أصداء

لا بشرى للبشير

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سأقود المقاتلين بنفسي ضد القوات الدولية التي سترابط في دارفور! هذا ماقاله الرئيس السوداني السيد عمر حسن البشير في وقت سابق ليس ببعيد، وهو قول کرر ما يشابهه في المضمون في أکثر من مناسبة حتى غدا موقفا ثابتا يتسم بالصرامة وعدم وجود أي مجال فيه للمرونة أو المراوغة. و بديهي أن تتخذ الدول و حکومات العالم المعنية بقضية دارفور هذا الموقف المتشدد بالحسبان وهي تعامل أو تتصدى لأي شأن له علاقة بدارفور، وهو أمر أشار إليه الرئيس الامريکي جورج بوش عندما أعلن بنيته عن إرسال مبعوث خاص له الى الرئيس السوداني بخصوص إرسال قوات دولية الى دارفور، لکن المبعوثة التي هي مساعدة وزيرة الخارجية، أکدت من خلال تصريحاتها وهي تشد الرحال الى السودان، إن هناک "واجب إنساني و أخلاقي"يجب على المجتمع الدولي أن ينجزه إزاء أزمة دارفور، مؤکدة أن"سکان إقليم دارفور"لايثقون بقدرات الحکومة السودانية في تحقيق السلام و إستتبابه في الاقليم. کلام مبعوثة الرئيس الامريکي تضمن فيما تضمن أيضا عدم نجاح القوات الافريقية المناطة بها مهمة حفظ السلام في دارفور مما يدعو لإحلال قوات دولية تابعة للأمم المتحدة کي تنجز المهمة بالصورة المطلوبة.


وإن مشروع القرار البريطاني الذي من المؤمل أن تطرحه بريطانيا على مجلس الامن الدولي، هو الاخر يثير حفيظة الحکومة السودانية والتي أعلنت مسبقا عن رفضها القاطع له، لکن رئيس مجلس الامن الدولي کان واضحا و صريحا حين ألمح"سواء حضرت السودان أم لا"فسوف يعقد الاجتماع الخاص بقضية دارفور، وهو ماسمته وکالات الانباء بتحدي رئيس مجلس الامن الدولي للسودان من خلال نبرة الجملة الموجهة للخرطوم.


الرئيس السوداني، الذي أنجز أمورا مفيدة للغرب، هاهو يجد نفسه مرة أخرى في مواجهتها بعد أن ظن بأن الخدمات التي قدمها للغرب سوف تکون بمثابة"حرز"أمان و وقاية يحفظه من "العفاريت الغربية" ذات العيون الزرقاء و البشرة الشقراء، ويبدو أن السيد البشير من فرط تشاؤمه باللون الازرق فهو يرفض القوات الدولية لأنها تضع قبعات زرقاء"خاصة بمنظمة الامم المتحدة"، وقد يکون الرئيس الامريکي قد إنتبه لهذه النقطـة حين بعث بسيدة سوداء البشرة"لا شقراء" کي لا يتطير بها الرئيس السوداني، رغم إن هذه الدبلوماسية الامريکية تبدو منذ الوهلة الاولى إنها تتميز بالتشدد عندما تتحدث عن"الواجب الانساني و الاخلاقي"للمجتمع الدولي، وهو أمر يرى السيد عمر حسن البشير إن الحاجة منتفية إليه و يجد أن صيحات الاستغاثة الصادرة من سکان الاقليم هي ليست سوى دعوات مشبوهة للتجاوز على سيادة الاراضي السودانية.


بالامس حين سکتت أصوات المدافع في الحرب التي دارت في لبنان، لم يستبشر الرئيس السوري خيرا بها، کما إن الامر کان نفسه بالنسبة للرئيس الايراني، وهاهو السودان ينضم لرکب المتشائمين بنهاية الحرب في لبنان، ففي"مصائبها"کما يقول المثل الدارج، "فوائد"لقوم آخرين، وإن الرئيس البشير الذي کان ينتظر مکافأة مجزية أو على الاقل مرضية له على ما قدمه للغرب سيما من خلال تقليم أظافر الاسلاميين السودانيين و أبعاد قادة القاعدة عن السودان، لکن کما أن للرئيس السوداني قواعده و مبادئه الخاصة التي يصر على إنه (لن) يحيد عنها، فإن للغرب أيضا مبادئه و مبرراته التي(لن)يفرط بها بسهولة أمام نظام حکم على الرغم من کل التحسينات التي أجريت له، لازال شمولي الفکر و الاسلوب في التعاطي مع المجتمع الدولي، ومن هنا فإن الرئيس البشير سوف يکون محقا فيما إذا إزداد تشاؤمه من حصيلة الموقف النهائي للغرب من قضية دارفور وکذلک قضية نظامه.


وفي کل الاحوال، ليس هناک ما يفرح الرئيس السوداني، إذ بحسب ما يظهر من سياق تتابع الانباء و تزامنها الغريب، أن کل الطرق تسير صوب دفع الرئيس البشير لتزعم مجموعات المقاتلين ضد القوات الدولية، ومن يدري، فلعل الرئيس السوداني الان في صدد إجراء إتصالات سرية مع جماعات متطرفة کي يستقدمها الى السودان قبل أن تقع الفأس بالرأس!

نزار جاف
nezarjaff@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف