك الاثقال والمتاعب التي تبرعمت وتضخمت سيقانها عبر مراحل القمع والديكتاتوريات المتوالية لأكثر من خمسين سنة خلت.
اننا حين نستعرض الاسباب لابد من اننا نبغي الوصول للنتائج وعلى اساس من ذلك واختصارا للقارئ الكريم وددت الدخول في تسمية ماتم افرازه من نخب على ضوء النتائج وعلى الشكل التالي:
ما هي المكونات العراقية التي تقود السلطة السياسية وماهي اهدافها الحقيقية غير المعلنة.
هل هي نتائج خطة لخدمة قضية شعب ام تكتيك المحاصصة؟
ما هي انواع المحاصصة؟
وعلى وفق ذلك هل ستكون الحلول طائفية عرقية؟ ام طائفية طائفية؟ ام عرقية دينية. ام ماذا؟
وكحصيلة حاصل لهذه السياسة برزت ظاهرتان خطيرتان. ظاهرة الارهاب وظاهرة الفساد المالي.. هاتان الظاهرتان اللتان تحتاج كل منهما الى سلطة كاملة بمؤسساتها ذات قوانين وتشريعات خاصة بها لمواجهة السلبيات الناجمة عن كل ظاهرة على انفراد ما بالنا والعراق بلا سلطة واحدة ولا وجود للديمقراطية الا في الفضائيات وان وجدت فليس من علاج لما يطرح والكل سكارى وعلى طريقته الخاصة فالمهّجر سكران بألم الهجرة الذي لايشبهه الا سعير المحترقين والبطّال عن العمل سكران ليس بهموم عدم الحصول على اللحم وشراء الخضار او الحصول على الفواكه. بل على قنينة الغاز التي لم يجد بديل لها حتى في ( كرب النخيل ) كوقود للخبز اما مشكلة دفن الموتى فحقا انها من اصعب المشاكل ليست على الحكومة بل على ذوي المتوفي امنياً ومالياً.
صاحب كل ذلك اختفاء الكفاءات ولم اقل اكثر من ان الحال العراقي ان بقي على وفق هكذا مسار فأقول لمثقفي الخارج من العراقيين لن تجدوا كتابات من الداخل وستناضلون من جديد ان اردتم التغيير ولكن مهلا لا تأتوا لشعبنا محررين بمليشيات من جميع المكونات ولا تمسحوا دموع اطفالنا بشظايا المفخخات وان لا تسحقوا الديمقراطية التي انتظرها شعبنا طويلا بعجلات الهمرات التي جاءت بالفساد المالي ولم تأتي ببرنامج حكومي واضح وتحاورت طائفياً وعرقياً ولم تعلن عن اي مشروع سياسي مستقبلي وهذا ما صرح به اخيراً عدنان الباججي معلنا ندمه على عضوية مجلس الحكم... صحيح ذلك ولكن بعد فوات الاوان. وقد صرح الحاكم المدني ( بريمر ) باكثر من ذلك في ( عامي في العراق ) من كل ذلك نقول ان الحكومة باحزابها وطوائفها واعراقها التي لازالت تتوالى على كرسي السلطة من مجلس الحكم الى الجمعية الوطنية الى الحكومة المعينة الى الحكومتين المنتخبتين المؤقتة منها والدائمية والى الاحزاب التي شاركت سابقا ولاحقا بحاجة الى جلسة جماعية والظهور بشجاعة في قول الحقيقة للشعب في استعراض واقع الحال السيء لأكثر من ثلاث سنوات انصافا للدماء البريئة التي سفكت والسيادة التي انتهكت وتهجير المواطنين ورعبهم وكثرة الازمات التي لاحصر لها. في استعراض نقدي واقعي كوننا بحاجة الى وضوح والى ثقة حقيقية بين الحكومات وبرلماناتها و المكونات التي توالت على الامساك بزمام الحكم من مجلس الحكم والى هذا اليوم من جهة والشعب العراقي من الجهة الاخرى كون الشعب يبقى اكبر من جميع الاحزاب واقوى من كل الاقوياء و كوجهة نظر قابلة للخطأ والصحيح وعلى الاسس التالية:
لم ارى ضير في ان يكون رئيس جمهورية العراق كردي ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء كرديين واكثر من خمسين بالمئة من الوزراء من الاخوة الاكراد شريطة ان يكونوا عراقيين قولا وسلوكا وان لايعملوا لمصلحة كردستان على حساب الشعب العراقي مالياً ثرواتياً ونقدياً واستثمارياً ودبلوماسياً والتخطيط على اساس التكافؤ وحسب احتياجات كل محافظة بعد المسح الاحصائي الدقيق لواقع التخلف الاقتصادي الاجتماعي والجغرافي (ملاحظة ان الفيدرالية والكونفدرالية وحق تقرير المصير يبقى شأنا عربياً وكردياً عراقياً ولكن على وفق مبدأ الحوار و الصراحة والشفافية. بلا عنف. بلا حرب بلا دمار وابادة للشعوب واحترام جميع الخصوصيات والعوامل الخارجية والداخلية والنظر لقوة الشعب العراقي بمنظار كفاحه المشترك ووفق مايقرره على اساس الديمقراطية والعقلانية غير المتسرعة ).
ليس من مانع في ان يكون رئيس الجمهورية سني ورئيس وزراء وبرلمان سني واكثر من خمسين بالمئة وزراء من الاخوة السنة ولكن ان لا يكون الذبح على الهوية ولا تضرب حلبجة وان لا تعود الانفال ثانية وان لا تثقف العرب والعالم بان الشيعة صفوية والكرد من الدرجة الثانية او الثالثة وان لا تلغى السلطات الثلاث بدستور لا يحتوي الا على مادة واحدة تخول الرجل الواحد بالغاء اقليم كردستان او ان يطال شعب بحاله دون حساب.
لا ضير من ان يكون رئيس جمهورية العراق شيعي وكذلك رئيس البرلمان و رئيس وزراء واكثر من خمسين بالمئة من الوزراء من الاخوة الشيعة على ان تلغى الميليشيات وتقوى المؤسسات العسكرية والامنية الحكومية وتوزيع الثروات كل الثروات حسب ما ذكرناه سابقاً للمحافظات وفق ضوابط وان لا يحاسب كل البعثيين كمجرمين وان لايعامل من يختلف في الراي من الطائفة الاخرى تكفيرياً وان لاتبقى القبور الجماعية لافتة لاغراض انتخابية او دعائية وتنصف ذوي الضحايا من الطائفتين بل من ابناء الشعب العراقي فعلا لا ان تبقى لأكثر من ثلاث سنوات مادة للاستهلاك السياسي بلا انصاف وسببا لطرد الكثير من المساكين وحرمان بعض العلماء المعروفين في الاوساط العلمية من وظائفهم وكذلك حرمان الشعب من قدراتهم وامكانياتهم العلمية والمعرفية لمجرد انتمائات حزبية ليس لها من اثر يذكر على وطنيتهم او كفائاتهم واخلاصهم ( شريطة احترام الجميع في الثلاث فقرات اعلاه من الاخوة الكرد والسنة والشيعة لدستور الديمقراطية سلوكا)
اقول ذلك وانا احد ضحايا النضام السابق ولكن لااريد ان اجعل من قضيتي سبباً لقطع ارزاق الآف مؤلفة من ابناء شعبي لاذنب لهم الا لكونهم كانوا امام خيار ليس من السهل تجاوزه وان يكون العدو باقرار الجميع ووفق حسابات سياسية لا ثأرية عدواً للشعب لا لطائفة اوقومية اوعرق اودين وعلينا ان نكون منصفين في ان يضمد بعضنا جراح بعض لا لأشعال المعارك لاحراق الكل ولكل منا محاسنه ومساوئه
وعلى طريقة عمر الخيام حين قال
الهي قل لي من خلا من خطيئة وكيف ترى عاش البرئ من الذنب
اذا كنت تجزي الذنب مني بمثله فما الفرق ما بيني وبينك يارب
ولو ان الحكومات المتعاقبة بعد التغير ليسوا بالملائكة ولا المبعدين بعد التغير بالشياطين ولكل من هؤلاء واؤلئك صوابه وخطاياه.
ان الاخطاء الفادحة التي ارتكبت بعد التغير يتحمل مسؤوليتها كل من ساهموا في هدر المال العام والدم العراقي الزكي وهدم البنية التحتية وتأخير الاعمار واستمرارية سياسة اهدم وعيد البناء. كون الشعب العراقي لم يعترض لو ترك له الخيار في ان يكون للعراق رئيس وزراء مسيحي او صابئي اويزيدي وكذلك وزراء من شاكلتهم على ان يكونوا ديمقراطيين وعادلين لا عرقيين او طائفيين وللتذكير عند اعتراض بعض علماء المسلمين على عبد الكريم قاسم حين تم انتخاب العالم العراقي الصابئي عبدالجبار عبدالله رئيسا لجامعة بغداد قال لهم لقد تم تعيينه رئيسا للجامعة وليس للجامع،هكذا نريد شجاعة ووعي بالمسؤولية.
لقد صدر اخيرا كتاب خطيرا للكاتب الامريكي بيتر غالبرث بعنوان ( نهاية العراق ) فيه الكثير من الوثائق والحقائق المؤلمة ولكن رغم الآلام التي تستفز القارئ بحقائقها المؤلمة ما اسعدني في هذا الكتاب كلام قاله السيد مسعود البرزاني
( لبريمر) ( الملا مصطفى البرزاني تعلم الطريق الصعب ليس من خلال المساعدة الامريكية وهذا درس لايمكن ان ينساه ابنه )
لقد اكد الكاتب والسياسي الامريكي بعد اطلاعه على الآف الوثائق والشهود مستنتجاً واقعاً ولو جاء متأخراً حيث قال ( لم تكن للأمريكان بعد الحرب ستراتيجية للعراق واضحة ) وهذا القول سبق وان قلت اكثر منه ببحث مفصل نشر بأكثر من موقع على الانترنيت حيث لم تكن للامريكان ستراتيجية حتى قبل التغير وهذا السلوك سبق وان شخصه تشرشل اذ قال(يخطا الاميركان ويستمرون في اخطائهم وبعد فترة من الزمن المضاع يعودون من الصفر) وجراء ذلك واستناداً الى طبيعة المجتمع العراقي وتكونه الطائفي والعرقي والجغرافي والديني وتساوقاً مع ماتعرض له من اضطهاد واشكاليات الديمقراطية التي صدّرت كسلعة من سلع منظمة التجارة العالمية وليس معيار سياسي حسب آليات العمل الديمقراطي وقوانينه الموضوعية والتي جلبت معها الارهاب كظاهرة عنفية فتكت بشعبنا وبمؤسساتنا واقتصادنا وتحولت الى ميدان من ميادين الفساد المالي والاداري
لقد افرزت الوقائع عبر اكثر من ثلاث سنوات ان السلبيات التي رافقت المسيرة الديمقراطية كثيرة وعميقة وهذا ما اكدته الكثير من الحقائق والوثائق ومنها مذكرات الحاكم المدني ( بريمر) وكتاب اخرون اخرها (نهاية العراق) للكاتب الامريكي غاليبيرث ولمؤلفين اخرين منهم (توماس فريد مان وتوماس اي ريكس) ومحللون للواقع العراقي المر الذي افرز صراعاً عرقي ديني وديني ديني وطائفي ديني وقومي عرقي وطائفي طائفي الملفت للنظر ان الكل يتحدث بأسم الديمقراطية والكل يتحدث عن اخطاء الكل في دهاليز السياسة ولم يفصح عن ذلك وهذا يحتاج الى شجاعة عالية وحسابات دقيقة بمستوى الحدث
واذا كان البعض يعتقد ان الشعب لايعلم بذلك فان هكذا تصور وهكذا خطأ سيكون له ثمن باهض وهنا الطامة الكبرى
فاللشعب طلائع واعية تعلمت الكثير في مدارس النضال وايقنت ان لاسعادة لها الا بمشاركة هموم الشعب بعيدا عن الفساد ووجدت راحة البال تكمن في مشاركة الناس للسراء والضراء وكذلك ان معرفة اسباب احتجاجات الجماهير والاستماع
الى مطاليبها دليل صحة للانظمة وعامل قوة لاضعف لها وهو الدرس البليغ الذي يجب ان لايهمل فالناس قد تخطا احيانا في بعض توقيت شعاراتها لكنها لن تتصرف مطلقا ضد مصالحها وهي مدركة بذلك
ان من بين ما افرزته الديمقراطية من ايجابيات اطلاع الجماهير على الكثير من الحقائق من خلال الفضائيات وغيرها وهي في صناديقها المظلمة وان كان بعض المسؤولين هم الذين لايعلمون بذلك فالشعب يعرف ادق الصداقات بخبثها ونقائها هذا الشعب الذي لم تستطع حيطان الجلادين الكونكريتية من حجب بصيرته وخرج باسرار الموت والتعذيب وصارت وثائق ادانة للطغاة ليس من الصعب عليه ان يكتشف من رداء الشفافية في ان يرى ويعلم بمن سرق ماله العام وقتل اطفاله وحرمه من خيراته ومن يقف خلف مصانع المفخخات لقتله
ان المطلوب من النظام السياسي ان يكون اكثر شجاعة في كشف الحقائق للناس وبشكلها العاري وان الاقتتال على السلطة من اجل السلطة بات مكشوفا بعد تجربة قصيرة في عمر الحكومات وهذا دليل كبير على صحة طغيان المصالح الشخصية على المصلحة العامة وبات من البديهيات ان كتاب الحسابات وحراس الدوائر والمستخدمين والحماية كلهم افصحوا عن الفساد اكثر مما افصحت عنها الوثائق والمستمسكات وان العيون التي اخترقت جدران الديكتاتوريات الاسمنتية لقادرة على اضائة دهاليز ظلام الفساد والتآمر على شعبنا في الغرف المضيئة باشعاع الديمقراطية


الباحث الاقتصادي
عبد الاخوة التميمي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف