أميركا و وتر الحرب الطائفية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
للحرب وجوه عديدة..كما للحقيقة، فهناك حروب لها جذورها العميقة، وحروب سطحية، وحروب كامنة، ولعل هذه الأخيرة أخطرها، لأن أحدا لا يعلم متى ستنفجر القنبلة وكيف؟hellip;
إن نظرة تأمل في واقع الوطن العربي، تكشف عمق المشكلات والتحديات التي تواجهه خاصة في هذا الوقت من الزمان، حيث أن العرب يواجهون تحديا مصيريا يتشعب في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية، ويهدد كيانها بالتفكك والضياع، وهناك دائما من يقف وراء خلق تلك التحديات والمخاطر على الوطن العربي برمته، لإضعافه وإبقائه في دور التابع لسياسات غيره من الدول.
منذ عقود والقوى الغربية للوطن العربي تعمل على تعزيز استراتيجياتها في المنطقة والمرتكزة على سياسة فرق تسد، ليسهل الحصول على المراد، والى يومنا هذا لا تزال هذه السياسة الغربية هي إحدى السياسات العاملة في السيطرة على الوطن العربي وهذا يظهر جليا في السياسة الأمريكية-البريطانية حيث تعمل على نشر بذور التعصب والطائفية وتذكيتها بين أبناء البلد والأمة الواحدة، لشق صف الشعوب العربية والإسلامية، وتوجد هذه الدول دائما لها مرتزقة يعملون على تسويق مثل تلك الأفكار التي تودي بالوطن العربي ككل على شفير وديان سفك الدماء، والظلم، والتخلف، والتبعية.
مؤخرا لحظ الشارع العربي نشاطا في تلك السياسة الاستعمارية، حيث تلمست الولايات المتحدة الأمريكية تضامن الشعوب العربية مع حركات المقاومة وبالأخص في الفترة المنصرمة نظرا للحرب على لبنان. تضامن الشعوب العربية مع حركة (حزب الله)، والتي أعادت للعرب ثقتهم بحقهم وقدرتهم على المقاومة، وشعورهم بأن الوقت قد حان لدحر ظلم الاحتلالhellip;، وفي هذا تبين للولايات المتحدة الخطر الذي قد يهدد مصالحها الاستعمارية، خطر تمثل فيما لو التفتت الشعوب العربية على موقف واحد ومقاومه واحدة، فسارعت إلى إيجاد وسائل لنشر الفتنة والعبث بالماضي وإذكاء نار فتن قديمة وخلافات سبق أن أنهكت الأمة الإسلامية، مستغلة اختلاف المذاهب الإسلامية مابين شيعة وسنة، عبر توليد شعور لدى الطوائف السنية بأن الخطر الشيعي في المنطقة هو أعظم خطرا من الخطر الأمريكي والغربي، والإشارة إلى أن المقاومة اللبنانية تعمل لحساب إيران وانتصارها سيعود بالخير فقط على إيران بازدياد نفوذها بالمنطقةhellip;كما سعت لخلق مبررات الاشتعال عند الطائفة الأخرى المتمثلة بالطائفة الشيعية بخلق شعور لديهم أن وجود وهيمنة الطائفة السنية يهدد وجودهم وكيانهم وان السنيين يسعون لإبادة الشيعيين ولذا يجب التحالف ولو مع الشيطان للقضاء على ما يدور حولهم من خطر الطائفة السنية...
إن مثل هذه التذكية للأحقاد والكراهية لم تقتصر على لبنان والعراق بجعل أبناء البلد والأمة الواحدة تقتتل وتذبح وكأنهم خراف، بل إن هذا التخطيط امتد إلى سوريا وحتى إلى دول المغرب العربي، فدائما تستطيع الولايات المتحدة أن توجد المنابر للمروجين للفتن والأحقاد، وبهذا تستطيع تحقيق أهدافها بشكل أيسر حيث تثير قضايا فئوية تحاول أن تشغل بها الأمة وتصرفها عن قضيتها الأساسية من قبيل إثارة الخلافات بين أبناء الأمة الواحدة من سنة وشيعة وعرب وأكراد وبربر وتركيز الاهتمام على الدنيء من الأمور متناسين القضية الأكبر.
إن هذه لحرب دفينة تسعى الولايات المتحدة اليوم لجعلها حرب مباشرة بين الطوائف الإسلامية، بعزفها المزعج وغير المنسجم على أوتار الماضي، واختلاق ماضي يتماشى مع ما تريد، ولكن هل سينقطع الوتر الحساس وتنفجر القنبلة الموصولة به ؟؟ هذا إن حدث ستنعكس أثاره السلبية على واقع ومستقبل الأمة العربية، لذا آمل أن يكون العرب قد اوجدوا التحصينات الوقائية لها.
ومن هنا حري بالمثقفين في الوطن العربي أن يشكلوا خط الدفاع الأول في التصدي لخطر الحرب الطائفية، ويجب أن يأخذوا الدور الطليعي لهم بأن يعملوا على خلق الوعي لمثل هذا الخطر، وتكوين رأي عام مناهض له وللسياسة الأمريكية في المنطقة، وعلى أبناء الوطن العربي أن يسعوا للإفلات من حبال الشبكة الأمريكية بدلا من الوقوع بها وزيادة عجزهم عن الحركة أكثر وأكثر.
ميس دسوقي
* باحثة سياسية فلسطينية