أصداء

صواريخ حزب الله بين قنابل ذكية وسياسات غبية 3

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

صواريخ حزب الله بين قنابل ذكية وسياسات غبية (3 - 3)


وأخيرا صدر قرار مجلس الأمن رقم 1701 بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله فى لبنان، وهو مجرد وقف لإطلاق النار أو هدنة لإلتقاط الأنفاس وتضميد الجراح، وإعادة الحسابات، غير أن الحرب لم تنتهى بعد،.. فقط انتهت جولة ولم تنتهى الحرب، وإذا توخينا الدقة نقول إنتهت الحرب " البروفة" بين الوكلاء، ولم تبدأ بعد الحرب الحقيقية بين اللاعبين الكبار، ولذا فإن الحديث عن الحساب الختامى للمكسب والخسارة، أوالنصر والهزيمة قد يكون سابقا لأوانه، فحتى الآن فإن كل طرف من أطراف الصراع - صناع الحرب والوكلاء عنهم - يعلن إنتصاره، وهذا فى حد ذاته الدليل على أن الحرب قادمة، والسؤال المطروح ليس هو " هل " بل " متى " ستنشب الحرب؟!

إن صمت المدافع يمنحنا جميعا الفرصة لإعادة القراءة المتأنية لمواقف جميع أطراف الأزمة مع التركيز على نقاط كثيرة لها أهميتها ودلالاتها، وأراها لم تنل القدر الذى تستحقه من إهتمام الإعلام العربى بالمناقشة والتحليل

حركة حماس

لولا الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الأوروبية لما تمكنت حماس من دخول الإنتخابات وتشكيل حكومة فلسطينية، فعلى الرغم من إدراج الولايات المتحدة وإسرائيل حماس ضمن قائمة المنظمات الإرهابية التى يحظر التعامل معها، والطلب الإسرائيلى - الأمريكى بنزع سلاح حماس إلا أن واشنطن قد وافقت فى يونيو عام 2005 على دخول حماس الإنتخابات العامة الفلسطينية دون أن تنزع سلاحها تحت ضغط وإصرار اللجنة الرباعية والمجموعة الأوروبية التى أوضحت لواشنطن إن إنهيار حماس سوف يكون كارثة على القلسطينيين لأن حماس ليست فقط حركة مقاومة مسلحة وإنما هى أيضا كيان إقتصادى نشط يقدم مساعدات وخدمات إجتماعية كثيرة يستفيد منها عدد كبير من الفلسطينيين،.. وتمت الموافقة الأمريكية فى إطار صفقة سياسية بين واشنطن وباريس، وكانت الموافقة الأمريكية بمثابة صدمة كبيرة لإسرائيل وعدد من الدول العربية.

العملية العسكرية التى نفذتها عناصر فلسطينية من الجناح العسكرى لحماس فى الخامس والعشرين من يونية الماضى وأسفرت عن أسر الجندى الإسرائيلى " جلعاد شاليت " هى عملية عسكرية مشروعة وليست إرهابية فهى لم تحدث ضد مدنيين وإنما ضد قوات إحتلال ومن حق الفلسطينيين مقاومة هذا الإحتلال بكل الطرق المشروعة وطبقا للقانون الدولى.

كانت العملية العسكرية الناجحة إهانة كبيرة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية التى تتصف بالغرور والعنجهية، فجاء رد الفعل الإسرائيلى العنيف والمبالغ فيه بتدمير البنية التحتية الفلسطينية، والقصف الجوى الهمجى ضد المدنيين فى إطار سياسة العقاب الجماعى التى تتبعها إسرائيل ضد الفلسطينيين لإجبارهم على الرضوخ للمطالب الإسرائيلية والقبول بالأمر الواقع وإخماد روح المقاومة للإحتلال الإسرائيلى، وهى سياسة ثبت فشلها مرارا وعدم جدواها،.. وقد كان من جراء رد الفعل الإسرائيلى العنيف أن حظى الفلسطينيون بتعاطف دولى كبير مقابل إدانة إسرائيل، وتوحد الجناحين العسكرى والسياسى لحماس، وحدث تضامن بين حماس وحركة فتح بعد أن كانت إسرائيلى تأمل فى حدوث إقتتال بين الفلسطينيين بعضهم البعض.

نجحت العملية العسكرية التى نفذتها ميليشيات حزب الله فى 12 يولية الماضى ضد أحد المواقع العسكرية الإسرائيلية على الشريط الحدودى، والحرب بين إسرائيل وحزب الله فى خطف الأنظار عما يحدث فى غزة، وتسليط الأضواء على حزب الله فى الوقت الذى لم تتوقف فيه الحرب الشرسة التى شنتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وهذه خسارة كبيرة لهم وإضعاف لموقف حماس.

لم تكن إسرائيل تهدف إلى تدمير حماس تدميرا كاملا وإنما إضعافها لأن التدمير الكامل - خاصة فى غزة - يعنى أن إسرائيل سوف يتعين عليها أن تتحمل هى مسئولية إدارة القطاع وعودة القوات الإسرائيلية إلى إحتلال غزة وهذا ما لا تريده إسرائيل.

حزب الله ولبنان

أثار حزب الله ووضعه وكيانه فى الساحة اللبنانية ومواقفه وسياساته فى الحرب الأخيرة الكثير من الجدل والنقاش سواء فى داخل لبنان أو فى الشارع العربى، وحدث خلط عبثى وعشوائى لكثير من الأوراق، وقد يكون من الضرورى والمفيد القيام بعملية فرز لهذه الأوراق وترتيبها بأسلوب منطقى وعقلانى نعطى فيها لحزب الله وقيادته ما له وما عليها، وبعيدا عن المزايدات والشعارات الجوفاء والمواقف المسبقة من خلال التأكيد على عدد من النقاط الأساسية الآتية:

تولد حزب الله أساسا من رحم الغزو الإسرائيلى على لبنان فى عام 1982 كحركة مقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلى لجنوب لبنان إستطاعت فى النهاية أن تجبر إسرائيل على الإنسحاب من جنوب لبنان من جانب واحد دون قيد أو شرط أو أى مفاوضات فى عام 2000، وكانت هذه سابقة لإسرائيل لا مثيل لها فى كل الحروب العربية - الإسرائيلية، وإهانة كبيرة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية التى كانت ترفض الإنسحاب بهذا الشكل المهين.

بعد إنسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان فى 24 مايو عام 2000 قامت الأمم المتحدة بالتصديق على هذا الإنسحاب الإسرائيلى مما أضفى عليه صبغة قانونية، وهذا يعنى الإنتهاء الفعلى للإحتلال الإسرائيلى لجنوب لبنان، وبقيت مشكلة مزارع شبعا تحت السيطرة الإسرائيلية، وملكيتها محل نزاع لم يحل بعد، وهذا يعنى أن العملية العسكرية التى نفذتها عناصر مسلحة فى الثانى عشر من شهر يولية الماضى ضد أحد المواقع الإسرائيلية وأسفرت عن قتل بعض الجنود وأسر جنديين، وإعتبرتها إسرائيل عملا عدائيا من أعمال الحرب، تعد خرقا للقانون الدولى من الناحية القانونية البحتة، غير أن رد الفعل الإسرائيلى العنيف بشن حرب على لبنان كله، وليس ضد حزب الله فقط، والقصف الإسرائيلى الوحشى للمدنيين وتدمير البنية التحتية اللبنانية من طرق وكبارى ومستشفيات ومدارس ومحطات كهرباء ومطارات، ومذبحة قانا الثانية هو جريمة لا يمكن تبريرها، بل كلها جرائم ضد الإنسانية.

العلاقة بين لبنان وحزب الله علاقة مركبة ومعقدة وتنطوى على الكثير من التناقضات، فلبنان دولة مستقلة ذات سيادة، حباها الله من جمال الطبيعة وسحرها فى كرم وفضل من عنده مما جعل أهل لبنان يتميزون بالإعتدال فى المزاج والإنسجام مع الطبيعة، وكرم الضيافة، إن لبنان أشبه بقطعة من أوروبا مزروعة فى منطقة صحراوية شاسعة موحشة وقاحلة، وهو بالنسبة للفرنسيين " باريس الشرق"، وللسويسريين " سويسرا الشرق"، وهو بلد صغير فى مساحته وعدد سكانه، قليل فى موارده، ومع ذلك فقد كان دوما يلعب دورا تنويريا ثريا لا يمكن إنكاره بفضل عطاءات وإبداعات المهاجرين اللبنانيين إستفادت منهم دول كثيرة فى المنطقة ومنها مصر أكبر دولة عربية، وهو بلد ديمقراطى يقوم نظامه على التعددية السياسية والطائفية والدينية ( 18 طائفة دينية)، وهذه التعدد والتنوع ثراء ونماء لا يعيبه سوى نظام الميليشيات المسلحة، فكل طائفة لها ميليشيا مسلحة خاصة وكلها أكبر وأقوى من الجيش اللبنانى نفسه الأمر الذى يضعف من هيبة الدولة اللبنانية ويعصف بفكرة الديمقراطية من أساسها،.. وأقوى الطوائف والميليشيات فى لبنان هو حزب الله الذى يمثل الطائفة الشيعية أكبر طائفة على الساحة، وهو ليس ميليشيا مسلحة فقط إنه كيان إقتصادى وسياسى وإجتماعى متغلغل فى نسيج المجتمع اللبنانى كله وخاصة فى الجنوب، حتى الجيش اللبنانى نفسه يضم شيعة بين أفراده، وقد نجح حزب الله فيما فشلت فيه الدولة والحكومة فى تقديم كافة أنواع الخدمات الإقتصادية والرعاية الإجتماعية لأبناء الطائفة الشيعية التى عانت زمنا طويلا من الإهمال والتهميش حتى أصبح وكأنه دولة داخل الدولة اللبنانية، وهذا وضع شاذ وإشكالية كبيرة يتعين على اللبنانيين بكل طوائفهم ومذاهبهم السياسية أن يجدوا لها حلا فى إطار منظومة قومية وليست طائفية.

علاقة حزب الله بسورية وإيران ليست جديدة ولا خافية على أحد، وهى علاقة مركبة ومعقدة، فلا هى علاقة تبعية مطلقة كما يتوهم الكثيرون، ولا هى علاقة الند للند، وإنما هى علاقة مصالح وتنسيق بين أجندات سياسية مختلفة، ومع تطورها خلال عقدين من الزمان أصبح حزب الله يتمتع بقدرة ذاتية إلى حد ما، على الرغم من أن مصادر الدعم المادية والعسكرية الرئيسية له هى مصادر خارجية، وإذا كانت هذه المصادر تمثل " نقطة قوة " اليوم، فقد تصبح " نقطة ضعف " غدا، فمن يملك القدرة على العطاء يملك القدرة على المنع، وفى لعبة السياسة ودهاليزها الوعرة فقد يصبح حزب الله نفسه ذات يوم - إذا ما تغيرت الظروف والتحالفات - ورقة للمساومة وأحد التنازلات على مائدة المفاوضات بين كلا من سوريا وإيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب.

يتمتع حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله بتأييد وشعبية كبيرين سواء داخل لبنان أو فى الشارع العربى، هذه حقيقة واضحة لا مراء فيها، ولكن الصحيح أيضا أن هناك كثيرا من الناس، ومن الشيعة اللبنانيين أنفسهم الذين يعترضون على حسن نصر الله وتوجهاته ومغامراته ولكن لا أحد يسمع صوتهم وسط تصفيق وضجيج الشارع العربى ووتوجهات الإعلام العربى، غير أن المؤيدين والمعارضين يتفقون على ضرب حزب الله لإسرائيل وإنزال الخسائر بها ومهما كانت ضآلتها بالمقارنة بالخسائر الفادحة للبنان.

الشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله هو رجل دين فى الأصل، وثائر ومناضل، ويمارس السياسة، لكنه بشر وليس معصوما من الخطأ، ويجب أن يخشى على نفسه من ألاعيب السياسة ودهاليزها، وخاصة السياسة الدولية، والتى هى أكثر وعورة من الطرق الجبلية فى الجنوب اللبنانى، وهنا يتعين على العقل العربى أن يفرق بين الأداء البطولى لمجاهدى ميليشيات حزب الله وروح الإستبسال والمقاومة العالية لديهم، وبين شخصية حسن نصر الله، ولا يخلط بينهما ليجعله فوق مستوى النقد والمساءلة، فيصبح أى نقد لقرار من قراراته هو نقد لحزب الله وللمقاومة، فلا يجوز أبدا تلخيص الكل فى واحد مهما كانت قدراته ومواهبه.

إن الحرب ليست لعبة ولا هى نزهة، وقرارات الحرب من أصعب القرارات ولا ينبغى أن تكون قرارات فردية، والشعوب العربية تعانى الأمرين من أنظمة الحكم الإستبدادية والديكتاتورية، ومن مصلحتها أن ترفض إستبدالها بأنظمة إستبدادية ثيولوجية دينية، إذ أن الإستبداد هو الإستبداد مهما تغيرت صوره وأشكاله.

يرى بعض المراقبين والمحللين السياسيين أن العملية العسكرية التى قام بها حزب الله ضد إسرائيل فى 12 يوليو الماضى كانت تهدف إلى مناصرة الفلسطينيين وتخفيف الضغط عليهم من جراء الحرب الإسرائيلية الشرسة ضدهم، ومثل هذا الإدعاء يقف على أرض هشة، فقد تعرض الفلسطينيون مرات عديد من قبل - خاصة فى عام 2001 - لإعتداءات إسرائيلية بربرية ضد المدنيين ( مذبحة جنين)، وتصفيات جسدية لقادة حماس دون أن يطلق حزب الله صاروخا واحدا على إسرائيل أو يحرك ساكنا.

فى أحد خطاباته التليفزيونية أعلن حسن نصر الله تهديده لإسرائيل بأنها إذا ضربت العاصمة اللبنانية بيروت فسوف يرد حزب الله بضرب تل أبيب بالصواريخ، فضربت إسرائيل بيروت ودمرت ما دمرت من كبارى وطرق ومبانى لكنه لم ينفذ تهديده.. لماذا؟!! هل لأن هناك من أشار عليه- ولا أريد أن أقول حذره أو أجبره - على ألا ينفذ تهديده لأن ضرب تل أبيب بصواريخ زلزال 2 قد يفقد إسرائيل صوابها فترد بضرب دمشق أو طهران؟!

إيران

الموقف الإيرانى فى الحرب الأخيرة فى غزة ولبنان يكتنفه الكثير من اللبس والغموض، لكن الشىء المؤكد إن إيران ليست بعيدة تماما عما حدث بل هى طرف أصيل فيه، فهى الداعم الرئيسى ومنذ سنوات لحزب الله اللبنانى بالمال والسلاح، وهى تحتل جزر عربية تابعة لدولة الإمارات منذ عهد شاه إيران محمد رضا بهلوى، وترفض إعادتها، كما أن لها مطامع ومطامح فى منطقة الخليج لتأكيد النفوذ الإيرانى، وهى تسعى لتحقيق ذلك بطريقتين:
الأولى : تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى دول المنطقة، ومخاطبة الشعوب العربية من فوق رؤوس حكامها والأنظمة العربية.
والثانية: إعتلاء مطية الصراع العربى الإسرائيلى والقضية الفلسطينية لأنها الطريق السهل لكسب شعبية كبيرة لها فى الشارع العربى، ولذا فهى تحالف سورية، وتدعم حزب الله بقوة بالمال والسلاح، وتدعم حركة حماس بطريق غير مباشر من خلال سورية وتواجد المكتب السياسى لحماس ورئيسه خالد مشعل فى دمشق.

إيران تدرك تماما أنها الهدف الرئيسى من الغزو الأمريكى للعراق بعد إدراج الرئيس الأمريكى بوش لها ضمن دول " محور الشر"، وإتباعه سياسة الحرب الإستباقية، لذلك فهى قد سعت بنجاح إلى إثارة القلاقل والإضطرابات ضد الوجود الأمريكى فى العراق، وإلى تهديد إسرائيل - الحليف الأمريكى فى المنطقة - من خلال دعمها لحزب الله وجعله حصان طروادة إيرانى فى لبنان.

مع إزدياد التوتر بين إيران من ناحية والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية أخرى بسبب الملف النووى الإيرانى، بالإضافة إلى الموقف الأمريكى الصعب فى العراق والضغط المتزايد للرأى العام الأمريكى على إدارة الرئيس بوش للتعجيل بإنسحاب القوات الأمريكية من العراق، تصبح الحرب بين إسرائيل وحزب الله " أقل الشرين" The lesser of two evils لأن الظروف والأوضاع الحالية لا تسمح بمواجهة عسكرية مباشرة بين واشنطن وطهران، ولذا فإن الحرب بينهما مؤجلة.

سورية

الموقف السورى لا يقل لبسا وغموضا عن الموقف الإيرانى، ولعل السبب فى ذلك هو أن النظام البعثى الحاكم فى دمشق تحت قيادة الرئيس بشار الأسد يتبع سياسة إزدواجية محيرة، فهو يدلى بتصريحات فى العلن على النقيض تماما مما يقول فى جلسات المباحثات المغلقة،... فهو - مثلا - يشيد بحزب الله والمقاومة اللبنانية ضد إسرائيل بينما مرتفعات الجولان السورية محتلة منذ ما يقرب من أربعين عاما، والجبهة السورية مع إسرائيل هادئة تماما منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود، وهو ينتقد الإحتلال الأمريكى للعراق علنا على حين أنه - وطبقا لتقارير غربية - سمح فى العام الماضى للقوات الأمريكية أن تجتاز حدود العراق مع سورية لتطارد فلول المقاومة العراقية داخل الأراضى السورية لمسافة 10، و15 كيلو مترا، كل ذلك ودون أن يعلم الشعب السورى شيئا عما يجرى داخل أراضيه،.. وهو يتحدث دائما عن الصمود والتصدى ويرفع شعارات رنانة جوفاء إشتهر بها منذ منتصف الستينات من القرن الماضى، ومع ذلك لم يجرؤ على إطلاق ولو صاروخ أرض - جو واحد أو طائرة واحدة تعترض الطائرات الحربية الإسرائيلية التى إنتهكت المجال الجوى السورى وحلقت فوق قصر الرئيس بشار فى اللاذقية فى أوائل الشهر الماضى.!!

على الرغم من أن النظام السورى قد أجبر على سحب قواته من لبنان فى 30 أبريل 2005 إلا أن سورية لا زالت تتمتع بنفوذ قوى متغلغل فى كافة الأجهزة الأمنية والحكومية فى لبنان، ولا غرابة فى ذلك بعد أن إستمر الوجود العسكرى السورى فى لبنان زهاء 30 عاما.

النفوذ السورى على حزب الله اللبنانى قديم وإن كان فى السنوات العشر الماضية قد تضاءل كثيرا بالمقارنة بالنفوذ الإيرانى،... لقد نجح الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد فى أن يجعل من الوجود والنفوذ السورى فى لبنان، ومن خلال دعم وتسليح حزب الله ورقة ضغط كبيرة يساوم بها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما فى محاولاته لإسترداد مرتفعات الجولان السورية من إسرائيل، حتى أصبح الموقف بين سورية وإسرائيل ينطبق عليه المثل المصرى الدارج " سيب وأنا أسيب "، كأنه أراد أن يقول لإسرائيل وأمريكا بالفعل لا بالكلام : " إذا أردتم من سورية أن تنسحب من لبنان وتتوقف عن دعم حزب الله فعلى إسرائيل أيضا أن تنسحب من مرتفعات الجولان السورية ". مشكلة هذه السياسة التى تبدو ذكية وماكرة وبراجماتية ولكن على السطح فقط هى أنها جعلت من بلد عربى مستقل وشعب عربى شقيق رهينة فى يد النظام السورى وورقة مساومة على مائدة المفاوضات أكسبت النظام الحاكم فى سورية نقمة وسخط واستياء كل أفراد الشعب اللبنانى، على إختلاف مذاهبهم السياسية وطوائفهم الدينية بما فيهم المؤيدين التقليديين السابقين لسورية، وأصبح معظم اللبنانيين ينظرون إلى الوجود السورى فى لبنان على أنه إحتلال أجنبى بعد أن دخل إلى لبنان ذات يوم كى يكون صماما للأمن والأمان فى البلاد. الآن وبعد أن سحبت سورية قواتها من لبنان لم يبقى لها إلا تأييد حزب الله، وقد يأتى اليوم الذى يلقى النظام البعثى بهذه الورقة على مائدة المفاوضات.

إذا نحينا جانبا المزايدات السياسية والشعارات الجوفاء التى يرفعها النظام السورى والرئيس بشار للإستهلاك المحلى وحفظ ماء وجهه فى الشارع العربى، فإن حقيقة الأمر هى أن النظام السورى يريد إسترداد الجولان وإنهاء حالة الحرب مع إسرائيل ودون تطبيع للعلاقات لا أكثر مع الدولة العبرية، وهدفه الأساسى هو أن يقيم علاقات جيدة وقوية مع الولايات المتحدة الأمريكية مثل تلك العلاقات القائمة بين القاهرة وواشنطن، ولعل هذه النقطة الجوهرية تفسر سبب الصمت السورى الرسمى والرئيس بشار الأسد طوال فترة الـ 33 يوما التى إستمرت فيها الحرب على لبنان، فالرئيس السورى هو أول من يدرك أنه ليس من مصلحة سورية ونظامه أن تتسع دائرة الحرب والعنف بين إسرائيل وحزب الله لأنه يعلم النوايا الحقيقية للرئيس الأمريكى بوش وفريق المحافظين الجدد داخل إدارته بشأن الرئيس بشار وحزب البعث السورى الحاكم.

هناك أمر هام يخص سورية والنظام السورى قد لا يكون معروفا على نطاق واسع فى العالم العربى ألا وهو أن فريق المحافظين الجدد Newcons فى الإدارة الأمريكية ظل يمارس ضغوطا شديدة على الرئيس جورج بوش الإبن طوال العامين الأخيرين بهدف الإطاحة بنظام حزب البعث الحاكم فى سورية وإسقاط الرئيس بشار الأسد كما فعلت الولايات المتحدة فى العراق، وأن الذى حال دون حدوث ذلك أهم ثلاثة حلفاء للولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة : المملكة العربية السعودية ومصر وإسرائيل.. نعم إسرائيل، فطبقا لمصادر أمريكية وإسرائيلية فإن إسرائيل كانت من أشد المعارضين لتوجهات المحافظين الجدد نحو سورية، إذ أن إسرائيل تدرك أكثر منهم أن إسقاط نظام البعث السورى الحاكم والرئيس بشار ليس من مصلحتها، فهى تخشى من حدوث فوضى فى سورية كتلك الفوضى التى حدثت فى العراق بعد إسقاط الرئيس صدام حسين وتفكيك حزب البعث العراقى الحاكم، وتخشى من عدم وجود بديل يحل محل حزب البعث السورى الذى أستمر فى الحكم لأكثر من أربعين عاما سوى الإخوان المسلمين، وإذا حدث سيناريو كهذا فلن تظل جبهة الجولان هادئة، وإنما ستنشب حربا ضارية تتعدى نيرانها مرتفعات الجولان المحتل لتشمل إسرائيل كلها، وهذا ما تخشاه إسرائيل فهى تعلم أن سورية تمتلك شبكة كبيرة وحديثة من الصواريخ، وقدرات فى مخزون وأنظمة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية أكبر من أية دولة عربية أخرى، ولعل أهم إعتراف بأهمية الصواريخ السورية وخطورتها على أمن إسرائيل هو التصريح الذى أدلى به إيهود باراك رئيس وزراء إسرئيل السابق والمنشور فى صحيفة هاآرتس فى عدد 18 يونية عام 1999 يشرح فيه سبب إستعجال إسرائيل فى إبرام إتفاق سلام مع سورية حيث قال :

"إن الفلسطينيين لا يشكلون تهديدا عسكريا لإسرائيل أما سورية فإن لديها ( شبكة ) صواريخ أرض ـ أرض منظمة ودقيقة، ويمكنها أن تغطى البلاد (إسرائيل ) كلها بغاز الأعصاب ".

إسرائيل

تعتبر الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان علامة فارقة فى تاريخ الحروب الإسرائيلية العربية، وتنطوى على نقاط تحول ليست فى مجملها فى صالح إسرائيل على المنظورين المتوسط والبعيد ما لم يحدث تغيير جذرى فى الإستراتيجية السياسية ونظريات الأمن التقليدية التى تتبناها إسرائيل فى طريقة إدارتها لأزمة الصراع العربى الإسرائيلى ومنذ قيام الدولة العبرية.

هذه الحرب هى أول حرب تتورط إسرائيل فى دخولها تلبية لضغوط خارجية رضخت لها إزاء أهم وأكبر حليف لها فى العالم: الولايات المتحدة الأمريكية، وفقدت معها إسرائيل حرية المبادرة وإختيار التوقيت الملائم للحرب وفقا للظروف الداخلية الخاصة بالمجتمع الإسرائيلى، وقد فشلت الضغوط الأمريكية من قبل مع إرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل السابق،.. الشخصية القوية والجنرال العسكرى السابق بعد أن تعلم درسا كبيرا وقاسيا من مغامرته الفاشلة خلال الغزو الإسرائيلى على لبنان فى عام 1982، بينما نجحت مع خليفته إيهود أولمرت رئيس الوزراء الحالى،،.. لقد استغل الرئيس الأمريكى جورج بوش الإبن وفريق الـ Newcons المتشدد داخل إدارته ضعف شخصية أولمرت وحداثته فى منصبه ورغبته فى تحقيق نصر سريع يقوى به مركزه الداخلى، وكذلك ضعف وزير دفاعه عمير بيريتز، فى إجبار إسرائيل على شن الحرب على حزب الله ولبنان.. من ناحية للفت الأنظار عن المأزق الصعب الذى تواجهه إدارة بوش فى العراق، ومعاقبة إيران وسورية التى تتهمهما واشنطن بمسئولية تدهور الأوضاع فى العراق، ومن ناحية أخرى إحراز نصر سريع يستثمره بوش والمحافظون الجدد سياسيا قبيل إنتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى المقرر إنعقادها فى شهر نوفمبر القادم، ولكن خاب ظنهم ومكرهم.

كشفت الحرب الأخيرة بما لا يدع مجالا للشك أن القيادة السياسية فى إسرائيل لم تكن هى التى تقود ولم تكن هى صانعة القرارات الرئيسية أثناء فترة الحرب وإنما جنرالات المؤسسة العسكرية فى إسرائيل الذين يفتقدون للحس والمهارة والحنكة السياسية، وتملكتهم الرغبة العارمة فى الإنتقام ومحو عار الإنسحاب الإسرائيلى من جانب واحد من جنوب لبنان فى عام 2000، ومهانة أسر الجنود الإسرائيليين الثلاثة فى غزة ولبنان.

فشلت إسرائيل فى تحقيق أهدافها المعلنة من شن الحرب على غزة ولبنان فلا هى إستطاعت تخليص الجندى الأسير جلعاد شاليت ولا تمكنت من وقف إنطلاق صواريخ القسام فى غزة، كما أنها فشلت فى القضاء على حزب الله أو نزع سلاحه بعملية عسكرية أو فى تخليص الجنديين الإسرائيليين من الأسر حتى هذه اللحظة، ولكن نجحت سياسة العقاب الجماعى وقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية التى تبنتها إسرائيل فى فلسطين ولبنان فى كسب المزيد من العداء وتأجيج مشاعر الكراهية نحوها عند كل الشعوب العربية والإسلامية، وقطاعات كبيرة من الرأى العام العالمى، وهذه نتيجة طبيعية لفلسفة الإعتماد على القوة المادية والقنابل الذكية وتبنى سياسات غبية!

أسدت إسرائيل لحزب الله خدمة كبيرة ودون قصد منها، فقد كان حزب الله يتعرض قبل الحرب لضغوط متزايدة داخلية وخارجية لنزع سلاحه والإكتفاء بالعمل السياسى فجاءت الحرب الإسرائيلية على لبنان ككل لتجلب المزيد من التأييد الغير مسبوق لحزب الله فى داخل لبنان وخارجه.

هدمت الحرب الأخيرة وآلاف الصواريخ التى أطلقها حزب الله على الداخل الإسرائيلى وإلى الأبد نظريات إسرائيل التقليدية فى تحقيق أمن حدودها الحالية سواء من خلال إقامة مناطق عازلة منزوعة السلاح أو بناء جدران عالية عازلة فلم تعد كلها ذات قيمة فى عصر الصواريخ.

سوف تجبر الحرب الأخيرة فى لبنان الفكر العسكرى الإسرائيلى على تبنى إستراتيجية وتكتيك عسكرى جديد يولى عناية خاصة وتركيز على التوسع فى إنشاء وحدات القوات الخاصة والتدريب على حروب العصابات بدلا من التركيز على إنشاء الفرق والجيوش النظامية الكبيرة وما تتكلفه من مليارات الدولارات، وهذه إحدى المفارقات، وسخرية من سخريات الأقدار لأن إسرائيل فى الأساس إعتمدت على حرب العصابات فى إقامة دولتها، وبعد ما يزيد عن نصف قرن من الزمان سوف تضطر للعودة لحرب العصابات للحفاظ على الدولة رغم قوتها العسكرية الكبيرة وتكاليفها الباهظة.!

الولايات المتحدة الأمريكية

الإدارة الأمريكية الحالية هى التى تسببت فى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وهى التى حالت دون إصدار قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى للحرب، واستخدمت الفيتو الأمريكى، وهى أيضا التى إضطرت للسماح بصدور القرار 1701، وهى المسئولة الأولى عن الخراب والدمار الذى لحق بالشعبين الفلسطينى واللبنانى فى غزة ولبنان، وهى التى أنهت ما يسمى بعملية السلام، وخارطة الطريق ووأدت السلام نفسه ودفنته تحت أنقاض الدمار فى فلسطين ولبنان، وهى أيضا التى تساهم فى الدعم المالى لإعادة الإعمار!!.

قبل نشوب الحرب الأخيرة وبسبب الفشل الذريع وتدهور الأوضاع الأمنية، وتزايد الخسائر الأمريكية البشرية والأعباء المالية فى العراق تراجع المحافظون الجدد إلى الصفوف الخلفية، وبعد الحرب عادوا مرة أخرى إلى الصدارة، وأكبر زعيم ومؤيد للمحافظين الجدد فى البيت الأبيض ليس هو نائب الرئيس ديك تشينى بل الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش نفسه،.. هذا هو ما كشفت عنه الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان،... فى هذه الحرب حدث أول إنشقاق وخلاف بين الرئيس الأمريكى بوش ووزيرة خارجيته " كونداليزا رايس"، فمنذ أول يوم لتوليها منصبها الجديد فى فترة الولاية الثانية للرئيس الأمريكى منحها الرئيس الأمريكى " كارت بلانش" لإدارة السياسة الخارجية الأمريكية، ولم يكن هذا على هوى فريق المحافظين الجدد المتشدد داخل إدارته، وفى لحظة حرجة وعندما نجحت مفاوضات كونداليزا رايس فى التوصل لقرار جيد لوقف إطلاق النار تدخل الرئيس بوش شخصيا وأصر على إصدار الفيتو الأمريكى لأن إسرائيل طلبت مهلة إضافية لإنجاز مهام عملياتها العسكرية فى القضاء على ميليشيات حزب الله.
لقد كان الرئيس الأمريكى بوش خلال الحرب يتبنى الموقف الإسرائيلى كاملا، وكانت وزيرة خارجيته تتبنى موقف المصلحة الأمريكية، وهذا أمر طبيعى فمن المعروف لدى كل من له دراية بالسياسة الأمريكية الداخلية التى كثيرا ما تبدو معقدة ومتناقضة أن المسئولين فى وزارة الخارجية وجهاز المخابرات الأمريكية " السى آى إيه" غالبا ما تتسم مواقفهم بالواقعية بعيدا عن الأيديولوجيات والإعتبارات السياسية، فأدركت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بحكم منصبها وخبراتها السابقة أن المصلحة الأمريكية تتطلب منع نشوب حرب إقليمية تكون الولايات المتحدة هى الطرف الأساسى فيها ضد كلا من إيران وسورية، وهى حرب إذا إندلعت فسوف يقفز سعر برميل النفط خلال فترة وجيزة إلى 200دولار أمريكى، وهذا ما لن يقبله المواطن الأمريكى، وسوف ينزلق الإقتصاد الأمريكى سريعا ككرة الثلج إلى حالة من الركود والكساد سوف يتبعه حتما ركود وكساد فى الإقتصاد العالمى فضلا عن الخسائر البشرية الكبيرة والقوة التدميرية الهائلة للأسلحة الحديثة خلال فترة زمنية قليلة فى حروب اليوم،وهذه هى الخطورة الحقيقية للصراعات الحالية فى الشرق الأوسط!.

إن السياسات الحمقاء التى ينتهجها الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش وإدارته المتشددة هى الخطر الحقيقى الذى يهدد السلام والأمن فى الشرق الأوسط وفى العالم كله، بل هى خطر على إسرائيل ذاتها... هؤلاء المتعصبون أيديولوجيا، المهووسون دينيا من المحافظين الجدد، ومعهم غلاة المتطرفين من القساوسة المسيحيين الصهيونيين فى الولايات المتحدة الأمريكية من أمثال بات روبرتسون وجيرى فالويل، ودافيد جراهام وجون هاجى وكثيرون غيرهم هم الذين ينفثون سمومهم منذ عقود طويلة، وينفخون فى روح التعصب والكراهية ورياح الحروب، ولن يهدأ لهم بال حتى تنشب كوارث رهيبة فى العالم وخاصة فى الشرق الأوسط، تحقيقا لنبوءاتهم وخزعبلاتهم،... إنهم يتشددون فى إنحيازهم لإسرائيل أكثر من الإسرائيليين أنفسهم،.. يريدون أن يصبحوا ملكيين أكثر من الملك نفسه!!

والسؤال الآن: أين العرب من كل هذه الأخطار المحدقة بهم؟!!
هل سيكتفون كعادتهم بتبادل الإتهامات بالخيانة والعمالة، وبإلقاء اللوم كل اللوم على إسرائيل وأمريكا والصهيونية العالمية، وتبنى نظريات المؤامرة كتعبير عن العجز العربى والفشل العربى على كافة الأصعدة!
ما فائدة إعادة إعمار لبنان مرة أخرى إذا كان من الممكن أن يدمر مرة ثانية وثالثة فى حروب قادمة؟!.. وهل سنبعث الموتى والضحايا من قبورهم ومن تحت الأنقاض، وأين حقوقهم؟!!
أين حقوق المواطن اللبنانى، والفلسطينى والعراقى وفى كل بلد عربى ؟!!
لماذا نحن وحدنا دون شعوب العالم الذين نفتقد لمبدأ المسئولية ومبدأ المحاسبة ؟!!
هل نحن شعوب من الآقزام يحكمنا عمالقة جبابرة ؟!!
أم أننا عمالقة ركب أقزام على أكتافنا وفى أيديهم كرابيج سودانية يصلون بها ظهورنا فبدوا هم كالعمالقة؟!!!

إن الخطر الحقيقى على العالم والشرق الأوسط يأتى من جانب قوى التعصب والكراهية والتطرف... اليهودى والمسيحى والإسلامى، ولا درء حقيقى لهذا الخطر سوى وضع حد لمهزلة تفرق العرب وتشرذمهم، واستيفاقهم من غيبوبتهم، وتوحد كلمتهم، وفى إئتلاف وتكاتف كل القوى المعتدلة والمحبة للسلام فى العالم، وإلا فقولوا على الشرق الأوسط ـ قديمه وحديثه ـ السلام!!... والسلام.

مسعد حجازى
كاتب وصحفى مصرى - كندى
Mossad_Hegazy@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف